إرتبطت شخصياً بالراحل القديس الأنبا أبيفانيوس أسقف دير أنبا مقار منذ رسامته أسقفاً على الدير، وكان نيافته دائم التشجيع لي حتى أننا كنا على اتصال شبه أسبوعى كما التقيت بنيافته مرات عديدة فى مناسبات مختلفة.
كان أول لقاء لى مع نيافته فى الدير ولم يكن اللقاء مرتباً حيث تم تحديد مقابلة لى مع الأب “الربيتة” فى ذلك الوقت كان أبونا بترونيوس ولم أكن أعرفه أيضاً، وعندما ذهبت للقائه وجدت أمامي أربعة آباء رهبان كنت أعرف أحدهم فقط، وظللنا نتحدث لمدة عشرين دقيقة دون أن أدرك أن احدهم كان الأب الأسقف، الأنبا ابيفانيوس، وعندما علمت ذلك فى وسط الحديث ابهرني تواضعه وبساطته التي جعلتني لا انتبه لذلك من قبل تلك اللحظة.. وهنا بدأ الحديث بيننا باعتذاري له على عدم انتباهي، وهو رد عليا بمنتهى التواضع وعندما قلت له “سيدنا” وقال لى: أنا أحب لقب “أبونا الأسقف” فتجاذبنا أطراف الحديث حول أصل كلمة “سيدنا” ولماذا تقال للأب الأسقف.. فقلت له: أعتقد أن لقب “سيدنا” كان بسبب عادة قديمة عند المصريين بتلقيب الجد “بسِيدى” فأنا رأيت والدي يدعو جده “سِيدى” ويعتبر الأب الأسقف أب الأباء لذلك أطلق عليه نفس اللقب.. فأكد الأنبا أبيفانيوس لي هذا المفهوم ولكن بتواضعه فضل لقب “أبونا الأسقف”.. ومن هنا بدأت علاقتنا تتوطد بعد هذا اللقاء البسيط..
تعجبت جداً من مظهره فلم يكن يختلف في شئ عن باقى الرهبان، كلهم بنفس المظهر لا توجد أى مظاهر زائدة عنهم وعندما عرفته أكثر فهمت كم كان ناسكاً بسيطاً فى حياته..
وكان آخر لقاء لنا قبل نياحته بثلاثة أشهر تقريباً وكنا مجموعة من الكهنة وجلس معنا فى الدير و كان كلامه مركزاً على أن الهدف من وراء أي عبادة أو خدمة هو شخص المسيح وأن خلاصنا هو بشخصه وبمعرفته وأنه هكذا ينبغى لنا أن نركز فى حياتنا وعبادتنا وخدمتنا على المسيح مخلصنا لا شىء أو هدف أو دافع آخر سوى هذا الهدف.
ظل على علاقة بي واستمر في تشجيعه لى إلى أن إنقطع فى الرد علىًّ قبل نياحته ببضعة أسابيع.. لم أفهم لماذا توقف عن التواصل معي ربما كان على علم بموعد نياحته و لم يرد أن يرتبط به أحد، لأنى علمت أنه أوقف الإتصال مع أكثر من شخص آخر كان مرتبطاً به.. ولا أحد يعرف غير المخلص ماذا كان يدور بداخله في ذلك الوقت..
رأيت فى الأنبا ابيفانيوس مثالاً واضحاً للمسيح المخلص فكان شعلة من الحب والقبول والتشجيع والإيجابية كما كان فى قمة التواضع والبساطة. نفعنا الله بصلواته عنا.
كنت يا أبى و حبيبى نيافة أنبا ابيفانيوس مثالاً واضحاً جَسَّدَ المسيح فى كل ما رأيت منك، لم يحتملك العالم المملوء شراً، لم يحتمل حبك كما لم يحتمل المسيح المخلص، قتلوك وظنوا بقتلك أنهم يستطيعون أن يحجبوا نورك ولم يدركوا أنهم إنما كسروا قارورة طيب ففاحت منها رائحة المسيح الزكية، وكما كان دم المسيح واسمه هو الدهن المهراق الذى شفى وخلص وشفع فى الكثيرين سيكون دمك شفاء وخلاصاً للكنيسة من أجل وحدتها.