هكذا كانت حياتهم وهكذا تجدد شبابهم.. ففى البدء كانت الكلمة واللحن والشباب يجتمعان معاً.. والإسم كان كورال “قاعة إبراهيم لوقا” بكنيسة مارمرقس بمصر الجديدة وبمرور نصف قرن من الزمان تجدد شبابهم مثل النسور التي تحلق في سماء الترتيل والألحان وأصبح الإسم “كورال 67 مارمرقس”.. وكما يقول الكتاب المقدس “الَّذِي يُشْبعُ بِالْخَيْرِ عُمْرَكِ، فَيَتَجَدَّدُ مِثْلَ النَّسْرِ شَبَابُكِ” (مز 103: 5)
هم أقدم كورال فى الكنيسة القبطية الارثوذكسية.. تاريخ حافل بالاحتفالات وأهمها كان احتفال استقبال رفات كاروز الديار المصرية مارمرقس الرسول يوم 26/6/1968 بقيادة المهندس سمير فوزي الذي هندس الالحان والتراتيل منذ أن تولى قيادة الكورال فى 1967
قابلناهم وسمعنا تسبيحهم فى كنيسة أبو سرجه فى أحد فاعليات جمعية التراث القبطى عن مسار العائلة المقدسة، وشعرنا فعلاً بالأية التي تقول: “يُثْمِرُونَ فِي الشَّيْبَةِ. يَكُونُونَ دِسَامًا وَخُضْرًا” (مز 92: 14) فكلما ازداد بهم العمر كثرت البركات والثمار من خلال تسبيحهم لله وسط الجموع.
وفي جلسة ممتعة مع أعضاء الفريق تحدثوا عن ذكريات النشأة والتحديات التي واجهتهم والإختبارات الجميلة التي عاشوها عبر رحلة روحية من التسبيح في جو عائلي جمع بينهم.
كورال “مارمرقس 67” في الستينيات
كورال “67” في كنيسة أبو سرجة
تاريخ نشأة الكورال
روى لنا المهندس سمير فوزي قائد الكورال، قائلاً: بدأت هذه الخدمة في عهد المتنيح القمص إبراهيم لوقا وقد عثرنا على برنامج خدمة بتاريخ 4 نوفمبر 1941م وكان الكورال وقتها يؤدي بالكنيسة بعض فقراته باللغة القبطية.
وفي عام 1948م قامت السيدة كارمن نصيف زكي والأستاذ جبران عزوز توما ببداية هذه الخدمة بشكل أخر بموافقة المتنيح القمص إبراهيم لوقا. وقد تم شراء عدد 2 أرغن للكنيسة أحدهما خلف إمبل الوعظ لمصاحبة خورس الشمامسة والآخر في البلكون لمصاحبة فريق الكورال. واقتصر الكورال على تقديم ترنيمتين أو ثلاثة بعد انتهاء القداس وألحان التوزيع الطقسية، وبتأييد وموافقة القمص إبراهيم لوقا استمرت الترانيم عقب انتهاء صلوات القداسات. وبعد نياحة القمص إبراهيم لوقا في عام 1950م مباشرة في عهد البابا يوساب، توقف الكورال عن الترانيم ولم يوجد في هذا العهد من كان يؤيد هذا النشاط.
لكن بعد مرور عام كامل على نياحة القمص إبراهيم لوقا وفي احتفال الذكرى السنوية، بدأ جبران عزوز نجل رئيس الشمامسة المتنيح الأرشيدياكون عزوز توما بتدريبات للكورال مرة ثانية مع اقتصار الكورال على الشباب فقط، والتدريب يقام في منزل أحد أعضاء الفريق مع إلغاء فكرة تقديم الترانيم بعد القداسات.
وفي ذلك الوقت اقتصر تقديم الترانيم على بعض المناسبات القليلة مثل صلوات العشية أيام صوم العذراء مريم.
واستمر هذا الوضع حتى عام 1964م قبل إفتتاح قاعة الإيغومانس إبراهيم لوقا، فكان هذا التاريخ بمثابة انطلاقة قوية للكورال حيث تمكن الأستاذ جبران عزوز من عمل التدريبات في القاعة أسبوعياً وأدخل للمرة الأولى الهارموني الكامل للترانيم بأربع أصوات – سوبرانو وألتو بأصوات نسائية وتينور وباص بأصوات رجال. وأصبح الكورال في ذلك الوقت مكون من حوالي 30 شخصاً.. وكان يقوم بتقديم حفلتين سنوياً إحداهما بمناسبة عيد الميلاد والثانية بمناسبة عيد القيامة.
واستمر الأستاذ جبران عزوز قائداً للكورال إلى أن هاجر كندا، واجتمع وقتها الأعضاء على أن أتولى القيادة أنا الشماس المهندس سمير فوزي حيث كنت دارساً بالكونسيرفتوار لعلوم الموسيقى وتدريب الأصوات وكنت ضمن صفوف المرنمين بالكورال. فتوليت قيادة الكورال من عام 1967م إلى أن سافرت وتولى قيادة الكورال وقتها الدكتور جورج لطيف الذي أدخل على الكورال شباب كثيرين وأسس كورال أطفال أخر بالكنيسة. وبعد فترة بدأ يهتم أكثر بالكورال الجديد وينميه إلى أن عدت أنا من السفر وبدأت بقيادة كورال “مارمرقس 67” مرة أخرى. وبذلك فإن كورال “مارمرقس 67” إنبثق منه كورال “جورج لطيف” واستمرا الإثنين في خدمتهما المباركة.
كم عدد الأفراد الذي بدأ الكورال بهم؟ وكم وصل العدد حتى الأن؟
قال لنا المهندس سمير فوزي، أنه في عام 1948م كان فريق الكورال مكوناً من 4 أشخاص وهم: أستاذ جبران عزوز ومدام كارمن نصيف زكي ومدام نادية سويحة ومدام منى يوسف، ثم انضممت أنا والمهندس وسيم لطفالله، وفي عام 1964م وصل العدد إلى حوالي 30 شخصاً، وأكبر عدد وصل إليه الكورال كان عام 1968م وقت احتفالية وصول رفات مارمرقس لمصر، حيث كان عدد أعضاء الكورال 70 شخصاً، أما الأن فنحن حوالي 20 شخصاً.
هل لاقت فكرة إضافة الأرغن ضمن آلات الكورال إستحسان من شعب الكنيسة؟
قال القمص مرقس كمال، كاهن بكنيسة مارمرقس والمرشد الروحي للكورال، إنه اختلفت الآراء بين معارض ومؤيد حيث أن إدخال موسيقى الأرغن والترانيم بأصوات النساء كانت أمور جديدة وغريبة على الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
واستمر هذا الوضع بين مؤيد ومعارض إلى سنة 1968م وبعد الحفل المهيب الذي أقيم بقاعة السيد درويش احتفالاً بوصول رفات مارمرقس لمصر، اجتمع أسقف التعليم الأنبا شنودة مع قائد الكورال لمناقشة أمور فنية تتعلق بالهارموني (تعدد الأصوات) في الألحان والترانيم وكيف أن ذلك قد يكون مستحباً في أذن المستمع وممتعاً للمرنمين ويكون جاذب للشباب أيضا..
وبعد انتقال مثلث الرحمات البابا كيرلس السادس وجلوس الأنبا شنوده على الكرسي المرقسي.. قام البابا شنودة الثالث باستدعاء قائد الكورال ليقوم باعداد وتكوين كورال عام للكنيسة القبطية الأرثوذكسية وتبعه استدعاء المرنمين من كنائس كثيرة واختبارهم صوتياً في مسرح الأنبا رويس بحضور قداسة البابا، إلا أن العمل لم يكتمل لكن كتابات الكرازة عن الكورال كانت بمثابة موافقة من قداسة البابا على وجود فرق كورالات في الكنائس الأرثوذكسية. ومن هذا اليوم تحرك الكورال 67 بحرية وبدون أي عوائق، وانتشرت خدمة الكورالات بسرعة البرق في كل الكنائس في مصر.
وماذا عن قيادة الكورال في عهد المهندس سمير فوزي؟
روى لنا الأستاذ سامي متري: المهندس سمير فوزي بدأ قيادة الكورال عام 1967م، وفي عهده ظهرت إضافات جديدة على الكورال، فبدأت فكرة ترجمة الأعمال الموسيقية العالمية – من الموسيقيين العالميين مثل بعض أعمال هاندل وباخ وبيتهوفن – إلى اللغة العربية. وأصبحت المهام الفنية رفيعة المستوى فأشرفت الأستاذة كارمن زكي في ذلك الوقت على تدريب الأصوات لأنها كانت في ذلك الوقت رئيس قسم الغناء بالكونسيرفتوار. أما المصاحبة على البيانو فتناوب عليها مرثا روى – كارمن زكي – هاني سويحة – ماريان حنا – سونيا يسى – عيسى السعيد – ومارسيل متى وغيرهم..
وتم عمل حفلات في ذلك الوقت للتذوق الموسيقي لشعب الكنيسة، وأشرف عليها وتولاها كل من الفنان العالمي رمزي يسى والفنان نبيل اسكندر وهم كانوا أساتذة بالكونسرفتوار في ذلك العهد.. وكان يتخلل تلك الحفلات عزف قطع موسيقية مع شرح أصلها وتاريخها.. وخلال الحفلات تم اضافة آلات الهارب والأجراس الأوركسترالية.
وماذا عن أهم الاحتفالات؟
ذكر المهندس سمير فوزي: أهم الاحتفالات وأكبرها بالنسبة لكورال “قاعة إبراهيم لوقا” أو باسمه الحديث كورال ” 67 مارمرقس” كان يوم 26 / 6 / 1968 حيث أقيم احتفال مهيب لوصول جسد كاروز الديار الشهيد مارمرقس إلى مصر يوم 24 / 6 / 1968
أقامت مصر وقتها احتفالاً فنياً دينياً بقاعة السيد درويش بالهرم، وتم تكليف كورال “قاعة إبراهيم لوقا” بتقديم فقرات ألحان وترانيم بالحفل في يوم 26 / 6 / 1968 ومن ضمن ما قدمه فريق الكورال ترنيمة “كنيستي القبطية.. كنيسة الإله” التي وزع أصواتها المايسترو العالمي يوسف السيسي. وكان ضمن الحضور نيافة الأنبا شنودة – أسقف التعليم والأنبا صموئيل أسقف الخدمات العامة والمسكونية ولفيف من رجال الدولة، وكان الاحتفال جميلاً ويومها وصل عدد المرنمين في الكورال إلى 70 شاباً وشابة. وضمن المعدين للحفل كان الكاتب الصحفي بجريدة وطني الفنان الراحل عادل كامل.
احتفالات دينية وفنية لفريق الكورال كما رصدتها جريدة وطني في عدد 3 / 6 / 1968
ذكريات المرنمين من أعضاء الكورال
المهندس وسيم لطفالله -عضو في الكورال من الستينيات، تكلم عن تسمية الكورال “67 مارمرقس” جاءت لأن المهندس سمير فوزى تولى قيادة الكورال من سنة 1967 وهو الذي أعاد لم شمل الكورال مرة أخرى فى سنة 2017 ليبدأ من جديد بعد توقفه بضع سنوات فوصل الأن عطاء هذا الكورال لـ 50 عاماً.
وأضاف “لطف الله”: الكورال من سنة 1963م وكان كله من الشمامسة وكانت فكرة دمج عنصر نسائي ضمن الكورال صعبة على المجتمع حين ذاك وبعد إفتتاح قاعة إبراهيم لوقا بدأ ينضم إليه بنات وذلك سنة 1964م وكان يقود الكورال وقتها الاستاذ جبران عزوز توما إلى أن هاجر إلى كندا وهو حتى الأن يرأس كورالاً بإحدى الكنائس في كندا.
كانت حفلاتنا دائما مرتبطة بالمناسبات مثل عيد الميلاد والقيامة والنيروز ونعرض حفلاتنا فى بعض الأماكن الشعبية .. من ضمن العروض التي لا أنساها كان هناك حفلة عيد الميلاد وكان فيها ترتيلة “نحن أشراف المجوس” بثلاثة أصوات سولو وكانوا ثلاثة أولاد من الكورال كل منهم يجسد شخصية من الذين قدموا الهدايا للسيد المسيح، فكنا نرتدي لبس المجوس وأثناء الترنيم واحد منا يقدم اللبان والأخر الذهب والأخير المر وأنا كنت واحداً من هؤلاء الثلاثة غنيت سولو بلبس المجوس.. وأتذكر أيضا أن الأستاذ إدوارد صبري أحد أعضاء الكورال الموجود معنا الأن هو الذي عمل لنا مكياج المجوس في هذه الحفلة وكانت أوبريت جميل جداً لمدة ساعة ونصف.
أما الأن فى الحفلات الحديثة، أنا بتأثر جداً عندما نرتل فى ملجأ أو دار مسنيين وآخرها كان من حوالى شهرين تقريباً فى بيت مسنين فى سانت فاتيما وكانت الفرحة على وجوه نزلاء الدار ونحن أيضا كنا فى غاية السعادة لفرحتهم بالتراتيل لأنه “مغبوطاً هو العطاء أكثر من الأخذ” كما قال الانجيل.. وكانت تلك الحفل فى الدور الأرضي من المبنى والجميل أن أغلب الأدوار العلوية خرجوا من الشبابيك ليشاهدوا الكورال وهو يرنم وهم يرنمون معنا مسبحين الله.
الاستاذ إدوارد صبرى عبد المسيح قال عن ذكرياته: كنت مدير القطاع التجاري للهيئة العربية للتصنيع والأن أنا على المعاش، انضميت للكورال فى سنة 1967م وكنت من الأصوات الباص.
الكنيسة كانت تنقسم إلى خدمة الخورس والشمامسة وقت القداسات إلى جانب الخدمات الاجتماعية.. أنا كنت أهوى الخدمة الاجتماعية فكنت مسئول عن الشباب والألعاب وحفلات السمر وأى نشاط إجتماعى كنت موجوداً فيه..
جاء الكورال ليتآلف مع هواياتى وأحببت الانضمام إليهم لأرنم واستخدم هواياتي من الرسم والفن أيضا، فالكورال أوجد لى خدمة أحبها وأسبح من خلاله بدون الانضمام لفريق شمامسة الكنيسة وأنا من القلائل الذين فى الكورال الذين لم يخدموا مع الشمامسة.
ومن المواقف الطريفة التي لم أنسها عندما أرشد الفنان العالمي يوسف السيسى قائد الكورال سمير فوزى كيف يعطى إشارة الوقوف للكورال بإصبع واحد في ثبات وليس حركات باليدين الإثنتين والذراعين..
أما الترتيلة التى لها ذكريات وعزيزة على قلوبنا جميعاً لانها أكتر ترتيلة كانت تطلب من الكورال ولحنها ووزع أصواتها الفنان يوسف السيسى في أقل من ساعة وكانت بمثابة العلامة أو البصمة الخاصة بالكورال.. فهي “كنيستي القبطية”
الأستاذ إدوارد في أوبريت مسرحي
السيدة مارجريت فؤاد.. من أوائل الفتيات اللاتى إنضممن للكورال هى وأختها التوأم، قالت لنا: انضممنا للكورال عام 1967 م وكان وقتها قائده المهندس سمير فوزى، وكنا فى الأول فى حالة تخبط لأننا لم نعرف قراءة النوتة الموسيقية بحروفها ونقاطها المختلفة، وكان سمير يعلمنا كل شئ وكان له الفضل في تشجيعنا باستمرار. والأجمل فى هذا الفريق هو ارتباطنا ببعض على المستوى الصداقة التي وصلت لمستوى عيلة واحدة فكنا نحب نجلس مع بعض ونخرج رحلات جميلة مع بعض وأتذكر أننا مرة ذهبنا في رحلة إلى الميريلاند ونحن نسير فى الشارع ذاهبين وعائدين كنا نرتل معاً ويعزف لنا نجيب نصحي، حتى أن كل من حولنا كان يسمعنا..
وجاءت فترة توقف الكورال لظروف انشغال كل واحد منا فإنقطعنا عن بعض مع سفر المهندس سمير إلى الخارج، وعندما جاءت الدعوة للرجوع مره ثانية من المهندس سمير فوزي العام الماضي كنا فى غاية السعادة لأننا سوف نعيد الذكريات مع بعضنا البعض..
السيدة فيوليت فؤاد.. من الرعيل الأول للكورال قالت لنا: لما إلتحقنا بالكورال واجتزنا مرحلة التعليم والاختبار تم تصنيفنا أنا وأختي لصوت ألتو.. وأجمل ذكريات لدينا كانت عبر الخمسين سنة الماضية وحتى اليوم، لأننا عشنا أنا ومارجريت أختي أحلى الأيام في الكورال في جو أسري وحالة تسبيح جميلة.
وفى حفلاتنا القديمة كنا نرنم في مناسبات الميلاد والنيروز والقيامة، ومن علامات الكورال الغريبة والمميزة لنا أننا لم يكن لدينا زي موحد للكورال فكنا بنلبس “ملاية” بيضاء بطريقة معينة مربوطة بفيوكنة عند الرقبة كلنا زى بعض ونعمل بها العرض وكان قبل كل عرض سمير يقول لنا “أغسلوا الملايات كويس جداً أنا عاوزها بيضة بياض ناصع وأكووها كويس” وهذا كان يعطى جو من البهجة والضحك بيننا.. وبعد كل حفلة كنا نطلع رحلة ونتجمع كلنا فى جو أسرى جميل ومنها رحلات للميريلاند ورحلة للأهرامات.
من رحلاتنا التي لا أنساها رحلة الهرم، وكان ضمن فريق الكورال شخص اسمه نجيب، فكان يحضر الجيتار الخاص به في الرحلة وكنا نجلس عند سفح الهرم نرنم وكان الناس يلتفوا حولنا ليسمعونا.. كنا في حالة تسبيح دائمة بمنتهى البساطة.
والأن بعد رجوعنا للترنيم مرة أخرى ننتظر بفارغ الصبر تدريب الكورال كل يوم سبت وكأننا في تجمع أسري أسبوعي نحبه جميعاً.
رحلة الهرم
صورة توضح حفل خاص بالكورال ويظهر في الصورة التوأم – السيدة مارجريت فؤاد والسيدة فيوليت فؤاد
زي الكورال الرسمي كان ملاية بيضاء
الاستاذ ماجد ألفونس.. عازف الأورج في الكورال بدأ كلامه معنا: أنا من المنضمين للكورال من أقل من سنة وكانت دعوة من أبونا مرقس والمهندس سامى مترى والمهندس سمير فوزى لأشترك معهم بالعزف على الأورج.. وكنت أحب أنضم للكورال من عشرين سنة حين تقابلت مع المهندس سمير فوزى فى منزل أحد أعضاء الكورال وتعرفت عليه..
كنيسة مارمرقس وبيت القمص إبراهيم لوقا تحديدأ كان لهما فى ذاكرتى الكثير لأن بحكم القرابة التي تربطنا كنت أتي إلى بيته وأنا طفل وأعزف على البيانو الذي كان في الصالون. لذلك فإنضمامي لهذا الفريق له أكثر من متعة بالنسبة لي لذا أفتخر أن أكون وسط هؤلاء الفطاحل الذين أسسوا أول كورال في الكنيسة القبطية وأعيش معهم ذكريات طفولتي في قاعة القمص إبراهيم لوقا مع كل تدريب للكورال.
السيدة ماري سمير فوزي.. أصغر عضو في الكورال تكلمت أيضا عن ذكرياتها مع الكورال قالت: كنت إبنة قائد الكورال وشاهدة على كل هذه السنوات من العطاء، وانضممت إلى صفوف مرنمين هذا الكورال مؤخراً برغم أنني أرنم في كورالات أخرى في نفس الوقت لكني حريصة على استكمال تلك الرسالة العظيمة التي شارك والدي في تأسيسها وإدارتها.
واستطردت ماري: والدي كان بيحفظني ترانيم وأنا صغيرة وعلمني الجرأة في الإلقاء فكان يوقفني على الكرسي في البيت كما لو كنت على مسرح أو منبر لأتلو الترانيم بثقة، وأتذكر عنه أنه كان على علاقة طيبة مع كل الفريق.
بالرغم أن مستواه الموسيقي كان عالي جدا فهو دارس موسيقى بالكونسرفاتوار وكان يغني في الأوبرا واتذكر أني سمعته كثيراً مشاركاً في أوبرا عايدة وكان يؤدي كباص بروفوندو فيها.. علمني النوتة وكل تقنيات الترنيم والغناء وعلمي أسس الموسيقى لكن أهم شئ تعلمته منه كيف أحس لأن كل العلم ليس له قيمة بدون الإحساس.
تعلمت منه أيضا أن كل هذا العلم والإحساس يكتمل بالعلاقة الحلوة بين قائد الكورال وأعضاء الكورال وهذا الذي سيجعلهم ملتزمين ومحبين ومؤدين ببراعة لأنهم في وحدانية أسرية ومحبة قوية تربطهم وتجعلهم يجتازون أي اختلافات أو عوائق في الطريق، فيقدمون ذبيحة تسبيح معا أمام المسيح، فهي خدمة وليست نشاطاً إجتماعياً ينبغي أن المسيح هو الذي يظهر فيها وليس الكورال.
ورأيت والدي له القدرة على التكيف على أذواق الناس، فبعد أن مضى جزء كبير من حياته يترجم الفن الغربي إلى اللغة العربية مثل “هانلز ميسايا” أدرك أن المستمع الأن اختلف ذوقه عن ذلك وأصبح يفضل الموسيقى الشرقي، فغير فكره وتحول إلى ما يتذوقه الشعب، فهذا لم يكن ما هو يحبه لكنه استطاع التكيف، فالأساس ليس الشرقي أو الغربي لكم المهم قيادة الناس لتسبيح الله.
بانضمامي للكورال من فترة قليلة تصورت أن بعد كل هذا العمر لو خرج من أعضاء الكورال الكبار السن ترنيمة أو اثنتين يبقى هذا انجاز وربنا سيتقبل منهم ما يمكنهم من عطاء، لكني فوجئت أن أعضاء الفريق أصواتهم أقوى من كورالات الشباب – صوت وحنجرة ونفس، ليس متوفر في الكثير من الكورالات الأن.
وتذكرت الأية التي تقول: “يُثْمِرُونَ فِي الشَّيْبَةِ.” (مز 92: 14) وفهمت معنى أن الشجرة لما تكبر وعمرها يزيد تعطي ثمراً أحلى وأشهى.
برغم إني أمارس الترنيم في كورالات أخرى لكن وسط هذا الكورال أشعر بروحانية أكثر، وبمعنى التسبيح وليس مجرد كلام على موسيقى.