” انا جيت ازاي .. ؟ ” واحد من الاسئلة المحرجة التي عادة ما يفاجئنا اطفالنا بالسؤال لمعرفة سبب وجوده في الحياة، و لا نغفل اننا ظللنا لسنوات نتعامل مع تلك المواقف بحرج شديد ربما قد يصل بنا الحال للهروب من ابنائنا تجنبا الحديث معهم و من ثم الامتناع عن اجاباتهم من باب الحفاظ على ” القيم و العادات و عدم حدش الحياء” و كأن الأمر عيبا اذا ما طرح الامر للنقاش الى أن تبدل الحال مع تطور الحياة ملاحقة لعصر التكنولوجيا الذى نعيشه ليصبح الامر ملحا على الأسر بأن تكسر حاجز الصمت وأن تلجأ للمحاكاة مع ابنائها فى مثل هذه الامور – التى ظلت لسنوات “مسكوت عنها” – بشكل صحيح بما يتناسب مع طبيعة و مرحلة طفلها العمرية والفكرية لتصبح من اولوياتها التربوية بل و تفوق عن مجرد اقتصار دورها على اشباع رغباته و احتياجاته الجسدية.
اتخذت كنيسة مارمرقس بشبرا المبادرة للتأكيد على نواحى التربية الايجابية الشاملة للاطفال و من ثم التأكيد على دور الاسرة الحيوى وتوعيتها بمثل هذه الأمور وتحصينها بالمعلومات الصحيحة غير المشوهة لاعطاء طفلها ما يناسبه من جرعات تساعده على تكوين صورة صحيحة للجسد من خلال الوصول اليه و الحديث معه دون انتهاره أو توبيخه اذا ما تطرق النقاش للاستفسار عن تلك الاسئلة المحرجة بكون توبيخه يعنى اللجوء لخارج الاسرة لمعرفة ما يدور فى ذهنه من استفسارات سواء من خلال الاصدقاء أو الانترنت فى مراحل لاحقة لتصله معلومات مشوهة غير مناسبة لمرحلته العمرية فيقع ” فريسة و ضحية ” في يد غير أمينة.
جاءت الفكرة بهدف نشر الوعي وبناء جيل قادر على مواجهة التحديات, و من هذا المنطلق عقد مركز كوكب مارمرقس للتدريب و البحث ورش عمل للاطفال تتراوح اعمارهم من 4 سنوات و حتى 12 سنة مقسمة لثلاث فئات , اولها ورشة عمل من عمر 4 الى 6 سنوات و ثانية من عمر 6 سنوات و حتى 8 سنوات و اخيرا ورشة معنية بالسن من عمر 8 الى 12 سنة للرد على سؤال ” انا جيت ازاى ؟ ” و ” جيت منين ؟ ” , و ذلك بصورة علمية مقدسة , كل بحسب مرحلته العمرية، “وطني” تابعت ورشة العمل, و اليكم تلك المتابعة.
جاءت ورشة العمل للصغار كبداية لتوصيل المعنى و تقريب الصورة الذهنية للاطفال بجانب مساعدة الاسر ذاتها على كسر حاجز الصمت والبدء مع اطفالها للمناقشة و الخوض فى الامور التى تتعلق بمفهوم التربية الجنسية وحماية اطفالهم مما قد يتعرضون له من حرب ربما تراودهم في صورة افكار مغلوطة قد تصل اليهم من خلال المدرسة أو اصدقاء , و هو ما اتضح بحرص القائمين على ورشة العمل بتوزيع تقرير مفصل عن اليوم و ما قدم للطفل خلال الورشة لتوعية الاسرة كيفية الحديث مع طفلها في هذا الشأن و ما يمكنها قوله للرد على تساؤلات طفلها بشكل ايجابى بل مطالبة الاسر بتعمد الحديث مع اطفالها فى تلك الامور دون حرج و التأكيد على المفاهيم الصحيحة حماية لابنائها.
قسمت ورش العمل لفقرات متضمنة انشطة مختلفة و مبتكرة مبنية على اسس و مناهج علمية من المونتيسوري باعتباره منهج حديث لتعليم الاطفال يعتمد كلية على الفكر وتطوير المهارات و تنشيط الوعى دون التلقين بمعلومات كما هو الحال, لتقديمها للطفل و من ثم المناقشة معه في كل خطوة كل بحسب مرحلته العمرية حتى يتمكنوا من استيعاب الهدف و ترسيخ افكار صحيحة بناءة و البعد كلية عن اى مفاهيم أو معتقدات مغلوطة. كما حرصت ورش العمل على ان يكون مدة كل نشاط بحد اقصى ثلث ساعة فقط مع مراعاة ان يكون كل نشاط ثابت يعقبه نشاط حركى ليتمتع الطفل بكل لحظة فى الورشة و لا يفقد تركيزه.
بدأت ريموندا رؤوف الخادمة بكنيسة مارمرقس بشبرا و المعنية بكورسات المشورة و التوعية بالتربية الجنسية مع الخادمة مادونا ميلاد , ورشة العمل بإشراك الاطفال بعضهم ببعض فى العاب مختلفة تعمل على تنمية المهارات بهدف التعارف معا و كسر اى حاجز بينهم ثم جاءت المناقشة فى الرد على سؤال “انا جيت ازاي؟” بطريقة سلسة و بكل تلقائية حيث امسكت ريموندا بكرة خيط و قالت “انا دلوقت هاقول اسمي و كمان هافكر انا جيت منين؟ .. و كل واحد فينا هيعرف اسمه و برضه يقول لنا هو جه منين؟ ” و بالفعل بدأت الخادمة ريموندا تعرف نفسها فقالت ” انا اسمى ريموندا و جيت من بطن ماما ” و هى ممسكة بطرف خيط لتحول البكرة للخادمة المتخصصة لتعرف نفسها أيضا، و ظلت بكرة الخيط تلف بخيوطها لتشمل كافة الاطفال لتصبح وكأنها شبكة تجمعهم جميعا لتأكد ان جميعنا واحد و نحن ممسكين بأيد بعض و هو ما اسعد الاطفال حتى يعرفون انفسهم بذكر اسمائهم دون حرج و لعلهم اجمعوا انهم جاءوا ” من بطن ماما “, و كان ذلك بهدف التعرف على فكر كل طفل على حده على اعتبار انه من منطلق أن أي فكر جديد لابد البدء فيه من “فلترة ” اي فكر قديم ربما يكون غير صحيحا.
بدأت الخادمتان ريموندا و مادونا التمهيد للرد على اجابة السؤال ” انا جيت ازاي” من خلال ذكر قصة الخليقة و أكدوا ان هدف الله من الخليقة هو انه يحبنا و بالتالي خلق كل حاجة حلوة علشانا , و لان عنصر الصورة مهم بالنسبة للطفل حرصتا الخادمتان على تحضير كروت ملونة , كل كارت على حده بيحمل صورة ما خلقه الله فى كل يوم و على الاطفال انهم يستنتجوا من خلال عنصر الصورة ما خلقه الله من اجل الانسان , فكان اليوم الاول بصوت الأطفال ” النور ” و عرفوا ان الله خلق النور و فصل بين النور و الضلمة و اليوم الثانى الغلاف الجوى يعنى السماء و السحاب و فى اليوم الثالث خلق الارض و الشجر و الزرع و الاطفال يقولوا انواع الفواكه التي يفضلونها فكانت المشاركة بتفاعل من يقول ” الموز ” و من يقول ” التفاح ” و غيرها . ليحمل كارت اليوم الرابع صورة الشمس و القمر و النجوم , و اليوم الخامس فيعرف الاطفال ان ربنا خلق كل الطيور التى تطير فى السماء و كل الكائنات التى تعيش في البحر , و الاطفال تشارك و تفكر ما الانواع التي تطير فى السماء فيقول احدهم عصفورة و اخرى حمامة كما يفكر البعض الاخر فى نوعية الكائنات التى تعيش فى البحر فمنهم من يقول “أخطبوط” و اخر ” سمك” و “حوت” و هو ما كان يجعلهم يفكرون و ينشطون ذهنهم طول الوقت بطريقة مرحة و بسيطة و بتلقائية جعلت الاطفال فرحين.
و عن كارت اليوم السادس فكانت صور لحيوانات مختلفة و كل منهم يذكر الحيوان المفضل له و اكد من خلال المناقشة من قبل الخادمة ريموندا ان ربنا خلق من كل نوع ” اثنين ” , ولد و بنت يعنى ” فيل و فيلة ” و ” نمر و نمرة ” و هكذا و اكدت الخادمات ان ربنا خلق حاجة مهمة قوى فى اليوم السادس بعد ما جهز كل حاجة و هى ” الانسان ” .. و بعدها سألت ريموندا: “طيب ليه ربنا عمل كدة و خلق من كل حاجة اثنين؟” و الاطفال يفكروا و يقولوا علشان يتجوزوا .. و الخادمات يشجعوهم و اخدوا مثل النمر و النمرة علشان يقربوا الصورة للاطفال من خلال الصور الملونة و يقولوا ان القصة بدأت بان النمر الولد لما بيكبر و يكون مستعد للزواج و كمان النمرة البنت لما بتكبر و بتساعد اصحابها يختارها النمر الولد ” و يتجوزوا ” ازاى ؟ من خلال حضن كبير قوى و نتيجة للحضن ده بتتكون بذرة اسمها ” خلية ” تدخل فى النمرة البنت و يكون ” البيبى ” فى بطن النمرة و تفضل بطنها تكبر و يقعد فى بطنها لحد ما يتولد .. ” و بكدة دى قصة حب النمر “.
قصة حب
“طيب و احنا بقى جينا ازاي” عن طريق قصة حب اعظم بكثير من النمر , هنا وزعت ريموندا و مادونا على كل طفل ورقة مطبوعة بالصور بعنوان ” قصة حب ” و متروك مساحة لكتابة اسم كل طفل مشارك في الورشة بجانب العنوان باعتباره جاء نتيجة ثمرة ذلك الحب و كانت الصور توضح مراحل الزواج باعتباره سر مقدس و هو ما اكد عليه من خلال مناقشة كل صورة على حدة و تلوينها قبل الانتقال للصورة الاخرى من باب الترويح عن نفسية الطفل و اعطائه الجرعة المعلوماتية بطريقة سهلة و شيقة دون الاحساس بالملل .
سألت ريموندا و مادونا , الاطفال ” ايه اللى نعرفه من الصورة الاولى ؟ ” , فاجاب الاطفال ان فى ناس وافقوا انهم يتجوزوا فكان السؤال التالى ” هيتجوزوا فين ؟ ” و الاطفال تجاوب ” فى الكنيسة ” و هنا فضلت تأكد الخادمات انه سر مقدس بيسمى ” سر الزيجة ” و يجب اتمامه داخل الكنيسة و ليس خارجه , و جاءت الصورة الثانية تؤكد على الحضن الخاص بكونه حضن مقدس لانه حضن سر الزيجة ثم المرحلة الثالثة توضح ان نتيجة ذلك الحضن بتوصل خلية واحدة من عند بابا و تتحد بخلية عند ماما و تكون بداية خلية , و فى الصورة الرابعة الخلية تظل تكبر و تكبر لحد ما الخلية تتحفظ فى مكان غالى عند ماما و مقدس مخصص للحمل اسمه ” الرحم ” , ثم يبدأ ” البيبى ” يكبر داخل رحم ماما , و تعرض الصورة رقم 7 للاطفال انه بعد مدة 9 أشهر يبدأ ” البيبى ” يجهز نفسه علشان يتولد اما من خلال فتحة خاصة جدا عند ماما و مقدسة و مش من حق حد انه يشوفها أو يلمسها أو من خلال فتحة صغيرة فى بطن ماما .
هذا و طرح خلال ورشة العمل بعض الاسئلة على الاطفال لقياس مدى استيعابهم لما قدم و التأكد من سلامة المصطلحات كما ذكرت , و كانت النتيجة مفرحة بالاجابة على كافة التساؤلات بشكل صحيح , كما شاهد الاطفال فيلم بتعبيرات حركية يوضح مراحل نمو الطفل بدء من وجوده داخل رحم الام و مدى اتصاله بها بشكل مباشر من خلال الطعام و من ثم تغذيته و فرحه و شعوره بنبضات قلبها الى ان يخرج للحياة , و ذلك فى دقائق مع تعليق الخادمتان على الفيلم و توضيح اى استفسار للمخدومين , و من ثم التأكيد على شعار اليوم ” انا جيت عن طريق قصة حب كبيرة عجيبة .. باشكر ربنا على معجزتى ”
وفي نهاية ورشة العمل وزع عمل فنى للاطفال و هو عبارة عن كتيب صغير تم لصق صور ايام الخليقة بالترتيب حسب الايام كما خلقها الله.
الجدير بالذكر أن ورشة العمل لاقت قبول كبير من قبل الاسر مطالبة بالمزيد لتوعية ابنائها بشكل علمي وروحي.