تعيد اليوم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بتذكار اعلان صعود جسد السيدة العذراء مريم، وكما يبدو على مر العصور التي شهدتها الكنيسة في مصر المعونة السماوية التي أسفعت بها السيدة العذراء مريم لحل كل الضيقات والأزمات التي صوبت لضعف الإيمان والتشكيك في القدرة الإلهية أو اقتحام الخراب والحروب والمراض داخل المجتمع المصري، مما يجعل قيادات الكنيسة وارعاه في الأوقات العصيبة هذه أن يلجأوا للتشفع إلى العذراء مريم لثقتهم في صلواتها التي ترفعها بأمانة أما عرش الله ليرسل السلام على الكنيسة والعالم، فدائمًا الأباء البطاركة يشدون بقوة شفاعة السيدة العذراء فهم دائمًا واضعين الثقة بها لذلك لا يخزون أبدًا.
وفي الأونة الأخيرة لحقت بالكنيسة أزمة روحية وجريمة إنسانية شقت قلب المسيحين شطرين لعثرتهم في حادث مقتل الأنبا أبيفانيوس رئيس دير أبو مقار في الأيام الماضية، وهو الأمر الذي دعى إليه البابا تواضروس الثاني بابا الأسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية إلى الصوم والصلاة في نهضة صوم السيدة العذراء مريم عام 2018 ليرفع الله بيده الحانة الأزمة التي تعثرت فيها الكنيسة، وأكبر دليل على قوة شفاعة العذراء مريم هو حشد الملايين داخل الكنائس في كل أقطار مصر والمهجر للصلاة والتعبد طوال فترة النهضة.
ولا سيما تكريم البابا تواضروس للسيدة العذراء مريم في عهده الحالي فقد ألقى العديد من العظات والتأملات عن العذراء مريم، وقام بتدشين العشرات من الكنائس بأسمها، وأيضًا ففي هذا العام ترأس إحتفالية الكنيسة القبطية الأرثوذكسية باليوبيل الذهبي لتجلي السيدة العذراء مريم بكنيستها بضاحية الزيتون بالقاهرة واستمر الإحتفال لمدة ثلاثة أيام متصلة.
وفي عهد البابا الراحل، قداسة البابا شنودة الثالث توالت ظهورات روحية للسيدة العذراء مريم ومنها الظهورفوق قباب كنيسة القديس مار مرقس الرسول وهي تقع فى منطقة الكنائس القديمة بغرب أسيوط في فجر السبت 16 سبتمبر 2000م جريدة وطنى هذه الصورة يوم الأحد 22/ 10 /2000م الموافق 12 بابه 1717 ش السنة 42- العدد 2026، وذكرت الجريده أنه صاحب ظهورها كثير من الظواهر العجيبة كأنوار بيضاء كالثلج فوق القباب وبين المنارات،و بخور كثيف ذى رائحة جميلة، وإنطلاق أشكال روحانية كالحمام شديد السرعة.
وقد أصدر بيان من الآباء كهنة أسيوط عن التجليات فى الكنيسة المرقسية ونشرت بمجلة الكرازة بتاريخ 10 أكتوبر 2000 الموافق 30 توت 1717 ش – العدد من 35 – 36 هذا البيان يؤكد مشاهدة لآلاف لتجلي العذراء بين منارتي وقباب كنيسة لاقديس مرقس الرسول والتي تم إفتتاحها للصلاة بتاريخ 31/ 10/ 1999م وذلك بعد أن تم أعادة بنائها مع دار المطرانية .
وفي يوم الأربعاء 22/11/2000م قال البابا شنودة الثالث: “اني أريد أن آخذ بيان من المطرانية وأنشره لأني لم أذهب إلى هناك، فجاء لنا هذا البيان بإمضاء الآباء كهنة المطرانية ونشرناه في مجلة الكرازة، لكن على الرغم أنني لم أذهب فقد أرسل إلي تسجيل، شريط فيديو، فيديو كاسيت، ومما لا شك فيه أنه ظهورات روحانية من عند ربنا للأسباب الآتية
أولًا: نور يفوق الوصف أي ليس مثل النور الطبيعي كان يسطع علي الكنيسة وواجهتها وقبابها وبالذات علي الصليب وكان الصليب ينير بطريقة عجيبة جدا، وطبعا هذا الصليب عندما ينير لابد أن يكون من ربنا لأن الشياطين تخاف من الصليب ولا تقدر أن تقترب من الصليب وتنيره، إذن إنارة الصليب شيء من ربنا، وإنارة قباب الكنيسة وإنارة المنارات، هذا أول سبب أن هذا الأمر من ربنا.
وتابع: “السبب الثاني هو أن هذا الظهور سبب نهضة روحية كبيرة في المنطقة وفي غيرها، الناس الذين يأتون إلي الكنيسة ويقضون الليل كله في الصلاة، وامتلاء الكنيسة بالتسبيح وبالصلوات، فهذا شيء من الله لأن عدو الخير لا يقبل أن تمتليء الكنيسة بالتسبيح، وتمتليء بالتراتيل، فهو يتعب كثيرا من هذا الموضوع”.
وقال: “إن السبب الثالث هو أن هذا الموضوع سبب تعميق للإيمان في قلوب الناس من ناحيتين الناحية الأولي هي أنه شيء فوق الطبيعة، ما معني فوق الطبيعة، يعني يبصوا يلاقوا نور فجأة ملأ المكان، ملأ المنارة، ملأ القبة، ملأ الصليب بطريقة عجيبة، ثم يبتعد، من أين أتي، لا يعرفون له مصدر؛ لكن طالما يأتي ويأتي في الكنيسة، ويأتي علي الصليب والقباب، فهذه ناحية تقوي الإيمان أنه يوجد شيء فوق الطبيعة، أي أقوي من الطبيعة.”
وفي عام 2009 وأيضًا في عهد البابا شنودة الثالث و حبرية نيافة الأنبا دوماديوس مطران الجيزة أعلنت مطرانية الجيزة أنه حدث ظهور وتجلى للسيدة العذراء في كنيستها بوراق الحضر التابعة للمطرانية، وذلك فجر يوم الجمعة 11 ديسمبر 2009م الساعة الواحدة صباحًا، وهو ظهور كامل للسيدة العذراء وهي بملابسها النورانية فوق قبة الكنيسة الوسطى بالثوب الأبيض الناصع وتشد وسطها بحزام لونه ازرق ملوكي، وعلى رأسها تاج وفوق التاج صليب القبة. وصلبان الكنيسة يصدر منها أضواء باهرة، وقد رآها كل أهل المنطقة وهي تنتقل و تظهر على البوابة بين المنارتين.
وظل هذا الظهور من الساعة الواحدة صباحًا حتى الساعة الرابعة فجر يوم الجمعة، كما رصدتها كل عدسات التصوير والموبايلات وتقاطر جماهير المنطقة والمناطق المجاورة والمارة وتجمَّع في هذا الوقت ما يقرب من 3 ألاف نسمة في الشارع أمام الكنيسة.
وقال قداسة البابا شنودة في محاضرة يوم 23 سبتمبر2009م، نصًا: “الأمر الذي يشغل الناس حاليًا: النور – الحمام – العذرء، نحن نعيش في عالم مادي على الأرض، ولكن هناك عالم آخر فوقنا عالم، ذلك العالم الأخر نسميه “سكّان السماء”، ونسميه أيضًا: “عالم النور”.
وتابع: “أن العالم الآخر كل ما فيه نور، الله نفسه -تبارك اسمه- نورٌ لا يُدنى منه، و السيد المسيح من صفاته أنه نورٌ من نور، والعذراء اسمها “أم النور، والنور يشمل كل نفس بشرية أيضًا، من النفوس البارة التي صعدت إلى السمء، فنحن من الممكن أن تأتي لنا زيارة من العالم الآخر، وتلك الزيارة تكون نور أيضً، لذلك، العذراء تظهر ككتلة نور أيضًا، ولكن لها ملامح، والحمام الذي يظهر أيضًا يكون منيرًا، وليس حمامًا عاديًا من الذي يراه الناس والنور الذي يظهر يكون نور مُبهِر ورائع، غير الأنوار العادية، فنحن نفرح إذا جاءت لنا رسالة من السماء لكي تفتقدنا”.
أما عن المعونة العظيمة التي شهدتها مصر لمدة عاميين على التوالي كما سجلها التاريخ مساء يوم 2 أبريل 1968م ن كان تاريخا واضحا جلياً فى تاريخ المسيحية فى مصر لأنه فى عهد قداسة البابا كيرلس السادس بدأت العذراء مريم فى التجلى فى كنيستها بحي الزيتون بالقاهرة وكان يطول ظهورها عدة ساعات والألاف من الناس تشاهدها وأستمر ظهور العذراء عدة شهور كل يوم.
وبعد أن تكرر الظهور لعدة ليالى تصاحبه عدة ظواهر عجيبة شكل قداسة البابا كيرلس السادس لجنة من الاباء، القمص جرجس متى مدير الديوان البطريركي، والقمص يوحنا عبد المسيح سكرتير اللجنة الباباوية لشئون الكنائس، و القمص بنيامين كامل سكرتير قداسة البابا، وذهبت اللجنة إلى كنيسة السيدة العذراء بالزيتون لتقصى الحقائق حول ظهورها وتجليها، وعاينت ظهور العذراء بأعينهم ثم تقابلت مع عمال الجراش الحكومى المقابل للكنيسة الذين شاهدوها أولاً وكتبوا تقريرهم بتاريخ 30 ابريل 1968 م وسجلوا.
وأرسل جمال عبد الناصر إلى بطريركية الأقباط ألأرثوذوكس بعض المبعوثين ليتأكد من ظهور العذراء مريم , وجاء مبعوثيه يسألون البابا كيرلس السادس هل العذراء ظهرت؟ فلم يجيبهم وعندما أصروا على الإجابة قال لهم: ” أذهبوا وشوفوها بنفسكم”
فقرر الرئيس جمال عبد الناصر وهو يدين بالإسلام الذهاب شخصيًا لمشاهدة هذا الظهور الغريب ومعه عائلته وكان يصحبه حسين الشافعى سكرتير المجلس الإسلامي الأعلى، وجلسوا في شرفة منزل أحمد زيدان كبير تجار الفاكهة والذى كان منزله مواجه لكنيسة السيدة العذراء بالزيتون، وليلتها ظهرت السيدة العذراء أم النور ظهورًا فريدًا فى الخامسة صباحاً كما جاء في المصدر “كتاب محمود فوزى البابا كيرلس السادس وعبد الناصر” ورآها كل الحضور وتولت الحكومة تنظيم الحضور حول الكنيسة وجمع مبالغ نقدية وأعطت الحكومة الجراش المقابل إلى الكنيسة وبنيت فيه كاتدرائية كبيرة بأسم القديسة العذراء مريم.
وفي حديث لقداسة البابا شنودة الثالث للأستاذ محمود فوزي قال:”أن ظهور العذراء في سبب هذه الظهورات وسبب مجيئها في ذلك العصر نحن لا نتحدث في الظهورات نفسها ولكن في سببهم أو سبب مجيئها، وإذا كان الرئيس جمال عبد الناصر قد شاهد بنفسه ظهور السيدة العذراء فهذا يؤيد الفكر الذي اقوله بأن مصر كانت تحتاج إلى تعزية خاصة من الناحية السياسية بعد نكسة 1967م ، وإشعار مصر أن هناك مساعدة من الأرواح المقدسة التى صعدت إلى الرب وخصوصًا من العذراء التي بعتقد فيها المسلمون قبل أنيعتقد فيها المسيحيون، يعنى في الإسلام يعتبر الله يفضلها على نساء العالمين، فهي من الناحية السياسية تعزية لمصر بعد النكسة”.
وتابع: “أما من الناحية الروحية فظهور روح مقدسة إنتقلت من عالمنا منذ أكثر من 1900 سنة إشعار لنا بخلود النفس ويرقى هذه النفس التى تظهر فى هيئة نور ساطع, وكون انها ترتبط ببعض المعجزات إشعار بقوة الروحانية كلها ورفع للمجتمع من النظرة المادية إلى النظرة الروحية ومن الناحية السياسية تعزية لمصر في وقت قد تعبت فيه فعلًا”.
وبالفعل بعد ذلك وجدنا مصر قد بدأت تصعيد قوتها والجيش بدأ من مرحلة الردع إلى مرحلة القدرة على الهجوم إلى ان اصبح من اقوى القوى العسكرية فى الشرق الأوسط _ ثم لماذا عام 1968م بالذات إذا لم يكن تعزية حقيقية لمصر.