تحتفل كنيستنا بعدة أعياد تتعلق أحداثها بميلاد ربنا يسوع المسيح و تجسده وهي عيد الميلاد المجيد (29 كيهك) تذكار لظهور الكلمة المتجسد في مزود للبقر، ويليه عيد الختان في اليوم الثامن من عيد الميلاد كتذكار لقبول الرب لطقس الختان اليهودي (6 طوبة) و يليه عيد الغطاس المجيد كتذكار لمعموديته في نهر الأردن بيد يوحنا المعمدان ( 11 طوبة )، وعيد دخوله إلى الهيكل كطفل صغير في اليوم الأربعين من ميلاده وشهادة سمعان الشيخ له ( 8 امشير )، و أخيرًا عيد دخوله إلى أرض مصر كتذكار لهروبه وهو طفل صغير من وجه هيرودس الملك ( 24 بشنس )
وأحداث هذه الأعياد جميعها يحيطها فيض من الاتضاع.. اتضاع الله..
+ الله الذي قبل أن يترك عرشه السماوي ويخلي ذاته من مجد الألوهة ليصير في الهيئة كإنسان من أجل خلاص الإنسان الذي سقط، ” لكنه اخلى نفسه آخذًا صورة عبد صائرًا في شبه الناس (في 2: 7)
وارتضى أن يولد في قرية بيت لحم صغيرة ” وأنت يا بيت لحم أرض يهوذا لست الصغرى بين رؤساء يهوذا لأن منك يخرج مدبر يرعى شعبي اسرائيل (مت 2: 6), و ارتضى في اتضاعه أن يهرب من وجه انسان – هيرودس الملك – و هو الإله القادر أن يفني كل سلطان بشري وكل قوة إنسانية فهرب من وجه الشر إلى مصر(مت 2 : 13)
+ الله الذي ارتضى أن يقبل طقس الختان اليهودي في اليوم الثامن ويتمم الناموس رغم أنه لم يكن في احتياج أن يخضع للناموس، فهو مصدر كل طهارة ” عالما هذا أن الناموس لم يوضع للبار بل للأثمة والمتمردين وللفجار والخطاة للدنسين والمستبيحين لقاتلي الآباء وقاتلي الأمهات لقاتلي الناس (1تي 1 : 9) لكنه أكمل الناموس واضعًا لنا مثالاً لكي نتبع خطواته ونطيع الوصية ولهذا نصلي في القداس الإلهي ” اكملت ناموسك عني “.
+ الله الذي قبل أن يدخل إلى الهيكل طفلاً صغيرًا بعد أربعين يومًا حسب شريعة اليهود، وقبل شهادة الإنسان ” سمعان الشيخ ” عن شخصه، وهو الإله المسجود له من رؤساء الملائكة.
+ الله الذي قبل طقس التعميد من يد يوحنا المعمدان مؤكدًا أنه يليق بنا أن نكمل كل بر
” فاجاب يسوع وقال له: إسمح الأن لأنه هكذا يليق بنا أن نكمل كل بر” حينئذ سمح له (مت 3 : 15).
والاتضاع في حياة الرب يسوع لم يكن ضعفًا ولكنه كان منهج حياة، لذلك تكلم الرب يسوع قائلا “احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم (مت11 : 29).
فالكنيسة والكتاب المقدس يعلموننا الحقيقة وهي أن الاتضاع هو رأس كل الفضائل، وأن من يقتنيه يمكنه أن ينال نعمة كل الفضائل الاخرى، وأنت أيضا يا إبني يمكنك أن تتعلم الاتضاع بطرق شتى..
عندما تنظر إلى الرب يسوع وتتعلم منه، وعندما تقبل وتحتمل مضايقات الآخرين، وعندما تقبل أن تتعلم من أي انسان وإن كان بسيطًا، وعندما لا تهتم بالمكان ولا الزمان بل يكون اهتمامك الوحيد هو بخلاص نفسك. ولتكن واثقًا أن الاتضاع لن يجعلك خاسرًا ولكنه بالأكثر يمنحك مجدًا وكرامة .
+ فيسوع الطفل المولود في مزود حقير شهدت له السماء. فملائكة تخبر الرعاة بخبر ميلاده، ونجوم السماء تتحرك مرشدة إلى موضع مزوده.
+ والطفل الصغير المحمول على يدي أمه العذراء أعلن عنه سمعان الشيخ بروح النبوة أن هو الله الصانع الخلاص للعالم كله قائلا ” لأن عيني قد أبصرتا خلاصك الذي اعددته أمام جميع الشعوب ” ( لو 2 : 30).
+ و يسوع الذي قبل أن ينزل مياة المعمودية أمام يوحنا المعمدان، أعلنت السماء ألوهيته ولاهوته، واستعلن الثالوث القدوس أمام أعين البشر شهادة عنه .
لتكن هذه الأعياد بركة لحياتك.. ليست كمواسم تحتفل بها، لكن كدرس حي في حياة الرب يسوع الذي وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب (في 2 : 8)، لأنك عندما تتعلم الاتضاع ستتعلم الحب وستقبل أن تضع نفسك لأجل الآخرين أيضا “بهذا قد عرفنا المحبة أن ذاك وضع نفسه لأجلنا فنحن ينبغي لنا أن نضع نفوسنا لأجل الأخوة (1يو 3 : 16).
وكل ميلاد وانت تحمل قلب متضع يرتاح فيه الله .