القوانين الاشتراكية قلبت الهرم الاجتماعي..وزوال الطبقة الوسطي يعني ضياع القيم
نكسة الصحافة المصرية بدأت عام1961عندما صدر قرار تأميم الصحافة
أنطون سيدهم شن حملات صحفية من أجل الإصلاح
أمينة السعيد قاتلت بضراوة من أجل حقوق المرأة
حافظ محمود كان سياسيا محترفا للصحافة… وصحفيا محترفا للسياسة
في العيد الماسي لمولده نسترجع معه شريط الذكريات…من نقطة البداية,مرورا بمشوار الصحافة…حكايات ووثائق وطرائف…يعتبر نفسه جنديا في بلاط صاحبة الجلالة…فهو أحد فرسان الصحافة منذ الستينيات…إنه صفوت عبد الحليم مدير تحرير ‘وطني’,له بصمة مع الأجيال…’وفيش وتشبيه ناصع البياض’…سجل حياته الصحفية حافل بالمعارك الشرسة,والمشاغبات,وضربات دموية تحت وفوق الحزام في جولات لمصارعة سرطان الفساد والظلم والقهر الذي نبتت براثنه في الخمسينيات واستشري في جسد المجتمع المصري.
لم ينضم في حياته لأي حزب سياسي ضمانا لحرية رأيه..له ولد وبنت
د.أكمل حاصل علي الدكتوراه في زراعة النخاع وأمراض الدم من الدانمرك…يعمل استشاريا في مستشفي ‘أرهوس’الجامعي بالدانمرك.
د.رغد حاصلة علي ماجستير في المناعة,وماجستير في الهندسة الوراثية من جامعة ‘بروتل’ بلندن وتحمل درجة الدكتوراه في العلوم من جامعة لندن,وتعمل في مجال الأجهزة التشخيصية للشركات العالمية.
أحمد صفوت عبد الحليم البرجيني شيخ الصحفيين في ‘وطني’..وأحد فرسان مجلات ‘آخر ساعة’ و’التحرير’ و’المصور’ و’طبيبك الخاص’.
نبدأ الرحلة من أول السطر…ماذا قال؟
* أنا من مواليد يوليو1932,ترتيبي الثاني بين خمسة أشقاء..الأول محمد فنان تشكيلي يمارس نشاطه حتي اليوم,والثالث محمود هاجر إلي إيطاليا وتوفي منذ عدة سنوات..ثم بهيجة وثريا.
* توفي والدي وعمري عشر سنوات..كان أستاذا بكلية اللغة العربية ومشهورا بلقب البرجيني نسبة إلي قريتنا (البرجاية) بالمنيا..تعلمت علي يديه السماحة المطلقة ورفض العنصرية..شاهدته في سني المبكرة أثناء زيارته للقرية يجلس في المساء أمام جموع أهل القرية يحدثهم في الشئون الدينية…كان يجلس بجواره فوق الدكة كاهن القرية القبطي,وكان يحاوره في كل شئون الحياة..تعلمت أن التفرقة نقيصة وسلوك غير إسلامي وغير حضاري.
* تخرجت في كلية الآداب بجامعة عين شمس قسم فلسفة عام1955…كان أخي محمد رساما بمجلة ‘الجيل’ وجريدة ‘الأخبار’ وجريدة ‘الجمهورية’ رشحني للعمل بسكرتارية التحرير بمجلة ‘آخر ساعة’..ثم انتقلت إلي مجلة ‘التحرير’ التي تصدرعن دار التحرير,وبعدها إلي دار الهلال بمجلة ‘الاثنين’ و’الدنيا’ و’المصور’ثم نائبا لرئيس تحرير مجلة ‘طبيبك الخاص’.
تتلمذت علي يدي فوميل لبيب..وإبراهيم البعثي..تأثرت بفكر أنيس منصور الذي كان أستاذا بالكلية.
مشروع لم ير النور
* في نهاية الأربعينيات وفي عصر حكومة النحاس باشا قدم عضو وفدي في مجلس النواب مشروع قانون بفرض رقابة جزئية علي الصحف..صدرت الجرائد في اليوم التالي مجللة بالسواد بعرض الصفحة الأولي مثل صفحات الوفيات..وأحتشدت المظاهرات التي أغلقت الشارع المؤدي إلي البرلمان احتجاجا علي هذا المشروع..كان النحاس باشا مريضا ملازما الفراش في بيته,خرج متحاملا علي نفسه إلي البرلمان بين الجماهير الغاضبة وأقسم لهم أن هذا المشروع الكئيب لن يمر ولن يصدر…وفعلا مات المشروع قبل أن يولد!
نكسة الصحافة!
* في عهد الرئيس عبد الناصركان زميلنا حمدي النقيب المصور الصحفي بجريدة ‘الجمهورية’ يسجل وقائع اجتماعات مجلس قيادة الثورة..فوجئ بجمال سالم جالسا وفي يده فردة حذائه يحاول تخليصها من مسمار..فالتقط له صورة تاريخية.. ضبطه جمال سالم فسبه وحاول اختطاف الكاميرا منه,فهرب فطارده الحراس ليفتكوا به فاختفي..وبعد لحظات انقض عليه رجال الأمن لأخذ الفيلم منه,لكنه كان شديد الذكاء حيث قام بتغيير الفيلم وأعطاهم الفيلم المزيف..وانصرف وحبس نفسه في بيته لمدة شهر كامل…ولم تنشر الصورة..وللأسف لا أحد يعرف مكان الفيلم حتي الآن!
* حكم عبد الناصر مصر بقبضة من حديد وكتم الأنفاس…وفي أيام حكمه نقل عشرات الصحفيين إلي شركات ومؤسسات القطاع العام وتكرر ذلك أكثر من مرة فأصبح كبار الكتاب موظفين في مؤسسات المطاحن والدواجن!!
* نكسة الصحافة المصرية بدأت عام1961عندما صدر قرار تأميم الصحافة تحت مسمي تنظيم الصحافة..وخضعت الصحافة للوائح القطاع العام وانتشرت فيها الأخطاء والإسراف وتبديد الميزانية..كما فقدت حريتها وقدرتها علي التعبير الأمين عن مشاكل المجتمع.وازداد الانهيار ولم تعد الصحافة المصرية القومية مصدرا يعتمد عليه في المعلومات..حتي أن الصحافة العالمية لم تعد تعتمد عليها كمصدر خبري..وأصبحت في ذيل الصحف العربية في المنطقة.
انهيار الطبقة الوسطي!
* لم ينتبه المجتمع المصري إلي مضاعفات القرارات السياسية التي لا تعتمد علي معطيات علمية,مما تسبب في مضاعفات خطيرة علي المجتمع المصري ظلت تتراكم حتي ظهرت كل مضاعفاتها في وقتنا المعاصر!
* من ذلك قوانين الإصلاح الزراعي التي فتتت الملكيات الكبيرة,خصوصا أن هذه الملكيات الضخمة كانت قادرة علي إجراء أبحاث لتطوير الزراعة والإنفاق علي المواشي لزيادة إنتاجها من اللحوم والألبان…وتفتتت الأراضي الزراعية ثم ازداد تفتتها بعد أن كانت خمسة أفدنة للأسرة الواحدة فأصبحت عدة قراريط للأسرة الواحدة بالتوريث!
عجز المالك الفلاح عن الصرف علي تطوير الحاصلات الزراعية والمواشي حتي أصبحت مصر تستورد اللحوم من الخارج!
* المشكلة الكبري تكمن في القوانين الاشتراكية التي قلبت الهرم الاجتماعي,فجعلت قاع المجتمع في القمة,ورأسه المفكر في القاع!!..واختفت الطبقة الأرستقراطية وتآكلت الطبقة الوسطي..وزوال الطبقة الوسطي يعني ضياع القيم والمعايير الاجتماعية البناءة لأن الطبقة الوسطي هي عقل وضمير الأمة,فهي تتكون من القضاة وأساتذة الجامعات والعلماء والصحفيين والمفكرين.
* الطبقة الوسطي تسمح بصعود الطبقة الدنيا اليها بشروط الطبقة الوسطي مثال ذلك العقاد وطة حسين ومحمد عبد الوهاب وأم كلثوم الذين ارتقوا بكفاءتهم ومواهبهم وعلمهم من أدني مستويات الطبقة الدنيا إلي قمة الطبقة الوسطي.
وزوال الطبقة الوسطي أدي إلي وجود فراغ هائل في المجتمع,احتلته الطبقة الدنيا بكل مساوئها وفسادها..فعندما يري الطفل أباه البسيط يمد يده ليحصل علي إكرامية ‘بقشيش’ فغالبا ما يتعلم هذا السلوك مهما ارتقي مركزه الاجتماعي!
* تجمعت كل هذه المساوئ علي امتداد نصف قرن,وجلس أبناء الطبقة الدنيا في المواقع الحاكمة الحساسة في جميع مؤسسات الدولة,مع انهيار المثل العليا التي لم تسر في دمائهم أصلا..وأصبحت مصر غابة وأصبح النظام الحالي يتجرع مرارة مازرع في الماضي..ولذلك نخطئ كثيرا عندما نتصور أن الفساد الحالي والرشاوي وانهيار الأخلاق هو وليد اللحظة..للأسف الشديد إنه نبت عقود طويلةماضية لا ذنب للنظام الحالي فيها.
* وحتي يستقيم الحال أصبح حتميا أن يلتقي عقلاء الأمة وإرادة النظام حول مائدة مستديرة ليضعوا عقدا اجتماعيا يرسخ الإصلاح من الجذور,ليعيد للطبقة الوسطي هيبتها ونفوذها حتي يمكن إعادة ترسيخ الأخلاق والمفاهيم والقيم والمثل العليا.
سمات واضحة
* مهنة الصحافة تمنح الصحفي سمات واضحة مختلفة عن الآخرين..لأنه يعيش الحياة من جميع جوانبها..يري ويرصد مالايراه الآخرون..ولذلك يتلاحظ أنه لا يشعر بالرهبة من المسئولين أو الحكام..لسبب بسيط..إنه يراهم في حياتهم الشخصية بإنسانيتهم وضعفهم!
* بعد حرب أكتوبر1973افتتح الرئيس أنور السادات معرض الغنائم بالسويس..فجأة ظهر أمام الرئيس شاب وفي يده شئ ما..تكهرب الجو..لاحظت أن الرئيس انتفض بشدة وهزته المفاجأة وتقهقر للخلف عدة خطوات..انقض الحرس الخاص علي الشاب وقيدوه..ثم اكتشفوا أنه رئيس مكتب الاستعلامات بالسويس ومعه بعض الأوراق أراد أن يسجل فيها كلمة للرئيس!
* لقطة أخري لم أشاهدها بنفسي علي الطبيعة..لكنها نشرت في الصحف والمجلات العالمية في الستينيات,حيث ظهر فيها الرئيس الأندونيسي سوكارنو واقفا في مطار جاكرتا في استقبال رسمي لأحد زعماء العالم وإلي يساره وزير خارجيته ‘مالك’ وفجأه امتدت اليد اليسري للرئيس سوكارنو لنشل محفظة وزير خارجيته,وظهر نصف المحفظة وسوكارنو يتابع أصابعه وهو يؤدي عملية النشل وعلي وجهه ابتسامة عريضة!
* كنت أحد المراسلين الحربيين عام1973بعد أن حصلت علي عدة دورات تدريبية عسكرية علي الأسلحة الخفيفة بالقوات المسلحة..وفي أحد المواقع العسكرية طلبت من قائد الخابرات الحربية أن أقابل قائد المنطقة.. فقال لي إنه علي بعد25كيلو مترا داخل سيناء..ووفر لي سيارة جيب,وعندما وصلت خرج العقيد عبدالمقصود قائد الموقع ومعه المئات من رجاله من تحت الرمال وهللوا وهم يصيحون:هل عرفت مصر أننا دخلنا سيناء؟
يومها أعطاني القائد علبة طحينة جاهزة من صنع إسرائيل..وكانت مصر في اقتصاد حرب لا تعرف الطحينة علي الإطلاق..كما أهداني هدية عمري التي أحتفظ بها حتي الآن وهو علم إسرائيلي ممزق اخترقه رصاص المصريين!
* في طريقي إلي أرض المعارك..كان أمام سيارتنا الجيب سيارات لوري محملة بالمقاتلين المصريين,فوجئنا بفلاحة تخرج من أحد الحقول وعلي رأسها ‘سلة’ مكدسة بالبرتقال لتبيعها علي الطريق..اندفعت نحو السيارات اللوري وألقت بالسلة تحت أقدام الجنود,وهي تدعو لهم بسلامة العودة والنصر..ضحت بكل رأسمالها في هذه اللحظة..لأن الإحساس بالوطن يفوق كنوز الدنيا حتي عند البسطاء!
* قبل حرب أكتوبر بثلاثة أشهر سافرت إلي مهرجان الشباب العالمي ببرلين الشرقية..في أحد التجمعات التي يرقص فيها الشباب,تقدمت مني سيدة في الثلاثينيات من عمرها..قدمت لي نفسها كمهندسة مجرية ومعها صديقها الشاب في مثل سنها ويبدو أنهما اطمأنا لشخصي عندما لاحظا جنسيتي المصرية مسجلة علي البادج..بالجاكت..فتح لي الشاب قلبه قائلا:
إن أعظم إنجاز لمصر هو طرد القوات السوفيتية…ونحن نحسدكم علي حسن تصرفكم,ونتطلع إلي اللحظة التي نطردهم فيها من بلادنا..فما أنجزته مصر بمجرد قرار,نعلم أننا سندفع آلاف الأرواح لتحقيقه!
ثم قال لي:انظر إلي برج التليفزيون الضخم بميدان ‘ألكسندر’ ستجد في أعلاه كرة زجاجية ضخمة..إنها من تصميم مهندس ألماني..وعندما تشرق الشمس يوميا,ستجد صليبا ضخما يتحرك علي الزجاج مع تحرك الشمس..إنها رسالة من المهندس الألماني إلي الشعب وإلي القوات المحتلة تؤكد أننا سنبقي مؤمنين بديننا وبوطننا مع كل إشراقة شمس.
الحرب علي الفساد
* غمرت الأسواق المصرية في السبعينيات معلبات لانشون وبولوبيف مستوردة من الخارج لاقت إقبالا جماهيريا..وتمكنت من الحصول علي تقارير من المعامل المركزية لوزارة الصحة تؤكد فيها أنها لا تصلح للأستهلاك الآدمي,بل أنها تستخدم طعاما للقطط والكلاب!!..ونشرت حملة صحفية في عده حلقات بمجلة المصور,وكان رد الفعل مدويا..فقد تناولت جميع الصحف المصرية هذا الموضوع تحت عنوان ‘نحن نأكل طعام القطط والكلاب’,وهو نفس عنوان مجلة المصور..وعلي أثر ذلك صدرتعليمات عليا بحظر طرح هذه المعلبات في الأسواق!
* في عام1977قمت بشن حملة ضد أحد مصانع الأدوية المسكنة تناولت فيها أخطار وسوء التصنيع..وكان رد الفعل المباشر والسريع هو مظاهرات ضخمة داخل المصنع بتحريض من رئيس مجلس الإدارة للتهجم علي الصحافة..غير أن النتيجة كانت فصل رئيس مجلس الإدارة وإصلاح الأوضاع داخل المصنع.
* في السبعينيات نشرت سلسلة تحقيقات صحفية عن التعذيب الوحشي في أجهزة الأمن,وكانت المحاكم في تلك الفترة تنظر قضايا التعويضات للمجني عليهم…ومنهم المستشار وصفي أحد أعضاء مجلس الدولة ورائد ‘أخبار اليوم’ مصطفي آمين وغيرهم كثيرون..وكانت هذه القضايا معطلة لأن القانون رقم101ينص علي عدم استدعاء أي مسئول بأجهزة الأمن الأبعد موافقة رئيس الجمهورية..وبعد نشر هذه السلسلة أخذت المحاكم بما نشر باعتباره وثائق بديلا عن استدعاء المسئولين وتوالت بعد ذلك الأحكام في قضايا التعويضات.
محطات النجوم
مع نجوم الصحافة كان لنا محطات استعاد فيها صفوت عبد الحليم الذكريات معهم وعنهم:
* محمد التابعي..كان صحفيا أورستقراطيا وأنشأ مدرسة أصبحت بعد ذلك مدرسة أخبار اليوم.
* فكري أباظة..عندما كنت في المصور نشرت بعض الموضوعات التي تمس صلاح نصر,فرفع صلاح نصر دعوي قضائية ضدي وضد رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير الأستاذ فكري أباظة..وكان فكري أباظة يصطحبني معه إلي جلسات المحكمة وذات يوم كنت جالسا إلي جواره في السيارة في طريقنا إلي المحكمة..نظر إلي فجأة قائلا ‘جاتكو البلاوي’..أخذتم كل ثروتي التي وضعتها أسهما في دار الهلال وتعطوني عنها تعويضا شهريا خمسة وعشرين قرشا..ثم تأخذوني إلي قاعات المحاكم متهما..وكرر مرة أخري ‘جاتكم البلاوي’!!..وضحكت لأنني أدركت علي الفور أنه يتحدث إلي الثورة من خلالي!
* أنطون سيدهم..كان يمارس العمل الصحفي بأعتباره رسالة,لذلك لم يدخل بيته مليم واحد من أرباح جريدة ‘وطني’ بل كثيرا ما كان يسدد تكاليف الطباعة من جيبه الخاص..وعندما أغلق السادات الجريدة ظل يدفع مرتبات العاملين في ‘وطني’ من جيبه الخاص طوال مدة ثلاث سنوات ونصف السنة!
ومن بين حملاته المدوية مقالاته الشهيرة مطالبا بعودة أملاك الأوقاف الخاصة بالأقباط إلي الكنيسة القبطية,وظل فارسا شجاعا جسورا في حملته حتي نجحت وأعيدت الأوقاف.
* أمينة السعيد…أول سيدة تتولي منصب رئيس مجلس إدارة مؤسسة صحفية قومية ضخمة هي دار الهلال وأول رئيسة تحرير لمجلة المصور.
كانت سيدة عظيمة لا تعرف التفرقة العنصرية أو الدينية,وكانت تقاتل بضراوة من أجل حقوق المرأة,ولها مواقف حادة ضد رجال الدين المتعصبين.
* محمود أمين العالم..مفكر عميق..صاحب نظرية ‘الاستيعاب’التي أقنع بها زملاءه الشيوعيين في المعتقل في عصر عبد الناصر,ومضمونها أن يكرس الشيوعيون جهودهم في خدمة النظام حتي يتمكوا من السيطرة علي وسائل الإعلام والمواقع الحيوية في الدولة.وعندما يسقط عبد الناصر يكون الحكم ثمرة دانية بين أيديهم,وبعد أن خرجوا من المعتقل وبدأوا مسيرتهم بالأسلوب المخطط له طمعوا في المزيد فرفعوا شعار ‘لا يحكم شعب أحمر ولا جيش أحمر’..أي أنهم طالبوا بوجود الفكر الماركسي في فصائل وكتائب الجيش,وكان في ذلك مقتلهم!
* حافظ محمود…كان سياسيا محترفا للصحافة..وكان صحفيا محترفا للسياسة..احترف العمل النقابي بجدارة..,لم يستطع نظام عبد الناصر أن يلوي ذراعه أو يجعله يحيد عن الفكر الديموقراطي.
* أعكف الآن علي تأهيل جيل جديد من صحفيي ومحرري ‘وطني’ التي أعتبرها بيتي الثاني,فشباب الصحفيين اليوم هم نتاج نظام تعليمي مترهل ونظام قيمي متآكل,وواجبنا نحن شيوخ الصحافة أن نعطيهم الفرصة ونسمح لهم بصلاحيات متزايدة من المسئولية والقيادة حتي ينضجوا ويصقلوا..بذلك تتجدد الدماء في عروق ‘وطني’ وتتواصل فيها الأجيال بشكل طبيعي وصحي.
* وبعد…هذا حصاد مختزل لمشوار عمره نصف قرن..مخزون الجعبة يغطي مجلدات…ولذلك نتمني من الأستاذ صفوت عبد الحليم أن يصدره قريبا في كتاب..لعله يكون كنزا ودرسا للصحفيين الشبان..ولكل من يتطلع إلي معرفة الأسرار والحقائق التي أحاطت بمصر منذ الثورة وحتي اليوم.