..2018 سنة ليست ككل السنوات.
هكذا رأي قداسة البابا تواضروس الثاني, ففيها يكون قد مضي 100 عام علي تأسيس الإرشيدياكون القديس حبيب جرجس لمدارس الأحد, وفيها يحل اليوبيل الذهبي لظهورات السيدة العذراء فوق قباب كنيستها بالزيتون, وفيها أيضا يأتي العام الخمسون لتأسيس الكاتدرائية المرقسية بالعباسية, وبكل ما في قلب البابا تواضروس من فرح قرر أن يكون عام 2018 عام الاحتفالات في الكنيسة القبطية, عشنا مع قداسته في 2018 احتفالات الكنيسة بمئوية مدارس الأحد,وعشنا الاحتفال باليوبيل الذهبي لظهورات العذراء,عشنا أياما مفرحة لن ننساها وسيظل عبقها يفوح في أرجاء الكنيسة وفي صفحات التاريخ, وبكل الأشواق ظللنا ننتظر ثالث الأفراح وأكبرها بتدشين الكاتدرائية بعد أن لمستها روح الجمال ولبست ثياب الملوك وعندما اقترب يوم العرس 18 نوفمبر 2018, طلبت موعدا لحديث مع قداسة البابا, أردت أن أشاركه والقراء فرحة قلبه ونعيش معه سعادته بإتمام العمل بالكاتدرائية علي هذا النحو الراقي,وجاءتني الأجابة:الموعد الثانية عشرة ظهر الاثنين 5 نوفمبر 2018 ,ورحت أحلم بحديث تتراقص حروف كلماته طربا.
وعلي غير ما تمنيت امتدت بعدها بساعات يد الغدر لتروي أرض القلمون بدماء سبعة شهداء,وضاعت الفرحة,لكن قداسة البابا كان عند موعده,وفي الموعد المحدد استقبلني بأبوته,لكن أمام علامات الحزن العميق التي كست ملامحه ضاعت كل كلمات الفرح من حلقي, وأعدت ورقة أسئلتي إلي جيبي.. حقيقي لم تكن المرة الأولي التي أري فيها قداسته حزينا مهموما,تذكرت دموعه يوم تجليسه تتساقط لترسم خطوط الأحمال التي تنتظره,ولكنه كما واجه كل المصاعب خلال سنوات حبريته وبهدوئه وحكمته وظل وسط كل الأزمات بشوشا ودودا هكذا حاول أن يخفي أمامي عمق حزنه,ودعاني إلي مكتبه وكأنه يقول مشجعالنبدأ الحديث.
وأصارحكم أن كل أسئلة الفرح ضاعت من ذاكرتي,ووجدت نفسي أتحدث معه عن الشهداء,وأعمال العنف,ومتاعب الأقباط,وأفتح ملفات الوطن والكنيسة,وكان كريما في إجاباته,أعطاني من وقته ساعتين,وأعطاني جرعة كبيرة من الإيمان أن كل ما يعمل يعمل للخير ولم أخرج إلا بعد أن امتد الحديث إليعرس الكاتدرائيةوأستأذنكم أن يكون هذا موضوع لقائنا الأحد القادم.
0 في كلمات محددة ودقيقة ممزوجة بمشاعر الحزن ونبضات الإيمان, قال قداسة البابا:
00 أنا أؤمن تماما أن الأحداث لاتتم إلا بسماح من الله, وأن الله ضابط الكل, وأن الله هو سيد التاريخ وهو الذي يقود حركة التاريخ, وعندما تأتي إلينا الأحداث فنحن نتلقاها بإيمان كامل أن يد الله خلفها وأن كل حدث يحمل لنا رسالة,نحن نستقبل الأحداث بالصلاة,بالفكر,بالهدوء,بالحكمة,بالاستشارة والمشورة لنري كيف, نتعامل مع الحدث وليكون هذا الحدث مبعث سلام لنا, وهكذا.
00 أيضا من الأشياء الجميلة أن كنيستنا تعلمنا أن نقرأ في التاريخ باستمرار,كتاب السنكسار-وهو كتاب تاريخ-يسجل يوميا أحداثا في تاريخ الكنيسة, وهذا يعطينا وقاية, ويعطينا معونة إلهية لما يحدث,فكنيستنا كنيسة شهداء,وعلي امتداد التاريخ والكنيسة تقدم شهداء.
00 وأصارحكم أن أولادنا وبناتنا عندما يتعرضون للاستشهاد في عمليات غدر يكون المقصود بها أقباطا فإننا نتألم للغاية ولأننا في عصرالصورة والموبايل فصور الأحداث التي تصلنا سريعا وعلي التوالي تؤلمنا كثيرا, مشاهد الدم وسقوط الأطفال والشباب العزل في غدر كلها مشاهد مؤثرة تؤلمنا هذا وأنا كأب ومسئول عن أبنائه يشتعل قلبي نارا وأنا أتلقي هذه الأخبار, لكن روح الله تتملكني لأننا لابد أن نتعامل مع الحدث بكل حكمة وكل روية,لابد أن نعي أن هذه الأحداث وإن كانت موجهة إلي المسيحيين إلا أن وراءها غرض خبيث هو خلخلة تماسك الدولة ووحدتها,لهذا يجب أن نعرف وندرك جيدا أن وحدة المصريين هي الضمان الوحيد لسلامتنا وسلامة كنيستنا,وسلامة وطننا, عندما نقرأ تاريخ العالم نري شعوبا كثيرة وقعت في العنف الأهلي وخسرت الكثير, لبنان-مثلا- عندما وقعت في حرب أهلية خسرت الكثير والكثير جدا ومازالت تعاني حتي الآن بعد مرور أكثر من ربع قرن علي نهاية هذه الحرب, وعلي هذا المنوال العراق وسوريا أيضا,لذلك نحن كمصريين لابد أن نعي هذا جيدا, نعي أن الجدار المانع والحامي لنا هووحدتنا الوطنية هي أثمن ما يجب أن نحرص عليه.
00 الأحداث التي تحدث والدم الذي يسفك هو ثمن لحاجات كثيرة,دم أبنائنا الشهداء لايذهب هدرا في الأرض -وأنا عندما أتكلم عن أبنائنا الشهداء أقصد أبناءنا في الكنيسة والوطن- دم أبنائنا الشهداء له قيمة غالية وثمن غال لأمور كثيرة لحياة مصر.
00 الوطن عبر تاريخه قدم شهداء من أجل الدفاع عن الأرض والكنيسة قدمت شهداء من أجل الدفاع عن الإيمان أو بسبب الإيمان,ونحن نقول عن الكنيسةأم الشهداء أم الشهداء جميلة,أم الشهداء نبيلة,وبسبب نقاوة الإنسان نلمس يد الله تمتد.
00 عندما كنا في اليونان- مثلا- وحدثت أحداث البطرسية كأول حادثة كبيرة بعد حادثة القديسين نتذكر مادار لنري يد الله, كيف جئنا علي الفور, وكيف تعاملنا مع الحدث بأرقي وأعظم تعامل, رئيس الجمهورية وكل الحكومة والنواب شاركوا تشييعهم في جنازة شهدها العالم كله,وكيف خلال ساعات توصلوا للمعتدين وقبضوا عليهم وقدموهم للمحاكمة إنها يد الله التي تعمل وأيضا قصص الشهداء نفسها في هذا الحادث, كلها قصص إيمانية قوية, كلنا نتذكر الطفلة الصغيرةماجي أصغر شهيدة تأثرت مصر كلها والعالم باستشهادها .
00 وأيضا شهداء ليبيا,في كل زيارتي للخارج في السنتين الماضيتين وعند مقابلاتي مع المسئولين من أول رؤساء الدول والوزراء يقدمون لي التعازي في شهداء ليبيا,شهداؤنا في ليبيا قدموا كرازة للعالم أكثر من رائعة,كلها شهادات لمجد اسم الرب,فالله يحول الجافي حلاوة,الله يحول كل شيء للخير.
00 وفي حادث شهداء طريق دير الأنبا صموئيل-الجمعة 2 نوفمبر2018-كان المشهد مؤلما للغاية ومع أننا أمام الموت نقف بكل الثقة في الله, ونثق أنه ضابط الكل إلا أن المشاهد البشعة كانت كسكين يمزق قلبي, حقيقي أننا أجرينا علي الفور مجموعة من الاتصالات بالآباء الأساقفة هناك, وتلقينا اتصالات من الرئيس ومن وزيرتي الصحة والتضامن والمسئولين المحليين واتصالات كثيرة تعطينا مساندة لكن المساندة الحقيقية كانت من إيماننا الكامل أننا نودع شهداءنا علي رجاء القيامة.
الحديث عن الشهداء يأخذنا بالتبعية إلي وضع الأقباط,فكل يوم يقدم الأقباط شهادة حية, ليست بالضرورة بالدم, لكن بالتفرقة التي قد تصل حد التكفير, هنا قال لي قداسة البابا:.
00 لا أحد ينكر معاناة الأقباط,وهذا ليس جديدا لكنه امتداد لمتاعب كثيرة وأفكار مضللة نالت وأثرت علي الأقباط, وأثرت علي المصريين كلهم, ولكن ما أود أن أوضحة أن الأمور كلها نسبية..فعندما يحصلإبنك في امتحان المدرسة علي خمس درجات من عشر فهذه درجة وحشة لكن عندما يحصل علي خمس درجات ونصف درجة فهذا تحسن وعندما يحصل علي ست درجات فهذا تحسن أكبر حقيقي إن أمنية كل أب أن يحصل ابنه علي عشر درجات من عشر لكن قدراته تقف عند خمس أو خمس ونصف أو ست. لكن بالتأكيد سيواصل حتي يصل إلي أعلي الدرجات,وما أود أن أوضحة أكثر, أنك لووبختهمن أول تحسن فأنت بتخسره.لكن لو مدحته وشجعته فسيواصل التحسن إلي أن تصل لكل ما تتمناه وهكذا حقوق الأقباط في المجتمع مسألة نسبية, ونشكر الرب بعد 2013,وبعد انتخاب رئيس جمهورية جديد, وبعد وضع دستور جديد بدأت أحوال الأقباط تتحسن,حقيقي ليست إلي كل مانتمناه ولكن هناك خطوات علي الطريق, مثلا تهنئة الرئيس في أول كل عام بزيارته للكاتدرائية ليلة عيد الميلاد هذا مؤشر, انتخاب 39 قبطيا في البرلمان ولم يكن في ابلبرلمان السابق سوي قبطي واحد هذا أيضا مؤشر.. إصلاح وترميم الكنائس التي حرقت ودمرت في يوم واحد عام 2013 وقامت الحكومة والقوات المسلحة بهذا الإصلاح والتجديد هذا مؤشر كبير, تخصيص الدولة لقطع أراضي في المناطق الجديدة لبناء كنائس هذا مؤشر أكبر بناء الدولة لأكبر كاتدرائية في الشرق الأوسط هذا مؤشر كبير جدا جدا.تعيين بعض الشخصيات القبطية ذات الكفاءة في مناصب كبيرة كتعيين اثنين من المحافظيسن في الحركة الأخيرة هذا مؤشر كبير جدا جدا وهكذا كلها خطوات- يقولون مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة- حقيقي كل هذا يمكن أن لايكون الأفضل لكننا نعرف أن حركات المجتمعات لاتحدث فجأة,حركة المجمع عملية تدريجية وهذا ما نراه ونعيشه هذه الأيام.
0 كلمات قداسة البابا شفافة وصادقة,والأمثلة التي طرحها واضحة لكن الشعب القبطي يريد أن يقطع الألف ميل في خطوة واحدة ربما لمرارة ما ذاقه وعاناه وربما لأنه يري مناخا طيبا يجمع رأس الكنيسة برئيس الدولة,عن هذا المناخ طلبت من قداسة البابا إيضاحا قال:
00 الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ أن انتخبه الشعب المصري رئيسا للجمهورية وهو يعلن دائما أنهرئيس لكل المصريين ويؤكد علي هذه الكلمات بعلاقته الطيبة بكل المجتمع المصري أفرادا ومؤسسات بما فيهم الكنيسة وعلاقتنا به طيبة للغاية, نحن علي اتصال دائم وكثيرا ما نلتقي..والأحاديث بيننا متنوعة حسب المناسبة وفي الأغلب ما تكون عن التغيير الذي يتم علي أرض مصر, وقيمة الكنيسة المصرية.
آخر اتصال كان منذ أيام عندما اتصل يعزينا في شهداء طريق دير أنبا صموئيل وآخر استقبال لنا كان أثناء الملتقي الأول للشباب القبطي في أغسطس الماضي,ذهبنا و12 شابا وشابة وأسقفا وكاهنا وكانت مقابلة طيبة,الشباب كانوا من قارات العالم الخمس, والأسقف كان من فرنسا والكاهن من إستراليا استمع الرئيس إلي هذه التشكيلة وأجاب علي أسئلتهم بلطف بالغ عندما سأله أحد الشباب: عندما نعود لبلادنا بماذا تحب أن نقول لهم؟
أجابه الرئيس: قول لهم مصر بتتغير, ومصر راح تبقي جديدة في 2020,هذه الرسائل الايجابية وهذه الروح الواثقة بلا شك تعطي رجاء وأملا لشبابنا تعطي أملا في المستقبل عندما نري الرئيس يسير بأقدام ثابتة وهذا يفرحنا جميعا.
0 هموم الأقباط في المجتمع ليست وحدها ما يثقل قداسة البابا, داخل الكنيسة ربما يكون ما هو أثقل من المجتمع إلي الكنيسة, انتقلت في حواري مع قداسة البابا كانت أكثر الصور إثارة أمام عيني حادث دير أبو مقار,فبدأت بملف الرهبنة سألت قداسته: كيف تري الرهبنة الآن؟
00 الرهبنة القبطية عمرها نحو 17 قرنا من الزمان,فنحن نتكلم عن شجرة مغروسة في التاريخ لها جذور ممتدة ولها ثمار وفيرة عبر قرون وقرون, لكن من بين تقاليد الحياة الرهبانية أن الآباء الرهبان أو الأمهات الراهبات يتعرضون دائما لحروب ومضايقات من عدو الخير, هذه الحروب قد تكون شخصية فردية وقد تكون حروبا روحية عامة هذه تقاليد نعيشها في الدير ونعرفها جميعا ونسميها شيطان الدير وهو ما يعني التذمر الذي قد ينتاب الراهب في وقت من الأوقات وحالة التذمر هذه لها علاجات روحية واختبارات روحية ومشورة روحية, نصاب بها ونعالج منها روحيا وتمضي بنا الحياة الرهبانية بجمالها وقداستها وآباؤنا الرهبان- الغالبية منهم- مرتبطون بالله ولهم قانونهم الروحي, وليس بخفي أن الأديرة مليئة بالقديسين قديسين بالفعل لهم روحانيتهم ولهم معجزاتهم.
00 ولكي ما نحافظ علي هذه الحياة وتبقي الأديرة كالنجوم اللامعة في زمن زاد فيه الفساد والخطية والكسل وصعبت الحياة النقية والتقية اجتمعت لجنة شئون الرهبنة والأديرة بعد حادث دير أبو مقار في نهاية شهر يوليو 2018-وهي لجنة مجمعية من عدد من الأساقفة معظمهم رؤساء أديرة وتناقشنا فيما يمكن أن نفعله بعد هذا الحادث البشع وانتهينا إلي مجموعة من الأفكار صيغت في قرارات لضبط الحياة الرهبانية-12 قرارا- وهي ليست بجديدة علي الراهب الملتزم.
0 تتعدد ملفات الهموم داخل الكنيسة أخذت أقربها طرحا علي الساحة أزمة دير السلطان وهو ما كان يعنيني في حديثي مع قداسة البابا هو علاقة الكنيسة القبطية بالكنيسة الإثيوبية, من هنا كان مدخل الحديث,قال قداسة البابا , نحن والكنيسة القبطية إخوان وأشقاء,ولنا ذات الإيمان الكنيسة الإثيوبية ولدت من الكنيسة القبطية فالبابا القبطي الأن هو البطريرك الـ118 والبطريرك الإثيوبي هو البطريرك السادس,الكنيسة القبطية أم كبيرة والكنيسة الإثيوبية ابنتها لكنها كبرت فصارت شقيقتها أما الدير دير السلطان واسمه التاريخي دير الملاك ميخائيل وهو المؤدي إلي كنيسة القيامة ومن ممتلكات الكنيسة القبطية كان يستخدم كمحطة راحة للرهبان الإثيوبيين إلي أن كان الرهبان الأقباط يرفعون صلوات عيد القيامة بكنيسة القيامة -25 أبريل 1970- وقامت القوات الإسرائيلية بتمكين الرهبان الأحباش من الدير,ومن هنا قام النزاع مما اضطر مطران الأقباط إلي اقامة دعوي أمام المحكمة العليا الإسرائيلية التي حكمت بتبعية الدير للكنيسة القبطية, لكن لأن الأحكام هناك, تنفذ بالرؤية السياسية فقد رفضت الحكومة الإسرائيلية تنفيذ الحكم, إلي أن سقط حجر من سقف كنيسة الملاك بالدير فتقدمت الكنيسة القبطية لترميمها لكن الحكومة الإسرائيليه رفضت والأكثر قامت الشهر الماضي-23 أكتوبر 2018- بإدخال مجموعة من العاملين لترميم المكان فقامت الكنيسة القبطية ممثلة في نيافة المطران الأنبا أنطونيوس والآباء الرهبان والأراخنة بتنظيم وقفة احتجاجية سلمية أمام مدخل الدير لكن السلطات الإسرائيلية أصرت علي دخول الدير وتعاملت مع الأقباط المحتجين سلميا أمام الدير بمنتهي العنف والقسوة ومازال النزاع قائما,فعندما تسلك الأمور منهجا سياسيا تصبح خارج نطاق المنطق والعقل والقضاء ونحن واثقون في رؤية واضحة لهذا الموضوع, ونثق أن الله سيمد يده في الوقت المناسب ليحل المشكلة بصورة هادئة وعقلانية,ونحاول حلها بروح المحبة.
*خلال حبرية قداستكم-6سنوات-تباركت الكنيسة بسيامة مطران,وترقية 6أساقفة إلي رتبة مطران وتجليس 16أسقفا,ورسامة37 أسقفا..وسيذكر التاريخ أن البطريرك الـ 118-أدام الله حياته-أعطي بهذه السيامات الحيوية للكنيسة والانتشار للكرازة…ويشاء الرب أن يختار في عام واحد ستة من الآباء الأجلاء لينعموا بالفردوس,وينتظر أبناؤهم في الإيبارشيات آباء يحملون من بعدهم الرسالة ويكتمل بهم الكيان الكامل للكنيسة…هل في أجندة قداستكم سيامات جديدة؟
**اختيار أسقف جديد ليس بالأمر السهل ونحن نترك هذا لاختيار الرب…في البداية نطلب ترشيحات من الأديرة,وأيضا ترشيحات من الإيبارشيات الشاغرة,ونبحث كل الأسماء المرشحة في لجنة سكرتارية المجمع المقدس…وعندما تبدأ الترشيحات مرحلة الحصر يكون لنا معهم مقابلة,وبعدها نعلن الأسماء علي المجمع المقدس ليبدي ملاحظاته وعندما يستقر الأمر علي الأسماء تعلن في يوم الرسامة التي تحدد لها عشية السبت24نوفمبر وقداس الأحد 25نوفمبر بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية.
*هل سنشهد في هذا اليوم رسامات لكل الكراسي الشاغرة؟
**خلال هذا العام تنيح ستة من أحبار الكنيسة-الأنبا بقطر أسقف الوادي الجديد,الأنبا فام أسقف طما,الأنبا أنطونيوس أسقف منفلوط,الأنبا أرسانيوس مطران المنيا,الأنبا إبيفانيوس أسقف دير أبي مقار,الأنبا بيشوي مطران دمياط وكفر الشيخ والبراري…وحتي الآن هناك شبه استقرار علي أسقف الوادي الجديد,وأسقف لدمياط…ولم نصل لقرار بشأن المنيا وأبوقرقاص,فهناك أفكار بتقسيمها إلي إيبارشيتين أو ثلاث,وقد استطلعنا آراء الآباء الكهنة,ولنا جلسة مع أمناء الخدمة ومجالس الكنائس ومع المكرسين والمكرسات فإيبارشية المنيا تحتاج إلي تقسيم لإنها إيبارشية كبيرة تشكل مجهودا كبيرا علي نيافة أنبا مكاريوس علي عكس ما يراه البعض من تقسيم إيبارشية دمياط وكفر الشيخ والبراري,ففي إيبارشية المنيا230كاهنا,أما في إيبارشية دمياط فيوجد 45كاهنا فقط لهذا سيكون لها أسقف واحد.
***
*مع بداية حبريتكم أعلنتم عن إعادة ترتيب البيت…وبالحقيقة قطعتم قداستكم خطوات كثيرة نلمسها ويشهد بها الجميع…لكن هناك بعض الأمور التي مازالت معلقة أكثرها تساؤلا موقف الكنيسة من المجالس الملية…ما حقيقة الأمر؟
**المجالس الملية كان لها دور كبير في تاريخ الكنيسة القبطية لكن بعد انتهاء المحاكم الشرعية,وعبر عشرات السنين بدأ دورها يتقلص وفي ذات الوقت كثرت النزاعات ما بين البطاركة وبعض أعضاء المجالس الملية فتوقفت إلي أن عادت في زمن البابا كيرلس ومن بعده البابا شنودة وصار دورها قاصرا علي تسيير الأعمال في بعض الشئون المالية والإدارية وتنظيم أملاك أوقاف الكنيسة وهو دور ليس بقليل.
وتصادف أن انتهت دورة المجلس الملي العام قبل نياحة مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث ولم يتجدد بانتخاب مجلس جديد لظروف مرض البابا خاصة وأن القانون ينص علي استمرار المجلس بمهامه وبهيئته مالم تجر انتخابات لمجلس جديد…ومع اختيار العناية الإلهية لضعفي كان من المتوقع إجراء انتخابات لمجالس ملية جديدة,إلا أن ظروف البلاد المضطربة لم تسمح,ولما استقرت الأحوال وجاء رئيس جديد للبلاد وبرلمان شرعنا في التفكير في انتخاب مجالس ملية جديدة إلا أننا بدأنا نفكر في تغيير الاسم فكلمةملي تعني منفصلين عن الشعب وهو اسم غير مريح,وقد طلبت من المختصين أن يبحثوا في تغيير الاسم وإلي أن يتم هذا فالمجلس الحالي يواصل اختصاصاته ويصدر في بعض الأحيان بيانات مهمة…ونحن نؤمن بدور الأراخنة في المشاركة في إدارة الكنيسة,وقد أصدرنا لائحة لمجالس الكنائس وأصبح بمعظم كنائسنا مجالس ثلثاها بالانتخاب والثلث بالتعيين وتستمر في دورتها أربع سنوات ثم تجري انتخابات لمجلس جديد,فالكنيسة القبطية كنيسة ديموقراطية عاشت منذ نشأتها بروح الحوار البناء الذي ظهر بقوة في مجمع أورشليم الأول.
***
مادمتم قداستكم قد فتحتم باب الحديث لأمور كان يظن البعض أنها من الأمور المسكوت عنها,فلتسمح قداستكم أن نتكلم عن أمر يؤرق كثيرا من الأسر المسيحية…أقصد قانون الأحوال الشخصية أين هو ولماذا لم يصدر؟
**مشروع قانون الأحوال الشخصية الموحد الذي أعد منذ سنوات في حبرية مثلث الرحمات البابا شنودة وأجمعت عليه كل الكنائس ثم أعيد لإدخال بعض التعديلات,اشتركت كل الكنائس بالفعل في إعادة النظر فيه,واتفقوا علي نحو 90% من صياغته الجديدة,إلا أنهم اختلفوا في نحو 10% فلكل كنيسة تفاصيلها التي لا يصاغ وضعها كلها داخل القانون من هنا رأت بعض الكنائس أن يكون لكل كنيسة قانون في حين يري التشريع أن يصدر قانون موحد,وظهرت في الأفق دعوة لإعداد قانون موحد يلحق به ملاحق تتضمن التفاصيل التي تراها كل كنيسة وتختلف فيها مع الكنائس الأخري…وعند هذه الدعوة تدور المباحثات الآن بين الكنائس…المشكلة في القانون نفسه وليست في الدولة.
*المشكلة أحيانا ليست في صدور قانون ولكن فيما يتضمنه القانون فقانون بناء الكنائس كان حلما تطلعنا إليه كثيرا وعندما صدر صاحبه كثير من المعوقات…كيف تري قداستكم الأمر؟
**قانون بناء الكنائس صدر منذ عامين فقط-سبتمبر2016-وهو ينقل الأوضاع من اللاقانون لبناء الكنائس إلي صيغة قانونية,ومن الطبيعي أن نجتاز فترة انتقالية حتي تنجلي الأمور…أهم مافي هذا القانون أننا عندما نريد بناء كنيسة نقدم الأوراق وننتظر إجابة بعد4شهور في حين كنا فيما مضي نقدم الأوراقواحنا وبختنا.
قد ننتظر10سنين أو20سنة…وكانت الأوراق تقدم لوزارة الداخلية أصبحت الآن تقدم للمحافظة…وكان القرار يصدر من رئيس الجمهورية الآن يصدر من الإدارة المحلية-المحافظ-وهذا كله سهل الإجراءات لبناء كنائس جديدة…أما بالنسبة للكنائس القائمة والتي بنيت بدون ترخيص-وأيضا بيوت الخلوة والخدمات-فقد تم حصرها وجار تقنين أوضاعها كأنها بنيت بقانون…وأهم مافي القانون أيضا أنه نص علي ألاتتوقف الشعائر الدينية في هذه المواقع خلال فترة التقنين,وهذا أمر هام جدا سواء استغرق التقنين سنة أو عشر سنوات.
*قبل أن أختتم حواري مع قداسة البابا-المثقل بالأحمال-سألته عن أمنياته وأحلامه في عام جديد من حبريته…بابتسامة بارقة عادت إلي وجهه…قال.
**أمنياتي أن يكتمل مشروع العاصمة الإدارية بعد أن خصصت الدولة 30فدانا فيمثلث الأمل لبناء مقر بابوي ومركز إدارة يلحق بكاتدرائية العاصمة الإدارية الجديدة.
**وأحلم أن يسود السلام بلادنا ويحميها الرب من الشر وينصرها في معركتها ضد الإرهاب وتجني ثمار مشروعات التنمية وتتوقف الشائعات والأكاذيب…فالله هو الحافظ لبلادنا وكنيستنا ولشعب مصر.