مصر الأمن والأمان.. الدفئ والسلام.. البشاشة والترحاب.. هذا كان لسان حال سياح أول فوج إيطالي لمسار العائلة المقدسة فى مصر وكان لـ “وطنى” السبق فى مصاحبة هذا الفوج السياحى خطوة بخطوه خلال فترة تواجدهم الاسبوع الماضى من الأحد 17 يونيو حتى الخميس 21 من نفس الشهر.. وتجولنا معهم حتى نتعرف على انطباعاتهم ونرصد للقارئ تلك الرحلة المباركة.
فوج الحجاج كان يضم ما يقرب من 50 شخصاً يرأسه إثنان من الأساقفة هما الانبا برنابا السرياني أسقف تورينو وروما للكنيسة القبطية الارثوذكسية والمونسنيور لينو فوماجالى أسقف فيتربو للكنيسة الكاثوليكية اللذان يعملان سوياً منذ فترة لدعم العلاقات المصرية الايطالية.. وهذا التعاون أفرز فكرة إقامة معرض للآثار المصرية ومعرض للأيقونات القبطية يفتتحان خلال الأسبوع القادم فى القصر الخاص بمونسنيور فوماجالى بإيطاليا..
رحلة كانت بها خبرات عديدة منها الثقافي والروحي وكل يوم كانوا يزورون أماكن مختلفة من أنحاء مصر.. فعلى المستوى الروحي، تم تجهيز نقاط المرحلة الأولى من مسار العائلة المقدسة لاستقبال الزوار وهم مغارة كنيسة أبي سرجة والكنيسة المعلقة بمصر القديمة، وكنيسة العذراء بالمعادي ومنطقة وادي النطرون حيث الأديرة العامرة منهم دير البراموس ودير السريان مروراً بنبع الحمرا ثم دير الأنبا بيشوي.
وبجانب إهتمام هذا الوفد بالمزارات الدينية المتعلقة بمسار العائلة المقدسة إلا أن برنامج الرحلة لم يخلو من الزيارات الثقافية أيضا، فالأهرامات والمتحف المصري والمتحف القبطي وعروض الصوت والضوء كانت ضمن برنامج رحلاتهم. وكذلك زار الوفد بعض المباني الإيطالية الهامة مثل المستشفى الإيطالي “أومبيرتو الأول”
وتعد تلك هي الرحلة الأولى للحجاج الكاثوليك الإيطاليين التي قام بإعدادها الشركة الإيطالي “يونيتالسي”، بالتنسيق مع شركة “ترافل لاين” المصرية.
ومن الشخصيات الهامة التي قاموا بزيارتهم أثناء الرحلة، قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، والأنبا إبراهيم إسحق بطريرك الأقباط الكاثوليك.
كنيسة العذراء بالمعادي
وصل وفد الحج الايطالى في اليوم الأول بمصر لأولى النقاط وهى كنيسة المعادى الاثرية، فكنيسة العذراء بالمعادى هي احدى النقاط الهامة بمسار العائلة المقدسة وكانت نقطة بداية سفر العائلة المقدسة بمركب في النيل إلى الصعيد.
وكان في انتظار الوفد أبونا استفانوس وشرح للحجاج ذخائر الكنيسة وفِي جولة بالكنيسة الأثرية شاهدوا الأيقونات الأثرية والإنجيل المفتوح العائم فوق المياه على الآية التي تقول “مبارك شعبي مصر” والأيقونة الشهيرة عن مراحل حياة العذراء مريم.
كما زار الحجاج أيضا السلم الأثري المؤدي إلى النيل لمعايشة تاريخ كيف بدأت العائلة المقدسة رحلتها للصعيد بمركب في النيل من هنا، وكذلك مر الوفد بالسرداب الأثري.
البطريرك إبراهيم اسحق يستقبل الحجاج الايطاليين
وفي نفس اليوم استقبل بطريرك الأقباط الكاثوليك الأنبا إبراهيم إسحق، الوفد الإيطالي القادم إلى مصر، بالكلية الإكليريكية للقديس لاون للأقباط الكاثوليك في المعادي.
ورحب غبطة البطريرك في كلمته بالحجاج الكاثوليك وقال: يهمني أن أذكر أن هذا الحج قبل أن يكون زيارة لأماكن أثرية ومباني نعتز بها إلا أنه زيارة للأشخاص لعمل خبرة روحية وخبرة ثقافية وخبرة سياحية أيضا.
وأكد غبطة البطريرك في كلمته على أن المصريين مسلمين ومسيحيين يعيشون في حالة تعايش سلمي وودي كشعب واحد، وقال: “إننا لدينا الكثير من العوامل المشتركة ونقاط الالتقاء ولكن في أوقات يكون في بعض التحديات التي تهمنا كشعب واحد أن نتخطاها من أجل أن تبقى مصر ظاهرة بشكلها المتجانس السليم وهذا يساعدنا أيضا لإسترجاع السياحة لمصرنا الحبيبة.. إنني أتمنى أن يكون هذا الحج سبب بركة للجميع. أهلاً وسهلاً بكم في الكنيسة وفي الوطن مصر..”
وفور الانتهاء من كلمات الترحيب والشكر تبادل الجمع الهدايا، ثم تقدم وفد الحجاج وعلى رأسهم البطريرك إبراهيم إسحق وومعه المطارنة والكهنة لإقامة أول قداس لهم في كنيسة القديس لاون بإكليريكية الأقباط الكاثوليك بالمعادي في مصر.
البطريرك إبراهيم إسحق: الحج الفاتيكاني سيتيح فرصة لتقارب الكنائس
وفي تصريح خاص لوطني قال غبطة البطريرك، إنني سعيد جداً برحلات الحج لمسار العائلة المقدسة، ففي بداية الأمر وأثناء فترة التحضير لتلك الرحلات لم نكن نتوقع أن الأمور ستبدأ بتلك الحماسة من قبل الحجاج فهذا شئ مشجع وباشرة أمل أم الأمر يسير بنجاح.
وفي نفس الوقت اعتقد أن الإيطاليين شعب متدين وروحاني وسيشجع فكرة الحج لأماكن عاش فيها الطفل يسوع بمصر. وهذا الحج الفاتيكاني سيتيح فرصة لتجمع الكنائس والطوائف المختلفة مع بعض، كأرثوذكس وكاثوليك وإنجيليين مع بعض ونحاول أن نتعاون لوحدة كنيسة الله.. ونتمنى أن تكون تلك الفرصة لتقارب القلوب والعقول بيننا.
ونحن ننتظر من الدولة سرعة تطوير ورفع كفاءة النقاط على المسار بمختلف مراحله حتى تتوفر بها سبل الراحة الأساسية لأي زائر وحتى يمكن للحجاج زيارة أغلب الأماكن التي عاشت فيها العائلة المقدسة لمدة ثلاث سنوات ونصف سنة.
الأب هاني باخوم: نتمنى أن يتمتع الوفد بخبرة روحية تلازمه بعد عودته لبلده
قال الأب هاني باخوم في تصريح خاص لوطني: بالتأكيد أن هذا الحدث هو حدث تاريخي لأننا لسنا بصدد الترحيب بوفد سياحي عادي مثل آلاف الوفود السياحية التي تملأ أرض مصر، لكننا نستقبل اليوم أول وفد حج ديني ولأول مرة في مصر يكون منظم من خلال بعض المؤسسات الإيطالية والفاتيكان ووزارة السياحة المصرية.
وأهمية هذا الحدث في رأيي أن هذا الحدث يتخطى مفهوم السياحة الثقافية ويصل بالزائر إلى مفهوم ما نسميه خبرة روحية أساسية للإنسان وهو أن يتلاقى مع شخص يسوع المسيح في هذه الأرض. وإنني اتمنى أن هؤلاء الحجاج يستطيعوا تحقيق تلك الخبرة الروحية والتمتع بها.
من الجميل أن نستقبل الحجاج بالكرم والحفاوة والأساليب اللوجيستية المناسبة لمكانتهم كسياح في بلدنا، لكن الأهم أن نوصل لهم المعاني الروحية بالأماكن التي سيقوموا بزيارتها، فالموضوع لا يقتصر على زيارة مباني أثرية أو حجارة لكن الموضوع هو نقل الروح الموجودة بتلك الأماكن لهؤلاء الحجاج، وهذه الروح هي التي ستبقى مع كل حاج في فكره عندما يعود لوطنه وليس المعلومات فقط.
الأهرامات والمتحف المصري
في اليوم الثاني توجه الوفد إلى الأهرامات والمتحف المصري، ثم تناولوا الغداء على ضفاف النيل.
وفي المساء حضر مجموعة منهم عرض الصوت والضوء، وأعرب الوفد عن سعادتهم البالغة بالجولة وعرض الصوت والضوء.
وفي نفس الليلة توجه منظمين تلك الرحلة إلى منزل السفير الإيطالي بمصر جيامباولو كانتيني، لحضور مأدبة عشاء للترحيب بوفد من حجاج مسار العائلة المقدسة على رأسهم المطران لينو فوماجالي أسقف مدينة فيتيربو بإيطاليا ونيابة الحبر الجليل الأنبا برنابا السرياني أسقف تورينو وروما بالكنيسة الأرثوذكسية ومعهما العديد من الكهنة والشخصيات العامة والصحفيين. ودعا السفير أيضا رئيس الجالية الإيطالية بمصر بيرو دوناتو وشخصيات هامة من وزارة الآثار والدكتور زاهي حواس والدكتور عمرو الطيبي رئيس وحدة النماذج الأثرية.
ورحب السفير الإيطالي بالحضور وأعلن فخره بهذا الجمع وكل واحد منهم كان يساهم بدوره لإنجاح التقارب بين البلدين. وقال إن رحلات الحج الإيطالية ستكون نواه دعاية جيدة عن مصر في العالم كله.
المستشفى الإيطالي
زار الوفد صباح اليوم الثالث، المستشفى الإيطالي تخدم الجالية الإيطالية بمصر وتقدم الخدمة العلاجية للمصريين أيضا. وكان في استقبال الوفد مدير المستشفى الدكتور سامح وصفي ومعه لفيف من الراهبات اللاتي تعمل بالمستشفى.
وبدأت الزيارة بقداس إلهي في كنيسة المستشفى ثم زار الوفد أقسام المستشفى المختلفة بقيادة الدكتور سامح وصفي، الذي بدأ كلمته بتعريف تاريخ نشأة المستشفى وتعريف دورها في المجتمع المصري. وأضاف قائلا أن ما يميز المستشفى أن بها الكنيسة التي يقام بها قداسات تبارك المكان كل يوم والراهبات اللاتي تخدمن المرضى على المستوى الروحي والتمريضي إلى جانب حرصنا على تطوير أقسامها بأحدث الأجهزة بإستمرار. وبعد الجولة كانت هناك مائدة إفطار للوفد من قبل راهبات المستشفى.
قداسة البابا تواضروس يستقبل الوفد الإيطالي
استقبل قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الفوج السياحي الإيطالي، بالكاتدرائية بالعباسية في اليوم الثاني.
رافق الفوج السياحي، وفد رسمي من الكنيسة الكاثوليكية وهم نيافة المطران الأنبا توماس عدلي أسقف الجيزة للأقباط الكاثوليك ونيافة الأنبا برنابا السرياني أسقف تورينو وروما للكنيسة القبطية والمونسنيور لينو فوماجالي مطران فيتربو، والأب جانلي مساعد مدير جمعية يونيتالسي، وحضر اللقاء السفير جيامباولو كانتيني سفير ايطاليا بالقاهرة.
هذا وقد أعرب قداسة البابا تواضروس في كلمته على ترحيب الدولة والكنيسة بالفوج السياحي الإيطالي، موكدًا على روح المحبة والأخوة مع قداسة البابا فرنسيس.
وفي ختام اللقاء أهدى قداسة البابا لأعضاء الوفد؛ كتاب اليوبيل الذهبي لتجلي السيدة العذراء بالزيتون والميدالية الرسمية لزيارة العائلة المقدسة لمصر.
وقد رحب قداسة البابا تواضروس خلال كلمته للفوج السياحي الإيطالي قائلاً:
أنتم تزورون الأراضي التي عاش عليها السيد المسيح مدة ثلاث سنوات ونصف ولذلك صارت مصر أراضي مقدسة تماماً مثل فلسطين، وعندما تتصفحون في الكتاب المقدس ستجدون أكثر اسم ذكر في الكتاب هو “مصر”.
ورحلة العائلة المقدسة كانت بمثابة ملجأ أمان لها.. ومصر لها طبيعة خاصة في التاريخ الانساني، فهي صاحبة أقدم حضارة صاحبة التاريخ الغني، والكنيسة القبطية المصرية التي بدأت في القرن الأول الميلادي هي أقدم كيان شب على أرض مصر.
رحلة العائلة المقدسة – السيدة العذراء مريم والقديس يوسف النجار والطفل يسوع، زارت أماكن كثيرة، سواء شمال البلاد أو جنوبها.
نحن ككنيسة قبطية أرثوذكسية مصرية، نعيش في مصر من القرن الأول الميلادي امتداداً من الحضارة الفرعونية وتتأصل المسيحية على أرض مصر وتوجد لدينا آثار كثيرة، ويقف في مقدمة هذه الأثار المسيحية الأديرة، الأديرة القبطية الموجودة في كل أنحاء مصر.
وأكد البابا تواضروس أنه يشكر الله على تدشين مسار العائلة المقدسة وتحرصه الكنيسة من القرن الأول الميلادي حتى السنوات الأخير بكل ما فيها من أحداث، وأضاف قائلاً: وبتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي والحكومة المصرية ووزارة السياحة المصرية وكل الهيئات المعنية بهذا المسار، بدأ الاهتمام بهذا المسار بمحطاته الكثيرة ويكون هذا المسار شاهد على الحياة المصرية أن مصر هي بلد الأمان وبلد السلام وبلد المحبة. ونحن نرحب بكم في هذا اليوم ليس على الأرض فقط ولكن نرحب بكم في قلوبنا.
ونحن نشكر الله الذي اعطانا هذه الساعة ونرحب بوجودكم وبالزيارات الكثيرة التي تقومون بها وبكل الصحبة المباركة معكم.. وكما نقول دائماً في مصر “نورتوا مصر”
وقام المونسنيور لينو فوماجلي أسقف فيتربو للكنيسة الكاثوليكية، بتقديم الشكر لقداسة البابا تواضروس قائلاً: أشكر قداسة البابا لاستقبالنا.. وأشكر حفاوة الكنيسة المصرية وشكراً لحفاوة الحكومة المصرية، فنحن مرينا بخبرة عائلية مع الكنيسة هنا في مصر.
رحلة الحج الأولى التي نحن فيها والتي كانت مدعمة من الحكومة ومن جهات خيرية، نتمني أن نكمل هذا الطريق بروح الجماعة.. وككنيسة أسست من المسيح يمكننا أن نتضرع مع بعض بأهمية الأشياء الأساسية لدى الكنائس كلها، وأهم شئ روح التعاون وروح المسئولية والعزيمة على استكمال هذا الطريق مع بعضنا وذلك القاسم المشترك الذي يجب أن نكمل عليه سوياً لكي نكمل مسيرة وحدة الكنائس .
واسمح لنا قداسة البابا أن نقدم هدية لك وهي عبارة عن صورة العذراء مريم.. ونحن نصلي في رعاية العذراء مريم ومارمرقس نكمل رحلتنا ونثق في صلوات قداستكم لنا.
وكذلك قام الأب جاني مساعد مدير جمعية يونيتالسي الخيرية بإيطاليا، بتقديم هدية لقداسة البابا تواضروس قائلاً:
قداسة البابا شرف لي مقابلة قداستك وكنت في مصر في يوليه الماضي عندما أحضرت صور خاصة بزيارة البابا فرانسيس لقداستك. أنا أوصل سلام قداسة البابا فرنسيس لقداستك.
وجمعية يونيتالسي هي أكبر جمعية خيرية في إيطاليا، يعمل بها حوالي ٢٥٠٠٠٠ شخص، وجميعهم مهتمين برحلات الحج الديني وأكبر حج ديني لديهم هو في لورد بفرنسا.. وهذه الرحلة مهمة بالنسبة لنا لكي نكتشف الخطوات التي يجب أن نمشي عليها ونتذكر جذورنا، ولكي نأتي بالناس الذين يحبهم السيد المسيح وهم المرضي المحتاجين “ونتمنى إكمال هذه المسيرة ، ونقدم هديه لقداستكم وهي عبارة عن “قلب. والجمعية تتمنى من قداستك أن تحمل في قلبك مشاعر المحبة هذه لنا وتتذكرنا دائما.
وخلال كلمة رجل الأعمال أوجينيو بينيديتي، قال: “إن هذا الحج يمثل لنا أهمية تاريخية مزدوجة، أولاً أنه أول رحلة حج على مسار العائلة المقدسة في التاريخ فمن أول عام ميلادي حتى عام 2018 لم يكن حج فاتيكاني وها نحن هنا نسير على نفس مسار العائلة المقدسة.. وكل أعضاء الرحلة واعين ومدركين أنهم يشاركون في تلك الرحلة التاريخية الهامة، وسوف تجد قداستكم رحلات حج كثيرة تنظمها مؤسسة يونيتالسي في مختلف أنحاء العالم ولكنها اهتمت بالحج إلى مصر بدءاً من هذا العام حتى يرى العالم أجمع حياة المسيح في أرض مصر.. وثاني نقطة هامة هي أننا نحن الآن في وجود الأسقفين الأنبا برنابا السرياني السرياني والأسقف لينو فوماجالي وهما يمثلان الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية.. وهذا أيضا حدث تاريخي مهم أن يجتمعا معا في هذا الحج.
ومن ناحية أخرى، للتعبير عن نفس شعور المحبة، قرر الأسقف فوماجلي تخصيص ١٥٠٠ متر مربع من قصره بفيتيرفو لتنظيم معرض للفن القبطي القديم بعنوان “كنوز مصرية” مدة أربعة شهور، ومن المقرر أن يشارك به آلاف الإيطاليين”
وفي نهاية هذا الاجتماع الدافئ بين الكنيستين، بادر قداسة البابا بتقديم هدية لجميع الحضور وهي عبارة عن كتاب عن العذراء مريم تذكاراً لمرور خمسون عاماً على ظهورها بكنيسة العذراء في الزيتون وكذلك أهداهم أيضا بنسخة من أيقونة قبطية من القرن الخامس الميلادي موجود أصلها في كنائس مصر القديمة. ثم إلتف جميع الحضور حول البابا تواضروس لالتقاط صورة جماعية معه .
كنيسة أبي سرجة والمغارة التي عاش بها السيد المسيح
قام الوفد بالتوجه في اليوم الثالث لكنيسة ومغارة أبى سرجة بمصر القديمة، ذلك المكان الذى استضاف رحلة العائلة المقدسة فى مصر وقد اكتسبت المغارة التى توجد أسفل مذبح الكنيسة أهميتها من أنها كانت المحطة التى استقرت فيها العائلة المقدسة أثناء دخولها وخروجها من أرض مصر. وكان فى استقبالهم كهنة الكنيسة، أبونا أباكير منير وأبونا أنطونيوس فوزي. واستمع الوفد لشرح تفصيلي عن الكنيسة من الكهنة والمرشدين السياحيين محاولين نقل عظمة وروحانية هذا المكان المبارك.
ويذكر أن فى أكتوبر 2016 ..قام قداسة البابا تواضروس الثاني بإفتتاح كنيسة المغارة (ابو سرجة ) بمصر القديمة بعد الانتهاء من اعمال الترميم بها وايضاً لتدشين المذابح الجديدة.
الكنيسة المعلقة والمتحف القبطي
كان لـ”وطني” السبق في مرافقة وفد الحج الإيطالي الأول بصحبة نيافة الحبر الجليل الأنبا برنابا السرياني السرياني أسقف وتورينو وروما من الكنيسة الأرثوذكسية، والأسقف لينو فوماجالي أسقف مدينة فيتيرفو ،بصحبة لفيف من الأباء الكهنة والإعلاميين من إيطاليا، وكان في استقبال الوفد بالكنيسة المعلقة، كهنة الكنيسة وهم القمص يعقوب سليمان والقس كيروس تادرس والقس صموئيل عريان والقس غبريال فايق.
بدأ الوفد بجولة في “المعلقة” وسمعوا شرح تفصيلي عن تاريخ انشاءها ومراحل ترميمها ولماذا سميت بـ “المعلقة” حيث أنها بنيت على برجين من أبراج الحصن الروماني الذي بناه الإمبراطور “تراجان” في مطلع القرن الثاني الميلادي، وشاهدوا أيضا كل الزخائر الأثرية القبطية بها من أحجبة الهياكل المصنوعة من الأبنوس المطعم بالعاج الشفاف ويرجع للقرن الثاني عشر، أيضا الأيقونات الأثرية التي يصل عددها تسعين أيقونة والإنبل الرخامي المحمول على مجموعة أعمدة رخامية داخل صحن الكنيسة، ويرجع إلى القرن الرابع عشر وبه قطعة رخامية ترجع إلى القرن السادس، وكذلك العمود الذي ظهرت عليه العذراء مريم للأنبا إبرام لإرشاده وقت معجزة نقل جبل المقطم في عهد الخليفة المعز لدين الله الفاطمي.
والكنيسة المعلقة تعتبر واحدة من أقدم الكنائس على مستوى العالم، وبُنيت بفكرة هندسية غير موجودة في العالم، كما أن الكنيسة تحمل اسم العذراء مريم، وأشهر شهيدة مصرية من القرن الرابع الميلادي وهي القديسة دميانة.
وتضمنت زياراتهم في اليوم الثاني المتحف القبطي حيث تجولوا بين أقسامه المختلفة سامعين للشرح ومنبهرين من المكان وكل ما فيه من قطع ثمينة وتوقفوا عن تفاصيل الأسقف في المبنى وشكل المشربيات الموجودة به.
دير السريان.. القداس الكاثوليكي في الكنيسة الأثرية
في اليوم الرابع من الزيارات، توجه الوفد إلى منطقة وادي النطرون، حيث النقاط الثلاثة على مسار العائلة المقدسة وهم دير الأنبا بيشوي ودير السريان، ودير البراموس.
وبدأ يومهم بدير السريان وكان في استقبالهم بالدير رئيس الدير نيافة الأنبا متاؤس، ولفيف من رهبان الدير بوجوههم البشوشة وبترحاب شديد.
وأقام الوفد الكاثوليكي صلاة قداس في صحن الكنيسة الأثرية، حيث وقف القساوسة الكاثوليك وترأس القداس أسقف فيتربو لينو فوماجالي – في حضور الرهبان الأرثوذكس، والصلوات والتضرعات للاله الحي يسوع المسيح ليرحمنا جميعاً، واختلطت مشاعر الحاضرين بين الفرح والاندهاش من المفاجأة.
وبدأ الأسقف لينو فوماجالي عظته أثناء القداس بالشكر للكنيسة الأرثوذكسية ودير السريان، والأنبا برنابا السرياني أسقف روما لهذا الموقف المؤثر والفريد، لأن تلك أول مرة يتم إقامة صلاة قداس وفد كاثوليكي بالدير، وكأن السماء تفرح بهذا التجمع من أجل وحدة وقوة روحية باسم المسيح، فتلك الخطوة التي بدرت بدافع المحبة تكون بمثابة نواة لوحدة الكنيسة وخطوة كبيرة في طريق طويل يحتاج إلى روح التعاون والمسئولية والعزيمة لاستكماله مع بعض.
وحول هذا الحدث الفريد، صرح نيافة الأنبا متاؤس رئيس دير السريان قائلاً: نحن سعدنا جداً بزيارة وفد الحجاج الكاثوليك للدير ونحن دائماً نرحب بالزوار القادمين إليه.. وبالنسبة لإقامة قداس كاثوليكي داخل الدير، تم إعداد منضدة وسط الكنيسة لكي يقيموا صلواتهم عليها فالكنيسة يدخلها كل البشر من مختلف الأديان والطوائف. إن كان الكاثوليك يتيحوا لنا كنائسهم عندما نتواجد في الخارج ونقيم صلواتنا وقداساتنا فيها سنوات عديدة إلى أن يسترجعوها مرة أخرى، فليس غريب ولا يؤخذ علينا أن نتيح لهم مساحة داخل الكنيسة لإقامة قداس لهم.
بعد إنتهاء القداس، فجأت الزائرين نادية عبده محافظ البحيرة بحضورها ورحبت بالجميع وأهدت الوفد علم مصر وباقة من الزهور للترحيب بهم.
دير الأنبا بيشوي.. أخر نقطة في رحلة الإيطاليين
وأخر زيارة للوفد الحج الإيطالي كانت دير الأنبا بيشوي، ضمن النقاط التي مرت عليها العائلة المقدسة وهو الدير الذي ينتمي إليه البابا تواضروس الثاني كما أخرج ثلاث بطاركة للكنيسة الارثوذكسية.
وكان في استقبالهم رهبان الدير، وتجولوا معهم بالدير ليشاهدوا الأماكن الأثرية العديدة بهذا المكان والذي يمثل أحد الأديرة التي بنيت في منطقة مسار العائلة المقدسة، حيث مرت العائلة من ألفين عام في برية شيهيت.
وشرح الأباء للوفد تاريخ الرهبنة وتاريخ الدير، ثم تجولوا في الدير وزاروا الكنيسة الأثرية وشاهدوا باب الهيكل الأثري ورفات وأجساد الرهبان القديسين القدامى.
كما زاروا مقر مدفن البابا شنودة الثالث الذي شُيد وقت نياحته عام ٢٠١٢
وأبدى الحجاج الايطاليين سعادتهم بالدير وحياة الرهبان فيه، وقالوا انهم شعروا بروحانية شديدة بالمكان.
مصر في عيون الوفد الإيطالي؟
كان لوطني جلسة مع بعض السيدات من الوفد وبسؤالهم عن مصر وعن رحلتهم ونقاط المسار، خرجت منهم الكلمات التالية:
سيدة منهم قالت: “كنت أفضل في سني أن اكتفي برحلة القدس فقط لكن بعد ما زرت مصر أستطيع أن اجزم أنني كنت سأندم ندم شديد لو لم أحضر لمصر، كل ما رأيناه جميل ومؤثر وتعامل المصريين معنا فيه دفء وترحاب غير عادي. وأتمنى كنت أرى كل نقاط المسار ليس 3 نقاط فقط لكن هذا سيجعلني أفكر اعود مرة ثانية لرؤية المزيد”
وأخرى قالت: ” إنني سأعود لبيتي وأنا سعيدة جداً وأحكي عن مدى الترحاب والحب وحسن المعاملة التي أختبرتها في مصر من كل من تعاملت معه، والمصريين مليانين بروح الأخوة ولديهم روحانيات بالفطرة لم اختبرها في أي مكان أخر في العالم”
أما الثالثة قالت لنا: “أنا زرت القدس 3 مرات لكن كنت خايفة مما أسمعه وأقرأه عن أن مصر خطر وغير آمنة، لكن لما وصلت مصر وخلال المدة التي تواجدت فيها وجدت العكس تماماً فهي آمنة جدا وأشكركم على مدى التأمين والأمان الذي شعرنا به”
وعبرت إحداهن قائلة: “أشكركم جميعاً لأنكم شعب يقدم للزوار ترحاب دافئ جداً وأنا فرحانة بعودتي لبيتي بغنى وثراء ثقافي وروحاني من كل ما رأيت بمصر.. وأحب أن اشكر كل من حافظ على أماننا وكل من خدمنا لأنهم فعلاً وصلونا لمشاعر الرضا والراحة”
وصرحت السيدة “بريتشيوزا” مديرة الشركة الإيطالية “يونيتالسي” المسئولة عن هذه الرحلة قائلة: “جئت من عدة شهور إلى مصر لتنظيم الرحلة ومعاينة كل الأماكن وكنت أشعر بتأمين جيد لكن سعدت جداً عندما رأيت أضعاف هذا التأمين هذه المرة، وأقول أن المصريين وصلوا لنا الشعور أننا مميزين جداً.. ومن شهور مضت قال لي السفير هشام بدر أننا سنشعر بالأمان ونحن فعلاً وصل لنا هذا الشعور وتمتعنا برحلتنا بدون أي قلق أو خوف.. أما بالنسبة لنقاط العائلة المقدسة فتجولي فيها أعطاني القرب من الرب وإحساس بالروحانية عجيب، وزاد جدا عندما كنا نشاهد كل يوم العلاقة الحميمة التي كانت في المقابلات بين الكنيستين – الأرثوذكسية والكاثوليكية، وتأكدنا أننا ممكن نسير جنباً إلى جنب وبالأخص أن العلاقة بين مصر وإيطاليا لها جزور تاريخية قديمة ووطيدة جدا، فيجب علينا أن نحافظ على هذا الترابط.”
توجهنا أيضا للأسقف “لينو فوماجالي” أسقف فيتربو وبسؤاله عن رحلة المسار، قال:
العالم كله فيه عائلات حالها غير مستقر، وأنا لمسني جدا فكرة ترابط العائلة المقدسة برغم الصعاب التي كانت تمر بها لكنها ظلت متماسكة. لذا فوجودنا بمصر يساعدنا أن نفكر في كل فرض من تلك العائلة – يوسف النجار، العذراء مريم، والطفل يسوع.. ونحتذي بهم في حياتنا.
أما عن المسار نفسه أضاف: في كنيسة المعادي رأيت السرداب والهيكل الصغير به وتخيلت فعلاً القداسات التي كانت تقام هناك، أو في مغارة أبي سرجة والمعلقة الذان لهما طابع خاص من القيمة الأثرية لهم كمباني والأيقونات التي تعود للقرون الأولى التي تضفي عليها الروحانية التي نسعى لاختبارها. ومن ناحية أخرى الأديرة التي زرتها لا تقل تاريخاً ولا قيمة عن كل ذلك وهي أعطتني شعور أنها بقاع خير وبركات روحية غير عادية وسط صحراء وادي النطرون وتمتلئ بالبساطة والنقاء ويجسدها أيضا طابع مبانيها البدائية.
وسألناه أيضا عن المعرض “كنوز مصرية” الذي يعده في القصر الباباوي بفيترفو وكيف نشأت فكرته، فأجاب: “الفكرة بدأت بعد طرح رحلة الحج الديني إلى مصر كرحلة معتمدة. فبعد دراسة مصر ورؤية الزخائر الأثرية فيها بدأت فكرة عرض نماذج من تلك الأثار في إيطاليا للدعاية عن مصر. ومن هنا بدأنا الإعداد والاجتماعات لتنسيق ذلك مع الحكومة في مصر وبالفعل كل شئ تم تنسيقه وها نحن على مشارف افتتاح معرض القبطيات يوم 24 يونيو وجزء ثاني من المعرض عن الأثار الفرعونية والإسلامية سيفتتح يوم 28 يونيو.
وبذلك سيعرف الإيطاليين مصر كبلد بها تراث وثقافة إلى جانب النقاط الدينية الهامة التي تستحق الزيارة للتبرك بها لأنها أماكن روحانية ومؤثرة في الروح جداً.
وأما عن العلاقة بين الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية وخاصة بعد إقامة قداس كاثوليكي الأسبوع الماضي داخل كنيسة الأثرية بدير السريان، أعلن لنا: إنه كان اختبار لا يوصف في جماله، وأنا من سنوات عديدة كنت عملت دراسة عن كيفية تكامل الكنائس والتعايش بأننا نسير مع بعض في طريق الوحدة، وهذا الطريق يكمل عندما نتقابل ونتكلم مع بعض وعندما نتبادل الهدايا التي ترمز للصداقة والأخوة، وبهذا كله الطريق ممكن أن يثمر بنجاح ويكون نواة لوحدة الكنائس.. ونصبح شهادة حية عن السيد المسيح ورسالة محبة المسيح وسنتعاون لخير للبشرية وسنساعد الفقراء ونصلي للمحتاج.. هنا في مصر قوبلنا بإخاء ومحبة من قبل الكنيسة الأرثوذكسية ونتمنى أن يدوم ذلك باستمرار ونقدر كل خطوة قدمت من أجل السعي لتقاربنا.
وعبر نيافة الحبر الجليل الأنبا برنابا السرياني أسقف تورينو وروما عن امتنانه وسعادته قائلاً: ” في ختام الجولة نشيد بالنجاح الباهر لهذا الافتتاح الرسمي للحج الديني لرحلة مسار العائلة المقدسة إلى مصر، ويتضح هذا النجاح من ردود فعل المجموع فعلى حد تعبيرهم “كنّا في حلم جميل” وقد ذكر لي رئيس الوفد الكاثوليكي الأسقف فوما جاللي ونحن في طريق العودة إلى روما ، انه عائد إلى بلده ولا يحمل فقط معه ذكريات الأماكن المقدسة التي زارها بل يحمل أيضاً كل المحبة والكرم والترحيب والاهتمام الذي لاقاه.. ونشكر كل من ساهم في إنجاح هذا الحج بدءاً من وزارة الخارجية ممثلة في السفارة المصرية بايطاليا والداخلية وهيئة تنشيط السياحة بمصر والمكتب السياحي بالسفارة المصرية.. وأتمنى ان تكون بداية لمجموعات اخري كثيرة انشاء الله، عاشت بلادنا مصر مهد الحضارة وأم الانسانية مصر الأمن والامان بكل تقدم ازدهار ورقي”
رئيس هيئة تنشيط السياحة: اكبر دعاية لنا هي ردود الأفعال الوفد
صرح أحمد يوسف رئيس هيئة تنشيط السياحة لوطني: أن السفارة المصرية بروما والمستشار السياحي هناك لعبا دور هام لنجاح رحلات الحج إلى مصر، وهذه الزيارة تمثل عدة رموز أهمها، انها رمز للعلاقة القوية بين مصر وإيطاليا وخاصة لأن دور السياحة لم يقتصر على الدور الثقافي والسياحي فقط بل هي فرصة أكبر لتعرف الشعوب على بعضها البعض وكذلك قوة العلاقة الطيبة بين الكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية.
وأشار أحمد يوسف الى أن الاهم من هذه الزيارة هو ما سيأتي خلفها، وخاصة أن الوفد سعيد جدا بالبرنامج السياحي المعد لهم ، وبزيارة مسار العائلة المقدسة.
وأضاف ” يوسف” أن الهيئة تولي اهتمام خاص لمسار العائلة المقدسة، وعن خطة الهيئة المستقبلية لجذب السياح لمسار العائلة المقدسة قال: إن بداية الخطة ستكون من ايطاليا، فاكبر دعاية لنا هي ردود الأفعال التي يظهرها هذا الوفد عندما يعود لبلده، وتحدثنا مع الأنبا برنابا السرياني أسقف روما للارثوذكس بعقد مؤتمرات بروما لجميع الكنائس والجمعيات بايطاليا لتعريفهم بالرحلات إلى مصر، وسوف نستغل المردود الايجابي من تلك الرحلة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأوضح أحمد يوسف أنه يرى أن مسار العائلة المقدسة يعد فرصة جيدة لانه يعطي مصر وجه السلام والأمن والتسامح بين الاديان، و مسار العائلة المقدسة يعني الكثير لمختلف الأديان، وتمنى أن يرى مصر دائما محتضنة الأديان على مر الاعوام.
وعن دور شركات السياحة الخاصة في إحياء مسار العائلة المقدسة أشار إلى أنه لا غنى عن تلك الشركات في إحياء الرحلات وجذب السياح فتنظيم البرامج السياحية لتلك الوفود هو مسئولية الشركات السياحية، ولكن الاعداد حتى الآن لم تسمح بخلق فرص قوية للشركات السياحية.