أكدت الدكتورة نرمين فتحي المصري أستاذ التصوير بكلية الفنون الجميلة– جامعة حلوان على أن الفن الإسلامى إنفرد بتجسيد فكرًا عقائديًا يرتبط بمبدأ التوحيد والتأكيد على القيم الروحية الخالصة تبلورت في صورة فنية مجردة عرفت بالمصطلح الفني”أرابيسك” الذي أصبح أساس كل الأعمال الفنية الشهيرة التي انتشرت في العالم الإسلامي في أعمال التصوير الجداري والفسيفساء وأن فكرة التحريم للتصوير والنحت بعيدة عن روح الدين الإسلامي وانفتاحه على كل الثقافات السابقة عليه والتأثير والتأثر بها.
جاء ذلك في ورقتها البحثية تحت عنوان “الإبداع الفني في الجداريات الإسلامية وتأثيره على فنون التصوير الجدارية الغربية المعاصرة” ضمن فعاليات مؤتمر “الفن الإسلامي في مواجهة التطرف” الذي نظمته إدارة المشروعات الخاصة– بمكتبة الإسكندرية، الذي يرأسها الدكتور خالد عزب في الفترة من 21- 23 مارس 2018 تحت رعاية الدكتور مصطفى الفقي مدير مكتبة الإسكندرية.
وأشار الدكتور عبد الرحيم ريحان أحد المشاركين بالمؤتمر، إلى أن الورقة البحثية للدكتورة نرمين المصري أكدت على أن الفنون الإسلامية ظهرت منذ العصر الإسلامي المبكر في لوحات التصوير الجداري بتقنية الفريسك على جدران القصور والحمامات وتناولت المعالجات الطبيعية في تصوير كامل للأشخاص مثلما في التصاوير الجدارية في قصير عمره الموجود بالأردن حاليًا والمسجل تراث عالمي
ويتابع بأن الباحثة قد أشارت إلى بعض الأرقام المميزة والتى لها مكانة خاصة في الثقافة الإسلامية ومنها العدد 1 هو رمز للإله الخالق للكون فهو البداية لكل شئ وهو واحد لا شريك له ورقم 2 خاص بالثنائيات في الطبيعة كالشمس والقمر، الليل والنهار, السماء والأرض، ورقم 6 وهو عدد الأيام التى خلق فيها الله الكون والرقم 7 هو أكثر الأرقام ارتباطًا بالظواهر الكونية إلى جانب بعض الأعداد المتضاعفة التي استخدمت وفقا للتصميمات الهندسية.
ويوضح الدكتور ريحان إلى أن الدراسة تعرضت للقيم الإبداعية لفن الزجاج المعشق فى زهاء الألوان وتنوعها وتؤكد المرجعيات التاريخية على أن فكرة استخدام ألوان الزجاج ترجع إلى الشرق وبالتحديد فى بغداد خلال عصرالملك هارون الرشيد وقد حرص فنانو ومنفذو الزجاج المعشق على إضفاء تلك الإضاءات الرقيقة الراقية داخل المساجد والقصور، وقد راعوا بدقة تأثير الإضاءة الصباحية وما تتركه آشعة الشمس من مزيج لوني خاص يعكس إحساسًا ساحرًا جرّاء إمتزاج الألوان فيما بينها والإستفادة من شفافية ألواح الزجاج المتجاورة أما الإضاءة الليلية فتعطي رؤية بصرية وإيقاعات لونية مختلفة تشبه صورة الأحجار الكريمة في تلألؤها.
وقد أكدت الدكتورة نرمين فتحي المصري على أن الفنان المسلم إستلهم أيضا بعض الصياغات من فنون الحضارات القديمة كفن تجميل الأرضيات وأسلوب الزخارف المتعددة الرومانية، وقام بتطويعها بما يتلاءم مع الطابع الإسلامي الجديد متأثرة بسمات الفنون المصرية القديمة تارة ومختلطة بملامح الفنون البيزنطية والصينية وسمات الفن الأوروبي المعاصر تارة أخرى، كما تأثرت بها الفنون الأوروبية المعاصرة وهي خـــير مثال يجسد تفاعل الفن الإسلامي وتقبله للأساليب الفنية للآخر وتفاعله معها من حيث التأثير والـتأثر.