أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن مصر لم تفقد الإرادة بعد هزيمة 67 وتم العمل بكل قوة على إعادة بناء القوات المسلحة.
اوضح الرئيس السيسى فى كلمته خلال فعاليات الندوة التثقيفية الـ 29 للقوات المسلحة بعنوان “أكتوبر.. تواصل الأجيال” , لم يكن لى كلمة مرتبة اليوم بهذه المناسبة لذا احدثكم كإنسان وليس كرئيس مصر عن مرحلتين ، المرحلة الآن ونعيشها جميعا ومرحلة كنا نتحدث عنها”.
اضاف الرئيس لقد عاصرت هزيمة 67 و لم أكن كبيرًا وقتها ولكنى اتذكر التفاصيل وأتذكر كل مقال كتب في هذا الوقت وأتذكر مرارة الهزيمة التي عاشتها مصر وقتها ونحن نعيش الآن معركة ضد الإرهاب لكن الفرق بين المعركتين كبير..المعركة الأولى كانت معالمها واضحة نعرف الخصم والعدو، وكنا نعلم إمكانياتنا ولم نفقد الإرادة .. رغم أن الدولة كانت باكملها متماسكة وواضحة وكانت تتحرك مع بعضها في هذا الوقت لكن الرأي العام كان ضاغطا جدًا على القيادة السياسية للتحرك من أجل الحرب.
اكد السيسي ان الرئيس محمد أنور السادات كان صاحب قرار مهم يقدره المصريون حتى هذا الوقت، وسوف نذكره وسيذكره التاريخ دائما أنه أخذ هذا القرار رغم أن المقارنة لم تكن في صالح الجيش المصرى في هذا الوقت وكان فرق القوة كبيرا لصالح الخصم بدء من الحديث على قناة السويس كمانع مائي والساتر الترابي لخط بارليف الموجود فيها.
اشار إلى مقالة للكاتب الراحل محمد حسنين هيكل كانت تتحدث عن تحديات العبور وتتضمن تفاصيل عن قدرة وإمكانيات هذا الساتر وخط بارليف في منع القوات المصرية من العبور، وقال الروس إن هذا الأمر يحتاج إلى قنبلة ذرية لاقتحامه والتعامل معه ونحن لا نملك القنبلة الذرية وإن 30 أو 40 ألفا وقد يصل إلى 50 ألفًا من القوات التي ستعبر القناة ستستشهد نتيجة العبور في ظل هذه الظروف.
ارى ان القيادة السياسية في ذلك الوقت كانت مضغوطة للغاية في تقديري نظرا لعدم اكتمال الصورة في نفوس الناس واتصور أن هذا أكبر تحدي سيقابل أي قائد في أي وقت وهو أن الصورة تكون غير مكتملة في عقول كل الناس.
تابع الرئيس السيسي إذا كنت تريد أن تحشد الناس معك فلابد أن يعرف الناس التفاصيل والواقع الحقيقي، فكان طلبة الجامعات في ذلك الوقت يقوموا بالمظاهرات لأنهم يريدون أن يحاربوا، فأنا إذا أردت أن أحارب واتخذت قرار الحرب في ذلك الوقت وفشلنا مرة أخرى، من كان سيدفع الثمن، الذي قام بالمظاهرة أم الذي اتخذ القرار؟، من كان سيدفع الثمن.. جيش مصر، وشعب مصر، أم الناس التي قامت بالضغط على القيادة لاتخاذ قرار غير مناسب في وقت غير مناسب، أنا أقول هذا الكلام لأن كثير من الأجيال الجديدة لا تعرف ولم تعش ولم تذق واقع الهزيمة التي عاشته مصر عام 1967 وما بعدها ، الشعب المصري بأكمله دفع الثمن كما قلنا قبل ذلك كثيرًا وكانت الناس مضغوطة ومحرومة وتعاني ولا يوجد أمل.
تابع السيسي ما اود ذكره فيما يخص مرحلة 67 والهدف منه هو استيعاب الناس للواقع الحقيقي الذي تقابله الدولة لكي يستطيعوا إنجاح القرار المطلوب.
اضاف الرئيس السيسي, دعوني أتحدث عن قرار اللواء المرحوم باقي زكي يوسف في فكرته (الخاصة باستخدام مضخات المياه لفتح ثغرات في خط بارليف) كان من الممكن اعتبار ذلك أمرًا غير منطقي بل ومدعاة لسخرية البعض لإنجاز مهمة تدمير خط بارليف..لكن ما حدث أن الجيش تعامل بجدية مع الفكرة وأخضعها للتجربة بشكل سري والتي أثبتت نجاحها وهو ما يؤكد ضرورة أن نتعامل مع أي فكرة على أنها تظل بحاجة للتجربة وإخضاعها للواقع الذي يظهر ما إذا كانت صحيحة وواقعية من عدمه.
اضاف السيسي من الممكن أن يتساءل البعض عن كوني رئيس جمهورية مصر العربية وأقول هذا الكلام والعالم كله يسمع هذا الحديث، نعم أقوله حتى أعطي الجيش ما يستحقه من قيمة وتقدير حيث خاض الحرب بكل بسالة بل إن بعض رجاله بدأوا باقتحام المواقع حتى قبل وصول الأوامر إليه من فرط حماسهم، فقد كان الجيش على علم بحجم قدرات الدولة ولكنه خاض المعركة بكل رجولة وعرض نفسه للتضحية والاستشهاد من أجل كرامة الوطن.
قال الرئيس عبدالفتاح السيسي ان ما حققه المصريون في أكتوبر 73 وما تكبدته إسرائيل وقتها من خسائر عسكرية وبشرية كبيرة جعل الجانب الإسرائيلي قراره الاستراتيجي هو عمل سلام مع مصر، تستعيد الأخيرة بمقتضاه أرضها حتى لا تعاني إسرائيل مرة ثانية مثل هذه الخسائر.
قال إن مصر وجيشها قد دفعوا ثمنا كبيرا للوصول إلى هذه النتيجة بالإرداة والتخطيط والمخاطرة والتضحية بالدم . مؤكدا حرصه على الإشارة إلى هذه الخلفية ليؤكد على أن المعركة لم تنته بعد ، فالمعركة مازالت موجودة حاليا وإن كانت بمفردات مختلفة لأنه في الحالة الأولى كان العدو والخصم واضحا أما الآن فقد أصبح العدو غير واضح بل أصبح موجودا معنا وبيننا، فقد استطاعوا من خلال الفكر المغلوط أن ينشؤوا عدوا بداخلنا يسعى لهدمنا.
قال الرئيس إن التحدي الذي علينا الانتباه إليه الآن هو ضرورة بناء وعينا الصحيح وهنا فإني أخاطب الجميع بكل مستوياتهم وثقافاتهم أن عليكم إدراك الصورة الكلية للواقع الذي نعيشه ولا ننتبه لأي كلام غير ذلك مهما بدى الكلام مرتبا ومعسولا.
اكد الرئيس أن المعركة لم تنته مع اختلاف الظروف والتفاصيل حيث إن معركة الأمس كان لها شكل محدد وكان العدو فيها واضحا ومحددا والآن المعركة ليست هكذا، فقد اختلفت أدواتها كثيرا وأصبح العدو بداخلنا وتغير الثمن الذي ندفعه . مشيرا الى كوننا دخلنا إلى السنة السادسة في معركة مكافحة الإرهاب وصحيح قد حققنا نجاحًا كبيرًا وتقدمًا كبيرًا في هذه المعركة، لكنها لاتزال مستمرة.
كما نبه الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى ما تمثله مشكلة الزيادة الكبيرة في معدل النمو السكاني من تحدٍ لجهود الدولة لتحقيق التقدم المنشود وهو التحدي الذي لا بد من التعامل معه بالجدية اللازمة، بقوله إن تعداد سكان مصر في الخمسينيات من القرن الماضي كان حوالي 20 مليون نسمة، وفي عام 1986 أي بعد 36 عاما أصبح المصريون 50 مليونًا، أما في الوقت الحالي نتحدث عن 100 مليون مواطن، فبعد أن كان العدد يتضاعف كل 35 عاما أصبح يتضاعف كل 30 عاما، وإذا استمر الوضع بهذه الطريقة، لن يكون هناك أمل في تحسن حقيقي لهذا الواقع”، لافتا إلى أن “هناك 22 مليون شخص في مرحلة التعليم، فكيف يتلقون تعليما جيدا ويحصلون على فرص عمل في ظل ضخ مليون فرد في سوق العمل كل عام.
خاطب الرئيس السيسي أبناء الشعب قائلا مثلما حافظ الجيل السابق على مصرنا الغالية فعليكم أن تحافظوا عليها وكل المطلوب هو الفهم الصحيح لحقيقة الأمور والتحلي بالصبر، وأن نستمر في أن نبني ونعمر مهما كانت الصعوبات وعلينا أن نقرأ ونتعلم كثيرا عما تعنيه كلمة دولة بمطالبها وتحدياتها ولا نختزل الأمر في مجرد مطالب شخصية حتى لا تتعرض البلد لأي انهيار بفعل شائعات كاذبة وتحليلات زائفة، وفوضى في التقديرات خاصة وأن هناك من يتحدثون بكلام مرسل غير مستند على أي واقع حقيقي، وعلينا ألا ننسى أننا في بلد يزيد عدد سكانه على 100 مليون وموازنته المالية محدودة للوفاء باحتيجاتهم وتطلعاتهم.
قال الرئيس إن هذه هي ظروفنا الاقتصادية وليس أمامنا إلا العمل الجاد والصبر، مشيرا إلى أنه على سبيل المثال فقد استجدت أعباء إضافية على الموازنة بسبب الارتفاع الحاد في أسعار البترول الذي وصل إلى 85 دولارا للبرميل بعد أن كان نصف هذا الثمن في بداية العام , و مشاكلنا هذه لن تحل إلا بإرادة المصريين والعمل الجاد والصبر .