أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بوجه بحري وسيناء أن عدد المتاحف في مصر لا يتواءم مع قيمتها الحضارية حيث يبلغ عدد المتاحف كلها في مصر 72 متحف موزعة على 19 محافظة منها 50 متحف يتبع وزارة الآثار طبقًا لتقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2018.
ومن هذا المنطلق يطالب الدكتور ريحان بتطبيق نظام متحف الموقع وهو المتحف الذي يضم مواقع الحفائر الأثرية بحيث تعتبر المكتشفات المعمارية متحفًا مفتوحًا للعمارة والمقتنيات الأثرية المكتشفة بالموقع متحفًا ملحقًا بالموقع بحيث تكتمل المنظومة الحضارية بالربط بين العمارة والفنون وتعطي عمقًا أكبر لهذه التحف بالتعرف على أماكن اكتشافها مع شرح ظروف الاكتشاف نفسه وأهميته للسياح وكيفية تأريخ الموقع من خلال هذه المقتنيات وستحقق هذه المتاحف الرسالة التربوية والتعليمية للمتحف.
ويضيف الدكتور ريحان بأن هذه المتاحف يمكن أن تساهم فى منظومة تطوير العملية التعليمية بتخصيص زيارات لطلاب المدارس لهذه المواقع والتعرف على نظم الحفر الأثري ليشهدوا موقع ميلاد القطع الأثرية ويشعروا بقيمة الاكتشافات الأثرية مما يعزز لديهم روح الانتماء ويحقق الترابط بينهم وبين الآثار فيزداد تعلقهم بها ويكونوا أول المدافعين عنها في حالة الخطر وأول المحافظين عليها في حالة تعرضها للسرقة بالإبلاغ الفوري عن اللصوص وعصابات الحفر خلسة.
وينوه إلى أن متاحف الموقع هذه ستكون ورش عمل لكل طلاب كليات الآثار في مصر وعددها 9 كليات علاوة على أقسام الآثار بآداب ويبلغ 13 قسم بالإضافة إلى الجامعات والمعاهد الخاصة بحيث تنظم لهم رحلات كل فى محافظته بعد انتشار متاحف الموقع في كل محافظات مصر وربما تضم المحافظة عدة متاحف حسب مواقع الآثار بها وكذلك كليات السياحة وأقسام الإرشاد السياحي وكليات الفنون التطبيقية والجميلة للمساهمة في رسم وتجسيد وتصوير هذه المواقع كمشاريع تخرج لهم وكذلك مادة علمية مصورة لتنشيط السياحة عبر وسائل الاتصال الاجتماعي.
ويطالب الدكتور ريحان المحليات بالمساهمة مع وزارة الآثار لإنشاء متاحف الموقع بتطوير المواقع المقترحة وتمهيد الطرق إليها وتزويدها بالبنية الأساسية ومنع التعديات وتطبيق قرارات الإزالة الصادرة من وزارة الآثار وكذلك وزارة السياحة يمكنها أن تساهم عبر هيئة التنمية بدعم تنمية هذه المواقع خاصة أن العديد منها يقع ضمن مسار العائلة المقدسة فيضيف زخمًا جديدًا فى مشروع التطوير الذى تتكاتف فيه كل أجهزة الدولة ويمكن لوزارة الثقافة المساهمة فى أنشطة شعبية مرتبطة بهذه المواقع حسب طبيعتها ومنها أنشطة مرتبطة بالمواقع المسيحية من تراث شعبى خاص بمحطات العائلة المقدسة خاصة فى صعيد مصر وتراث شعبى مرتبط بالمواقع الإسلامية التي كانت محطات لطريق الحج القديم عبر وادي النيل إلى قوص أو عبر الصحراء الشرقية إلى السويس ومنها إلى سيناء وأماكن ارتبطت بموالد ومواسم لأولياء الله الصالحين وأماكن ارتبطت بفنون النوبة وتراثها الشعبي وغيرها.
ويشير الدكتور ريحان إلى أن قدماء المصريين هم أول من أنِشأ متاحف الموقع حيث كان هرم خوفو بما يتضمنه من آثار معمارية وفكرية وعقائدية وأسرار الحياة متحفًا يضم أهم ما توصل إليه الإنسان في ذلك الوقت من معلومات كما أبتكر المصريون القدماء متاحف لا يراها الناس في زمانهم وهي مقابرهم المنحوتة في عمق الصخر المزارات السياحية الشهيرة حاليًا، كما ابتكروا متاحف مدفونة في ساحات معابدهم وهو ما يطلق عليه (الخبيئة) والتي تضم عشرات التماثيل الزائدة عن حاجة معابدهم كما تعتبر مقبرة توت عنخ آمون التي اكتشفت كاملة بأندر وأروع القطع من أشهر متاحف الموقع القديمة.