قام قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الأسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية بزيارة دير القديس مقاريوس ببرية شيهيت، وعقد لقاءًا أبويَّا مع رهبانه، و ألقى عليهم كلمة روحية اثلجت ضيقهم بعد عثرتهم إثر مقل ابيهم الروحاني رئيس الدير الأنبا ابيفانيوس وأتهم فيها أثنين من اخوتهم الرهبان الذين عاشوا معهم وتقاسموا حياتهم سويًا إلى أن هجم عليهم حرب شرسة هددت هدوء وسكينة الدير بل تسببت في اعادة تشميل هيكلة القوانين الرهبانية من جديد.
وقد ذكر البابا تواضروس في حديثه مع الرهبان أثناء الزيارة قائلًا:” إن السكون والهدوء يكون سبب خلاص للإنسان وفرصة لمراجعة النفس، وأنت كإنسان كرست نفسك واخترت أن تعيش في دير لتمجيد اسم المسيح”
بالصواب قال البابا فان الحياة الرهبانية هي بمثابة موت اختياري عن العالم بكل مغرياته وحتى اولوياته فقد يتنازل الراهب عن أبسط حقوقه كإنسان ويعيش متصوفًا يكتفي بمسرك الخبز وكأس الماء وغالبية وقته يقضيه في الصلاة والعبادة والأشغال اليدوية،
فإن فلسفة الرهبنة فلسفة صعبة ولا يقدر عليها أي إنسان وتوجد فيها صعوبات كثيرة.
بلا شك هي حياة صعبة وهذا ما أشار به البابا تواضروس أثناء خطابه مع ابناؤه الرهبان في الدير.
شعور ابوي حنون اثنى به البابا تواضروس الثاني كراعي ومدبر لا يترك كنيسة الله واديرته تسلبها المحاربات الشيطانية.
فجائت هذه الزيارة إلى الرهبان تعزية وتوصية لتشدد الصدع الذي غص في قلب الدير من عدة حوادث اصلبت نفسيه الرهبان بالضيق والحزن أيام وشهور؛ ولكن كتعليم الكتاب المقدس اقتاد البابا تواضروس تفعيل كلمات الإنجيل التي تحابي وتعزي وتشدد وتقوي في الضيقات والتجارب.
وفي الزيارة أوصى البابا الرهبان بان يتمموا خلاصهم بخوف وأن يفعلوا كل شئ بلا دمدمة لان الدمدمة هي أولى خطوات التذمر، والتذمر شئ يدل على أنه يوجد شئ فيه خطر ويأتي بسبب ضعف المحبة وقلة الصبر وضيق القلب تصل إلى درجة المجادلة ويضيع خلاصه في السكة.
وأكد البابا أن قوة الرهبنة في بساطتها، وأن المسيحية المصرية عبر تاريخنا تعيش في البساطة، حياتك بسيطة، نظرتك بسيطة.
وأروع ما شدد عليه البابا قال لهم بالنص:” أن العلامة الوحيدة التي تميز أولاد الله هي محبتهم”، وفي محبة ابوية صار البابا يعزي بكلمات معزية جدًا ومشجعة مجددًا روح الرهبان وقال لهم كما قال المسيح لتلاميذه بعد قيامته حين جاء في وسطهم :”سلام” وحل السلام في قلب التلاميذ قال البابا لابناؤه الرهبان :”كونوا أنتم مسرورين وتعزيات السماء هي التي تصبرنا علي الطريق الذي نسير فيه، اجعلوا حياتكم حياة سماوية واجعلوا ديركم مثل السماء”.
هذه الزيارة نموذج حي لحياة السيد المسيح على الأرض التي جائت للمصالحة والغفران وتضميد جراحات السقوط والانفصال عن وحدانية الله، و تضميد للجروح في جسد الدير المطعون واحتضانه في كيان المسيح وفي كنيسته.