اليوم الثالث والعشرون من الشهر المريمي
مريم العذراء مثال المرأة المسيحية..
إن مريم العذراء تحتلُ مقاماً رفيعاً في حياتنا الدينية لإنها حواء الجديدة القائمة قرب آدم العهد الجديد يسوع المسيح .
وكما انفتحت أولى صفحات العهد القديم بذكر سقوط المرأة ومعها البشرية كلها، هكذا إنفتحت أولى صفحات العهد الجديد بذكر مريم، حواء الخلاص، التي دعاها الملاك جبرائيل موفد السماء ” الممتلئة نعمة ” ( لوقا ١ : ٢٨ ) ، إذ بشخصها بدأ عهد النعمة .
إن امومتَها الإلهية، ومساهمتها في خلاص البشرية، رفعاها إلى مكانةٍ مثاليةٍ سامية .
وعندما قَالَتْ للملاك : ” ها انذا أمةُ الرب ، فليكن لي بحسبِ قولِكَ ” ( لوقا ١ : ٣٨ ) ، قدّمت ذاتها وقرنت تقدمتها بتقدمة إبنها.
وفي مجرى حياتها أعطت أرفع المثُل وأسماها في التواضع والبساطة، وحياة الصلاة وخدمة القريب، فدعت المؤمنين كافةً، والنساء بنوع خاص للإقتداء بها والتمرس على فضائلها في حياتهن .
فهي كأمرأة أصبحت مثال المرأة الأعلى في الايمان و التواضع والطهارة، والتضحية ونكران الذات والمحبة المتفانية .
فكم على النساء اليوم ، أن يقتدين بها، ويسرنَ على خُطاها، لتباركهُنَّ من عَلياء السماء، و تسكُب عليهنَّ وعلى اسرهنَّ النِعَم الوافرة .
تفتخر كنيسة الله بعدد كبير من بناتِها اللواتي سرنَ على خطى مريم العذراء فوصلنَ إلى كمال السيرة والقداسة وأصبحنَ مثال للمؤمنين في مشارق الارض ومغاربها.
منهُنَّ من إخترن حياة الرهبانية فاعتكفن في الأديرة ، ومنهُنَّ من مارسن التطويبات الإنجيلية السامية والفضائل الإلهية في حياة العالم وكلهنَّ وصلنَ إلى الهدف المُقدّس وهو الإقتداء بمريم في أسمى درجات القداسة والكمال .
ففي شرقنا العزيز، نقرأ في سير الشهداء و القديسين أسماء عدد كبير من العذارى والنساء اللواتي استمدين من مريم القوة والشجاعة وفضّلن العذاب وقطع أوصالهنَّ والموت من أجل العقيدة المقدسة على الحياة ، وذهبنَ إلى الموت برباطة جأش منقطعة النظير. كالقديسة هربسيمه والقديسة نانيا والقديسة مانيا والقديسة بربارة والقديسة تقلا والقديسة مارينا والقديسة تربو اخت البطريرك الشهيد مار شمعون ، وسارة اخت مار بهنام، وشيرين التي هرعت الى الإستشهاد مع ولديها، وفيرونيا، ووردة العذراء، وسوسن وغيرهن كثيرات .
وتتلألأ في الغرب اسماء قديسات كثيرات، مثل تريزا الكبيرة التي مارست اقسى مظاهر التقشف لتكون مثالاً للراهبات بعد أن قررت إصلاح الحياة الرهبانية. وكاترينا السيانية، وكلارا، والقديسة ريتا التي سمت في حياة القداسة في الأسرة ثم في الدير، والقديسة برناديت التي تشرفت برؤية العذراء في لورد، وماريا غوريتي الفتاة التي دافعت عن عفافها حتى الاستشهاد.
انهُنَّ درر كريمة تسطع في إكليل مجد مريم العذراء، وفِي سماء الكنيسة المقدسة وأمثلة سامية للمؤمنين عامةً وللنساء ِ والآنساتِ المسيحيات بصورة خاصة .