لا يمكن الحديث عن الأستاذ والمعلم صفوت عبدالحليم مدير تحرير جريدة وطني ومدير تحرير مجلة المصور ورئيس تحرير طبيبك الخاص الأسبق باعتباره صحفيا متميزا ناجحا فقط, كان الراحل قائدا ورائدا في عمله, صاحب مدرسة مهنية تهتم بالإنسان قبل السبق الصحفي, تهتم بصغار الصحفيين قبل كبارهم, تغرس فيهم قيم الكفاح وحب العمل والسعي نحو المعرفة والعطاء.
سعدت تشرفت بأن كان الأستاذ صفوت أول من استقبلني بمكتبه بجريدة وطني عام 2000, بعد أن قدمني له الأستاذ سليمان شفيق الباحث والصحفي, في وقت كانت جريدة وطني تشهد نهضة كبيرة علي يد رئيس التحرير المهندس يوسف سيدهم, ذلك من حيث الرسالة التي تبنتها المؤسسة بالتوسع نحو قضايا المواطنة والتعددية وفتح حوار متبادل فعال مع المصريين في الخارج, وهو ما صاحبه زيادة في عدد صفحات الجريدة, وأبوابها, والصحفيين الشباب الذين وفدوا إلي وطني, فوجد هؤلاء الشباب من يأخذ بأيديهم, تبني المهندس يوسف سيدهم رئيس التحرير وسليمان شفيق إنشاء برلمان الشباب ومركز التكوين الصحفي كمراكز إعداد أولية لشباب الصحفيين, بينما يتبني صفوت عبدالحليم التدريب والصقل المهني لهؤلاء الشباب, منهم من استمر في وطني ومنهم من انتقل لصحف أخري بعد اكتسابهم خبرات تفوق سنوات عملهم المهنية.
علي المستوي الشخصي, ساهم أستاذي صفوت عبدالحليم في تكويني المهني والإنساني وسمح لجيلنا بشكل عام بالاقتراب منه, والجلوس معه بانتظام والتعلم منه سواء فيما يخص مهارات وفنون العمل الصحفي, أو في مناقشة القضايا السياسية والتاريخية وغيرها من المجالات, وكم كانت سعادتي عندما اختارني للعمل تحت قيادته بدسك التحرير للجريدة فيما بعد.
كان بشوشا مناكفا يحب التعرف علي الآخرين ويكسر حواجز الخوف بداخلهم, ليس فقط مع أبنائه الصحفيين لكن مع زوار وطني حيث يقع مكتبه عقب الدخول من باب الجريدة, يحاول أن يطمئنهم ثم بعد ذلك يستمع إلي مطالبهم.
للأستاذ صفوت مواقف وطنية وتنويرية كثيرة, أذكر منها ثلاثة:
الأول بخصوص معركته لاستقلال نقابة الصحفيين في ستينيات القرن الماضي, حيث سعي الاتحاد الاشتراكي للسيطرة علي النقابة, واختار نقيبا ومجلسا لتنفيذ هذه المهمة, لكن الأستاذ صفوت قاد عددا من كبار الصحفيين لمقاومة هذا المجلس, وتحمل الكثير في سبيل ذلك, من التضييق عليه في عمله إلي محاربته في رزقه.
الثاني بشأن علاقته بالمرأة واحترامه الشديد جدا لها ولمكانتها, احترام نابع من حب وتقدير حقيقي بعيدا عن الشخصيات المزدوجة التي لديها خطابان, كان شديد الحب والوفاء لزوجته طنط عصمت, يتحدث عنها بكل تقدير وفخر بدورها في رحلة حياته الحافلة بمحطات من المعاناة والصبر والكفاح, كما كان الحال داعما للمرأة في العمل ومناصرا لحقوقها.
الموقف الثالث بخصوص عموده الأسبوعي بالجريدة لحظة صدق, حيث كان منبرا لنشر قيم التسامح والعدالة وحقوق وهموم الناس, فعمل علي إضفاء الجانب الإنساني علي ما يكتبه, يهتم بالمشكلة التي تشغل بال مواطن واحد كتلك التي تشغل قطاعا واسعا من المصريين.
أنت في القلب يا أستاذي, لن ننساك.
إسحق إبراهيم