العنف ضد الرجل ظاهرة إجتماعية إنتشرت مؤخراً رغم عدم توافر إحصائيات دقيقة حول حجمها، إلا إننا لا نملك إلا أن نقول أن هناك بعض الرجال قرروا كسر جدار الصمت عن معاناتهم من العنف الأنثوي، ورغم تعارضه مع الإعتقاد الشائع بأن النساء وحدهن المعنفات و يحملن آثار الضرب أو الكدمات جراء هذا العنف الممارس ضدهن .
و رغم أن الامر يبدوغريبا على المجتمعات الذكورية لكن الدراسات المتعلقة بالعنف الأسرى أشارت إلى تعرض حوالى 40 فى المائة من الرجال فى الدول العربية للتعنيف من قبل زوجاتهم فى الأعوام الأخيرة، بل أكثر عرضة للعنف من النساء من خلال الضرب و السب و قد يصل هذا العنف الممارس ضد الرجال إلى حد التعذيب النفسى مثل الحرمان من الأطفال فى حالة الشقاق أو الطلاق، وقد يصل إلى حد الإمتناع عن المعاشرة الزوجية و أحيانا الطرد من المنزل و يمكن أن يتطور الأمر إلى القتل أو الحبس من خلال إستخدام حقها فى المطالبة بمنقولات الزوجية فى قائمة المنقولات، وفقا للقانون المدنى أو من خلال حبسه بأحكام نفقة زوجية أو نفقة صغار رغم عدم وقوع الطلاق مثلا .
و بالتالى نجد أن العنف الذى يتعرض له الرجال يتوزع بين الجسدى و المعنوى و القانونى من خلال حرمانه من رؤية صغاره فى حالة الطلاق أو نشوب خلافات، ونجد أن هناك بعض الزوجات تساوم أزواجها من خلال منع رؤية الصغار مقابل النفقة ، أى الحرمان من صلة الرحم أو من خلال الإستيلاء على أموال الرجال فى حالة الشراكة فى العمل ،أو الطرد من مسكن الزوجية بدون حدوث طلاق رسمى و قد يصل الأمر إلى ممارسة الضرب و العض و من المحتمل ان يصل حد كسر العظام .
و يؤكد بعض الرجال عبر صفحاتهم على موقع الفيس بوك أن العنف الأسري ضد الرجال أصبح سائد وأن الأمر لم يعد يقتصر على الإيذاء الجسماني فحسب ،بل شمل أيضا الأذى العاطفي والنفسي والمالي ، و إن ظاهرة الرجل المعنف بدأت بالإنتشار في مجتمعاتنا بكثرة، و يرى بعضهم أسباب إنتشار تلك الظاهرة قد تعود إلى خروج المرأة للعمل وتفوقها على الرجل على الصعيد المادي والعلمي؛ مما يجعلها أكثر ثقة وسلطة و لا حاجة للرجل فتلجأ إلى هجره أو خلعه أو طلب الطلاق بإدعاء أى اسباب غير حقيقية لمجرد الحصول على حقوقها المالية و الإحتفاظ بمسكن الزوجية و بالتالى يعنف الرجل إجتماعيا و أسريا .
و يرجح البعض الأخر إن السبب وراء هذا العنف الممارس من الزوجة ضد زوجها هو قلة دخل الرجل الذي لا يكفى إحتياجات المرأة مما يدفعها إلى أن تنزع رجولته منه و تلجأ إلى تعنيفه ، وسبب أخر محتمل هو إستخفاف المرأة بالرجل نتيجة لمشكلات تتعلق بالضعف الجنسي، وبذلك يكون الرجل في موقف الضعيف في المعادلة.
وغالبا نجد الرجل المعنف يميل إلى التكتم والتستر على ما يتعرض له من إساءة سواء لفظية أو جسدية، حفاظا على ماء الوجه، لما يسببه ذلك من جرح لرجولته ولئلا تهتز صورته أمام المجتمع المحيط به أولأنه يخاف على تشريد أولاده منها .
و الجدير بالذكرأن المركز القومي للبحوث الاجتماعية المصرية بشكل عشوائي على عيِّنة من 150 من النساء أن 26% من الجنس اللطيف يستخدمن في ترويض أزواجهن أدوات مطبخية من صحون وأوعية، وتختار 8.4% الملاكمة باستخدام الأيدي والأرجل، وتفضل 4% من النساء الاشتباك المباشر مع أزواجهن باستخدام الأسلوبين معاً!!!
ورغم محدودية العنف المارس ضد بعض الرجال كما ومجالا ، إلا إنه يأتي في سياق لا تحكمه إعتبارات ثقافية تمييزية، بل قد يكون في سياق ضيق جدا وحول مواضع إسرية محددة منها على سبيل المثال الخلاف حول مصاريف البيت وغيرها، أو الإرث، أو قضايا أخرى خلافية في العمل أو حتى في الشارع فتلجأ المرأة إلى ممارسة العنف ضده من منطلق الدفاع عن النفس
في حين أن العنف الذكورى ضد النساء فهو عنف ثقافي تكرسه التربية، والاعلام ولا يكون دائما نتيجة تطور خلاف حول قضية مع العلم أن لجوء بعض النساء إلى العنف في العلاقات الاجتماعية أمر وارد، سواء كان ضد الرجل او ضد الطفل او ضد المرأة نفسها.
وبالتالى لا يمكنا الحديث عن عنف ثقافي نسائي بدأ ينتشر ضد الرجال، لأننا فقط أمام وضعيات لجأ فيها طرف (المرأة في هذه الحالة) إلى العنف ضد الطرف الآخر(الرجل)، ليس على أساس نظرة دونية إليه كما هو الحال في العنف الذي تتعرض له النساء بل فقط على أساس موازين القوى في تلك الوضعية فتعتبره شكل من أشكال الدفاع عن النفس .
بالنقيض لا يوجد مبرر قوى فالعنف المتعلق بالتحرش الجنسي مثلا، فهوعنف ثقافي بإمتياز، وضرب الزوجات لأتفه الأسباب عنف ثقافى ذكورى أيضا العنف الاقتصادي بإستغلال أموال النساء و مرتبهم في معظمه عنف ثقافى ذكورى مهيمن
ومن كل ما ورد نجد أن القانون كفل حقوق الرجل والمرأة على حد سواء فكلاهما يعاقب في حال العنف الجسدي المتمثل فى (الضرب أو الإيذاء البدنى)، أو في حال الإساءة النفسية (الشتم والقذف فيعاقب القانون على ذلك إما بالغرامة وإما بالحبس في بعض الأوقات و يحق له أيضا رفع قضية (التفريق للشقاق ) ضد زوجته في حال أثباته أنه تعرض للعنف أو أثبت الاسباب المؤدية لرفع هذه الدعوى فيما يتعلق بالحقوق الزوجية وما شابهها.
إذن لا حاجة إلى قانون منفرد لحماية الرجل من العنف، حيث أن القوانين الموجودة تحمي الجميع
و «حقّ التقاضي مكفول لكل من المرأة والرجل، على حدٍ سواء فالقضاء لا يفرق بين الدعاوى المقدمة من المرأة أو الرجل لإنه في نهاية الأمر سينظر إليها بعدالة
و لأن الأنظمة القانونية الموجودة كفيلة بحماية المرأة والرجل على السواء، فلدينا قانون الحماية من الإيذاء البدنى و الجسدى (قانون العقوبات المصرى ) ، ولدينا قانون لحماية الطفل و قانون المرافعات و قانون الأحوال الشخصية” قانون الاسرة ” و القانون المدنى و كلها تخضع للشريعة الاسلامية ولا تفرق بين حق الرجل أو حق المرأة و لكن فقط الحق يثبت عندما يتم المطالبة به.