” اطلُبوا أَوَّلاً مَلَكوتَ الله وبِرَّه وكلُّ تلكَ الأشياءِ تُزادُ لَكُم ” ( لوقا ١٢ : ٣١ )
علّمنا الربّ يسوع قائلاً : ” اطلبوا ملكوت الله “.
” أن نطلب ” ليست كلمة أو عبارة نقولها ونردِّها أثناء الصلاة بمعرفةٍ او بدونِ معرفة ، عن وعيٍ او بدون وعي . هذه الكلمة تحمل في ذاتها الكثير من المدلولات والتعابير . فهي تعني أن نعمل معاً وبدون مللٍ ولا كلل ، سعيًا وراء ملكوت الله ، وألاّ نبقى خائفين ومكتوفي الأيدي ، بل أن نتنبّه دائماً لحياتنا الداخليّة لكي نصحّحها كما يجب ، وأن لاّ نهتمّ بالأمور الخارجيّة لكي لا نلهوَ بها ونبتعد عن الله والقريب .
اطلبوا الله في داخلكم يقول لنا القدّيس أوغسطينُس ، لإنه يعترف أنّه لم يجد الله عندما بحث عنه خارج نفسه . إذًا : اطلبوا الله وابحثوا عنه في نفوسكم حيثُ يحلو له أن يقيم معنا وفينا ، فهذا هو المكان الذي ينمّي فيه أبناء وخدّام الله الفضائل التي يسعون إلى ممارستها .
إذاً ، لا بدّ علينا أن نركيز على الحياة الداخليّة ، والسعي وراءها ، لأنّه من دون الحياة الداخليّة، لا يمكن نحقيق أي شيء في حياتِنا الروحية والزمنية .
فلنحوّل نظرنا إذًا نحو حياتنا الداخليّة ، نحو قلبنا وضميرنا . ولنطلب مجد الله وملكوت يسوع المسيح .
ربما نتسأل ونقول : لدينا الكثير من الاشغال والأعمال في المنزل وفي المكتب ، في المدينة وفي الحقول . فالعمل يلاحقكنا في كل زمانٍ و مكان فلنسأل : ” هل يجب أن نترك هذه الأمور كلّها لكي نفكّر في الله وحده ؟ “.
كلاّ، ولكن يجب أن تقدّس هذه الانشغالات من خلال البحث عن الله فيها ، وأن نؤدي هذه المهام بقدسيةٍ وضمير حيٍّ وصافٍ ونقي لكي نجد فيها الله . لذلِكَ أراد ربّنا يسوع المسيح أن نسعى قبل كلّ شيء وراء مجده وملكوته وبرّه ، ولهذا السبب يريدنا أن نحقّق جوهر حياتنا الداخليّة وإيماننا وثقتنا وحبّنا وممارساتنا الإيمانيّة وأعمالنا وآلامنا على مرأى من الله ومن ربّنا يسوع الذي يسود على حياتنا .
وعندما نسعى وراء مجد الله ، نضمن أنّ كلّ تلك الأشياء سَتُزاد لنا .