أب الآباء إبراهيم كان هو خليل الله – أي أنه معشوق الله أو بمعنى آخر كان يعشق الله ويحبه.. وهناك من يصادق الملائكة والملائكة تظهر له كثيراً وترافقه مثال ذلك الملاك روفائيل الذي كان يرافق الفتى طوبيا وعليه كانت الدعوة الشهيرة التي تُذكر عن سفر أحد الأحباء ((مصحوب بملاك السلامة)).
وأيضاً يا أحبائي يوجد من يصادق القديسين ويكونون شفعاء لهم، كما قد توجد صداقة بين القديسين بعضهم والبعض الآخر وخير مثال على ذلك تلك الصداقة ((صداقة الباب كيرلس السادس مع القديس مارمينا)) ومن الأمثلة التي نجدها أيضاً ((صداقة القديس يوحنا ذهبي الفم مع القديس بولس الرسول)).
كما يوجد صداقات لقديسين عاشوا معاً مثل (القديسان قزمان ودميان)، والقديسان (مكسيموسودوماديوس) والقديسان (أبوللو وأبيب)، وكذلك (الأنبا بيشوي والأنبا بولا الطموهي).
كما كانت صداقات مع القديسين ليست مع الإنسان ولكن مع الوحوش مثال ذلك (( القديس الأنبا برسوم العريان الذي كانت له الوحوش مثال ذلك ((القديس الأنبا برسوم العريان الذي كانت له صداقة مع الثعبان))، والقديس ((أندرونيكوس الذي كانت تجمعه صداقة مع الأسد)) ويذكر أيضاً في هذا الصدد ((الراهب أبونا عبد المسيح الحبشي الذي كان يسكن معه في قلايته ثعبان وعقارب)).
أن كلمة (صاحب) يا أحبائي – كانت كلمه مشهورة وتتداول بين الناس أيام السيد المسيح، وكانت تقال أحياناً بصيغة استنكار وأحياناً أخرى بصيغة صداقة حقيقة، فمثلاً “عندما عاتب صاحب الوليمة أحد المدعوين قائلاً له: يا صاحب كيف دخلت إلى هنا وليس عليك ثياب العرس”(مت 12:22).
وأيضاً عندما عاتب السيد المسيح يهوذا الأسخريوطي لخطة مجيئه مع الجنود لكي يقبضوا عليه قائلاً: ((يا صاحب لماذا جئت ؟! )) وهنا تجئ كلمة (صاحب) بصيغة العتاب لأنه من المفترض أن يهوذا الأسخريوطي هو صاحب للرب يسوع المسيح وأحد تلاميذه.
كما يُذكر أيضاً في عالم الملائكة ورؤساء الملائكة، فإن أسمائهم تدل على شخصيتهم.. فمثلاً من رؤساء الملائكة ما يدعى (صدقائيل) أو صديق الله، وأيضاً (ميخائيل) أو قوة الله، (جبرائيل) أو جبروت الله، و (روفائيل) هو شفاء الله.
الإنسان يا أحبائي في البداية رفض صداقة الله ورفض أن يعيش في مخافتة، ومثال على ذلك أبونا آدم كان في البداية صديق لله وعاش أمامه، ثم بعدها رفض هذه الصداقة وفضل أن يحيا بمفرده بعيداً عن الله فخرج عن (معية الله)، ومن وقتها تلقفه الوحوش والشياطين وصارت الوحوش في عداوة لآدم مع العلم هو الذي سبق وأن أطلق عليها الأسماء.
وبعد ذلك كمرحلة أولى بدأ يصطاد هذه الوحوش ويطلق عليها (مرحلة الصيد) ثم تلتها مرحلة (التدجين) أو مرحلة الاتفاقيات معها، فهو يقدم لها الأكل والحماية والحيوانات تعطيه اللبن والصوف، وبعد ذلك كمرحلة ثالثة صارت له ألفه مع بعض الحيوانات مثل الطيور والعصافير والأسماك الخاصة بالزينة، فأنه يتعايش معها في مسكن واحد.. والشيء الوحيد الذي لا يقدر الإنسان على صداقتها هي الشياطين.. وفي نفس الوقت خاصم الله !!
الله بطيبة قلبه، تحنن على الإنسان ونادى عليه ولكن الإنسان لم يستجيب وهو في كبريائه وعليائه.. ولكن الله مد يده لكي يوصل ما سبق وأن انقطع، ولكن الإنسان بطبيعته العنيده لم يلتفت لتلك اليد الحانية.. وهذا ما عبر عنه إشعياء النبي قائلاً: “طول النهار مددت يدي إلى شعب معاند ومقاوم”.. وهو ما يدل أن الله هو الذي أراد أن ترجع الصداقة بينه وبين هذا الإنسان المعاند!!
في الوقت الذي استمر فيه الإنسان في الرفض لقبول الله.. استمر الله بحنوه وحبه في طلب مد يد العون لهذا الإنسان الرافض، وفي النهاية وأمام هذا الرفض المستمر فإن الله نزل بنفسه وجاء عند هذا المعاند وقام بدفع ديوننا وأزال عنا عارنا، عار الخطية وأخذنا معه إلى ملكوته.
لقد أثبت الله صدق محبته للإنسان، وهذا عبر به عن حبه لأبونا إبراهيم عندما قال :”هل أخفي عن عبدي إبراهيم ما أنا فاعله” – كان إبراهيم يتكلم مع الله بداله شديدة جداً وخير دليل على ذلك عندما وجه الكلام لله نفسه قائلاً:”أديان الأرض كلها لا يضع عدلاً”.
والله كان صديق أيضاً لموسى النبي، فكان يتكلم معه فماً لأذن “كما يكلم الرجل صاحبه” (خر11:23) – فمثلاً ظل موسى مع الله على الجبل لاستلام لوحي الشريعة لمدة أربعين يوماً فكان طوال هذه المدة يا أحبائي في ضيافة الله!!..
فإن الله يا أحبائي كان في المقابل يقبل ضيافة الإنسان وهو بعد في الجسد.. فخير مثال على ذلك عندما قبل ضيافة زكا العشار، واستضافته في بيت عينيا مع لعازر، وكذلك في بيت مارمرقس، وأبن حلفا.
كما استقبل واستضاف الخمسة آلاف على مائدة الخمس خبزات والسمكتين الذي باركهم.. ورفض أن يصرفهم وهم بعد جياع.. وسوف يستضيفنا جميعاً في ملكوته.
وخير دليل على صداقة الله للإنسان، وهو يطلبها كل يوم وكل لحظة عندما قال:”هأنذا أنا واقف على الباب وأقرع أن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي” (رؤ 3 : 20) .. وجاء أيضاً على فم السيد المسيح مخاطباً يهوذا الأسخريوطي :”أن أحبني أحد يحفظ كلامي ويحبه أبي وإليه نأتي وعنده نضع منزلاً ” (يو 14 : 23)
الله يا أحبائي في علاقته معنا على مر الأزمنة تدرج بنا من عبيد إلى أحرار إلى أخوه إلى أصدقاء ثم إلى أحباء.
فمثلاً كان يوحنا المعمدان يحسب نفسه أنه صديق الله “صديق للعريس” – وصديق العريس يكون فرحاً عندما يرى العريس فرحان.
فالصديق يحاول دائماً أن يرضي صديقه ويحفظ أسراره .
ويعرف الناس أنك صديق الله.. ؟؟ طبعاً النا يعرفونك أنك صديق الله عندما يكون هناك وجه شبه بينك وبينه.. لما يرونه فيك من أعمال صالحة.. فهم يرون الله من خلالك لأن أفعالك تتفق مع وصايا الله وأن صورة الله تنطبع عليك أنك بحق صديق الله.. لألهنا كل مجد إلى الأبد آمين.