القدماء المصريين الذين هم أصل الأقباط، وهنا لا نقصد بقولنا أقباط بأنهم مسيحيين بل المصريين، فالموسيقى أُنشئت قبل المسيحية ولكن عندما دخل القديس مارمرقس الرسول إلى مصر أستخدمت الكنيسة بعض الموسيقى القبطية فى الألحان وأبدل أوزانها بعبارت روحية كتابية ويشهد بهذا كلا من “فيلو اليهودي السكندري”و ” ويوسابيوس” أن المسيحيين في مصر استخدموا موسيقى أجدادهم ولا سيما الموسيقى الدينية وما تزال إلى الألحان محفوظة بكلمات قبطية روحية مثل لحن “بيك إثرونوس” ولحن “إبؤرو” ولحن “غولغوغثا”، حيث كان لحن “بيك إثرونوس” يُقال فى توديع الفرعون القديم الميت واستقبال الفرعون الجديد، ولحن “غولغوثا” يُقال فى تحنيط الفرعون أو الموتى عموماً عد دفنهم .
وألحان التجنيز في الكنيسة القبطية الأورثوذكسية بشكل عام هى ألحان موروثة عن الفراعنة وهي من أروع الألحان التي نصليها في “أسبوع البصخة” وخصوصاً يوم الجمعة الكبيرة .
فالألحان لم تتأثر بأي إحتلال حدث لا اليوناني ولا الروماني ولا العربي وقد حدثت أمور كثيرة من حكام العرب لبطر اللغة القبطية وللأسف بعد ما كانت اللغة القبطية هي اللغة العامة في مصر إقصرت فقد داخل الكنيسة ولا تُقال إلا فى نصوص الكتاب المقدس وخاصة قراءات العهد الجديد ونصوص القداس الإلهي والتسبحة والألحان فقط.
وعندما دخلت المسيحية في مصر جاءت بنصوص كثيرة مع بعض الألحان وهي المزامير وبعض ألحان العبادة اليهودية وإذا وضعنا في الإعتبار أن المجموعة الأولى التى قبلت المسيحية كانت يهودية فوضعوا نصوصهم فى هذه القوالب الموسيقية وفقد أصبحت الألحان من الأسباب الرئيسية لحفظ العقيدة الأرثوذكسية لدى الأقباط بسبب الموسيقى التى لها تأثير قوي فالموسيقى لها القدرة على شق الحاجز بين العالم المادي والعالم الروحي ويقول العالم الموسيقى “نيولاند سميث” أن يهودياً إعتنق المسيحية عندما سمع الموسيقى الكنسية “الألحان” دون أن يسمع كلمة واحدة عن المسيحية من شخص .
ويقول الناقد الموسيقي الدكتور عادل كمال، إن المحلل لمقامات الموسيقى القبطية سيرى ذلك التشابه الكبير مع ما قبلها من موسيقى شعبية مصرية وهي الفولكلور الحي الذي يربطنا بالحياة الدينيوية للفراعنة ثم سيجد تشابه تلك المقامات مع مقامات الموسيقى العربية التي جاءت مع الاحتلال العثماني ومقامات القرآن والإبتهالات الأسلامية ( مثل مقام البياتي– السيكاه– والجهاركاه– والهزام– والنهاوند).
هذه المقامات مأخوذة من الموسيقى القبطية وخصوصاً عندما دخل العرب مصر وقد بقيت الموسيقى القبطبة وأصبحت الأن في صورتين الأولى: موسيقى الفلاحين البعيدين عن المدينة والمدينة الحديثة فأغانيهم هي هي التي كانت تُغنى في مصر القديمة، وقد أيدت هذا العالمة “إلونا بورشاى” ودونت بعض هذه الموسيقى إلى نوت موسيقية ومن بين هذه الأمثلة أغاني الأمهات لأطفالهن وأغاني العمال مثل البنايين والنتواتية وغيرها، وأعتقد أننا نسمع تلك الأغاني من البنايين أثناء عملهم .
ومن الجدير بالذكر فى القرن العاشر حينما أصبحت اللغة العربية تأخذ محل اللغة القبطية إندمجت الأغاني القبطية الشعبية والتى تعكس الحياة الإجتماعية والسياسية للناس داخل الثقافة العربية من خلال ترجمة النصوص مع وجود بعض النصوص التي لم تتغير وقد قام العالم القبطي المعروف ” أقلاديوس بك لبيب الميري” بجمع هذا التراث القبطي المعرب من شتى القرى والبلاد وجمعه فى كتاب أسماه “الأبصلمودية الكيهكية” والتي تحوى في داخلها كم كبير من المدائح والترانيم للسيدة العذراء والتي نصليها فى شهر كيهك المبارك وأيضاً المدائح إلى تُصلى فى الصوم الكبير والبصخة وأعياد القديسين .
ويذكر “ميناردوس” وهو ألماني الجنسية أستاذ جامعي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة وهو شخص عاشق للتراث القبطي وألحانه، وقد كتب في هذه الدراسات أن الإخوة المسلمين يغنون للشهيدة دميانة قائلين “ياست يابنت الوالي” وهو أغنية شعبية محلية كما أن هتفاتهم فى الإحتفالات تشبه جداً هتاف”كيرياليسون” فى صلوات الأقباط .
وقد توصلت العالمة “إيلونا” إلى خمسة نصوص مختلفة للحن واحد يُمثل كل لحن منها عصرا من العصور فبعض هذه الأنغام هي الموجودة في العربية مازال بها تعبيرات قبطية مثل “ياليل ياعين” وكلمة ليل هي كلمة قبطية بمعنى “هلل أو تهليل” كذلك الأغنية الشهيرة “هيلا هب” وهي التي يرددها المراكبية وبعض أصحاب الحرف هي كلمة قبطية وتعنى “هيا للعمل” وتوجد بعض الأغانى العربية مأخوذة من الألحان القبطية ونذكر منها :
اللحن القبطي أو الترنيمة
الأغنية العربية الشائعة
لحن التوزيع السنوى وترنيمة يامصلوب علشان تفديني …على بلد المحبوب وديني ( أم كلثوم النور ينور حياتك نور المسيح العجيب)
ياساعة بالوقت إجري “غناء نور الهدى – ألحان فريد الأطرش”…. يامن تخير موت الصليب
يامال الشام ( صباح فخري السورى)…. بها جزء مقتبس من لحن أبيتجيك إيفول
ساعة ما بشوفك جنبي ( عبد الوهاب)…..ما أحلى الأيام الحلوة أيام تجديدي
طلعت ياما أحلى نورها ( سيد درويش)…. أنا مسيحي مفيش كلام
حياتي أنت (جملة أحب روحي أحب نوحي)….أوعى تكون ناسي أنك غريب
ليه تشغل بالك ( عبد الوهاب)…. بها إقتباس من لحن ( أمونوجنيس)
والله ما سالى ( عبد الوهاب)…..مطلعها مقتبس من ترنيمة عند شق الفجر باكر
أغنية حديثة ( لمحمد منير) …..أنا الكنيسة المجيدة
يمامة حلوة ومنين أجيبها ( المطربة منيرة المهدية)
وقد إستخدمت الإغنية كوسيلة تعلمية لشرح أحكام القوانين واللوائح الحكومية الرسمية وأحكام الديانة وإصول الفلسفة والتاريخ