– سفير السويد يقف دقيقة حداداً على شهداء دير الأنبا صموئيل
– الاستفادة من المخلفات أمر مهم لمصر والسويد والعالم كله.
– “محادثات خضراء.. طرق مستدامة لإدارة المخلفات”
– 20% من مخلفات الطعام لا يعاد استخدامها بدول الاتحاد الأوروبي
– “الحلزون الثلاثي”.. نموذج ناجح في السويد
– إنتاج الغاز من الحمأة بالجبل الأصفر
– تجربة “سخا” في معالجة مياه الصرف لإنتاج الكهرباء
– السيدة زينب تنتج حوالي 2000 طن مخلفات يومياً
– lignin هو ثاني اكبر كتله حيوية متوفرة بالعالم
– كل إنتاج الكهرباء بالسويد سيكون من المواد المتحولة بحلول 2040
نظم سفير السويد بمصر، يان تيسليفJan Thesleff،مائدة مستديرة بمنزله تضمنت حلقة نقاشية مطولة مهمة جداً حول كيفية الاستفادة من المخلفات بإعادة تدويرها و تصنيعها بشكل علمي، ليس فقط لفائدة هذا العملية على البيئة والصحة العامة ، ولكن لما يمكن أن يحققه هذا المجال من تشغيل لملايين الشباب، وكذلك للأرباح العالية التي تنتج عنه .
وقد شارك بالحلقة النقاشية أساتذة وخبراء سويديون ومصريون في مجال الطاقة وإدارة المخلفات، وكان أحد الأهداف الرئيسية لإقامة الحلقة النقاشية هو تبادل الخبرات بين العاملين بهذا المجال والعمل على التشبيك فيما بينهم لإفادة المجتمع المصري بشكل أكبر في هذا المجال .
دقيقة حداد على شهداء دير الأنبا صموئيل
حرص سفير السويد في بداية اللقاء على أن يطلب من الحضور الوقوف معه دقيقة حداد على أرواح شهداء دير الأنبا صموئيل ، وقال : (أود أن تشاركوني في أن نقف دقيقة حدداً على ضحايا الهجوم الإرهابي البشع الذي حدث بالمنيا .. إننا نقدم بتعازينا للشعب المصرية والحكومة المصرية).
وأشار السفير، إلى أنها ربما المرة الأولى التي يتم فيها عقد مؤتمر داخل منزل السفير نفسه، والسبب فيحرصي على هذا هو أننا نناقش موضوع في غاية الأهمية، وهو إدارة المخلفات، وكيفية تدويرها وإعادة تصنيعها من جديد، وهو أمر مهم لمصر والسويد والعالم كله.
وقال السفير خلال الحلقة النقاشية التي جاءت تحت عنوان “محادثات خضراء.. طرق مستدامة لإدارة المخلفات”، من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، إلى أن هذه الحلقة النقاشية تبرز واقع الاقتصاد الدولي، وحاجته لتقليل مخلفات الطعام، وتحويلها إلى شيء مفيد ، كما أن الاقتصاد الدوار مهم لصحة البيئة حولنا.
وأوضح السفير أنه يوجد 20% من مخلفات الطعام في دول الاتحاد الأوروبي لا يتم إعادة استخدامها ، وهذا يعتبر رقم هائل .
وبالنسبة للسويد ، قال السفير: نحن معروفون في السويد بأننا شعب خجول ومحافظ، لكن عندما نتحدث عن المخلفات كمصدر للطاقة، فإن هذا يشجعنا على استيراد المخلفات لتلبية احتياجاتنا من الطاقة.
تصنيع المخلفات يمكن أن يخلق 2 مليون وظيفة
وأكد السفيرتيسليف أن مجال إعادة استخدام وتصنيع المخلفات يمكن أن يخلق 2 مليون وظيفة، وهذا يعتبر عرض شيق بالنسبة لمصر ، وأوضح أن كلمة “مخلفات” تعني شيئاً يمكن الاستغناء عنه ، ولكن التحدي هو أن نستخدمها استخداماً جيداً، وخلق تكنولوجيا صالحة لإدارتها؛ فتكنولوجيا المياه ، وحماية البيئة، والزراعة العضوية ، الفكرة منها كلها أن الوظيفة الخضراء مستدامة.
وقد حرص السفير في كلمته أن يتوجه بالشكر إلى عدد من الحضور للمشاركة بالجهد في جمع الأطراف المعنية بالحدث، ومنهم د.علي أبو سنة، مدير مركز تكنولوجيا الإنتاج الأنظف (التابع لوزارة الصناعة)، ومساعديه لمساعدتهم في تنظيم الحدث، ود. على هو أحد خريجي جامعة “لوند” بالسويد ، وهى نفس البلدة التي ينتمي إليه السفير بالميلاد ، حسبما أشار.
وشكر السفير أيضاً د. أحمد جابر أستاذ الهندسة الكيميائية بجامعة القاهرة، د.مدحت فايق نائب رئيس شركة ABB للصناعات الكهربية وتنمية الأعمال، د. أحمد حزين، د.عبد الرحمن فهمى، د. حامدالموصلي، الشيماء عمر مهندسة كيمائية، من إحدى شركات إدارة المخلفات في مصر، كما شكر د.ستيجمورلينج، د.ويهونج يانج، د.بيورنبالممن المعهد الملكي للتكنولوجيا بالسويدKTH .
الحلزون الثلاثي”
وأكد سفير السويد “يان تيسليف” : إننا نحتاج إلى الجمع بين مختلف أصحاب المصلحة الذين لديهم مهارات ورؤى متطابقةمن أجل تواجد حلول لتحديات عصرنا، وأضاف: تفتخر السويد بـ”نموذج الحلزون الثلاثي”، وهو أسلوب تعاوني تعمل من خلاله الأوساط الأكاديمية والحكومية والقطاع الخاص معاً لخلق أوجه تآزر لحل مختلف التحديات المجتمعية، بما في ذلك الحلول المبتكرة للنفايات والطاقة.
وقال السفير إن مصر والسويد يواجهان تحديات متشابهة، وكلاهما لديه خبرات للمشاركة. ولهذا يسعدنا أن نتمكن من إنشاء منصة لتعزيز الحوار حول هذه القضية الهامة التي تعزز البيئة المستدامة والنمو الاقتصادي،خاصة وأن مصر والسويد يلتزمان بأهداف التنمية المستدامة وجدول أعمال عام 2030.”
السيدة زينب تنتج حوالي 2000 طن مخلفات يومياً
وبعد كلمة السفير عُقدت أول ندوة خلال اليوم والتي أدارها د. أحمد جابر، أستاذ الهندسة الكيميائية في جامعة القاهرة ورئيس شركة كيمونكس مصر للاستشارات، والذي استعرض في البداية دراسة جدوى متخصصة قاموا بإجرائها عام 2014 ، كان الهدف منها تحويل 1000 طن من المخلفات الصلبة – بدون المواد القابلة للتدوير _ إلى طاقة ، وللتوضيح أشار إلى أن منطقة صغيرة من السيدة زينب إلى حلوان مثلاً تنتج حوالي 2000 طن مخلفات يومياً.
وقال د. أحمد إنه تمت دراسة كافة طرق تحويل المخلفات عن طريق حرق الكتلة أو التحلل الحراري أو التكسير العضوي لإنتاج الكهرباء ، كما درسنا وضع المخلفات بمدفن صحي لتوليد الغاز ، وقارن د. أحمد بين احتياجات الإنتاج سواء من حيث مساحة الأرض أو التمويل لكل هذه الطرق بالتفصيل، بما فيها جمع ونقل وفرز ومعالجة المخلفات.
ثم تحدث د. ستيجمورلينجStigMorling، أستاذ الهندسة البيئية في معالجة المياه، ومياه الصرف الصحي التي شارك بمعالجتها على مدار 49 عاماً بالسويد ، وقال د. مورلينج أن موضوع الحديث هو ربما جديد بالنسبة للبعض ، ألا وهو (الهضم اللاهوائي) .. فنحن نستهلك انتاجاً ضخماً ، وننتج نفايات رهيبة ، وهناك أكثر من تشغيل للصرف الصحي، ففي باريس وبرلين مثلاً تستخدم مياه الصرف بالزراعة مباشرة ، ولكننا بحاجة لطرق أفضل لاستخراج المواد الخام من الصرف الصحي.
وأوضح د. مورلينج الطرق العلمية المختلفة في معالجة الصرف بشكل تفصيلي، والمشاكل التي تواجهها ومنها “الكريستالات” الموجودة بالمياه وتعمل على تعطيل المعالجة وكيفية التعامل معها .
تجربة “الجبل الأصفر” و “سخا”
وعقب د. أحمد قائلاً : إن لدينا في مصر تجربة تطبيق التكنولوجيا بمنطقة الجبل الأصفر لإنتاج الغاز من الحمأة . وأضاف : وفي بلدة “سخا” بدأ القطاع الخاص في لإقامة مصنع لمعالجة مياه الصرف لإنتاج الكهرباء ، وهذا يعتبر أول عقود القطاع الخاص مع الشركة القابضة.
وتحدث د. “ويهونج يانج” Weihong Yang ، الأستاذ بقسم علوم وهندسة المواد، بالمعهد الملكي للتكنولوجيا بالسويد KTH، عن التحلل الحراري على الفحم الحيوي المنتج، والكربون المستخرج منه، وهو الأمر الذي لم يتم تناوله في مصر مطلقاً ، كما ذكر د. أحمد.
وقال د. يانج : أنه بحلول عام 2040 من المقرر أن يكون كل إنتاج الكهرباء في السويد من المواد المتحولة ، وحالياً طبقنا هذا في قطاع النقل بالسويد والذي أصبح 30% منه يعتمد على الوقود الحيوي وهذه أكبر نسبة بالعالم .
وأوضح د. يانج: إننا نحتاج إلى الكثير من النفط لإنتاج الكهرباء ، و نحن لدينا الكتلةالبيولوجية و المخلفات الصناعية و الزراعية والفكرة هي كيفية تحويلها الى غاز لإنتاج الكهرباء. واستطرد : منذ 20 عاما بدأتدراسة الأمر،لتحويل الوقود الى غاز، فوجدنا أن lignin هو ثاني اكبر كتله حيويةمتوفرة بالعالمومن خلال التحلل الحرارى التحفيزي يمكن تحويلها والحصول علي الغاز المنشط على الفحم.
ويؤكد د. يانج على أنه ليس لدينا خيارات في ظل الاحتباس الحراري، ويمكن استخدام المخلفات كمصدر للطاقة.
اتفاق باريس
وتحدث د.بيورنبالمBjorn palm، الأستاذ بقسم الطاقة المعهد الملكي للتكنولوجيا بالسويد KTH، عن “اتفاق باريس” ، وأين نقف منه اليوم؟ وعرض د. بالمرسم بياني يوضح تصاعد ثاني اكسيد الكربون في الغلاف الجوي بشكل متزايد جدا منذ الخمسينيات ، وعرض صور عديده منها تأثرالدببةالقطبيةبذوبان الثلج في القطبين، وقالإن هذا لا يؤثر فقط على الجزء الجنوبي والشمالي من الكرة الأرضية، بل العالم كله، وتساءل : كيف نتعامل مع هذا الامر؟ كيف سنعيش لمده عشرين عاماًالمقبلة؟ كيف سنزيد من المحاصيل؟
ولهذا فإن معظم الدول اتفقت من خلال (اتفاق باريس عام 2015 ) علي مسار لتقليل انبعاث غاز الكربون الامر الذي دخل حيز التنفيذ عام 2016 وصادقت الامم المتحدة عليه، بينما صادقت عليه 125 دوله في عام 2017 ، و هناك اجتماعات متابعه سنوية و نصف سنوية بشان هذا الاتفاق الذي تتضمن محتوياتهالرئيسية: -1 الحد من زياده الحرارةالعالية على المدى البعيد لأقل من خمس درجات. 2 الوصول الى نسبةمعقولة من غازات الاحتباس الحراري 3 الاستراتيجيات والمساهمات الوطنية في هذا الامر . 4 إقامة الخزانات لجمع ثاني اكسيد الكربون من الجو. وأضاف: إن التقرير يعطي رسائل ايجابيه انه يمكن الوصول الى حلول، واذا لم نتحكم في هذا الأمر من الان ستكون النتيجة مزعجة.
و عرض دكتور بالم رسم بياني اخر عن تأثر الكائنات الحيه بارتفاع درجه الحرارة في العالم و منها الشعب المرجانية و المصايد السمكية التي تتأثر بزياده الحرارة درجة واحدة.
وتحدث م. مدحت فايق، نائب مدير شركة ABBالسويدية – فرع مصر_
وقال إن الشركة لديها تاريخ طويل لتحويل المخلفات الى طاقه منذ نحو 50 عاما كما انها متخصصه في انشاء محطات لإنتاجالطاقةجاهزة للاستخدام ، والشركة تعمل على توليد ونقل وتوزيع الكهرباء بفولتات مختلفة وتعمل ايضا بمجال العواكس الشمسيةوبطاريات شحن الكهرباء بالنسبة للسيارات، وبمجال الميكنةالصناعية والروبوتات وايضا المحركات ذات الجهد المختلف ولهذا نعتقد اننا الشريك المناسب في مثل هذه المشروعات.
وواضاف انا لدينا خبره مع اعادهاستخدام المخلفات ، وكل التدبير قائمه على اللوائح الوطنية والقوانين المحلية بكل بلد ونحن نضع عوامل رئيسيه للتحكم في درجه الحرارة و توليد الطاقة و التحكم في كميه الاكسجين المستخدمة وكميه انبعاث الكربون. نحن نحترم القوانين البيئية لكل بلد ونتحدث عن قدراتنا ومتطلباتها لتحويل المخلفات الى طاقه مع تقليل التكلفةلإعطاء المشغل والمالك معلومات عما سيتم ، بحيث لا يحدث إغلاق مفاجئ لأي مصنع.
22 مليون طن مخلفات زراعية بمصر سنوياً
وعقب د. أحمد : بأنه ليس لدينا في مصر محرقة واحدة حتى للمخلفات الزراعية ، ويمكن أن يعطينا م. مدحت حسابات لنفقات التكلفة.
إن مصر تنتج 22 مليون طن مخلفات زراعية سنوياً ، والغربية مثلاً تنتج 4 آلاف طن مخلفات يومياً ، وإذا أردنا الأخذ بالتكنولوجيا فيها ، نحتاج 4 محارق ليحرق كل منها 1000 طن يومياً . وبشكل عام لا ينبغي أن تنقل المخلفات لحرقها لأكثر من 5 كيلومتر من مصدرها ، وبالتالي فإن إقامة محارق صغيرة أقرب لمصدرها أفضل.
وتحدثت الشيماء عمر ، مهندسة كيميائية، أحد مؤسسي شركة “بيو ماكس” عن خبرتهم كشركة بمجال إعادة تدوير المخلفات الحيوانية بالقرى، قالت : بدأنا تصنيع 500 وحده بيوجاز بخامات محليه منالطوب، الزلط ، الإسمنتوالرمل بعمالة مصرية ووصلنا إلى 14 محافظة بالصعيد والدلتا .. وتقوم الوحدات على إدخال المخلفات الحيوانية (الروث) + الماء داخل الوحدة فينتج منها بايوجاز وسماد عضوي.
وأشارت الشيماء لعدد من أسماء القطاع الخاص وكذلك كلية الزراعة الذين تعاونوا معهم ، وقالت انهم قرروا إنتاج وحدات كبيرة في 2018 .
أما الندوة الثانية فقد أدارها م. ياسر شريف، المدير التنفيذي لشركة انفايرونكس. وقد ركزت الندوة على التفاصيل العلمية لعدد من مشروعات إعادة استخدام وتصنيع المخلفات و إنتاج الطاقة من المخلفات في عدد من الدول ، منها نيبال والتي يستخدم قش الأرز فيها لصناعة الاسمنت ، كما قدم م. جوني شينيدرJhonnyVillarroel-Schneider تقييماً لبدائل التمويل لتطبيق أنظمة خدمات الطاقة المتعددة القائمة على البيوجاز، من خلال تجربة المزارع في بوليفيا.
لماذا لا يتم الأخذ بتكنولوجيا تحويل المخلفات إلى طاقة بمصر؟
وكان هناك سؤال لي طُرحته عقب الندوة الأولي وهو : لماذا لايوجد تعاون في هذا المجال الحيوي (تحويل المخلفات إلى طاقة) إلا على مستوى الأفراد والشركات الخاصة فقط مع المتخصصين بالخارج ، ولا يوجد تعاون على مستوى الدولة، رغم أهمية هذا الأمر لدولة كمصر ، تشكل مخلفات القاهرة وحدها فيها ربما ما يوازي مخلفات دولة كاملة أو أكثر؟
_ وكانت الإجابة إنه للأسف لا توجد في مصر طريقة معتمدة لتحويل المخلفات إلى طاقة، إننا متأخرون جداً في مصر .. في معرفة إلى أي حد يمكن أن نتعامل مع تلك الموضوعات .. وكيف ندمج الحلول مع المحافل الدولية،
ولا توجد أراضي مخصصة لوضع المحارق عليها ، وليس هناك دراسات لأي تكنولوجيا تصلح عندنا ، ولكن علينا أن نعرف أن التعامل مع المخلفات والرواسب الصلبة ، ليس فقط بهدف جني الأموال ، ولكنه أسلوب حياة، كما يجب خلق توعية عند النشء بأهمية الحفاظ على البيئة من التلوث والمخلفات ببرامج تعليمية مدروسة منذ فترة الحضانة. ومالم يتفق المواطنون والحكومة على الحل .. فلن تحل أبدأً.
جدير بالذكر أن منصة الحوار التي نظمتها سفارة السويد بمصر عُقدت على هامش المؤتمر الدولي الثاني بشأن الاتجاهات الحديثة في الطاقة المستدامة، الذي يُعقد بجامعة فاروس بالإسكندرية بالتعاون مع المعهد الملكي للتكنولوجيا في ستوكهولم KTH من 5 الى 7 نوفمبر، حيث أن الجامعتين لديهما شراكة طويلة الأمد مما يجلب التعليم السويدي الهندسي وعلوم الجودة إلى مصر، ويتم تسجيل عدة عشرات من الطلاب للدراسات العليا في KTHسنوياً، و يعتبر هذا التعاون منصة هامة للتبادل الأكاديمي.