11- وفي رشمنا للصليب, نتذكر أن عقوبة الخطية موت.
لأنه لولا ذلك ما مات المسيح, كنا نحن أمواتا بالخطايا (أف2:5). ولكن المسيح مات عنا علي الصليب وأعطانا الحياة, وعلي الصليب إذ دفع الثمن, قال للآب: يا أبتاه اغفر لهم.
12- وفي رشمنا الصليب نتذكر محبة الله لنا:
نتذكر أن الصليب ذبيحة حب, لأنه هكذا أحب الله العالم حتي بذل ابنه الوحيد. لكي لا يهلك كل من يؤمن به, بل تكون له الحياة الأبدية (يو3:16).. ونتذكر أن الله بين محبته لنا لأننا ونحن بعد خطاة, مات المسيح لأجلنا.. وصولحنا مع الله بموت ابنه (رو5:8).
في الصليب نتذكر محبة الله لنا, لأنه لا يوجد حب أعظم من هذا, أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه (يو15:13).
13- ونحن نرشم الصليب لأنه يمنحنا القوة:
القديس بولس الرسول يشعر بقوة الصليب هذه, فيقول: به صلب العالم لي, وأنا للعالم (غل6:14). ويقول أيضا: إن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة. وأما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله (1كو1:18).
لاحظوا هنا أنه لم يقل إن عملية الصليب هي قوة الله, إنما قال إن مجرد كلمة الصليب هي قوة الله.
لذلك نحن حينما نرشم علامة الصليب, وحينما نذكر الصليب, نمتلئ قوة, لأننا نتذكر أن الرب بالصليب داس الموت, ومنح الحياة لكل الناس, وقهر الشيطان وغلبه, ولذلك…
14- نحن نرشم الصليب لأن الشيطان يخافه:
كل تعب الشيطان منذ آدم إلي آخر الدهور, ضاع علي الصليب, إذ دفع الرب الثمن, ومحا جميع خطايا الناس بدمه, ممن يؤمنون ويطيعون لذلك فإن الشيطان كلما يري الصليب يرتعب متذكرا هزيمته الكبري وضياع تعبه, فيخزي ويهرب.
وهكذا كان أولاد الله يستخدمون باستمرار علامة الصليب باعتبارها علامة الغلبة والانتصار, أو هي قوة الله, فمن جهتنا نمتلئ قوة من الداخل, أما عن العدو في الخارج فهو يرتعب.
وكما كانت ترفع الحية النحاسية في القديم شفاء للناس وخلاصا من الموت, هكذا رفع رب المجد علي الصليب (يو3:14), وهكذا علامة الصليب في مفعولها.
15- ونحن نرشم علامة الصليب فنأخذ بركته:
كان الصليب في العهود القديمة علامة اللعنة والموت بسبب الخطية.. ولكن علي الصليب حمل الرب كل لعناتنا, لكي يمنحنا بركة المصالحة مع الله (رو5:10). وبركة الحياة الجديدة, ولذلك فكل نعم العهد الجديد مستمدة من الصليب, لذلك استخدم رجال الإكليروس هذا الصليب في منح البركة, إشارة إلي أن البركة لا تصدر منهم شخصيا, إنما من صليب الرب الذي ائتمنهم علي استخدامه في منح البركة, ولأنهم يستمدون كهنوتهم من كهنوت هذا الصليب, وكل بركات العهد الجديد نابعة من صليب الرب وفاعليته.
16- لذلك فكل الأسرار المقدسة في المسيحية نستخدم فيها الصليب:
لأنها كلها نابعة من استحقاقات دم المسيح علي الصليب, فلولا الصليب ما كنا نستحق أن نقترب إلي الله كأبناء في المعمودية, وما كنا نستحق التناول من جسده ودمه في سر الإفخارستيا (1كو11:26). وما كنا نستطيع التمتع ببركات أي سر من أسرار الكنيسة.
17- ونحن نهتم بالصليب, لنتذكر الشركة التي لنا فيه:
نتذكر قول القديس بولس الرسول: مع المسيح صلبت.. فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا في (غل2:20). وقوله أيضا: لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه متشبها بموته (في3:10). وهنا نسأل أنفسنا متي ندخل في شركة آلام الرب ونصلي معه.
وهنا نتذكر اللص الذي صلب معه, فاستحق أن يكون في الفردوس معه.
ولعله صار في الفردوس يغني بالأغنية التي قالها القديس بولس فيما بعد: مع المسيح صلبت..
كل أمنياتنا أن نصعد علي الصليب مع المسيح. ونفتخر بهذا الصليب الذي نذكره الآن كلما تلامس مع حواسنا.
18- ونحن نكرم الصليب, لأنه موضع سرور للآب:
الآب الذي تقبل المسيح علي الصليب بكل سرور كذبيحة خطية, وكمحرقة أيضا رائحة سرور للرب (لا1:5, 13, 17). وقال إشعياء النبي في ذلك: أما الرب فسر أن يسحقه بالحزن (إش53:10).
إن السيد المسيح أرضي الآب بكمال حياته علي الأرض, ولكنه دخل في ملء هذا الإرضاء علي الصليب, حيث أطاع حتي الموت, موت الصليب (في2:8).
ففي كل مرة ننظر إلي الصليب نتذكر كمال الطاعة, وكمال الخضوع لكي نتمثل بالسيد المسيح في طاعته, حتي الموت.
وكما كان الصليب موضع سرور للآب, كان هكذا أيضا بالنسبة إلي الابن المصلوب الذي قيل عنه: من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهينا بالخزي (عب12:2).
وهكذا كان ملء سرور المسيح في صلبه, ليتنا نكون هكذا.
19- وفي الصليب, نخرج إليه خارج المحلة, حاملين عاره (عب13:12).
بنفس شعورنا في أسبوع الآلام.. ونذكر في ذلك ما قيل عن موسي النبي: حاسبا عار المسيح غني أعظم من خزائن مصر (عب11:26). وعار المسيح هو صلبه وآلامه.
20- نحمل صليب المسيح الذي يذكرنا بمجيئه الثاني:
كما ورد في الإنجيل عن نهاية العالم ومجيء الرب وحينئذ تظهر علامة ابن الإنسان في السماء أي الصليب.. ويبصرون ابن الإنسان آتيا علي سحاب السماء.. (متي24:30). فلنكرم علامة ابن الإنسان علي الأرض, ما دمنا نتوقع علامته هذه في السماء في مجيئه العظيم.