قسوة الأيام ومرارتها حين تفقد الأسرة ” الأب” مصدر قوتها وأمنها، ولكن لا ينتهي هذا الألم بحزن تخففه الأيام بل يتحول إلى صراع دائم بين الأم والمجلس الحسبى للحصول على أموال أطفالها التي تركها لهم “الزوج” وعلى الرغم أن هذه القضية ليست حديثة ألا أن عدم حلها يزيد من تعقدها وفى السطور القادمة نستعرض المشاكل والحلول مع المتخصصين.
مأساة الأم
في البداية روت لنا سهام عادل أرملة ، للأسف أن الأطفال القصر يتحولون لدى المجلس الحسبى من أطفال أيتام لهم مطالب واحتياجات إلى مجرد أرقام قضايا تنتظر دورها، لقد توفى زوجي منذ ثلاث سنوات ومن وقتها ونحن نعاني مع المجلس الحسبى الذي يعامل الأمهات على أنهم لصوص هدفهم الأول هو سرقة أموال أولادهم القصر فلن أتحدث عن المعاناة للحصول على مصاريف المدرسة ولكن احتاج أبني إجراء جراحة بعينة وتكاليفها عالية اضطررت إلى استلاف المبلغ من جارتي لعمل العملية وبعد شهرين من إجرائها صرف المجلس الحسبى المبلغ وبدوري أعادته إلى جارتي.
وقالت الهام حسن أرملة، اضطررت للبحث عن العمل لأتخلص من تحكم جد أولاد الذي حصل على الولاية على أولاد والتحكم في أولادي وميراثهم الذي تركة والدهم وشرط علينا حتى نتمتع بالميراث يجب أن نترك حياتنا بالقاهرة والذهاب إلى الصعيد للعيش وسط أعمام الأولاد فرفضت هذا الوضع ونزلت إلى العمل حتى أستطيع أن استمر في الحياة بعيدا عن سيطرة أهل زوجي صحيح ليس كما كنا نعيش ولكن ارحم من الذل تحت رحمتهم ولكنى أتساءل من يهمه مصلحة الأولاد أكثر الجد أم الأم!
عدة طرق لتخطى التعامل مع المجلس الحسبى
قالت نهاد أبو القمصان رئيس المركز المصري لحقول المرأة، تعاني المرأة كثيرا للحصول على أموال للأنفاق على صغارها من صعوبة الإجراءات وطول وقتها ومعاملة الأم على أنها لصه تسعى إلى الاستيلاء على أموال صغيرها فضلا على إذا كان هناك وجود الولي الشرعي الجد فإنها تعاني أكثر لأن الأولاد يكونوا معها ولا تستطيع أن تطلب من النيابة أي مبالغ فالحق يكون للجد في المطالبة بأي مبالغ لأن ليس لها صفة أمام النيابة الحسبيه فالصفة تكون للجد والذي يتعامل مع النيابة هو الجد.
وشددت نهاد، نحن في حاجة فعلية لتعديل في القانون يعطي للأم الحق في التصرف في أموال أبناءها التي قد تكون أموالها ولكنها باسم الأب ومحتاجين في الوقت الحالي إلقاء الضوء على هذه المشكلة وحث القائمين عليها بتغيير الإجراءات بأن تكون سهلة وتراعي مصلحة الصغير وألام والتخفيف من المعاناة والمشقة وطول الإجراءات التي تعاني منها الأم.
وأوضحت أبو القمصان، وإلى أن يتم تعديل القانون يوجد عدة طرق نستطيع العمل بها لنتفادى مصاعب ومشاكل المجلي الحسبى وهي أولا من حق الأب في تعيين الأم وصيا قبل وفاته: حيث تنص المادة (1) من قانون الولاية على المال رقم 119 لسنة 1952 على أن ” الأب ثم للجد الصحيح إذا لم يكن الأب قد اختار وصيا الولاية على مال القاصر وعليه القيام بها ولا يجوز له أن يتنحى عنها إلا بأذن المحكمة.
وأضافت رئيس المركز المصري لحقوق المرأة، كما تنص المادة 27 من ذات القانون على أن ” لا يجوز بوجه خاص أن يعين وصيا: من قرر الأب قبل وفاته حرمانه من التعيين متي بني هذا الحرمان على أسباب قوية تري المحكمة بعد تحقيقها أنها تبرر ذلك ويثبت الحرمان بورقة رسمية أو عرفية مصدقا على إمضاء الأب فيها أو مكتوبة بخطه وموقعة بإمضائه”.
كما تنص المادة 28 من ذات القانون على أن ” يجوز للأب أن يقيم وصيا مختارا لولده القاصر أو للحمل المستكن ويجوز ذلك أيضا للمتبرع في الحالة المنصوص عليها في المادة 3 ويشترط أن يثبت الاختيار بورقة رسمية أو عرفية مصدق على توقيع الأب أو المتبرع فيها أو مكتوبة بخطه وموقعة بإمضائه.
ويجوز للاب والمتبرع بطريق الوصية في أي وقت أن يعدلا عن اختيارهما، وتعرض الوصاية على المحكمة لتثبيتها.”
كما تنص المادة 29 من ذات القانون على أن” أن لم يكن للقاصر أو للحمل المستكن وصي مختار تعين المحكمة وصيا ويبقي وصي الحمل المستكن وصيا على المولود ما لم تعين المحكمة غيره”.
وختمت نهاد أبو القصان، يتضح من المواد سالفة الذكر أن المشرع نص في المادة الأولي إلى أن الولاية ثابتة للاب ثم للجد، وأعطي الحق للاب بعد ذلك أن يعين وصيا بعد وفاته، ثم عاد واكد علي حقه في اختيار وصيا بالمادة 28 والمشار اليه أعلاه، بالإضافة إلى أن المشرع منح للاب الحق بحرمان أي شخص من تعيينه وصيا بناءا على أسباب جدية، وهذا كله يأتي تماشيا مع إطار سياسة القانون الذي جعل الأصل أن يكون الوصي مختار، فاذا لم يكن الوصي مختارا يعين من قبل المحكمة وهذا ما أشارت إلى المادة 29، ويستفاد من كل ذلك بان من حق الأب تعيين الأم وصيا بعد وفاته.
لابد من تغيير القانون لصالح الأم
قالت النائبة نادية هنري عضو مجلس النواب الحالي ، المجلس الحسبي وظيفته هي الإشراف على أموال القصر وفاقدي الأهلية، وفى المقابل والدولة أعطت الأم حقها الكامل في رعاية وتربية أبنائها وائتمنتها في حماية حقوقهم النفسية والمعنوية والأدبية، لكن ما يتم في المجلس الحسبى وتعامله مع المرأة بوضعها متهمة دائما ومعاملتها كلصة أو سارقة هو إجحاف شديد لحقها، الأم مسئولة بمفردها عن تربية أولادها وتعليمهم وتحمل كافة مسئوليات حياتهم ولا يتحمل معها هذا العبء أي شخص أيا كان، كيف يكون هناك أوصياء على أموال أولادها غيرها.
وأكدت هنري، لابد من تغيير قانون الولاية على المال بحيث تكون الولاية للام بعد الأب، الأم هي الأقدر وإلا حق بالولاية على أموال أولادها، المرأة قادرة على إدارة المال والأعمال، وعلى الدولة أن توحد سن الرشد في جميع الأنظمة وفلا يصح أن نتعامل مع إصدار البطاقة القومية بسن أل 16 ومع الزواج بسن 18 ومع الحصول على الحقوق المالية بسن أل 21.
قالت إيمان بيبرس، رئيس جمعية نهوض وتنمية المرأة، نحن بحاجة إلى إصلاح الخلل في منظومة المجلس الحسبي، وبطء الإجراءات وتعقيدها، وسوء الإدارة لأموال القصر، موضحة أن “هناك الآلاف من الأمهات اللاتي وقعن في سلسلة لا تنتهي من المشاكل بعد وفاة أزواجهن إلى جانب مسئوليات الأسرة وارتفاع تكاليف المعيشة، ويعيش آلاف الأطفال وأمهاتهم معاناة من نوع آخر مع المجلس الحسبي الذي يتولى الوصاية على أموالهم بعد وفاة الأب”.
وقالت “بيبرس”: “القانون الحالي لا يجعل من الأم وصية على مال أبنائها بشكل مباشر بعد الأب، بل إن وصاية المال وفقًا للقانون تؤول للجد ثم للعم بعد الأب، وفي حالة رغبة الأم في أن تتولى الوصاية على مال أبنائها عليها أن تتقدم بطلب وصاية، ولكن في حال طلب الجد أو العم الوصاية فإنها تذهب إليهم مباشرة في تمييز غير مبرر على الإطلاق، لتدخل الأمهات سلسلة لا تنتهي من المشاكل والعقبات والمسئوليات، بالإضافة لقيامهن بدور الأم والأب وتحمل أعباء الأسرة بأكملها فقط، يعانين أيضا في مواجهة هذا الروتين والمشاكل القانونية”.
وأضافت: “تحكم الأسرة المصرية قوانين مر عليها أكثر من نصف قرن، وتعامل المرأة كأنها لصة، تسرق مال أبناءها في حين أن المرأة تعول أكثر من نصف الأسر المصرية، فكيف لا تؤتمن على أموال أطفالها، وتترك للجد أو العم يتحكمون بها وأيضا للمجلس الحسبي، وبالتالي لابد من تعديل القانون بشكل يسمح بمنح الولاية على المال للأم الأرملة، مع وجود ضوابط تحمي الأسرة المصرية”.
وأضافت بيبرس “مين هيخاف على الأولاد اكتر من والدتهم وبالتالي فهي الأولى برعاية أموالهم والحفاظ على حقوقهم، كما أن الأم تكون مسئولة بمفردها عن تربية أبنائها وتعليمهم وتحمل جميع مسئوليات حياتهم ولا يتحمل معها هذا العبء أي شخص، ولكن القانون لا يحميها بل يزيد من أعبائها بالدخول في قضايا ومشاكل مع أهل زوجها من أجل الحصول على حقوق أبنائها من جهة ومع المجلس الحسبي من جهة أخرى.
وأضافت أن الإسلام كرم المرأة واحترم قدرتها على إدارة المال والأعمال وأعطاها ذمة مالية منفردة، وأكد على جميع حقوق المرأة فجعل لها حقا في الميراث، وفصل الذمة المالية للزوجة عن الزوج، وكل هذا يؤكد احترام الإسلام للمرأة وعقليتها وقدرتها على إدارة أموالها وأموال أبنائها، وبالتالي فالأم هي الأقدر والأحق بالولاية على مال أبنائها”.
قال محمد منيب المحامي بالنقض والدستورية العليا، قانون الوصاية الذي نحكم به تم تشريعه 1952وفية تعاني الزوجة من تعنت أهل الزوج خاصة في المناطق الريفية وفى الحالات التي تكون فيها الزوجة بلا دخل فتاوى الزوجة من السيطرة عليها وعلى أولادها.
واستكمل منيب أن الولاية الطبيعية من الجد للعم ثم الزوجة ولكن إذا تقدمت الزوجة بطلب الوصاية على أولادها تتقدم للمحكمة بإعلان الوراثة ويصدر قرار من النيابة الحسبية بوصاية الأم إلا إذا كان هناك ما ويمنع وصايتها كان يكون تم اتهامها في قضية تمس الشرف في هذه الحالة ترفض المحكمة طلب الوصاية وتنقل إلى الجد.
أن فكرة المجلس الحسبى قديمة وترجع إلى عام 1869 حينما رأت الدولة وقتها ضبط أنفاق “المسرفين” من الأشخاص غير البالغين، فأنشات مجالس حسبيه مهمتها التحكم في التركات.
والمجلس الحسبى هو أحد الهيئات القضائية التابعة لمحكمة الأسرة، وينظمه قانون الولاية على المال الذي ينص على أن “يخضع فاقدو الأهلية والقصر للوصاية، ولا يجوز للواصى التصرف في أموالهم أو إدارتها إلا بإذن من المحكمة، ووفقا للقواعد المفروضة، ويخرج من نطاق الولاية ما يئول للوصي من أموال بطريق التبرع”.
ويتكون المجلس الحسبى من 5 أشخاص؛ هم النائب العام وهو رئيس المجلس بصفته ورئيس النيابة الحسبية باعتبارها إحدى النيابات التابعة للنيابة العامة، ثم المحامي العام الأول، ورئيس محكمة الاستئناف، ثم رئيس النيابة العامة، وأخيرا وكيل النيابة الحسبية، ويختص المجلس بالإشراف على أموال القصر وفاقدي الأهلية.
وأضاف نحن بحاجة إلى تطوير المجالس الحسبية شأنها شأن المحاكم لتسهيل المنظومة كلها تسهيلا على الأمهات في تربية أبناءهم.