“الدائرة” أو the circle هو فيلم خطير.. يرصد كيف أصبحت شبكة الانترنت وسيلة خطيرة تستخدم لمراقبة ومتابعة الناس، إلى درجة تحطيم حياة البعض بالتشهير بهم.
ويدور فيلم “الدائرة” حول “ماي” (إيما واتسون) التي تحصل على عمل جديد بأكبر شركة متخصصة بمجال التكنولوجيا والتواصل الاجتماعي على مستوى العالم، الأمر الذي بمثابة فرصة العمر بالنسبة لها، إذ ستتيح لها المال اللازم لمساعدة والدها المريض.
وفي لقاء يقام مع الآلاف من الشباب العامل في “الدائرة” مثلها.. يتحدث “بايلي” أو (توم هانكس) عن فكره عمل “الدائرة” ويقول انه يتم زرع كاميرات دائريه صغيره جداً بلا أسلاك تثبت بأي مكان لتنقل صورة أي اشخاص بالعالم عبر القمر الصناعي.
وأضاف يمكن تثبيت هذه الكاميرا بدون حاجة الى أي إذن رسمي ، وبالتالي فالنشطاء لم يعودوا بحاجة لحمل كاميرات.. يقنعهم أن زرع الكاميرات ومراقبة الناس يساهم في الحرب على الارهاب و أعمال العنف التي لن يمكن أن تصبح مخفيه بعد الآن .
تذهب “ماي” في زيارة لوالديها يتضح من حوار الأم سعادتها بحصول ابنتها على عمل (بأكبر شركة على كوكب الأرض) ويتضح من الحوار أهميه العمل في الشركات الكبرى للحصول على تأمين صحي جيد ، ويظهر هذا جانب من (عوار النظم الاقتصادية بالغرب) أيضاً ، فمن لا يدر دخلاً كبيراً لا يستطيع الحياه الكريمة.
بالشركة يعرفون عن مرض والدها بالتصلب العصبي المتعدد.. يحاولون إقناعها انه كان يجب أن تفصح عن كل شيء يتعلق بحياتها لأن عدم افصاحها – و ياللعجب- معناه عدم الثقة بالنفس .. وليس رغبة طبيعية في الحفاظ على الخصوصية !
دائما يتحدثون في الشركة بطريقه حماسيه تبدو معبره عن اهتمام شديد ولكن كل قسمات وجوههم تبدو آلية بلا روح ..
يتحدثون عن السيناتور السيدة “وليمايز” التي قامت بأعمال غير شرعية.. ويدعون أن مزايا “الحوكمة الالكترونية” من خلال “الدائرة” أنها ستمكنهم أن يتابعوا المسئولين بالسلطة ومعرفة ماذا يفعلون بوقتهم كل لحظه.. وكيف تٌنفق أموالهم .. فالشفافية مطلوبة .. لأنهم يمثلونهم.. يؤكدون ان برنامج التتبع والمراقبة – من خلال الدائرة – يمكنه تتبع اختفاء او اختطاف طفل مثلاً في خلال 90 ثانية .. وبشكل عام يمكن للبرنامج القضاء على الخطف والقتل والاغتصاب بنسبة 99 بالمئة..
تسأل “ماي” فتى أسمر “تايلر” دائماً منعزل عن الآخرين .. أين تذهب كل البيانات التي يتم تجميعها عن الناس داخل الدائرة ..فيأخذها ويريها مكان رهيب في اتساعه .. ويفاجئها أنه لن يتم تجميع البيانات فقط .. ولكن سيتم تحليلها.. ونشرها على الملأ بعد ذلك .. يعطيها مثال بأنهم كما قاموا بالكشف الطبي التفصيلي على جسدها .. فإن كل نبضة قلب سيحللونها وسيستخدمونها كما يريدون بعد ذلك ..وتعرف “ماي” منه أنه هو الذي ابتكر فكرة “الدائرة”.. ولكنها خرجت عن الهدف الذي صُممت لأجله ..
تقول له “ماي”: يجب أن تكون فخوراً بما فعلت.. يجيبها: فخوراً بماذا.. بعدم احترام الخصوصية.. (هل أفخر ياستخدام البيانات الشخصية للناس وإشهارها علناً .. طمعاً في حصول قلة على الثروة والسلطة !) ليس هذا ما صنعت ولست فخوراً به!
يضيف لها معلومة لتنتبه كيف تجري الأمور في عالم السياسة .. ألا وهو الترتيب والتمهيد لأمر يريدون فرضه على الشعب.. كفرض الالتحاق بالدائرة على الناس جميعاً .. يقول لها : هل تظنين أن التحقيق مع السيناتور “وليمايز” للقيام بأعمال غير شرعية تفتقر للشفافية هو صدفة؟ لا ، أنه لخدمة قضية حتمية انصهار الجميع في الدائرة المعلوماتية ليكون كافة ما يفعلونه متاح ومعلن حتى حياتهم الخاصة..
يأتي الجار الخجول “مارسير” الذي يحب “ماي” إلى الشركة، معاتباً لها استخدامها وبثها بيانات عنه باعتبارهما أصدقاء مما جعل الناس تنعته بقاتل الغزلان.. بل وشنوا حملات لإيقاف عمله.. والبعض هدد بقتله .. رغم أنه لا يقم سوى بصنع النجف من قرونها التي تبدلها بحكم طبيعتها ..وقبل أن يكمل حواره .. يأتي الناس بالدائرة ليحوطوا به ويصورونه بالفيديو وينعتوه بقاتل الغزلان.. وكأنما أصبحت الدائرة الجهنمية أداة شيطانية لإدانة الناس رغم أنهم لا يعرفون أي شيء عن حياتهم .. ظروفهم .. أو طبيعة عملهم .
قبل أن يتركها يقول لـ “ماي”: (انظري هل هذا عالم طبيعي من حولك؟ )
تذهب “ماي” متضايقة لتجدف بالقارب لينقلب وينقذها هليكوبتر في أقل من 90 ثانية بسبب رؤية أشخاص في الدائرة لها وهي تغرق..
يستغل ” بايلي” _مدير الدائرة_ الفرصة ويقول أن “ماي” اُنْقذت بفضل انتمائها للدائرة .. فبالدائرة يمكننا سرعة إنقاذ الناس .. وأيضاً القضاء على المرض والجوع .. فالمعلومات ستكون متاحة ولن يكون هناك أسرار.. ولذا ستكون “ماي” أول من ستثبت عليها الدائرة كاميرا دائمة لتتابع كل حياتها وعلاقاتها ..
وتحدث أول كارثة من خلال الدائرة والكاميرا المفتوحة بشكل متواصل عندما تفتح “ماي” الكاميرا على أبيها وأمها لتسلم عليهما كعاداتها .. فيبدوان في الخلفية وهما يمارسان العلاقة الزوجية بشكل يناسب حالة الأب المرضية .. لتنتفض “ماي” مذعورة معطية ظهرها للشاشة .. بعد أن يكون قد شاهد هذه اللقطة الملايين .. وتنهمر التعليقات من الناس ساخرة من ممارسة ابيها وأمها للجنس بهذا العمر .. بعدها يفصل الأب والأم الكاميرات تماما .. ويرفضون الاستمرار في الدائرة .
“آني” صديقة “ماي” تهرب منها حتى لا تسلط عليها كاميرا “ماي” .. لا يستطيعون الحديث على انفراد إلا من خلال الأبواب المغلقة بالمرحاض .. وتقول لـ “ماي” انهم على ما يبدو سينهون عملها بالدائرة لمجرد أنها ناقشت موضوع السناتور وليامز .. (كتأكيد على أن إلغاء العقل والتفكير .. والسير كغنم هو الأساس المطلوب الزام الناس به داخل الدائرة..)
في اجتماع للعاملين بالدائرة .. يعلنون أنهم نجحوا في الاتفاق مع حكومات العديد من الدول.. على أن تجرى كافة الإجراءات والتعاملات المالية ودفع الفواتير وبالأكثر التصويت بالانتخابات من خلال الحساب الشخصي لكل مواطن على الإنترنت بالدائرة.. كتأكيد على أنها أصبحت دائرة محكمة حقيقية لا يستطيع أي شخص التصرف أو ممارسة أي مهام حياتية إلا من خلالها ..
“البحث عن الروح” برنامج جديد للدائرة.. يروجون له بأنه يمكنه أن يجد أي شخص على وجه الأرض في دقائق معدودة .. يبدأ باختيار عشوائي لهاربة من العدالة فتستطيع واحدة من الملايين المشاركين بالدائرة التعرف عليها من صورتها وتحديد مكانها .. ليتم القبض عليها بدقائق .. ثم يطلب الجمهور المشارك باللقاء البحث عن شخص عادي ويحرجون “ماي” بالإصرار على البحث عن صديقها الخجول “مارسير”.. فترفض بشدة ولكنها تضطر أن تذعن في النهاية.. ويكتشف الناس مكانه .. فيهرب منهم بسيارته لخجله الشديد وعدم حبه للإزعاج.. فتحدث الكارثة الكبرى عندما يسقط بسيارته أمام كاميرات العالم كله من أعلى الكوبري …!
تصاب “ماي” بصدمة شديدة .. وتظل فترة بالمنزل وتعود بعدها للشركة لتفجر مفاجئة بالدائرة.. بعد أن تكتشف أن الهدف الذي ادعى واضعوا الدائرة الالكترونية أنه لمتابعة الناس بأي مكان يوجدون به لمساعدتهم وقت الحاجة ، كما في حالة الغرق مثلاً، تحول إلى طوق مطبق لدائرة الكترونية جهنمية تراقب الناس لتقتحم خصوصياتهم.. وتحطم حياتهم.. بالتشهير العلني بممارساتهم الخاصة.. أو حتى نقاط أو لحظات ضعفهم!
نقاط مهمة يشير اليها الفيلم :
* يقدم الفيلم رؤية مخيفة عن عملقة وسائل التواصل الاجتماعي وكيفية مراقبتها للمعلومات الخاصة بالناس وتحكمها بها ، واسم (سيركل) والذي يعني الدائرة هو تعبير عن شبكة تواصل اجتماعي ضخمة ورمزية بالفيلم كرمز لشبكات جوجل، فيسبوك وتوتير وغيرها من شبكات التواصل الرهيبة التي تربط العالم أجمع.
* الفيلم ليس ببعيد عما يحدث بأرض الواقع ، ففي سفرية مؤخراً للخارج اكتشفت أن الناس تأتي اليها إنذارات على التليفون للإبلاغ عن بعضها البعض طبقاً للحوكمة الإلكترونية، أو دائرة الإنترنت التي تضم جميع المواطنين؛ كإنذار يطالب بالإبلاغ عن سيارة ما في حال رؤيتها، لأب مثلاً محروم من حضانة ابنته أو ابنه فافتقده ، فسربه من مدرسته لرؤيته، ووُصِفَ الامر قانونيا على أنه جريمة خطف، وهكذا تحول الأمر من قضية لحظة ضعف بشري وشوق إنساني طبيعي جداً من أب تجاه ابنه الى قضية جعلت منه شخص مجرم طريد المجتمع والناس دون جريمة حقيقية.
*يظهر الفيلم أنه مع الحوكمة الالكترونية.. والعولمة الالكترونية الجهنمية الجديدة .. يكون المصير أسود لأي إنسان .. يمكن أن يمر بلحظة ضعف، أو غضب أو يمرض.. أو يمارس أمر خصوصي حساس (كعلاقة الأب والأم الزوجية).. أو يتجرأ وينقد النظام السائد (كطرد صديقتها من الانتماء للدائرة .. التي تمثل كل منظومة الحياة والعمل .. وخارجها عدم ..!) .. أي أن الحوكمة الالكترونية تستخدم بإجرام وبلا ضمير من جانب المتحكمين فيها .. للتشهير بأي مواطن .. يكتب أو يعترض أو يندد بأي شيء على وسائل الاتصال الاجتماعي أو غيرها ضدهم .. وذلك بأساليب رخيصة يمتلكون أدواتها .. من خلال الإبلاغ عنه والتشهير به بأي مكان يتواجد به ..
* في النهاية يبرز الفيلم قضية مهمة جداً .. وهي أن الحوكمة .. وانتماء جميع الناس للدائرة الإلكترونية الجهنمية ..من ضمن أهدافها الأساسية جعل الناس – وبالذات المهمشين اجتماعياً .. والمتدنين أو المعدومين تعليميا ــ رقباء على بعضهم البعض، ليشعرون بتميز وهمي .. في مقابل من يتم التشهير بهم دون وجه حق.. (كالسيناتور وليامز .. وكذلك “مارسيز” صديق “ماي”) لإلهاء الناس عن القضايا الحقيقية من الغش والفساد والرشوة واحتكار السلطة والتحكم بالاقتصاد لصالح حفنة من أصحاب المصالح الكبار..!
الفيلم بطولة: إيما واتسون Emma Watson ، توم هانكس Tom Hanks ، باتون أوسوالت Patton Oswalt ، جيمس بونسولت James Ponsolt، جاك دورسي Jack Dorsey — إنتاج 2017 ، والفيلم مأخوذ عن كتاب بنفس الاسم من تأليف “ديف إيجارز”
لينك لمقتطفات من فيلم الدائرة: