في إحدى جلسات العلاج النفسي، قام المعالج باستدعاء طفلي الداخلي، كانت أشبة بمواجهة قاسية لم أفكر يومً في هذا اللقاء بينا، تنبَّأَني واخزة في قلبي لم أعرف مصدرها ربما هذا اللقاء الواعر الذي فات عليه الكثير والكثير وبعد إنهاء الجلسة، كدت أفكر فيما حدث فتذكرت تفاصيل اللقاء.
كان لسان حالي يردد، لماذا لم أعد أشفق عليه؟ لماذا أردت قتله بداخلي رغم أنه يحاول جاهداً مساعدتي؟
لازلت أفكر لما ضعفت أمامه كيف ظهوره هذا ذكرني بجروح وإيذاءات الماضي هاهو يظهر وأنا أتالم.. كيف أضعف أمام طفل وضيع بنظري؟ هل أنه يحتاج إلى الشفقه وأنا أتجاهل! .. سرعان ماترجم هذا الكلام بسيل من الدموع ويبقى سؤال حالي.. لماذا لا أتصالح مع طفلي الداخلي؟
– إن ذلك الطفل يعيش بداخلنا، نحن نكبر وهو لازال صغير فالبعض يرفضون وجوده داخلهم، ربما يخجلون من ظهوره، أم وضعوه في الغرف المظلمة مع الماضي الأليم ولا يرغبون فيه مرة أخرى، أي يرفضون مواجهة الماضي معه.
– كلنا بداخلنا هذا الطفل بدون استثناء، لكننا ليس جميعاً نجيد التعامل معه.
فقد عانى الكثير مشاعر مضطربة بطفولتهم كمشاعر الغضب والخوف والرفض والنقص والوحدة، وإيذاءات بأنواعها، فعندما كبرنا عادت كل هذه المشاعر إلينا (( ليحملها الطفل الجريح بداخلنا ))
فجميع الأهل يريدون لأبنائهم الأفضل، ولسوء الخبرة ينتج عن هذا أحيانا نتيجة مخزية لهذا تتسب في ألم كامن وجروح لا يمكن إزالتها بسهولة، وحتى نستمر قررنا إخفائها ولن نتخلص منها.
قالت Louisa Harry في إحدى المقالات : ((أن العمل مع الطفل الداخلي يكون فعال للتشافي من آلام الماضي، فلهذا نحتاج دائما أن نتواصل مع هذا الطفل ))
– علينا أن نتقبل مافعله هذا الطفل أن نقبل أنفسنا أولاً.
علينا أيضاً أن نعترف بينا وبين أنفسنا بأوجاعنا التي سببها لنا الأهل أو الأصدقاء أو المدرسة أو المجمتع يومً ولازالنا نخبئها بداخل، علينا أن نغفر للأشخاص الذين أساءوا إلينا فلديهم أيضا طفل جريح بداخلهم.
(( فالحب من أعظم وأقوى العلاج لأنه يستطيع أن يصل بنا إلى عمق منطقة من الذاكرة الحزينة )) Louisa Harry
علينا أن نتمسك بشئ يذكرنا بالأمان.. نستعيد بها الحظات السعيدة لنرجع لطفولتنا نمرح .. نلعب .. نرسم .. نلقى بأخطائنا بعيداً .. علينا الانطلاق من جديد للاستمتاع بالحياة بدون تعنيف أو قتل طفلنا الداخلي فينا.
صدقنى ياعزيزي هذا الطفل البريء مر بأوجاع يومً لا يحسب لها.. لا يستحق انتقامك وتقيدك لبراءته، دعه يمرح بداخلك دعه يحيا من جديد تقبله، كما هو وأغفر له حتى تصبحاَ شئ واحداً معاً فطاقته تمد فينا الشغف والسعادة وحب الحياة..
فتصالحت مع طفلي الداخلي