تحيى اليوم منظمة الصحة العالمية وشركائها من كل عام الاحتفال باليوم العالمي لشلل الأطفال ” الذى يحمل هذا العام (2018 ) شعار ” نهاية شلل الأطفال الآن” حيث يهدف الاحتفال إلي توليد الوعي للقضاء على شلل الأطفال وكذلك للاحتفال بجهود الآلاف من موظفي منظمة الصحة العالمية والمتطوعين الآخرين الملتزمين بالقضاء على شلل الأطفال .
بفضل الجهود التي بذلتها منظمة الصحة العالمية والمبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال عام 1988 ، انخفضت الأعداد المسجلة عالميا من الحالات المصابة بشلل الأطفال بشكل كبير من 350 ألف في عام 1988 الى 22 حالة فقط في عام 2017 في دولتي باكستان وأفغانستان . و اصبح لقاح شلل الأطفال اليوم متاح للجماهير حتى في معظم مناطق العالم .
وقع الاختيار على يوم 24 أكتوبر ليكون اليوم العالمي لمرض شلل الأطفال لأنه يوافق يوم ميلاد رجل الطب الأمريكي جوناس سالك الذي ولد عام 1914 وتوفي عام 1995، والذي طور أول مصل ” تطعيم ” مضاد للعدوى بالمرض وأعلن عن نجاحه عام 1955.
يذكر ان مرض شلل الأطفال يعد من أقدم الأمراض التي أصابت الإنسان ، إذ كانت اول معرفة بهذا المرض في عام 1350 قبل الميلاد بواسطة قدماء المصريين ومنذ ذلك التاريخ عانت البشرية في كافة أصقاع المعمورة من آثار هذا المرض على صحة الأطفال والمجتمع من خلال تسببه في الإعاقة والوفاة لكثير من الأطفال .
استمرت هذه المعاناة حتى منتصف القرن الـ 20 الى أن استطاع العالم جوناس سولك تحضير اللقاح المعطى عن طريق الحقن “IPV ” فى الفترة ما بين عامى 1953- 1955 وتبعه نجاح العالم سابين في عام 1960 في تحضير لقاح شلل الأطفال الفموي ” OPV “ومنذ اكتشاف هذه اللقاحات بدأت الوقاية الفعلية من هذا المرض وحماية الملايين من الأطفال من آثاره .
شلل الأطفال مرض فيروسي شديد العدوى يغزو الجهاز العصبي وهو كفيل بإحداث الشلل التام في غضون ساعات من الزمن . وينتقل الفيروس عن طريق الانتشار من شخص لآخر بصورة رئيسية عن طريق البراز وبصورة أقل عن طريق وسيلة مشتركة (مثل المياه الملوثة أو الطعام) ويتكاثر في الأمعاء.
تتمثل أعراض المرض الأولية في الحمى والتعب والصداع والتقيؤ وتصلب الرقبة والشعور بألم في الأطراف .
تؤدي حالة واحدة من أصل 200 حالة عدوى بالمرض إلى شلل عضال ( يصيب الساقين عادة ). ويلاقي ما يتراوح بين 5% و10% من المصابين بالشلل حتفهم بسبب توقف عضلاتهم التنفسية عن أداء وظائفها.
يصيب هذا المرض الأطفال دون سن الخامسة بالدرجة الأولى. ولا يوجد علاج لشلل الأطفال، ولكن يمكن توقيه ليس إلا. ولقاح الشلل الذي يعطى على دفعات متعددة يمكن أن يقي الطفل من شر المرض مدى الحياة .
تشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية لعام 2017 الى انخفاض عدد حالات شلل الأطفال منذ عام 1988 بنسبة تفوق 99%، إذ تشير التقديرات إلى انخفاض ذلك العدد من نحو 350 ألف حالة سجلت في أكثر من 125 بلدا موطونا بالمرض في حينها إلى 74 حالة أبلغ عنها في عام 2015 الي 22 حالة في عام 2017. ومن بين سلالات فيروس شلل الأطفال البري الثلاثة (النمط 1 والنمط 2 والنمط 3) تم استئصال النمط 2 من فيروس شلل الأطفال البري في عام 1999، وانخفضت عدد حالات الإصابة بالنمط 3 من فيروس شلل الأطفال البري إلى أدنى مستوياته على مر التاريخ .
في عام 1988، اعتمدت جمعية الصحة العالمية 41 قرارا باستئصال شلل الأطفال فى كافة أنحاء العالم , وقد أدى ذلك إلى إطلاق المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال برعاية كل من الحكومات الوطنية ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الروتاري الدولية ومراكز الولايات المتحدة الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها واليونيسيف، وبدعم من شركاء رئيسيين ومنهم مؤسسة بيل وميليندا غيتس.
جاء إطلاق المبادرة عقب الإشهاد الرسمي على استئصال الجدري في عام 1980، والتقدم المحرز خلال الثمانينات صوب التخلّص من فيروس شلل الأطفال في الأمريكتين، والتزام منظمة الروتاري الدولية بحشد ما يلزم من أموال لحماية كافة الأطفال من هذا المرض.
شهد إجمالاً عدد الحالات المرضية انخفاضاً بنسبة تفوق 99% منذ إطلاق المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال. وجرى في عام 1994 الإشهاد رسمياً على خلو إقليم الأمريكتين التابع للمنظمة من شلل الأطفال، وتبعه إقليم غرب المحيط الهادئ في عام 2000، ثم إقليم المنظمة الأوروبي في يونيو 2002. وفي 27 مارس 2014 تم الإشهاد على خلو إقليم جنوب شرق آسيا لمنظمة الصحة العالمية من شلل الأطفال، ويعني ذلك أنه تم وقف سريان فيروس شلل الأطفال البري في هذه الكتلة المكونة من 11 بلداً وتمتد من إندونيسيا حتى الهند. ويشكل هذا الإنجاز وثبة واسعة إلي الأمام على طريق استئصال المرض من العالم، حيث يعيش الآن 80% من سكان العالم في مناطق تم الإشهاد على خلوها من شلل الأطفال. وتكلل بالنجاح (منذ عام 1999) وقف سراية النوع 2 من فيروس شلل الأطفال البري ذي الثلاثة الأنواع (1 و2 و3). ويزيد اليوم على 15 ملايين طفل يمشون على أرجلهم ممن كانوا سينكبون بالشلل بخلاف ذلك. وبفضل إعطاء فيتامين ” أ ” بشكل منهجي أثناء الاضطلاع بأنشطة تمنيع الأطفال ضد الشلل ، جرى تلافي وفيات قُدِّر عددها بـ 1.5 مليون وفاة.
استطاعت مصر القضاء نهائيا على مرض شلل الأطفال من خلال التوسع فى التطعيمات والوصول بنسبها إلى ما يقرب من 98%.