وجهت جمعية نهوض وتنمية المرأة اليوم، الأحد، في مؤتمرها الصحفي الذي نظمته نداءاً لرئيس الجمهورية السيد عبد الفتاح السيسي بوقف مقترح قانون حزب الوفد لتعديل قوانين الأحوال الشخصية المجحف والذي لا يحقق مصلحة الطفل الفضلى، حيث أعلنت الجمعية اليوم رفضها للمقترح باسم أمهات مصر شكلاً ومضموناً، وأكدت خلال المؤتمر بأن القانون الحالي للأحوال الشخصية قد تم عرضه على الأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية عدة مرات خلال أعوام 2006-2007-2008-2011-2015 وكانت القرارات النهائية بأنها نابعة من الشريعة الإسلامية ولا تخالفها ويتم استمرار العمل بها دون تغيير.
ولم يكتفي المؤتمر برفض مقترح قانون حزب الوفد للأحوال الشخصية بل سلط الضوء على أهم السلبيات الموجودة في قانون الأحوال الشخصية الحالي، حيث صرحت د.إيمان بيبرس رئيسة مجلس إدارة الجمعية في كلمتها بالمؤتمر أن عدم القدرة على تطبيق بنود القانون هي من أهم سلبيات القانون الحالي، فعلى سبيل المثال أقر القانون الحالي بحق النفقة للزوجة وهناك نص صريح بذلك، ولكن كشفت نتائج الدراسات التي أجرتها جمعية نهوض وتنمية المرأة على أكثر من 20.000 فرد من أمهات وأباء وأطفال من أسر مختلفة في أكثر من 11 محافظة أن 90% من الرجال لا يدفعون النفقة، كما أشارت أيضاً إلى أن القانون الحالي ألزم الأب بدفع نفقات الطفل ومنها المصروفات المدرسية ولكن طبقاً للدراسات الرسمية ودراسات الجمعية هناك 95% من الأباء لا يدفعون مصاريف المدرسة.
وتساءلت د.إيمان إذاً لو أن هناك مشكلة في تنفيذ وتطبيق القانون الحالي بشكل عام لأسباب كثيرة، فكيف نتوقع تنفيذ العقوبات الموجودة في بنود مقترح قانون حزب الوفد غير الواقعية؟!
من جانبه، صرح اللواء محمد جمال، رئيس جمعية أمهات حاضنات مصر، أن قانون حزب الوفد ظالم، ولو تم تطبيقه سنقوم بالطعن عليه في المحكمة الدستورية، موضحا أن قانون 103 ينص على أن الأزهر الشريف هو مصدر الفتوى من خلال دار الافتاء المصرية والأزهر هو المرجعية للدستور، وطالما أن الأزهر أكد عدة مرات بأن القانون الحالي شرعي ودستوري ، فلماذا نطالب بتغييره؟!، وأكد على اتفاقه مع د.إيمان باسم أمهات مصر في رفض مقترح قانون حزب الوفد وطالب بتعديلات السلبيات الموجودة في القانون الحالي.
وخلال المؤتمر وجهت الأمهات من السادة الحضور استغاثة لرئيس جمهورية مصر العربية باسم أمهات مصر بوقف مقترح قانون حزب الوفد، وأنهم سوف يرسلون استغاثات من آلاف الأمهات للتدخل حيث أنهم يثقون في دعمه للمرأة المصرية، كما أشاروا إلى أنهم سوف يقومون برد الجميل لحزب الوفد في الانتخابات القادمة بعدم انتخابهم حيث أنهم لا يمثلون المرأة المصرية.
ومن الجدير بالذكر أن المؤتمر حضره عدد كبير من الإعلاميين من مختلف وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية، إلى جانب لفيف من الشخصيات العامة المعنيين بالقضية ومنهم اللواء/ محمد جمال- رئيس جمعية أمهات حاضنات مصر، بالإضافة إلى عدد كبير من الأمهات الحاضنات المتضررات من هذه التعديلات التي تمس المصلحة الفضلى لأطفالهنّ.
عدم القدرة على تطبيق بنود القانون من أهم سلبيات القانون الحالي للأحوال الشخصية
وهنا تطرقت د.إيمان إلى سلبيات القانون الحالي والتي تأتي على رأسها عدم تطبيق القانون وأشارت إلى أبرز السلبيات في بعض المواد القانونية، وقد تطرقت لهذه السلبيات نتيجة مجموعة الدراسات الميدانية والأبحاث التي أجرتها جمعية نهوض وتنمية المرأة على مدار عملها لأكثر من 30 عاماً، وفي أخر عامين قامت بإجراء دراستين خلال الفترة من 2012 – 2016 على عينة وصلت عددها إلى 20.000أم وأب وأطفالهم في 11 محافظة وهم (القاهرة، الجيزة، القليوبية، الغربية، الدقهلية، بورسعيد، الأسكندرية، الفيوم، المنيا، بني سويف، أسيوط)، بالإضافة إلى حلقات نقاشية تم تنظيمها مع أكثر من 900 من أمهات مصر، ووصول 4000 رسالة من الأمهات للجمعية، إلى جانب القيام بدراسة كافة الجوانب الشرعية والقانونية والاجتماعية فجاءت هذه السلبيات على النحو التالي:
· بالنسبة للمادة الخاصة بحق الزوجة في النفقة وحق الأبناء في دفع مصروفاتهم المدرسية: فإن الإحصائيات الرسمية توضح حجم المعاناة التي تتعرض لها الأم حيث وجدنا:
– في حصاد محاكم الأسرة لعام 2015، وجود 12 ألف دعوى نفقة لزوجات يقفن أمام محاكم الأسرة بسبب رفض أزواجهن دفع نفقة الأطفال، وفي دراسة لمحاكم الأسرة 2014، وجدنا أن 68% من النساء يلجأن لمحكمة الأسرة، و15% منهم لرفع قضية نفقة، و4% إيجار سكن، و5% تبديد أثاث”.
– وفي دراسة أخرى عن “المرأة والنفقة في مصر” لعام 2010 أعدها مكتب شكاوى المرأة وجدنا أن 25% من المطلقات حصلن على نفقة أقل من 100 جنيه شهرياً، 22% حصلن على نفقة من 100 – 200 جنيه شهرياً.
– بالإضافة إلى دراسات جمعية نهوض وتنمية المرأة في هذا الشأن حيث كشفت الدراسة الأولى أن 88% من الرجال لا يدفعون النفقة، بينما كشفت الدراسة الثانية بأن نسبتهم 90%، وعن دفع المصروفات المدرسية، وجدنا أن 92% من الآباء لا يدفعونها، وفي دراسة أخرى كانت نسبتهم 95%.
– طول إجراءات التقاضي في قضية النفقة، حيث تأخذ الدعوى القضائية في كل الحالات، أكثر من سنتين وخلال هذه الفترة تظل المرأة دون موارد.
– عقوبة عدم دفع الرجل للنفقة هي حبس لا يتجاوز 30 يوما فضلا عن عدم تنفيذ هذا الحبس من الأساس
· عدم تجريم خطف الآباء للأبناء، فقد كشفت دراسات الجمعية تعرض 9% من أبناء السيدات للخطف من الرجل أو أسرته، ورغم ذلك لا يتم تجريم خطف الأباء للأبناء في القانون، كما وجدنا نسبة 5% أن بعض الآباء يقومون بتغيير اسم أطفالهنّ دون علم الأم المطلقة بذلك رغم حضانتها للطفل؛ بهدف التأثير سلبياً على نفسية الطفل ومن ثم الأم، بالرغم من أنه في أكتوبر 2015 ألزم “القضاء الإدارى” وزاراة الداخلية بعدم تغيير أسماء الأطفال بسجلات الأحوال المدنية دون الرجوع للقضاء.
· عدم وجود رادع قانوني لامتناع الطرف غير الحاضن من تنفيذ الرؤية، فقد أشارت “بيبرس” إلى أن القانون وقع عقوبة على الطرف الحاضن إذا امتنع عن تنفيذ الرؤية بانتقال الحضانة للطرف الذي يليه إذا تخلفت عنها 3 مرات في السنة منفصلة أو متصلة، في حين أن القانون لم يوقع أي عقوبة تذكر على الطرف غير الحاضن إذا لم يحضر الرؤية، وقد أوضحت الدراسات التي أجرتها الجمعية أن نسبة الآباء الذين لا يلتزمون بتنفيذ الرؤية بلغت 83%، في حين بلغت نسبة الأمهات الذين لا يلتزموا بمواعيد وأماكن الرؤية 17%.
أسباب الرفض
وهنا ألقت د.إيمان الضوء على أهم البنود التي بها عوار قانوني في مقترح قانون حزب الوفد والتي هي ضد مصلحة الطفل الفضلى وهي:
– أولاً بالنسبة لطلب مقترح حزب الوفد بخفض سن الحضانة ليصل إلى 9 سنوات،
1- عرضت “بيبرس” الرأي الشرعي لسن الحضانة مشيرةً إلى أن القانون الحالي يتبع الشريعة الإسلامية حيث قام الأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية بمراجعة قوانين الأحوال الشخصية عدة مرات خلال أعوام (2006، 2007، 2008، 2011، 2015)، وكما أشارت أنه لا يوجد نص صريح في القرآن الكريم أو السنة النبوية يوضح الحد الذي تنتهي حضانة الأم لوليدها فيه، وتم إقرار سن الحضانة بـ 15 عامًا للولد، وللفتاة حتى الزواج، كما طالبت خلال المؤتمر بأن يكون سن الحضانة هو سن الطفولة في الدستور المصري وهو 18 سنة وليس 15 سنة، ليطابق القانون الشرع والدستور.
2- كما عرضت بيبرس نتائج الدراسات التي قامت بها جمعية نهوض وتنمية المرأة التي كشفت عن أن 78% من الرجال أرادوا الحضانة وتخفيض سنها للحصول على الشقة، وأن 85% من الرجال (أزواج السيدات وأيضًا الرجال من البحث) تزوجوا بأخرى أثناء الطلاق أو بعده في مقابل 4% فقط من النساء تزوجنّ بآخر رسمي، وفي دراسة أخري أثبتت أن 88% من الرجال تزوجوا بأخرى في مقابل 8% فقط من النساء تزوجنّ بآخر رسمي.
3- وفي احصائيات أخرى خاصة بالحضانة أشارت بيبرس أن 63% ممن كانوا في حضانة الأباء تعرضوا للضرب والإهانة من الأب ومن زوجة الأب، كما كان هناك تفرقة في المعاملة بينهم وبين الأبناء من الزوجة الثانية، وأن أحد أسباب تواجد الأطفال بالشوارع هو إدمان أبائهم للمخدرات أو للخمر وذلك بنسبة 63.5%، كما أن نسبة الأباء الذين يحولون لأبنائهم من المدارس أو يخرجونهم من المدارس بشكل تام ليعملوا كانت 15 %.
– ثانياً: بالنسبة لترتيب الحضانة أشار مقترح الوفد بتعديل المادة ليتم انتقالها للأب بعد الأم مباشرة: وهنا عرضت د.إيمان الرأى الشرعي في هذه النقطة حيث اقر مجمع البحوث الإسلامية في مايو 2011 بتشكيل لجنة فقهية لدراسة كافة مواد قانون الأحوال الشخصية ومن ضمنها بند ترتيب الحضانة بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية، برئاسة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وأقرت اللجنة باستمرار العمل بترتيب الحضانة للأم ثم والدة الأم ثم والدة الأب ثم أخواتها، وليس نقل الحضانة مباشرة من الأم للأب لأن النساء أقدر على تلبية احتياجات الطفل، فلماذا يتم تغيير قانون حالي نابع من الشريعة الإسلامية والتي هي مصدر قانون الأحوال الشخصية.
– ثالثاً: تقدم مقترح حزب الوفد بإضافة بند “الاستضافة” كبند اجباري في القانون للطرف غير الحاضن:
1- وهنا شددت د.إيمان على رفضها القاطع باسم أمهات مصر لبند الاستضافة كبند اجباري في القانون، وأوضحت أن الرأي الشرعي يشير إلى أن القانون الحالي يتبع الشرعية الإسلامية، حيث قام الأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية بمراجعة قوانين الأحوال الشخصية عدة مرات خلال أعوام 2006، 2007، 2008، 2011، 2015) وكانت القرارات النهائية بأنه يجوز للطرف غير الحاضن استضافة الصغير بشرط أخذ إذن الحاضن ورأي المحضون
2- كما عرضت فتوى الأزهر الشريف رقم740 وقرار مجمع البحوث الإسلامية في سبتمبر 2007 بأن الزوجة ليست بملزمة شرعاً بإرسال الطفل إلى أبيه لرؤيته في مكان إقامته ولا استضافته في العطلات الأسبوعية أو الرسمية ولا أخذه منها للتصييف معه مادام في حضانتها وإنما يمكن ذلك بالتراضي بين الطرفين”.
3- كما استعرضت مخاطر الاستضافة والمخاطر المتعلقة بالطرف غير الحاضن وتحديد كيفية متابعة عملية تسلم وتسليم الطفل وإرجاعه مرة أخرى سليمًا للطرف الحاضن على أن يكون ذلك بشكل منظم لـ 6 مليون طفل وطفلة، وتحديد من سوف يدرس أهلية الطرف غير حاضن من الناحية العقلية والنفسية والاجتماعية والتأكد والتحقق من سمعته لاستضافة الطفل؟ وتحديد الجهة التي سوف تدرس دعوى الاستضافة من كل الجوانب بالقانون؟ وتحديد ما هي المعايير التي بناءًا عليها سوف تقوم محكمة الأسرة بالموافقة على الاستضافة من عدمه؟
– رابعاً: طالب حزب الوفد بأن تكون الولاية التعليمية للأب، وهنا أكدت د. إيمان بيبرس أن قانون الطفل لعام 1996 تم تعديل المادة 54 في الفقرة الثانية عام 2008 لتكون الولاية التعليمية للطرف الحاضن، وهو يتبع الشريعة والدستور أيضاً، وبالرغم من وجود هذا القانون في عام 2008 إلا أنه نتيجة تعنت مديريات التربية والتعليم والمدارس في التعامل مع الأم الحاضنة بإلزامها بضرورة إحضار ورقة من المحكمة بأحقيتها في الولاية التعليمية بالرغم من حضانتها لأبنائها، فقد أصدر وزير التربية والتعليم في 2017 بأن الولاية التعليمية تكون للطرف الحاضن دون الحاجة إلى صدور حكم قضائي بذلك، وأوضحت هنا كيف تشير الدراسات إلى أن 92% من الآباء لا يدفعون مصاريف المدارس تكون لهم الولاية التعليمية.
– خامساً: طلب قانون حزب الوفد أن تقوم الزوجة برد الشبكة مثلها مثل المهر كجزء من المهر ويحق للخاطب استردادها كاملة طالما لم يعقد العقد، وهنا أشارت إلى أن العرف والتقاليد المتبعة في المجتمع المصرى توضح إذا ترك الخاطب خطيبته أو من كتب كتابه عليها، يحق للمخطوبة أن تأخذ الشبكة لأنها تعد جزء من الهدايا وليس لها علاقه بالمهر وذلك مثل منطق الخلع حيث تتنازل الزوجة عن جميع حقوقها المالية للزوج.
– سادساً: وأخيرا تطرقت إلى بيت الطاعة في قانون حزب الوفد الذي دعا لعودة العمل به، والذي ينص على أنه في حالة امتناع الزوجة عن طاعة الزوج دون حق توقف نفقتها ويتم انذارها بالرجوع للمنزل على يد محضر ولها حق الاعتراض خلال 30 يوم مع توضيح أسباب شرعية لعدم الطاعة وإلا يتم الحكم برفض الاعتراض الخاص بها وإلزامها بالطاعة، وهنا أشارت ما سبب الدعوة للعمل ببيت الطاعة مرة أخرى سوى أن يكون هدفه إجبار السيدات للجوء إلى الخلع ليكون بديلاً عن طلب قضية الطلاق.
في نهاية المؤتمر، اجتمعت السيدات الحضور والأمهات الحاضنات على كتابة استغاثات جماعية ليتم إرسالها لرئيس الجمهورية لوقع مقترح قانون الوفد لأن هذا القانون ظالم وضد مصلحة الطفل وسلامته.
وأخيراً أكدت د.إيمان أن جمعية نهوض وتنمية المرأة هي جمعية لمساندة المرأة المصرية ولكن هدفها الأساسي هو «أسرة صحية» وهمها الأساسي هو تحقيق مصلحة الطفل الفضلى، ومقترح القانون المقدم من حزب الوفد هو قانون ظالم ومجحف وضد مصلحة الطفل، وقام بعمل تعديلات على القانون الحالي بالرغم من تأكيد الأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية بشرعيته مراراً وتكراراً ، فالأولى للحزب أن يقوم بدراسة سلبيات القانون الحالي والعمل على تقديم مقترح لحلها بدلاً من تغيير القانون الحالي إلا أن كل بند تم مناقشته ظهر أسباب أخرى غير مصلحة الطفل.