سامي حرك: معظم المصريين فاكرين أنهم بيتكلموا عربي
من الأمثال الشعبية المصرية: “على الأصل دور”.. ومن ليس له أصل ليس له استمرارية.. فهناك مجموعة من مفكرين وباحثين مصريين أخذوا على عاتقهم البحث في الأصل والجذور المصرية، والمحافظة على الهوية المصرية.. ومن ضمن هؤلاء هو الباحث الأستاذ سامي حرك.. كان لوطني لقاء معه حيث بدأ كلامه قائلاً: بدون الهوية لن يستطيع الإنسان أن يتعامل مع نفسه أو مع من حوله، فما الذي سيميز شخصية أي إنسان وهدفه وسلوكه تجاه الآخرين.. يجب أن يكون له طريقة يظهر ويتعامل بها مع الناس لكي يكون له هوية واضحة.
لكل هوية في العالم رموز ولكي نحدد هوية أي شخص يمكننا معرفتها من خلال تلك الرموز مثل اللغة، الملابس، ورموز أخرى. وفائدة الهوية أنها تقوي الإنسان وتعطيه إنتماء لمكان وتجعله يخاف عليه فلو كان يعتز بهويته لن يبيع أرضه، ولن يتاجر في أثاره أو يدمرها، ولن يتكاسل في النهوض ببلده او الكفاح من أجلها وسيجد سعادة بوجوده فيها وسينمي بلده ويرفع من شأنها.. فمن أمثلة البلاد التي لها هوية قوية وجعلتهم ينهضوا بقوة بعد السقوط في الحرب العالمية كانت الصين وألمانيا، فبهويتهم القوية استطاعا أن يكونا دولتهما مرة أخرى، مثلما عمل أجدادنا المصريين الذين نهضوا بالحضارة المصرية القديمة من العدم كأول حضارة في العالم..
لذلك يجب أن يعرف كل إنسان هويته ونشأته، ففي العالم كله نجد أقسام في الكليات تدرس الهوية الخاصة بالبلد ولغتها وتاريخها والرموز التي تمثل تلك الهوية والمظاهر الحياتية التي تنهجها، فمن يدرس الهوية المصرية تحديداً، يحتاج معرفة اللغة المصرية وتاريخ مصر والأديان في مصر وتدرج الحياة بها والمؤثرات التي طرأت على الحضارة المصرية وهل كانت مؤثرات إيجابية أم سلبية. فالهوية لها رموز يمكننا معرفتها، منها:
اللغة
مفتاح الهوية رقم واحد هي اللغة.. اللغة المصرية هي أكبر رمز يميز المصري. ومن خلال الدراسة نستطيع إثبات أن اللغة المصرية التي نتكلمها منذ أيام الفراعنة إلى الأن في بيوتنا وفي الشارع، لغة مستقلة ولها قواعد لغوية واضحة ولا تمثل عامية اللغة العربية.
كانت في الأصل مكتوبة بالحروف الهيروغليفية ثم الحروف الديموطيقية ثم الحروف الهيراطيقية ثم الحروف القبطية.. كلها لها نفس الكلمات والقواعد اللغوية مع تغيير حروف الكتابة.
المصري عبر العصور لم يغير لغته واستمرت كما هي في البيوت والشوارع وفي المدن والقرى، حتى لو اختلفت الحروف لكن المنطوق له نفس المعنى ونفس القواعد اللغوية.
معظم المصريين فاكرين أنهم بيتكلموا عربي، بسبب الشبه الكبير اللي بين الألفاظ وأصوات الحروف، إنما الحقيقة إنهم بيتكلموا مصري وليس عربي، والتشابه بين اللغتين للأسباب الأتيه: أولاً تأثير مصر في الدول والحضارات المحيطة وفي اجزاء كثيرة من العالم القديم من 35 ألف سنة، لذلك تسربت جذور الكلام المصري إلى العالم حتى العرب. ثانياً بدأت العلاقة المباشرة بين العرب والمصريين وقت نهاية الأسرة الـ13 حوالي عام 1800ق.م. من زمن تسلل الهكسوس (40 عشيرة) ومكثوا في مصر 300 سنة، وتأثروا باللغة المصرية وعندما خرجوا من مصر تأثرت اللغات الخاصة بهم سواء العربية أو العبري. ثالثاً كان لمصر تأثير عسكري واقتصادي وثقافي بعد طرد الهكسوس حوالي 600 سنة. رابعاً بسبب الرحلات والتجارة والاختلاط مع المناطق والشعوب المجاورة. وأيضا كانت منطقة الأنباط (شمال السعودية وجنوب الأردن) محطة اتصال بين تجارة القبائل العربية والتواصل مع المدن المصرية وبالتالي كان في اختلاط مع رموز الحضارة المصرية. ولمعرفة تفاصيل أكثر عن اللغة المصرية يمكنك قراءة كتاب من تأليف سامي حرك بعنوان ” #بنتكلم_مصري “.
الحروف الهيروغليفية
الحروف الديموطيقية
كتاب القواعد اللغوية للغة المصرية القديمة والمعاصرة حتى الأن
الأعياد والعادات
79 عيد في السنة المصرية القديمة.. والأعياد كانت عبارة عن الموالد يتردد عليها المصري القديم بعد إنتهاء يوم العمل. المصري كان له أعياد كثيرة لكن ثقافة الإجازة لم تكن موجودة عنده فالإجازة الوحيدة التي كانت موجودة كانت أخر 5 أيام في السنة.. ومن ضمن الأعياد:
–عيد رأس السنة المصرية (11 سبتمبر) وهو كان قديماً إحتفال كبير ويكون موسم وبه مهرجانات مدة خمس أيام.
–عيد “توحيد القطرين”: ذكرى تأسيس أول دولة مركزية في الوجود فهذا العيد يعد من أهم الأعياد
–عيد “وفاء النيل” وكان توقيته بعد فيضان النيل مباشرتاً.
–عيد “المخيط” وهذا عيد يخص العاملين بالمرابي أو المعابد، لأن هذه المؤسسة بها عمالة كبيرة محتاجة ملابس، فيتم عمل مسابقة بين الخياطين لعرض الأزياء بحيث يختار منها العاملين أزياءهم. وكأنه أول عرض أزياء في العالم.
– ضمن الأعياد “السبوع” الذي نتوارثه إلى الان لكن فكرته كانت مختلفة فعند القدماء المصريين كان المعبد غير مخصص للعبادة بل كان أشبه بمؤسسة مجتمع مدني تدير المجتمع بجانب الملك الذي يدير البلاد سياسياً.. فعند ولادة السيدة كانت تذهب إلى المستشفى “المبيزي” داخل المعبد وتستعين بالكاهنات السبعة “الحاتحورات السبعة” الذين يهتموا بالطفل سبعة أيام ويعرض هو وأمه على سبع تخصصات طبية للتعامل معهما وأخر يوم يسلم الطفل لأمه لتتحمل مسئوليته، وتقام حفل السبوع بهدف تسليم الطفل لأمه فهي نفس الاحتفال الذي يقام حتى الأن ويعرف بالـ “السبوع”..
–عيد سيدة الكتابة “شيثت” فلو عرفت كلية البنات وكل المهتمين بالمرأة أن أقدم رمز نسوي في الوجود اشتهرت للكتابة والإبداع والتنظيم السجلات، فهي كانت أول مؤرخة في الوجود.
كانت الألهة لدى الفراعنة قصص أسطورية لكنهم رمز لوظايف حقيقية موجودة بالمجتمع. فمن يتهمهم أنهم كانوا لديهم تعدد ألهة فهذا غير صحيح لأنهم كانوا يعتبروا القوة الحاكمة الإله يسمى ” نترو” أما هؤلاء فلهم هيبتهم واحترامهم لكن لا يعبدوهم.
–يوم “شجرة أوزوريس والحج لأبيدوس” ويكون مدته 14 يوم بنفس عدد قطع جسد أوزوريس، والحج عند المصري القديم كانت فكرته أن يزرع شجرة على روح قريبه المتوفي بجانب أوزوريس وكأن الموتى أحباءنا يستمر أرواحهم حية مثلما أوزوريس حي. ثم يأتي الكهنة ويزرعوا شجرة كبيرة ويضع الشعب طلباته تحتها ومن هنا يلبي الكهنة ما يستطيعون من تلك الطلبات.. وربما هذا ما تطور لفكرة بابا نويل أو شجرة الكريسمس الأن.
-“عيد مووت” وهو عيد الأم.. ويوجد أيضا عيد للزوجات وعيد للأزواج.
التقويم
الإنسان القديم كان مدرك إحساسه باليوم الجديد مع كل شروق شمس جديدة، ثم توصل إلى مرور شهر ب29 يوم مع تكرار ظهور القمر في السماء مرة أخرى، لكن المصري القديم اكتشف النجم “سبتت” الذي يظهر مع شروق الشمس كل 365 يوم فاستطاع أن يحسب تقسيم السنة إلى شهور وأيام، وأصبحت تلك الظاهرة هي نقطة بداية السنة. وبدأ أول تقويم وهو التقويم المصري من 4241 ق. م. كتقويم فلكي شمسي يعتمد على ظهور الشمس وليس القمر، والسنة مكونة من 12 شهر بهم 30 يوم والشهر الـ 13 به 5 أيام فقط وكل أربع سنوات يكون أخر الشهر 6 أيام. وهذا التقويم يعد أول تقويم في العالم استطاع أن يسجل اليوم والشهر والسنة كاملة. نجد دول أخرى لديها تقاويم منها الصين وشرق اسيا عموماً، وإيران، والهند، ونجد التقويم العبري أيضا
ومازالت ظاهرة النجم سبتت موجودة حتى اليوم وتكون واضحة جداً فوق منطقة عين شمس والمطرية بالقاهرة.
فإن كان المصري القديم سباق في هذا المجال فالمفروض أن تكون رمز لهويتنا المصرية ونعترف بها ونحتفل بها أيضا.
وحتى الفلاح المصري مازال يعتمد على الشهور المصرية القديمة..
الملابس
من ملامح اللبس عند القدماء المصريين: “كولة بابيت” معمولة على شكل زهرة اللوتس وتوضع حول الرقبة، هذه الكولة هي الملمح المميز جداً في ملابس المصري القديم من الملك إلى الغفير والكهنة والأغنياء والفقراء، فممكن باقي عناصر الملابس تختلف لكن العامل المشترك بينهم كلهم كانت تلك الكولة. وتلك الكولة تذكرنا بكولة “بت” وهي أقدم ربة جمال في الحضارة المصرية وتظهر بصورة بكرة على صلاية نارمر وهي علامة للحماية مثل الحجاب، ولذلك أصبح المصري القديم يعتز بها.
والمصري القديم كان أول واحد يقص ويفصل ملابس ويخيط قماش ليلبس، فإلى أيام الإسكندر لم يكن أحد يلبس ملابس مخيطة. وتلك كانت من العجائب التي كتب عنها هيرودوت منبهراً بالحضارة الفرعونية.
وأيضا يوجد “الضربية” وهي مثل الكسرات أو الفستونات التي توجد في الملابس، وحتى تداري الأجزاء في الجسم التي لا يليق أن تظهر أمام الأخرين.
ملابس المصري القديم سبقت عصرها
الموسيقى والأمثال الشعبية
الموسيقى توارثناها من المعابد إلى ألحان الكنائس فمن الألحان المشهورة التي توارثتها الكنيسة المصرية من المصري القديم، اللحن الجنائزي الذي كان يقال في المعابد أثناء دفن الملوك. وتوارثنا أيضا موسيقى الموالد.. ونجد لدى المصري القديم الآلات الموسيقية كالربابة والسمسمية والعود مرسومين على جدران المعابد ولدينا أيضا في المتحف نماذج من تلك الآلات الموسيقية..
أما الأمثال الشعبية فمنبثقة من الحياة العملية وهي دستور الشعب غير المكتوب الذي يعكس فكرهم وعاداتهم وصور بسيطة من حياتهم..
الرياضات واللعب المصرية
من أهم اللعب المصرية لعبة شبيهة بالشطرنج ولها قطع قريبة جدا من أجزاء الشطرنج وإسمها “السنت” ونجد أيضا الفراعنة كانوا بيمارسوا الرياضات المختلفة.
لعبة السنت
أنواع رياضات متنوعة كان المصري القديم يؤديها
العوامل التي طمست الهوية المصرية
نجد الأن شباب كثير لا يعرف هويته المصرية، فلا يشعر بالإنتماء تجاه بلده.. فهو عدو ما يجهل ..ومن الأسباب الكثيرة التي طمست الهوية المصرية عبر التاريخ ما قيل لنا – بقصد أو بدون قصد، أن القدماء المصريين إنتهوا وكأنهم رحلوا من بيت إيجار ونحن السكان الجدد بفكر جديد ولغة جديدة.. ويقال أيضا أن لغتهم ليست موجودة حتى الأن وكأننا استمدينا كل شئ من الدول المحيطة ولغينا كل جذورنا، وهذا غير صحيح بالمرة لأن اللغة التي نتكلمها في البيت والشارع وحتى المدرس في المدرسة يشرح بها تفسيرات الدروس، كلها مكونات من اللغة المصرية لكن بحروف أخرى ولكنها كانت ومازالت لغة عريقة ولها كلماتها وقواعدها اللغوية الخاصة بها..
حتى التاريخ الذي يدرسه العالم كله يذكر القدماء المصريين باسم “الفراعنة” ويطلقون على الملك المصري إسم “فرعون”.. وهذا غير صحيح لأن فرعون كان شخص معين ذكر في الكتب الدينية لكنه ليس الإسم الذي يطلق على وظيفة الملك. إذا رجعنا لحصر كل أسماء ملوك مصر سنجد أن كل واحد فيهم له ألقاب وهي معروفة وليس من كلمة “فرعون” فعندما ندرس أي ملك مصري قديم مثل مينا موحد القطرين سنجد الاسم المكتوب في النقوش “حق مينا” أو “رسو مينا” ولن نجد “الفرعون مينا”.. فمعني كلمة “الملك” في اللغة المصرية “حقا” أو “رسو” لذلك فمن ضمن المعلومات المغلوطة أن كلمة “فرعون” ترفق لكل حاكم في مصر القديمة، وهذا سئ للغاية لأن في الأديان السماوية مذكور فيها فرعون الذي كانت أفعاله شيطانية ومعادي لإرادة الله لذلك ذكر كلمة “فرعون” على كل الملوك يعطي إنطباع أنهم كلهم شياطين وظلمة ومستبدين ونماذج للشر. ولذلك عندما نتكلم عن الحضارة الفرعونية وفي عقولنا الكلام الموجود في الأديان السماوية يترسخ في أذهاننا أن تلك الحضارة كانت شيطانية، فنفرز جيل يكفر حضارة القدماء المصريين، بالتالي يتم طمس هويتنا المصرية الأصلية..
رسو مينا
التاريخ المصري طويل جداً فيه حقب كانت تنمي الهوية المصرية وحقب أخرى كانت تشوه الهوية المصرية. بدراسة وقياس الحقب المتعاقبة عبر التاريخ بحسب مقاييس معينة يمكن أن نقيس إسهامهم الإيجابي أو السلبي للحفاظ على الهوية المصرية. ضمن هذه المقاييس موقع عاصمة البلاد أو المكان الذي تحكم منه البلد أثناء كل حقبة هل هي داخل مصر أم في مكان خارج مصر، وأيضا الحاكم في تلك الحقبة هل كان ملتزم بالهوية الثقافية المصرية أم معارض ومعاكس ومتبني ثقافة أخرى، وكذلك هل كان حريص على مصالح مصر ويشجع على رواجها وازدهارها أم له خطط أخرى خارج مصر وتاركها خربة وضعيفة..
بدراسة التاريخ المصري بحسب هذه المعايير سنجد أن مصر في عصور ما قبل الأسرات وفي عصر الـ30 أسرة للقدماء المصريين كانت قوية ولها هوية واضحة وحضارة مزدهرة حتى أثناء وجود ملوك ضعاف كانت حضارة واحدة قوية في العالم كله فلم تتأثر بالسلب من حالات فردية في تاريخها عبر الأسرات. وبعدها جاء الاحتلال الفارسي فترة بسيطة ثم جاء الإسكندر وهزم الفرس.. وبعد موت الإسكندر مسك الحكم بطليموس وأسس أسرة وبدأ يحكم مصر هو ومن بعده أولاده إلى عصر كليوباترا.. أثناء حكم البطالمة عملوا مزج بين الأديان المصرية والإغريقية، ووقتها مصر كانت مزدهرة جداً وكانت وقتهم العاصمة هي الإسكندرية وفي عهدهم لم يغيروا النمط الثقافي المصري، لذلك فترة البطالمة أيضا كان بها رواج وأيضا حقبة حكم ابن طولون كانت فترة ناجحة جداً والإخشيد وبعض الأيوبيين ومعظم المماليك وكذلك حقبة محمد علي وأسرته فكانت عظيمة في التاريخ المصري حيث حول مصر كأنها جزء من أوروبا في غاية الجمال والرواج..
وعلى العكس تماماً هناك حقبات كانت مصر تحكم من خارجها وكان هناك نهب لثرواتها وخيراتها لصالح دولة الحكم، وفي تلك العصور كنا نجد أن الحكم ليس حريص على مصالح مصر، وكان أيضا يطمس الثقافة المصرية والسلوك المصري ويزرع داخل مصر ثقافة جديدة معادية للثقافة المصرية ودخيلة عليها.. بدأت تلك الظاهرة أيام الدولة الرومانية، عندما احتلت مصر كانت متخوفة من الدولة المصرية لأنها كانت مهد أكبر الحضارات فقد تقوى يوماً عليهم وتنتقم منها.. فكان الهدف الأساسي أن يتم طمس الهوية المصرية لإضعاف الدولة المصرية والتأكد من عدم رواجها مرة أخرى. وكان ذلك يحدث بطمس التاريخ المصري الذي نعتز به.. في الدولة الرومانية كان لديهم مستشار اسمه فلافيوس يوفيوس وهذا الشخص كان شاب يهودي وهو الذي ضرب أول مسمار في طمس الهوية المصرية، وكان صديق مقرب للإمبراطور فطلب منه أن يحتوي الشعب المصري لأنه يمثل قنبلة موقوته فيجب السيطرة عليها لألا تنقلب علينا وكانت كتابات ومراسلات كثيرة بينهم تثبت هذا الكلام. فبدأ فلافيوس مهامه بوضع يده على مكتبة الاسكندرية وملأها كتبة يهود وبدأ يغير في المعلومات فمثلاً طمس أغلب ما كتبه المؤرخ المصري مانيتون السمنودي فليس له أي أثر إلا لو ذكره فلافيوس متكلماً عنه، فمانيتون أنه كان كاتب قائمة لملوك مصر القدماء، وهذه القائمة المفروض كل المذكور فيها يكون ملوك مصر لكن فجأة عند فلافيوس وجدنا تلك القائمة مذكور فيها ملوك بني إسرائيل من نوح وإبراهيم وكل ما في العهد القديم أضافه للتاريخ المصري، وأضاف معلومات خاطئة تظهر الحضارة المصرية انها نتاج تاريخ بدايته يهودي وكأن الحضارة الفرعونية فرع من أصل بدايات يهودية. واستطعنا معرفة كل هذا التزوير من قوائم تاريخية أخرى سبقت مانيتون، فمانيتون كان تقريباً سنة 230 ق.م. فبرجوعنا للقائمة المكتوبة في الأسرة الخامسة من 2400 ق.م. مكتوبة على حجر باليرمو، تلك القائمة تبدأ من حورس وتمشي بالتسلسل الملوك المصريين إلى الأسرة. وقوائم أخرى كلها اشتركت مع قائمة مانيتون في الجزء المصري فقط، أما هذا الجزء الإسرائيلي ليس موجود. فلافيوس كان أهم المسئولين عن تدمير الثقافة المصرية وحتى لغتنا المصرية، فمنع إستخدام الحروف الهيروغليفية والديموطيقية وفرض على الشعب استخدامه الحروف القبطية التي استخدمها البطلمة، ولكن الدافع الأساسي للرومان كان لكي يفقد الأجيال ترابطهم بالمكتوب على جداريات ومخطوطات أجدادهم وبالتالي يفقدون هويتهم.. فلو الحروف القديمة لم تمنع كنا لن نحتاج شامبوليون ليترجم لنا حجر رشيد وكان التاريخ سيكون متواصل وقوي وكان الشعب المصري سيستمد قوته من تاريخ أجداده الواضح لهم.. ومن الأشياء التي تم طمسها أيضا لإلغاء الريادة المصرية فيها، كانت إلغاء التقويم المصري واستبداله بالتقويم الروماني الذي تطور ليصبح التقويم الجريجوري ثم وصل إلى التقويم الميلادي الذي نستخدمه حتى الأن.. ثلاث محطات في التاريخ غيروا في الهوية المصرية بشدة، الرومان ثم العرب ثم الأتراك..
المؤرخ مانيتون السمنودي
مفتاح الحياة
كيف نستعيد الهوية المصرية؟
أولاً: نحتاج إلى قناة تليفزيونية لتخاطب الناس، فالإعلام المرئي هو الأعلى مشاهدة الأن والمسلسلات الدرامية والبرامج من أحسن سبل توصيل المعلومة لكل بيت.. ومن هنا يمكننا أن نعد مادة علمية يتعملها المواطن العادي ويدرك مدى وجودها في حياته حتى الأن.
قال أحمد لطفي السيد قديماً، في بعضنا أصوله من العرب يفتخر بالعرب وبعضنا أصوله من تركيا ويفتخر بالأتراك ومن الأكراد يفتخرون بالكرد، فمن المروءة أنك اذا ولدت في مصر وأكلت من أرضها فشئ طبيعي أنك تنتمي لمصر وتفتخر بها.. كما دعا أحمد لطفى السيد للقومية المصرية والربط بين الجنسية والمنفعة، بعيدا عن الرابطة الشرقية والدينية، كأساس لانتماء المصريين رافضا ربط مصر بالعالم العربى أو تركيا أو العالم الإسلامى سياسياً، يقول لطفى: “ان مصريتنا تقضى أن يكون وطننا هو قبلتنا، وأن نكرم أنفسنا ونكرم وطننا فلا ننتسب لوطن غيره.” والدعوة إلى فكرة مصر للمصريين، وأشار أحمد لطفى أيضا الى هذا الاتجاه “نريد الوطن المصرى والاحتفاظ به، والغيرة عليه كغيرة التركى على وطنه، والإنجليزى على قوميته، لا أن نجعل أنفسنا وبلادنا على المشاع”
أحمد لطفي السيد
ثانياً: من خلال التعليم، فمن ثلاث سنوات ونحن مجموعة “حراس الهوية المصرية” مشغولين بدراسات الهوية المصرية وتحويل الهوية المصرية إلى شئ ملموس ومعاش وليس كلام نظري.. ونتعاون من جمعية شروق مصر وندخل المدارس لنقدم التوعية من خلال أنشطة لنشر هذا الوعي بين الأطفال في المدارس من خلال أغاني ومسرحيات عن مصر ولغة مصر والقيم المصرية والتاريخ المصري والتقويم المصري وتاريخ رأس السنة المصرية وملابس مصر والموسيقى المصرية، فيسأل الأطفال عن تفاصيل أكثر أثناء فترة تعاملنا معهم ومن هنا يعرف الأولاد تاريخ بلدهم أفضل من حضور ندوة أو قراءة كتاب. فلا يمكن لوم الشباب في الشارع الأن لأننا لم نعلمه الصح، فالشاب المصري لا يعرف هل هو عربي أم مصري..
أما عن المناهج فهذا يعتبر خطة دولة أكبر من خدمتنا كمجتمع مدني. لكننا نحلم أن أولى خطوات الدولة تكون عمل قسم في كليات الآداب لدراسات الهوية المصرية، ويتم توجيه طلبة من المعيدين، لعمل دراسات مختلفة عن اللغة المصرية، الأزياء المصرية، الموسيقى المصرية، وهكذا تظهر دراسات قوية عن عناصر الهوية المصرية وتكون مكون أساسي للمناهج في ذلك القسم.
ثالثاً: إقامة احتفالات بسيطة في بعض الأعياد المصرية القديمة ومن أهمها رأس السنة المصرية التي يتزامن موعده كل عام في 11 سبتمبر، نخرج بمراكب في النيل ونوزع نتيجة بها التقويم المصري القديم الذي يبدأ من 4241 ق. م. بالشهور المصرية الـ 13 ويكون بها أيضا التقويم الميلادي والتقويم الهجري والتقويم القبطي، وأيضا في هذا اليوم نلبس علامة من ملابس المصري القديم وهي “كولة البابيت”
تابعوا جمعية “حُراس الهوية المصرية على صفحة الفيسبوك الخاصة بهم
Facebook/حُراس الهوية المصرية