ولدت السيدة الطاهرة العذراء مريم من أبوين تقيين بمدينة الناصرة حيث كان والديها يقيمان، فكان والدها يواقيم من فاربا فير من نسل داود من
سبط يهوذا، وكانت والدتها هي القديسة حنة أبنه متثان الكاهن من سبط لاوي .
كان قد مضى على زواجهما خمسون سنة دون أن ينجبا أولادًا حيث أن حنه كانت عاقرًا، وكان ذلك بمثابة مكرهة عند اليهود في ذلك الزمان،
وأنهما كان متوجعان القلب لأنهما لم يقدما قربانًا لله لأنه لم ينجب أولادًا.
ولما جاء ملء الزمان – وحسب التدبير الإلهي، أرسل الرب ملاكه وبشر الشيخ يواقيم حينما كان قائمًا في الجبل يصلي بقوله : ” ان الرب يعطيك نسلاً يكون
فيه خلاص العالم . ” فنزل من الجبل في الحال مصدقاً لما قاله الملاك، وأعلم زوجته حنة بما رأى وسمع ففرحت وشكرت الله
ونذرت نذرًا أن الذي تلده يكون خادماً لله في بيته كل أيام حياته وكان ذلك في يوم التاسع عشر من شهر كانون الأول من السنه السابعه عشر قبل الميلاد .
وفي اليوم الثامن من شهر أيلول من السنه السادسة عشرة قبل الميلاد، ولدت مريم البتول في القدس، في المكان الذي يدعى اليوم “مدرسة القديسة
حنة” طفل جميل وسميت ” مريم ” – أي ( سيدة) أو (رجاء) حسب تسميه الملاك، وفرح بها والدها فرحًا عظيمًا ..
والتي أصبحت ملكة نساء العالمين ..
لما بلغت مريم عامها الثالث جاءا بها والدها وقدموها لله لأنها كانت نذراً لله، وبقيت في الهيكل حتى سن الثانية عشرة . وقبلها
زكريا ( الكاهن ) الاكبر، وادخلها الى قدس الاقداس، بالهام الروح القدس، اذ انها يوماً ستصبح قدس أقداس الرب يسوع ..
في وقت أقامتها في الهيكل توفي والدها ( يواقيم )، وعند بلوغ العذراء …أخذ الكهنة يتشاورون، كيف يتصرفون معها بدون أن يبغضوا الله .
يقول القديس ( إيرونيموس ) إن الكهنة لجاُوا إلى تابوت العهد بصلاة حارة، وطلبوا من الله أن يظهر لهم الرجل الأهل لأن
يعُهد اليه بالعذراء ليحفظ لها بتوليتها تحت مظهر الزواج .
أمُروا يومئذ بصوت من الرب بأن ينتخبوا أُثنى عشر رجلاً من قبيله داود، لا نساء لهم، أرامل، ويضعوا عّصيهم على المذبح ويسلموا العذراء لمن
تزهر عصاه .
فعلوا ذلك وكانوا يصًلون طول الليل قائلين: “أظهر يارب الرجل المستحق للعذراء .”وفي الصباح دخل الكهنة مع
الأثنى عشر رجلاً فرأوا أن عصا يوسف قد أزهرت وكان هو أقرب إليها، وكان عمره وقتها
ثمانين سنة فعلموا أن هذا هو أمر الرب، لأن يوسف كان صدّيقًا بارًاً، فتسلمها وظلت عنده إلى أن جاء الملاك جبرائيل، وبشرها بتجسد الابن منها لخلاص آدم وذريته .
يتجلى خضوع العذراء مريم في قبولها لمشيئة الله، فهي الفتاة المخطوبة التي لا تعرف رجلاً بعد .. تأتيها بشارة الملاك لكي تخبرها بأن أختيار السماء وقع عليها
لتكون أماً لأبن الله يسوع المسيح .
دوام بتولية العذراء :
موضوع دوام بتولية العذراء ـ موضوع قديم جدًا، قد تحدث عنه أباء الكنيسة منذ القرنين الثانى والثالث للميلاد، وكذلك
تحدث عنه آباء القرنين الرابع والخامس.
وقد سبق وبالتحديد في عام 1962 قد تم ترجمة كتاب للقديس “جيروم” دافع فيه عن دوام بتولية العذراء ضد رجل يسمى “هلفيديوس” لسنة 383 م والتي يعتمد عليها البروتستانت حاليًا-لاتخرج
عن آراء هذا الرجل…
وقد صدق أيضا القديس ( جيروم ) حين قال : ” كل أبن وحيد هو أبن بكر، ولكن ليس كل أبن بكر هو ابن وحيد . ”
بشارة الملاك جبرائيل للعذراء :
تعود عائلة مريم إلى بيت داود كما جاء في بشارة الملاك لها قائلاً : ” لا تخافي يا مريم لانك قد وجدت نعمة عند الله، وها أنت ستحبلين وتلدين أبناً
وتسمينه يسوع، هذا يكون عظيماً وأبن العلي يدعى ويعطيه الرب الاله كرسى داود أبيه
ويملك على بيت يعقوب الى الأبد.” (لو 6 : 68 – 69 ) .
ظروف العذراء مريم وخطيبها يوسف الإجتماعية :
لم تكن العذراء مريم، أو يوسف رجلها من العائلات الغنية، فيوسف نجار بسيط، فحين جاءت ساعه ولادتها لم تجد غير المزود لتلد فيه.
وحين أرادا أن يقدما الطفل يسوع في الهيكل حسب عادة الناموس، وعند تطهيرها
حسب الشريعة لم يحملا معهما الا ” زوج يمام ” أو فرخي حمام، وهي تقدمة الفقراء .
وأن السيدة العذراء وهي بعد طفلة صغيرة تعيش في مدينة الناصرة، وهي مدينةفي الجليل، ولم تكن ذات أهميه بل كانت
بلده محتقرة، وأقل ما يقال عنها أنها بلدة
شريرة ومدينة آثمة، لا يمكن أن يأتى منها شيئاً صالحاً، فهذا ما قاله ” نثنئيل ” حين عرف أن
يسوع من الناصرة حيث قال: “أمن الناصرة يمكن أن يكون شيء صالح .” ( لو 1
: 46 ).
في هذا الوسط عاشت السيدة العذراء لكنها كانت كالنور الذي يشع وسط الظلام.
مجئ العائلة المقدسة لأرض مصر
في 24 بشنس – هذا اليوم المبارك – أتى سيدنا يسوع المسيح إلى أرض مصر وهو بعد طفل أبن سنتين، وكانت هذه الزيارة لسببين كما يذكر
في الانجيل المقدس.
لئلا اذا وقع في يد هيرودس، ولم يقدر على قتله، فيظن أن جسده خيال.
أما السبب الثاني فهو لكي يبارك أهل مصر لوجوده بينهم فتتم النبوة القائلة “من مصر دعوت ابني” (هو 11 : 1)
وكانت الرحلة تتكون من أربع أشخاص هم :
1-يوسف النجار
2 – السيدة العذراء والدة الطفل
3- القديسه سالومي
4- الطفل يسوع .
الناصرة ترفض يسوع :
عندما جاء السيد المسيح له المجد
الى الناصرة وهي موطنه الأصلي لكي يعّلم في المجمع، بهت الجميع من تعليمه وتعجبوا من الحكمة التي
أعطيت له، حتى كانت تجري على يديه معجزات
مثل هذه،
وعند ذلك رد عليهم يسوع قائلاً:
” ليس نبى بلا كرامة الا في وطنه وبين اقربائه وفي بيته .. ”
وأن أكبر دليل على رفض الناصرة للرب يسوع المسيح عندما خرج يسوع الى الجليل، فوجد فيلبس فقال له: اتبعني ! فلما قابل هذا (
فيلبس ) نثنائيل وقال له:” وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والانبياء …
يسوع بن يوسف الذي من الناصرة، فقال له
نثنائيل: ” أمن الناصرة يمكن أن يكون شئ صالح !؟
فقال فيلبس تعال وانظر ”
اليهود يصرون على عدم إيمانهم بالمسيح :
مع أن السيد المسيح قد صنع أمام
اليهود أيات وعجائب هذا عددها، فلم يؤمنوا
به بعد، وقد تنبأ أشعياء النبى عندما قال:
قد أعمى عيونهم، واغلظ قلوبهم، لئلا يبصروا بعيونهم ويشعروا بقلوبهم ويرجعوا
فأشفيهم .
غير أنه قد أمن به كثيرون من الرؤساء أيضا، غير أنهم بسبب الفريسيين لم يعترفوا به، لئلأ يصيروا خارج المجمع
لأنهم احبوا الناس أكثر من مجد الله .
العذراء مريم وعرس قانا الجليل :
كان هناك عرس في قانا الجليل، وكانت السيدة العذراء (ام يسوع) هناك كما دعا
الرب يسوع تلاميذه الى هذا العرس .
وقد حدث أنه عندما فرغت الخمر، طلبت السيده العذراء ام الرب من أبنها يسوع
قائله له: ” أن الخمر فرغت وليس لهم خمر.” فقال لها يسوع :” مالى
ولك ياامراة ؟ لم تأت ساعتي بعد.”
لقد قال لهم يسوع له كل المجد
:” أملأوا الاجران السته ماء فملأوها الى فوق ثم قال لهم أستقوا الأن وقدموا إلى رئيس المتكأ فلما قدموا
وذاق رئيس المتكأ الماء المتحول خمراً قال لهم أما انت فقد أبقيت الخمر الجديدة
الى الأن”.
العذراء مريم تزور اليصابات .
ذهبت العذراء مريم بعد سماع قول الملاك لها وبشارتها بمولد الطفل يسوع وبسرعه االى مدينه يهوذا حيث بيت زكريا
الكاهن، وسلمت على اليصابات، فلما سمعت اليصابات سلام مريم أرتكض الجنين في
بطنها وأمتلأت من الروح القدس، وصرخت بصوت عظيم وقالت :” مباركه انت في
النساء ومباركة هي ثمرة بطنك، فمن أين لي
هذا أن تأتي أم ربي إليّ؟ فهوذا حين صار صوت سلامك في أذني أرتكض الجنين بابتهاج في
بطني. ” فطوبى للتي أمنت أن يتم ما قبل لها من قبل الرب .”
لقد كانت المسافة بين الناصرة موطن
السيدة العذراء ويوسف وبين يهوذا موطن اليصابات وزكريا بعيده جدًا غير الجبال
والطرق الوعرة، وعبر السامرة …
تصنيف العذراء “في العهد القديم”:
خيمة الاجتماع :
هي العذراء التي هي مسكن الله مع
الناس ( خر 8 : 25 ).
تابوت العهد :
والذي كان يُحمل على عصوين، واحدة لموسى والاخرى لهارون، أما العذراء فقد حملت على عصوين متعارضين، الا وهما خشبتا الصليب ( خر 16 : 25 )
قسط المنَّ :
لقد قال الرب يسوع عن نفسه “أنا
هو خبز الحياة الذي نزل من السماء ليس كما أكل أبائكم المن في البريه وماتوا، ولكن من يأكل من الخبز الذي من السماء يحيا الى
الابد، الذي انا اعطيه هو جسدى الذي ابذله
من أجل حياة العالم.” ( يو 6 : 49 ) .
المنارة الذهبية:
عصا هارون :
العصا التي افرخت هي مثال العذراء التي
ولدت الله بدون زرع بشر .
سلم يعقوب :
وهي كالسلم الذي كان ليعقوب الذي
ربط السماء مع الارض
الجبل العقلى الناطق :
هذا هو
الجبل الذي رأه دانيال قد قطع من جبل ولم تلمسه يد أنسان . وهو الكلمه الصادره من
الأب أتى وتجسد من العذراء بغير زرع بشر
باب حزقيال :
كما قال في _حز 2 : 44 ) – فقال
الرب : هذا الباب يكون مغلقاً لايفتح ولايدخل منه أنسان، لان الرب الرب إله اسرائيل دخل منه فيكون مغلقاً
.”
فلك نوح :
كما خلص نوح ومن معه بواسطه الفلك، كذلك خلصنا نحن بتجسد الرب يسوع من العذراء مريم
.
– مدينه الله أورشليم الجديدة
:
هي السماء الثانية التي حوت في
احشائها الله الكلمة .
– شورية
هارون :
تلك التي حملت جمر اللاهوت في
أحشائها .
– السحابة
المنيرة :
تلك التي يجلس عليها الرب الأله (أش
19 )
– لوحا الشريعة :
التي كتب عليها كلمه الله، والعذراء
حملت كلمة الله في احشائها عند الصليب
كانت واقفات عند صليب يسوع، امه، و
أخت أمه مريم زوجه كلوبا ومريم المجدلية ويوحنا الحبيب .
“ولما رأى يسوع أمه ويوحنا
الحبيب قال لأمه: ياامرأة هوذا أبنك، وقال
ليوحنا الحبيب: هوذا أمك، ومن تلك الساعه
صارت مريم العذراء تتبع يوحنا الحبيب حتى انتقالها.”
دروس من حياة العذراء مريم :
أن الله لا يدعونا لحياة سهلة ومريحة،
بل لحياة أفضل بكل ما تحتمل هذه الحياة من
تحديات وصعوبات، لكن هو ذاته يضمن لنا
النصرة والغلبه فيها، أنه يطلب لنا فقط
القلب الوديع المتواضع الايمان الواثق في قدرته حين نخضع لمشيئة الله …