قال الرب يسوع : ” إياكُم أن تَحْتَقِرُوا أَحَدًا مِنْ هؤُلاءِ الصِّغَار، أَقُولُ لَكُم : إِنَّ مَلائِكتَهُم في السَّمَاوَاتِ يُشَاهِدُونَ أبداً وَجْهَ أَبِي الَّذي في السَّمَاوَات ” ( متى ١٨ : ١٠ ) .
الملاك ميخائيل رئيس الملائكة
تعريف :
كلمة “ميخائيل” كلمة عبرية معناها “من مثل الله” (قاموس الكتاب المقدس)،
وهي مكونة من مقطعين :
الأول : ميخا = من مثل
الثاني : ئيل = الله
فيكون المعنى العام للكملة ” من مثل الله ” (في القوة).
وهو إسم يدل على ما أعطاه الله من قوة ومقدرة وسمو وقداسة .
مركز الملاك ميخائيل بين السمائيين:
يعتبر الملاك ميخائيل الأول في رؤساء الملائكة ميخائيل وجبرائيل وروفائيل.. ففي سفر دانيال يلقب بأنه “واحد من الرؤساء الأولين” ( دانيال ١٠ : ١٣ ). وفي سفر يشوع يقول عن نفسه بأنه “رئيس جند الرب” ( يشوع ٥ : ١٣ – ١٥). وفي سفر دانيال يدعى بأنه “الرئيس العظيم” ( دانيال ١٢ : ١ ) ولقبه يهوذا الرسول بأنه ” رئيس الملائكة ” ( رسالة القديس يهوذا ٩ ).
بناءً على ذلك ، تعتبره الكنيسة رئيس الملائكة الأولين الواقف أمام الرب على الدوام، يشفع فينا أمام الرب، ويدافع عن الكنيسة من أعدائها الشياطين المنظورين وغير المنظورين، لذلك تُكرمه وتُبجله في مناسبات كثيرة، لأن شجاعته فاقت الوصف، ومحبته لله عظيمة جدا، وغيرته على مجد الله ليس لها حدود .
نتأمل في أعمال الملاك ميخائيل رئيس ملائكةِ الله وبشخصه في الكتاب المقدّس :
” ونبشت حربٌ في السماء ، فإن ميخائيل وملائكته حاربوا التنين، وحارب التنين وملائكته، فلم يَقوَ عليهم، ولا بقي لهم مكانٌ في السماء. فأُلقي التِّنِّين الكبير، الحيّةُ القديمة، ذاك الذي يُقالُ له إبليس والشيطان ” ( رؤيا القديس يوحنا ١٢ : ٧ – ٩ ). وانتصر ميخائيل على ابليس وعلى ملائكته وطردهم من السماء. فرفعهُ الله إلى رئاسة الملائكة خدمه. ودانيال النبي يقول :” وفي ذلك الزمان يَقومُ ميكائيلُ الرئيسُ العظيم، القائمُ لدى بني شعبِكَ ” (دانيال ١٢ : ١).
فهو صرخةٌ قويّة تعلو مِن الملكوت ويرهبُ منها الشياطين وسلاطينهم وهي كما يدلُّ عليها اسمه في العبرية : ” مَن يملكُ قوّةً مِثلُ الله؟ ” فغَيرتهُ على مجدِ الله لا تُضاهى .
واقفٌ أمامَ الله، يشفعُ فينا مِن أجلِ خلاصِنا مِن شرورِ العالم .
يسحقُ الشيطانِ أينما وُجد، فيهرب الشيطان خائفاً منه ويهوي مائتًا .
وكما كان هذا الملاك العظيم محامياً وناصراً للشعب في العهد القديم، كذلك لم يزل محامياً وناصراً لكنيسة المسيح في العهد الجديد.
يأتي لنُصرة المؤمن بالله حين يكونُ مُضطهدًا مِن قبلِ أعداءِ الله وأتباعِ الشياطين ورؤسائهم، فهو الذي ظهر لإبراهيم، وتراءى ليشوع، حين جاز الأردن ونصره على أريحا.
وهو الذي سلَّم لوحي الوصايا إلى موسى، ونصر داود على جليات الجبار، ونجَّاه من اضطهاد شاول. وهو الذي رفع إيليا بمركبة نارٍ إلى السماء، وظهر آيات عظيمة للشعب المختار، كذلك هو محامي الكنيسة ضد اعدائها ونصيرها في حياتها وجهادها.
سيفهُ رمزٌ لقوّةِ الله التي تُدافعُ عن الإنسان في وجهِ الشر وهو رمزٌ للحقيقة السامية الآتية مِن الله . كذلك هو محامي الكنيسة ضد اعدائها ونصيرها في حياتها وجهادها.
هو الملاكُ الذي أوّل مَن أعلن قيامة يسوع ، إبن الله ، وزرع في النفوس الإيمان بالقيامة والرجاء بأبدية الملكوت .
هو ملاكُ القيامةِ والدينونةِ العامة . بإشارةٍ مِنه سينتهي العالم ويأتي الله برهبةٍ وعزٍ وجلالةٍ ليحقق الدينونة لبني البشر ويدين الأحياء والأموات .
وهو الذي ظهر معزِّياً السيد المسيح في بستان الزيتون. وتراءى للقائد كرنيلوس، وهداه إلى بطرس الرسول . ونجَّى بطرس من هيرودس وظهر مراراً للقديس يوحنا الحبيب، كاشفاً له عن أسرار الرؤيا . وهو لا يزال يشفع فينا لدى عرش العلي ويُرسل بأمر الله إلى الارض ، ملائكته الحرَّاس ليعضدوا الكنيسة وأبناءها في حربهم ضد العالم والجسد والشيطان .
مَن لنا سواه ؟.
أيُّها الملاك ميخائيل القدير ، أنت خير شفيع لنا حاضرٌ أمام الله وأمامنا، تعرِفُ رحمتَهُ وحبَّهُ لنا، وتدركُ جيدًا خطايانا ورغبةَ قلبِنا التي تشدُّنا للإتحادِ بهِ والإنضمامِ إلى فرحةِ وسلامِ شركةِ قديسيه وملائكتِهِ في الملكوت .
يا ملاك الله إشفع بنا نحن الخطأة وبالعالم أجمع ، كي نتوب ونرجِعَ إلى أحضانِ حُبِّك ونتقدّس ونُقدِّسَ العالم أجمع ونُمجّدِ الله وملكوتِهِ منذ الآن وبالشراكةِ مع قديسيه إلى الأبد .