صفق الجمهور المصري تصفيفاُ حاراُ وقوفاً اليوم لـ “ألفارو بريخنر” Álvaro Brechner مخرج وكاتب فيلم “ليلة الـ 12 عاما” أو a twelve year night عقب عرضه بالمسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية .. بل قام البعض منهم بالصراخ قائلين .. لقد منحتنا الأمل بفيلمك هذا .. وعقب الكثيرين بأن الفيلم أكثر من رائع وقد لمسهم إنسانياً .. وحقيقة أن محاولة وصف رد فعل الجمهور تجاه الفيلم هو أقل تعبير عن روعة وإنسانية فيلم “ليلة الـ 12 عاما”.. الذي خرج الجمهور عقب رؤيته بنشوة وإعجاب يعبرون عنها بكلمات مسموعة منبهرة بالفيلم .
وقد حرص الكاتب والمخرج “ألفارو بريخنر “، على التحاور مع الجمهور الذي تهافت علي طرح الأسئلة عليه عقب الفيلم، وأوضح ألفارو في البداية أن أحداث الفيلم حقيقية دارت في بلده الصغير أوروجواي بدءً من عام 1972 عندما كان يرضخ تحت الحكم الديكتاتوري.
وأضاف أن الفيلم يدور حول 3 رجال من 9 من أعضاء حركة كانت تعمل ضد الحكم الديكتاتوري .. وقد تم القبض عليهم ووضعهم قيد الحبس الانفرادي لمدة 12 عاماً .. لقد كنت على تواصل مع الأشخاص الحقيقين الذين تم حبسهم .. وحاولت أن أنقل معاناتهم وآلامهم طوال الـ 12 عاماً.
قال “ألفارو” : لقد عانيت بسبب أن أحداث الفيلم حقيقية وهو ما جعل الأمر صعب على، لكني أردت أن يعرف الناس ماذا يحدث للإنسان عندما يجبر أن ينفصل عن انسانيته .. عن حياته الطبيعية التي يعيشها .. وأن يفرض عليه الصمت .. ماذا يحدث له عندما لا يفقد فقط تواصله مع الآخرين .. ولكن أيضاً يفقد أي معني للماضي .. وأي أمل في المستقبل..
ويعقب .. لقد كانوا أناس يدافعون عن حرياتهم .. فأصبحوا أناس تبحث عن معني تعيش من أجله.. بعد أن فقدت إنسانيتها.. ولا تعيش حياتها الطبيعية..
وحول ظروف عمل الفيلم والرقابة قال “ألفارو” : الفيلم اخذ في تحضيره وقتاً يربو عن العام ، ولم تمارس عليه اَية رقابة.. وأشار إلى أنه في وقت الحقبة الدكتاتورية لم يكن بالإمكان عمل فيلم كهذا.. ولم يتم سوى عمل فيلم واحد خلال تلك الحقبة .. ولكن في فرنسا .. وليس أورجواي.
وفي سؤال حول إن كان يمكن أن ينسى الإنسان ما حدث له من ظلم وآلام .. بعد سنوات من القهر والتعذيب وإهدار الإنسانية .. أجاب “ألفارو”: إن المغفرة عما حدث في ماضيك هو مسالة فردية .. فهناك إنسان تبقى جروح مفتوحة.. ولا يستطيع المضي قدماً .. وهناك إنسان آخر كأحد أبطال الفيلم الذي أصبح بعد كل هذه السنوات من التعذيب والحبس الفردي .. رئيساً لأورجواي.
واختتم “ألفارو” حديثه قائلاً : ( اعتقد ان الحكومات تقلل من قيمة كرامة الانسان.. وقوة الصمت) .
جدير بالذكر أن الفيلم يعرض ضمن المسابقة الرسمية للدورة الـ40 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وهو عن قصة حقيقية وتدور أحداثه بداية من عام 1973 ، عندما أورجواي تحت حكم الديكتاتورية العسكرية. ذات ليلة خريفية، يؤخذ نزلاء سجن توبامارو (الذين كانوا يشكلون حركة ضد الحكم الظالم )من زنازينهم سرًا .. ويقادوا إلى حبس انفرادي بسجون مختلفة لمدة 12 عاماً .. ويعمل حراس سجونهم المختلفة على تعذيبهم بضربهم .. وحبسهم بزنازين فردية لا يدخلها النور.. وعدم السماح لهم بالتواصل مع الأخرين .. وفرض الصمت المطبق عليهم .. لإيصالهم إلى حالة من الانهيار النفسي والجنون .. طالما – على حد قولهم – لا يستطيعون قتلهم.
المخرج وكاتب الفيلم “ألفارو بريخنر” .. حصل على الماجستير في الأفلام الوثائقية الإبداعية من جامعة برشلونة المستقلة، ومنذ عام 2002 ، كتب وأخرج ثلاثة أفلام قصيرة حائزة على جوائز عُرضت في أكثر من مائة وأربعين مهرجانًا سينمائيًا دوليًا.
وفي عام 2009 ، أخرج » ألفارو فيلمه الطويل الأول » يوم سيء للذهاب إلى الصيد «
الذي عُرض لأول مرة عالميًا من خلال مسابقة أسبوع النقاد بمهرجان كان السينمائي الدولي، وحصل الفيلم على أكثر من ثلاثين جائزة، وشارك في أكثر من ستين مهرجانًا دوليًا، كما كان الفيلم هو ترشيح دولة أورجواي لجائزة أوسكار أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية.