أكد الدكتور السيد البدوى الآثارى بمنطقة آثار جنوب سيناء للآثار المصرية القديمة أن معبد حتحور بسرابيط الخادم يمثل أضخم وأهم معبد مصرى فى شبه جزيرة سيناء وهو أقدم نموذج للمعابد المصرية المنحوتة جزئيًّا فى الصخر كما يعد قدس الأقداس لهذا المعبد هو الأضخم من نوعه بين جميع ما خلفه عمال المناجم القدماء فى عموم مصر.
جاء ذلك فى المحاضرة التي ألقاها الدكتور السيد البدوى ضمن فعاليات دورة توثيق النقوش الصخرية الذى أقامها مركز تدريب جنوب سيناء والبحر الأحمر بوزارة الآثار تحت رعاية الدكتور خالد العنانى وزير الآثار فى الفترة من 29 يناير إلى 3 فبراير الجارى وأشرف على الدورة الآثارى مصطفى محمد نور الدين مدير المركز
وصرح الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بوجه بحرى وسيناء وأحد المحاضرين بالدورة بأن الدورة شهدت تدريب 15 متدرب ومتدربة من شباب الآثاريين من عدة مواقع شملت الإسكندرية وكفر الشيخ والبحيرة وسقارة والمتحف المصرى وبنى سويف وقد تم تدريبهم على توثيق النقوش الصخرية بطريقة الفاكسميلى ومبادئ التصوير الفوتغرافى والتدريب على برنامج إليستريتور لتفريغ الرسومات والزخارف من اللوحات الأثرية وإقامة ورشة عمل عن الإستخدامات التكنولوجية الحديثة فى الآثار والتدريب العملى على التصوير الليلى وتقنيات استخدام الإضاءة والفلاش كما تم مشاركة مجتمع البادية بسرابيت الخادم فى فعاليات الدورة لتحقيق التواصل بين الأثر والمجتمع المحيط به
وأضاف الدكتور ريحان بأن الدورة شملت محاضرات متخصصة فى النقوش حيث حاضر الآثارى مصطفى محمد نور الدين مدير المركز تحت عنوان “مناطق اثار جنوب غرب سيناء” وقد ألقى الضوء على دور الملك سنفرو مؤسسس الأسرة الرابعة بسيناء الذى قام بحفر الآبار وتأمين الطرق وإقامة القلاع وكذلك الملك أمنمحات الثالث من الأسرة الثانية عشرة الذى اهتم بالتعدين فى سيناء وعثر له بسيناء على 59 نقشًا سجلها رؤساء العمال توجد فى المغارة كما اهتم بالبشر فى سيناء حيث أشركهم فى بعثات التعدين وسمح لهم بالاقامة فى شرق الدلتا كما أكد على أهمية منطقة جنوب غرب سيناء لكونها المصدر الرئيسى للملاكيت (خام النحاس) بالإضافة إلى الصحراء الشرقية كما أنها المصدر الوحيد للفيروز
كما حاضر الدكتور عبد الرحيم ريحان تحت عنوان “النقوش الصخرية النبطية واليونانية والعربية بأودية سيناء” حيث ألقى الضوء على النقوش الصخرية النبطية بوادى المكتّب ووادى طويبة ووادى عرادة والتى تلقى الضوء على دور الأنباط الحضارى وآثارهم بسيناء ومنها الميناء النبطى بمدينة دهب الذى يعود للقرن الأول قبل الميلاد ومعبدى قصرويت بشمال سيناء وكذلك النقوش اليونانية على هضبة حجاج قرب دير سانت كاترين والنقوش العربية على جبل الناقوس بطور سيناء ونقش السلطان الغورى بطريق الحج القديم عبر وسط سيناء
و
ومن جانبه أشار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بوجه بحرى وسيناء وأحد المحاضرين بالدورة بأن محاضرة “سرابيت الخادم من المنظور الثقافى والبيئى” التي ألقاها الدكتور السيد البدوى أشارت لموقع المعبد فوق جبال سرابيت الخادم على ارتفاع 850 م فوق مستوى سطح البحر بمنطقة استخراج الفيروز ويرجع تاريخ البناء إلى الأسرة الثانية عشرة (1985-1795ق.م) وظل مستخدمًا حتى فترة حكم الرعامسة (1307-1070 ق.م) وتضم منطقة سرابيت الخادم ما يقرب من 378 نقشًا منذ عصر الأسرة الثانية عشرة وكذلك خام الفيروز الذى كان يستخدم فى صناعة الحلى فى مصر القديمة
ويضيف الدكتور ريحان أن المحاضرة تطرقت إلى النقوش الصخرية بمنطقة سرابيت الخادم بروض العير او طريق العير “الحمير أو الجمال” الذى يبعد 5كم شرق وادى النصب، وقد اكتُشف عام 1930م حيث تشير المخربشات والنقوش الخطية إلى أن هذا الموقع كان من أحد أهم الطرق لحملات التعدين للوصول إلى سرابيت الخادم كما استخدم إستراحة فى الطريق إلى معبد حتحور.
ويشير إلى المخربشات بهذا الموقع التى تصور أشكالاً لقوارب وحيوانات وبشر يرجع معظمها إلى عصر الدولة الوسطى وبعضها إلى عصر الدولة الحديثة تشبه بقايا المراكب التي عثر عليها بمنطقة العين السخنة مما يرجح أن حملات التعدين إلى سرابيت الخادم كانت تنطلق من العين السخنة عبر البحر الأحمر وهناك رسمَين مُكَرَّرَيْن بروض العير وهما القوارب وفأس التنقيب والذى يعبر من خلالها عامل المناجم القديم عن وصوله قائلًا “أنا وصلت إلى سرابيت بالقارب من أجل أن أعمل فى المناجم”
ويتابع الدكتور ريحان بأن المحاضرة تطرقت إلى مغارات التعدين ومنها مغارة الطليحة وقد عثر بها على الكتابات البروتوسينائية حيث توجد معظم هذه النقوش الخطية قرب سرابيت الخادم وبئر النصب عند المناجم أوعلى بعض التماثيل المكتشفة في معبد حتحور وهى ترتبط عادة بعصر الانتقال الثانى (1630 – 1520 ق.م) وتضم هذه الأبجدية من 27 إلى 29 حرفًا ساكنًا والكثير من العلامات التشكيلية وهى تشبه الحروف الأبجدية الكنعانية البدائية التى ترجع إلى ما بين حوالى عامى 1800 و1500 ق.م والتى تأثرت بالكتابة الهيروغليفية.
أكد الآثرى مصطفى محمد نور الدين مدير المركز أن مركز تدريب جنوب سيناء والبحر الأحمر أنشئ بالقرار الوزارى رقم 108 لسنة 2017 بمقر المبنى الإدارى بسرابيط الخادم بجنوب سيناء لخلق جيل من الآثاريين لديه خبرات عملية فى أحدث تقنيات العمل الأثرى مدربين على أرض الواقع حيث تعرف المتدربون على النقوش الأثرية وقاموا بتصويرها بأنفسهم وتفريغ النقوش والرسومات بعد زيارتهم للمكان وأعربوا جميعًا عن سعادتهم بهذه الدورة