ضمن فاعليات اليوم الأول لمؤتمر التراث العربي المسيحي والمنعقد بكلية الاهوت الانجيلية 8 شارع السكة البيضاء بالعباسية في الفترة من 22-24 فبراير الجاري والذي يتناول دراسة التراث العربى المسيحي المكتوب باللغة العربية سواء في المخطوطات القديمة أو الكتابات المختلفة في أفرع التراث المسيحى العديدة سواء في التاريخ أو الأدب أو القوانين أوالطقوس والميامر أوالتراث الشعبي أوالتراث المترجم للغة العربية من اللغات القبطية واليونانية والسريانية والحبشية والأرمنية.
وقد ألقى في الجلسة الافتتاحية الأب وديع عوض الفرنسيسكاني محاضرته الهامة تحت عنوان “المقدمات والسلالم” جاء فيها
المقصود بالمقدّمات الكُتُب التي وُضِعت عن قواعد أو نحو باللغة القبطيّة، أمّا المقصود بالسلالم المعاجم أو القواميس القبطيّة العربيّة.
دارت الكلمة حول الدراسات السابقة، ثمّ كلمة عن كلّ مؤلِّف مقدّمة أو سُلَّم.
الدراسات السابقة
تزامنت بداية الاهتمام بالمقدّمات والسلالم في بلاد الغرب، في النصف الأوّل من القرن السابع عشر مع وجود شخص مصريّ مسيحيّ في الغرب تنقل من جنوب القارة الاورپيّة إلى شمالها، ومن غربها إلى شرقها، فقد بدأت إقامته في روما جنوبًا، ثمّ تنقّل بين عواصمها في بلجيكا وفرنسا، ولندن، إلى أنْ انتهى به المقام في ڤينّا واستنبول.
هذا الشخص هو يوسف بن أبي دقن، وبلا شكّ ساهم وجوده في الغرب على الاهتمام بالأدب القپطيّ. كانت ليوسف علاقات مع مستشرق هولنديْ هو إرْپينيوس، وربّما سمع به العلماء الذين سأبدأ بذِكْرهم. وأبدأ القصّة بشخصيّةٍ غير معروفةٍ، لدى المهتمّين بالدراسات القبطيّة في مصر، وفي أوساط التراث العربيّ، رغم أنّها مذكورة عدّة مرّاتٍ، في جراف Georg Graf. هذا الشخص هو الراهب الفرنسيسكانيّ الأب تُومَس اوبِيشِينِي Thomas Obicini (١٥٨٥-١٦٣٢)، ويُعْتَبَر أوّل كاتبٍ فرنسيسكاني اهتمّ بالتراث العربيّ المسيحيّ والقپطيّ، وقد وُصِف بأنّه «رائد عِلْم القپطيّات» (انظر مقالة الأب جَمْبِرَرْديني الهامّة حول الموضوع لسنة ١٩٦٥). وترتبط باسمه أوّلُ محاولةٍ لنشر وترجمة المقدّمات والسلالم القپطيّة، مستندًا على مخطوطٍ، كان قد اشتراه، من مصر، النبيلُ الرومانيّ پيترو دِلاّ ڤَلِّه Pietro della Valle (١٥٨٦-١٦٥٢)، وهو الآن ڤَتيكان قپطيّ ٧١، وقد بقى عملُ تُومَس مجهولاً، إلى أنْ اكتشفه لنتسخوت Lantschoot ونشره سنة ١٩٤٩. ويشتمل العمل على مقدّمة السمنُّوديّ (٣-٦٣)، والنصف الثاني من مقدّمة الأسعد (٦٥-٧٥)، وبداية مقدّمة القليوبيّ (٧٦-٧٩)، وبداية سُلَّم أبي البركات (٨١-٨٦). والنصوص مرفقة بترجمةٍ لاتينيّة وايتليانيّة لتُومَس اوبِيشِينِي. والدراسات عن الأب تومس قليلة، وهو يستحقّ اهتمامًا أكبر من ذلك. وبعده عمل في حقل القپطيات الأب اليسوعيّ الألماني أثناسيوس كيرشر، أو كيرخر Athanasius Kircher (١٦٠٢-١٦٨٠)، وهو معروف أكثر من سابقه وهناك كُتُبٌ ومقالات عنه، وحاضر كثيرًا في حقل الانترنت. وقد قدّم نشرةً وترجمةً لهذه المقدّمات والسلالم، ظهرت سنة ١٦٤٣، تشمل: مقدّمة السمنُّوديّ (٢-٢٠)، ومقدّمة ابن كاتب قيصر (٢١-٣٧)، وسُلَّم أبي البركات بن كبر (٣٨-٢٧٢)، وسُلَّم المؤتمن (٢٧٥-٤٩٣). والنصوص مرفقة بترجمةٍ لاتينيّة. ولكِيرْشر قواعد قپطيّة مختصرة، قد تكون الأولى من نوعها، في نهاية كتابٍ له، مطبوع سنة ١٦٣٦، وله كتابٌ عن المسلاّت المصريّة، ومحاولاتٌ لفَكّ رموزِ الكتابة المصريّة القديمة (الهيروغليفيّة)، لم تُوَفَّق. وهناك شخص غربي آخر اهتم باللغة القپطيّة، وإنْ لم يترك أيّةَ مساهمةٍ فيها، وهو ڤَنْسْلِب Vansleb / Wansleben (١٦٣٥-١٦٧٩)، وقد أعجبه مخطوط عن المقدّمات والسلالم في دير الأنبا أنتونيوس بقرب البحر الأحمر، ولكن الرهبان رفضوا بيعه له. وربّما بناءً على عمل كِيرْشر أعدّ الراهب الأوجُسْتِنْياني جيوم بُونْجور Guillaume Bonjour (١٦٧٠-١٧١٤) مَرْجَعًا في قواعد اللغة القپطيّة البحيريّة، هو الأوّل من نوعه، وكان الأساس لكتاب قواعد الأنبا روفائيل طوخي، وقد ظلّ عمل بُونْجور مخطوطًا إلى أنْ نُشِر سنة ٢٠٠٥. أمّا عمل روفائيل طوخي فقد ظهر في روما سنة ١٧٧٨، وهو كذلك يعتمد على المقدّمات، والمخطوطات التي كانت في مكتبة الڤَتيكان، وكملحق لكتاب القواعد يورد مقدّمة السمنّوديّ بدون ذِكْر اسم صاحبها. وظهرت أوّل دراسة موجزة على المقدّمات والسلالم على يد اليسوعيّ الفرنسيّ ألِيكْسِس مالون Alexis Mallon (١٨٧٥-١٩٣٤)، وهي بعنوان ترجمته «مدرسة علماء مصريين» (١٩٠٦-١٩٠٧)، ما زالت مفيدةً، وهو كذلك صاحب كتاب «قواعد اللغة القپطيّة» الشهير، وهو عن اللهجة البحيريّة، وبعد الطبعة الأُولى في بيروت، سنة ١٩٠٤، حظي بعشرات الطبعات، وبأكثر من ترجمةٍ عربيّة. وفي سنة ١٩٣٠ظهرت نشرة لمخطوط پاريس، المكتبة الوطنيّة في فرنسا، قپطي ٤٤ ويُعْرَف بـ«السُلَّم القپطيّ» Scala copta، على يد هنري مِينيه، ويحوي العملُ سُلُّمَ السمنّوديّ (١-٤٣)، ومقدّمة السمنُّوديّ (٤٥-٦٠)، و«دَرَج السُلَّم» (٦١-٢٤٩)، وهو قاموس قپطيّ صعيديّ عربيّ. أمّا باللغة العربيّة فلدينا دراسةٌ صغيرة موجزة ليسّي عبد المسيح، ظهرت سنة ١٩٤٧، وتنتهي بقائمةٍ للمخطوطات في الأديرة القپطيّة والمتحف القپطيّ والپطريركيّة. وفي السنة ذاتها ظهر الجزء الثاني من «تاريخ الأدب العربيّ المسيحيّ» للكاهنَ الايپرشيّ الألمانيّ جيئورج جراف (١٨٧٥-١٩٥٥)، ويستعرض فيه، بتسلسلٍ تاريخيّ، الكُتّابَ الأقپاط، وسأشير إليه عند ذكر هؤلاء الكتّاب في الترجمة العربيّة. وللجزء الخاصّ بالأقپاط في كتاب جراف هناك ترجمة عربيّة قام بها الأب كامل وليم (بعد ذلك الأنبا كيرلُّس وليم مطران أسيوط للأقپاط الكاثوليك)، وطبعها الأب أثناسيوس المقاريّ، مع إضافات عليها، سنة ٢٠١٢. بعد جراف اهتم بالمقدّمات والسلالم الپروفِسّور عادل سيداروس، منذ ظهور رسالته عن ابن الراهب سنة ١٩٧٥، وما زال يكتب عن الموضوع إلى اليوم، وتظهر قريبًا في «مجلّة جمعيّة الآثار القپطيّة» قائمةُ كتابات عادل سيداروس فنعرف ماذا كتب عن الموضوع. ويجب أنْ أُشير إلى المقالتَيْن الجيّدَتَيْن المزوّدَتَيْن بمراجعٍ، في «الموسوعة القپطيّة»، لسنة ١٩٩١، تحت عنوانَيْ «مقدّمة» و«سُلَّم» (المجلّد ٨، ص ١٦٦-١٦٩، ٢٠٤-٢٠٧). وترد في كُتُبٍ لاحقة إشارات إلى الموضوع. وفي هذا المجال نشرتُ أنا مقدّمةَ الأسعد، سنة ٢٠٠٥، وهي الآن كذلك على الانترنت. ونشرتُ كذلك مقدّمةَ القليوبيّ، ويجب أنْ تظهر في «مجلّة جمعيّة الآثار القپطيّة» لسنة ٢٠١٦.
مجموعة المقدّمات
والآن أستعرض المقدّمات حسب تواريخ واضعيها، وأُشير في نهاية كلّ قسم إلى مقالتي «مقدّمة في التراث العربيّ المسيحيّ للأقپاط»، فأذكر رقم الفقرة، وأشير كذلك إلى صفحات جراف في الترجمة العربيّة. ويجب أنْ أُنوّه إلى أنّ لا أحد من واضعي المقدّمات يذكر تاريخ عمله، ولكن الثقة الدهيريّ يشير إلى أعمال سابقيه، وبما أنّ كلّ الكُتّاب من القرن الثالث عشر باستثناء أثناسيوس اسقف قوص، يصعب معرفة من له شرف السبق:
١) يوحنّا السمنُّوديّ
ليس من المعروف أيّة مقدّمة سبقت، مقدّمة الأسعد بن العسّال أو مقدّمة يوحنّا السمنُّوديّ. ولكن بما أنّ المخطوطات تورد أولاً مقدّمة هذا الأخير، أبدأ بها. والأنبا يوحنّا اسقف سمنّود هو من الذين رسمهم الأنبا كيرلُّس الثالث ابن لقلق (١٢٣٥-١٢٤٣). ويدعوه أبو البركات: «يؤنِّس اسقف سمنّود، له مقدّمة وسلَّم في تفسير القپطيّ ونحوه» (طبعة ١٩٧١، ٣١٦). وقد نُشِرت المقدّمة البحيريّة كاملةً، لأوّل مرّةٍ، على يد تُومَس أُبِيشيني، التي طبعها لنتسخوت Lantschoot، سنة ١٩٤٩ (٣-٦٣)، ولكن نشرة كِيرشَر، ظهرت بالطباعة قبل ذلك (٢-٢٠)، وأعاد روفائيل طوخي نشرها بتصرّف، بدون الإشارة إلى مؤلّفها، ولا إلى المصدر الذي ينقل عنه (٦١٦-٦٦٨)، وهناك نشرة أخرى قام بها سنة ١٨٤٩ Édouard Dulaurier (1807-1881). وقد نشر مِينيه المقدّمة الخاصّة بالصعيديّة (٤٧-٦٠)، وأعاد فؤاد خزام (جـ ١، ٩٨-١٢٧) نشر مخطوط پاريس قیطيّ ٤٤ (وديع، الفقرة ٤٤؛ أثناسيوس المقاريّ، ١، ص ٤٢٢-٤٣٦، ولا سيّما ٤٢٤-٤٣٥، Sidarus, 2017, p 149-153).
٢) الأسعد بن العسّال
الأسعد هو أخٌ شقيق للصفيّ وأخٌ طبيعيّ للمؤتمن بن العسّال، وقد يكون أكبر إخوته. ولا يرد الأسعد بين الكُتْاب الأقپاط في قائمة أبي البركات، الذي ذكره في أماكن إُخرى خارج القائمة. وقد تعرَّضتُ لحياته وكتاباته في «دراسة عن المؤتمن» (٨٩-٩٢). وقد نشرتُ مقدّمته، في «مجلّة جمعيّة الآثار القپطيّة»، لسنة ٢٠٠٥، وهي الآن متاحة على الانترنت، وكان قد نشر نصفها الثاني تُومَس أُوبِيشيي، وهي مقدّمةٌ مختصرة، وتخلو من الأمثلة، ولذا لم تلفت النظر كثيرًا (وديع، الفقرة ٤٩؛ أثناسيوس المقاريّ، ١، ص ٥٣٤-٥٥١).
٣) الوجيه يوحنّا القليوبيّّ
لا نعرف عن مؤلِّف هذه المقدّمة، المسمّاة بـ«الكفاية» إلّا اسمه. وأوّل مَن ذكره هو المؤتمن بن العسّال، في الصياغة الثانية لسُلَّمه»، الذي وضعه بعد فقدان السُلَّم الأوّل في دمشق سنة ١٢٦٠ (انظر وديع، «دراسة عن المؤتمن»، ٣/ ١٨-٢٧، ص ١٣٨-١٤٥). ويدعوه المؤتمن في مقدّمة هذا السُلَّم: «الشيخ الأجّل، العالِم، الفاضل، الوجيه يُحَنّا ولد القسّ الأجلّ مخايل [ميخائيل] ولد القسّ صدقه القليوبيّ أبقاه الله، ورحم أسلافه» (مالون، ص ٢٢٢، ترجمة ٢٢٩؛ قابل ص ١٢٧؛ وديع، «دراسة عن المؤتمن»، ٤/ ٥١، ص ١٦٥-١٦٦). وقد ذكر ابنُ الدهيريّ، في مقدّمته عملَ القليوبيّ، ووجّه له نقدًا. أمّا أبو البركات فلا يذكر القليوبيّ. في العصر الحديث، أوّل مَن عَرَّف بالقليوبيّ، سنة ١٩٠٦، هو مالون، وذكر ٧ مخطوطات للعمل، ونشر جزءًا من بداية النصّ (في نشرتي الأرقام ٢-١٨) ؛ وترجمه (انظر مالون، ص ١٢٦-١٢٩). وقد خصّص شيخو لكاتبنا ولمقدّمته ثلاثة أسطر: «يُحَنّا القليوبيّ. هو يُحَنّا بن ميخائيل بن صدقه القليوبيّ القپطيّ من كَتَبة القرن الثالث عشر. له في مكاتب پاريس، ولندن، واوكسفرد، وروميه مقدّمة على أُصول اللغة القپطيّة، وسمها بالكفاية» (لويس شيخو، «المخطوطات العربيّة لكَتَبة النصرانيّة»، بيروت، مطبعة لآباء اليسوعيين، ١٩٢٤، الرقم ٨٣٠، ص ٢١٣). في سنة ١٩٤٧، خصّص جراف للقليوبيّ ثلاث صفحات، ولكن بخصوص حياته لم يجد أكثر ممّا قاله عنه المؤتمن غير التأكيد أنّ القليوبيّ ألْقى، سنة ١٢٧١، خطبة تأبين للپطريرك غبريال، وبالتالي يجب أنْ يكون قد مات بعد هذا التاريخ. وفي سنة ١٩٤٧ ذاتها ظهرت مقالة يسّى عبد المسيح (٦٢-٦٣، ٦٨). ويذكر العلاّمةُ يسّى أنّ القليوبيّ كان راهبًا، وهذا أمر يحتاج إلى برهنة. ولم يذكر المؤرِّخ كامل صالح نخله القليوبيّ بين كُتّاب القرن الثالث عشر (انظر «سلسلة تاريخ الپاپوات پطاركة الكرسي الاسكندريّ، الحلقة الأُولى البابا كيرلّس الثالث»، وادي النطرون، مطبعة دير السريان، ١٩٥١، ص ١٠٨-١٢٥؛ والطبعات اللاحقة). ولم تخصّص له مدخلاً «الموسوعة القپطيّة» (The Coptic Encyclopedia, 1991). ومن الملاحظ أنّ مقدّمة القليوبيّ تتفوّق على مقدّمة الأسعد، التي نشرتها في السابق، بعدد الأمثلة. وبإتمام نشر المقدّمات يمكن عمل مقارنات بينها وما تتميّز كلّ منها على الأُخرى. وقد أعددت هذه المقدّمة للنشر لأوّل مرّة، في «مجلّة جمعيّة الآثار القپطيّة» لسنة ٢٠١٦ (وديع، الفقرة ٤٦؛ أثناسيوس المقاريّ، ١، ص ٤٣٦-٤٤٥).
٤) علم الرئاسة بن كاتب قيصر
اسمه بالكامل عَلَم الرئاسة أبو إسحاق إبراهيم بن الشيخ النفيس أبي الثناء بن الشيخ صفيّ الدولة أبي الفضائل كاتب قيصر. ويذكر أبو البركات، ودعاه «المعلِّم ابن كاتب قيصر، له مقدّمة في نحو القپطيّ» (ص ٣٢٠) عنوان مقدّمته «التبصرة المختصرة»، وقد طبعها كِيرشَر (٢٠-٣٧)، وقد أشار إليها الثقة بن الدُهَيريّ (وديع، الفقرة ٤٧؛ أثناسيوس المقاريّ، ١، ص ٤٥١-٤٧٣).
٥) الثقة بن الدُهَيريّ
الثقة بن الدهيريّ هو أيضًا من الذين رسمهم كذلك الأنبا كيرلّس الثالث (١٢٣٥-١٢٤٣) على كرسي دمياط باسم خريستوذولوس، وقد ذكره أبو البركات، ودعاه «الثقة ابن الدهيريّ الكاتب»، ووصف مقدِّمته بأنّها «جيِّدة» (٣٢٠). وكما يشير الثقة جاءت مقدمّته بعد سُلُّم المؤتمن، ولذا فهي موضوعة بعد سنة ١٢٦٠، وبعد مقدّمة القليوبيّ، ومقدّمة ابن كاتب قيصر، ويبدو أنّ هذه المقدّمة لم تحظَ بأيّة نشرة (وديع، الفقرة ٤٥؛ أثناسيوس المقاريّ، ١، ص ٤٤٥-٤٥١).
٦) النشؤ أبو شاكر بن الراهب
النشوء أبو شاكر بن بطرس الراهب من الكُتّاب اللامعين الذين برزوا في النصف الثاني من القرن الثالث عشر، وتوفّي بعد سنة ١٢٧٠، وعلى الأرجح في السنوات العشر الأخيرة من القرن الثالث عشر. وقد اهتمّ بدراسة حياته ومؤلَّفاته عادل سيداروس. وله مقدّمة أطول من سابقاتها وأمثلتها أكثر، أعدّها سنة ١٢٦٣/ ١٢٦٤ (سيداروس، ص ٦٣-٦٥، ٧٣-٨٣)، ونشر مالون مقدّمتها ونصفها الأوّل سنة ١٩٠٧(٢٣٠-٢٥٨) (وديع، الفقرة ٥٥؛ أثناسيوس المقاريّ، ١، ص ٦٢٣-٦٤٦، لا سيمّا ٦٣٤-٦٣٥).
٧) أثناسيوس اسقف قوص
المقدّمة الأخيرة هي أكبر من مقدّمة، وهي في الواقع كتابا قواعد للهجتَيْن البحيريّة والصعيديّة، ولا تتناسب أهمّيّة النصَّيْن مع ما هو معروف عن المؤلِّف، الأنبا أثناسيوس اسقف قوص. فقد وضعه مالون (١١٤-١١٦) في القرن الحادي عشر. أما يسّى عبد المسيح (٦٣-٦٤)، فقد وضعه في القرن الرابع عشر، وحدّد اسقفيّته في زمن الپاپا غبريال الرابع، السادس والثمانين في العدد (١٣٧٠-١٣٧٨). أمّا جراف (الأصل الألمانيّ، جـ ٢، ص ٤٤٥-٤٤٦) فلم يحدِّد زمنه، ولكن وضعه بعد أبي البركات بن كبر، أيْ في القرن الرابع عشر، وذكر أنْ بين المؤلَّفات غير الأكيدة له وصف تكريز الميرون في زمن الپاپا غبريال الرابع. أمّا الأب أثناسيوس المقاريّ (جـ ٢، ٧٥٩-٧٦٢) فقد أضاف على ترجمة جراف عبارة «ويُظَنّ أنّه عاش في النصف الثاني من القرن الرابع عشر». ولم تضف ناشرة النصَّيْن، جِرْتْرُد باور Gertrud Bauer، أيّة معلومات أُخرى ، وفي عنوان الكتاب وضعت أثناسيوس بين القرنَيْن الثالث عشر والرابع عشر (١٠-١٤). وكان أثناسيوس ابنًا لكاهن يُدْعى صليب، وقد ترهَب أثناسيوس في دير بقطر الشهيد بقرب قرية الكوله في نواحي قاموله في محافظة قنا، وهو الصعيديّ الوحيد من بين واضعيّ المقدّمات والسلاسل. ويحمل نصَّا أثناسيوس عنوان «قلادة التحرير في علم التفسير»، وفي مخطوط پاريس، المكتبة الوطنيّة، قپطيّ ٤٤ يحتلّ النصّ الصعيديّ الأوراق ١٢٤جـ-١٣٩، والبحيريّ الأوراق ١٣٩جـ-١٥٦جـ. وفي النشرة جاء البحيريّ في ورقة مقابلة للصعيديّ، ومن الملاحظ أنّ ناشرة النصَّيْن كتبت النصوص القپطيّة والعربيّة بخطّ اليد، لا بحروف طباعة. ويشمل العمل مقدّمة طويلة باللغة الألمانيّة (١-١٤٠)، ونشرة النصَّيْن (١٥٢-٢٤٦)، والترجمة الألمانيّة (٢٤٧-٣٠٦)، وفهرس المصطلحات باللغات المختلفة (٣٠٧-٣٣٧)، والحواشي والمصادر والمراجع (٣٣٨-٣٤٩) (وديع، الفقرة ٦٣؛ أثناسيوس المقاريّ، ٢، ص ٧٥٩-٧٦٢، لا سيمّا ٦٣٤-٦٣٥).
السلالم
عدد السلالم أقل من عدد المقدّمات، وكلّ واحد منها يختلف عن الآخر من حيث منهجيّة العمل، والثلاثة من وضع أشخاص ليسوا من الصعيد: واحد من الدلتا، واثنان من القاهرة، وهناك سُلَّم مفقود لشخصٍ من القاهرة.
يوحنّا السمنودي
وضع يوحنّا السمنُّوديّ سُلَّمَيْن: صعيديّ وبحيريّ، دعاهما «السُلَّم الكنائسيّ»، و«سُلَّم التفسيير». وقد طبع مينيه السُلَّم الصعيديّ، وأعاد فؤاد خزام نشره معتمدًا على المخطوط ذاته. ويورد يوحنّا كلمات بعض أسفار الكتاب المقدّس، وبعض الكُتُب الطقسيّة، تباعًا حسب ورود الكلمة في كلّ مصدر، وبالطبع تقلّ الكلمات مع تقدّم العمل، لأنّه لا يُكرِّر كلمةً وردت سابقًا، وهذا هو الترتيب الوارد حسب طبعة مينيه وخزام: يوحنّا (م١-١٣، خ٨-٣٣)؛ متّى (م١٤-٢١، خ٣٤-٤٩)؛ مرقس (م٢٢، خ٥٠-٥٢)؛ لوقا (م٢٣-٢٥، خ٥٢-٥٨)؛ رسائل پولُس (م٢٦-٣٢، خ٥٨-٧٠)؛ الرسائل الجامعة (م٣٢-٣٣، خ٧٠-٧٣)؛ أعمال الرسل (م٣٣-٣٥، خ٧٣-٧٦)؛ المزامير (م٣٥-٣٨، خ٧٧-٨٢)؛ الأنبياء (م٣٨-٣٩، خ٨٢-٨٤)؛ سفر الحكمة (م٣٩، خ٨٤)؛ ثيودوكيات (م٣٩-٤٠، خ-٨٦٨٤)؛ قدّاس باسيليوس (م٤٠، خ٨٧)، قدّاس غريغوريوس (م٤٠-٤١، خ٨٧-٨٨)؛ قدّاس كيرلُّس (م٤١، خ٨٨)؛ الپصخه (م٤١-٤٣، خ٨٨-٩١)؛ العماد والزواج، والغطاس وكيهك (م٤٢، خ٩١-٩٣) (وديع، الفقرة ٤٤؛ أثناسيوس المقاريّ، ١، ص ٤٢٢-٤٣٦، ولاسيّما ٤٢٤-٤٣٥، Sidarus, 2017, p 149-153).
المؤتمن بن العسّال
لقد درستُ حياة المؤتمن ومؤلفاته في كتاب من ٣٢١ صفحة، وباختصار أقول إنّ المؤتمن هو واحد من ثلاثة كُتّاب وواحد من أربعة إخوة دعيوا بأولاد العسّال، وهو أخ طبيعيّ للصفيّ والأسعد صاحب إحدى المقدّمات. وقد وضع المؤتمن سُلّمًا، دعاه «السُلَّم المقفّى وذهب الكلام المصفّى»، نحى فيه نحو قاموس أو معجّم «الصحّاح» أو «تاج اللغة وصحّاح العربيّة» لاسماعيل بن حمّاد الجوهريّ (٩٤٠-١٠٠٢)، وهو قاموس مقسّم إلى أبواب تضع في الاعتبار الحرف الأخير من الكلمة، وكل باب مقسّم إلى فصول تضع في الاعتبار الحرف الأوّل. وقد وضع سُلَّم المؤتمن بعد سنة ١٢٦٠ بعد فقدان الصياغة الأُولى في دمشق في هوجة الغوغاء ضدّ المسيحيين هناك على أثر هريمة المغول، ويبدأ السُلَّم بمقدّمة نجدها في ثلاث مخطوطات، ينقد فيها، بدون ذِكْر أصحاب السلالم السابقة، باستثناء سُلَّم يوحنّا السمنُّوديّ، وهذا يعني أنّه كانت في وقت المؤتمن سلالم أُخرى غير سُلَّم يوحنّا السمنُّوديّ، وهذا أمر يحتاج إلى دراسة. وقد حظي العمل بمديح المعاصرين ومديح ڤَنْسْلِب الرحالة الألمانيّ لمصر في النصف الثاني من القرن السابع عشر. والطبعة الوحيدة المتاحة إلى الآن هي طبعة كِيرْشَر (٢٧٥-٤٩٣) (وديع، دراسة»، ٤/ ٤٦-٥٧، ص ١٦٣-١٧٠؛ وديع، الفقرة ٥١؛ أثناسيوس المقاريّ، ١، ص ٥٥١-٥٨٢، ولاسيّما ٥٥٤-٥٥٩).
أبو البركات بن كبر
السُلَّم الأخير الذي وصل إلينا ونعرف اسم مؤلِّفه هو سُلَّم أبي البركات بن كبر، كاهن كنيسة المعلَّقة، والذي توفّي بعد سنة ١٣٢٤، ويحمل عنوان «السُلَّم الكبير المقترح»، والنشرة الوحيدة الكاملة هي نشرة كِيرْشَر (٣٨-٢٧٢)، وهناك نشرات مستقلّة لأجزاء معيّنة. وقد نحى أبو البركات في عمله نحوًا ثالثًا مختلفًا، فقد قسّم السُلَّم إلى مواضيع في عدد من الأبواب بدءًا من الله، ويتشابه هذا المنهج مع منهج كُتُب تَعَلُّم اللغات الأجنبيّة، التي تجمع مجموعةً من الكلمات حول موضوعٍ معيّن، ومن هذه المواضيع يُرى أنّ المؤلُّف اطّلع على مصادر مختلفة بما فيها سير الشهداء لأنّه يورد بعض مصطلحات أدوات التعذيب (١٣٥). والكتاب مقسّم إلى عشرة أبواب، وعدد متتابع من الفصول. ومن النظر في أبواب الكتاب وفصوله نلاحظ جدّيّة العمل والمجهود الكبير الذي بُذِل فيه من تجميع الكلمات وترجمتها وتبويبها، ويمكن الاعتقاد أنّه اعتمد على السُلَّمَيْن السابقَيْن ولا سيّما سُلَّم المؤتمن.
وهوذا عناوين الأبواب كما وردت في النشرة مع بعض التعديل أحيانًا، مع ذِكر رقم الصفحة فيها: الباب الأوّل به أربعة فصول، وخاص بالله والمخلوقات العلويّة (٤٢-٤٧)، أسماء العالَم العلويّ (٤٧-٤٨)، أسماء الفَلَك (٤٩-٥٧)، العالَم الكونيّ (٥٧-٦٨)؛ الباب الثاني وبه سبعة فصول، وخاص بعالَم الإنسان: الإنسان وحواسه وصفاته (٦٩-٧٩)، الأجناس البشريّة (٧٩-٨٢)، نعوت الإنسان (٨٢-٨٩)، أفعال الإنسان (٩٠-١٠٤)، المهن والصناعات (١٠٥-١١٥)، الملابس والأدوات (١١٥-١٥٧)، الأمراض الجسديّة والنفسيّة (١٥٧-١٦٣)؛ الباب الثالث، وبه أربعة فصول، وخاصّ بعالَم الكائنات غير العاقلة: الوحوش (١٦٣-١٦٦)، الطيور (١٦٧-١٧٠)، الأسماك وأشباهها (١٧٠-١٧١)، الحشرات (١٧٢-١٧٣)؛ الباب الاربع، وعدد فصوله ثلاثة، وخاصّ بعالَم النبات: الأشجار (١٧٤-١٨٠)، العقاقير والأطياب (١٨٠-١٩٢)، الحبوب والبقول والمزروعات (١٩٢-١٩٩)، المأكولات (١٩٩-٢٠١)؛ الباب الخامس، وعدد فصوله اثنان، وهو خاصّ بالمعادن (٢٠١-٢٠٥) والألوان (٢-٥-٢٠٦)؛ الباب السادس، فصل و احد، وهو خاصّ بالبلاد والمدن والأماكن (٢٠٦-٢١٥)؛ الباب السابع فصل واحد خاصّ بالبيعة وكلّ ما يخصّها (٢١٥-٢٢٠)؛ الباب الثامن به ثلاثة فصول خاصّ بالأعلام: أعلام الكتاب المقدّس وبعض القدّيسين (٢٢٠-٢٢٤)، كلمات متنوعّة (٢٢٥-٢٢٧)، أسماء الحكماء أيْ الفلاسفة والأطبّاء (٢٢٧)، كلمات أُخرى متفرّقة (٢٢٨-٢٣٨)؛ الباب التاسع، فصلان خاصّ بالكلمات العبرانيّة واليونانيّة من كتاب اپيفانيوس (٢٣٨-٢٤٣)، الكلام الاتناسيّ (٢٤٣-٢٥٠)؛ الباب العاشر به ثلاثة فصول ذات طابع نحويّ: ما ورد مذكّرًا وهو في العربيّة مؤنّث (٢٥٠-٢٥٢)، ما ورد مؤنّثًا وهو في العربي مذّكر (٢٥٢-٢٥٤)، الفصل الثلاثون وهو الأخير: يشتمل على ما يتشابه لفظة في الخطّ أو في النطق ويتغيّر معناه (٢٥٤-٢٧٢) (وديع، الفقرة ٦٠؛ أثناسيوس المقاريّ، ٢، ص ٧٣٠-٧٥٩، ولاسيّما ٧٥٠٧٥٧-٥٥٩).
وهناك سُلُّم مفقود للنشوء أبي شاكر بن الراهب، وهنا يحب العودة إلى دراسات الپروفِسّور عادل سيداروس، وهناك سلالم تحمل عناوين «الدروج» أو عناوين مشابهة درسها كذلك عادل سيداروس.
أهمّيّة هذه المقدّمات والسلالم وكيف نستفيد منها أكثر
وأشْكُرُ حُسْنَ اسْتِماعِكُم.
تلي بعض المصادر والمراجع العربيّة ثمّ الأجنبيّة، بترتيب تواريخ طباعتها:
– يسّى عبد المسيح، «المقدّمات والسلالم»، «رسالة مار مينا في عيد النيروز، توت ١٦٦٤»، الاسكندريّه، مطبوعات جمعيّة مار مينا العجائبيّ، بكنيسة السيّدة العذراء بمحرم بك، ١٩٤٧، ص ٥٩-٦٨.
– شمس الرئاسة أبو البركات المعروف بابن كبر «مصباح الظلمة في إيضاح الخدمة»، الجزء الأوّل الأبواب ١-١٢ (المقدّمة بإمضاء الأب سمير خليل)، القاهرة، مكتبة الكاروز، ١٩٧١.
– الأخ وديع الفرنسيسكانيّ، «دراسة عن المؤتمن بن العسّال وكتابه مجموع أُصول الدين وتحقيقه» (دراسات شرقيّة مسيحيّة، ٥)، القاهرة – القدس، ١٩٩٧.
– الأخ وديع الفرنسيسكانيّ، «مقدّمة في الأدب العربيّ المسيحيّ للأقپاط»، «مجموعة دراسات شرقيّة مسيحيّة» ٢٩-٣٠ (١٩٩٨)، ص ٤٤١-٤٩١ من اليمين إلى الشمال لكن الترقيم من الشمال إلى اليمين.
– الأسعد بن العسّال (القرن ١٣)، «مقدّمة في قواعد اللغة القپطيّة»، قّم لها وحقّفها الأخ وديع الفرنسيسكانيّ، «مجلّة جمعيّة الآثار القپطيّة» ٤٤ (٢٠٠٥)، ص ١١٣-١٣٢.
– {جراف، ترجمة الأب كامل وليم = الأنبا كيرلُّس وليم} الراهب القسّ أثناسيوس المقاريّ، «فهرس كتابات آباء كنيسة الاسكندريّة، الكتابات العربيّة، جزءان (مصادر طقوس الكنيسة ١/ ٨)، القاهرة، مطابع نوبار، ٢٠١٢ (ترقيم متتابع).
– الوجيه يوحنّا ولد القسّ ميخائيل ولد القسّ صدقه القليوبيّ (القرن ١٣) «مقدّمة في قواعد اللغة القپطيّة موسومة بـ”الكفاية”»، حقّقها الأخ وديع الفرنسيسكانيّ، «مجلّة جمعيّة الآثار القپطيّة» ٥٥ (٢٠١٦)، ص ؟-؟.
يعقد المؤتمر فى ايامة الثلاثة بمشاركة العديد من القيادات والرموز الدينية الهامة كذلك العديد من القامات العلمية والباحثين والمهتمين بالتراث العربى المسيحى
بمشاركة الانبا مارتيروس الاسقف العام والانبا ابيفانيوس اسقف ورئيس دير ابو مقار والقس عاطف مهني رئيس سنودس النيل الإنجيلي المشيخي، مدير كلية اللاهوت، والقس وجيه يوسف أمين عام المركز، والقس هاني يوسف العميد الأكاديمي بالكلية، والاب وديع عوض الفرنسيسكانى والقس ذكا لبيب والبروفسير الأب سمير خليل اليسوعى ، والقص يسطس فانوس والاب ميلاد شحاتة والدكتور جوزيف موريس فلتس، والقس عيد صلاح، والقس تواضروس القمص متياس والدكتور سامى صبرى والدكتور لؤى محمود والدكتور اسحاق عجبان والدكتور ابراهيم ساويروس والاستاذ يوحنا رضا والقمص ااثناسيوس فهمى والاستاذ نبيل شحاتة والدكتور مجدى جرجس والدكتور جورج عوض والدكتورة شذى اسماعيل والدكتورة نهى الشعار والدكتورة نجلاء فتحى والدكتورة مرفت ثابت والاستاذة مرفت فاروق والمهندس عماد توماس والدكتورة راند بليغ والقمص يوسف الحومى والراهب سيداروس المحرقى والراهب اثناسيوس الربانى والاستاذ صبحى عبد الملاك والاستاذ ماركو الامين والدكتور عادل فخرى والاستاذة نرمين مصطفى والاستاذ بيشوى بولس والمهندس مدحت حلمى والاستاذ سامح عبد الفتاح والاستاذ عماد عاطف والمهندسة كميلة ايليا