انطلق يوم السبت 2 فبراير، الملتقى العلمي الأول للعمارة القبطية الذي ينظمه معهد الدراسات القبطية بالكاتدرائية المرقسية بالأنبا رويس.
اشتمل الملتقى على أربع محاضرات تناولت العمارة القبطية من جوانب مختلفة.. وإليكم بعض المقتطفات عن كل محاضرة خلال هذا الملتقى..
المحاضرة الثانية قدمها الدكتور طانيوس ألفونس عن “القيم البيئية في عمارة الأديرة القبطية”
واستهلها بالتساؤل: لماذا يكون الجو داخل مباني الأديرة مريح للإنسان برغم شدة البرودة أو شدة الحرارة في الخارج. والإجابة فيما يعرف باسم “العمارة البيئية” وكيف تتعامل المباني مع البيئة المحيطة بها؟
وبدأ أولا بالتكلم عن الرهبنة وآثارها على العمارة القبطية وفكرة العبادة النسكية في البراري بنظام التوحد أولاً ثم بنظام الشركة الذي أدى إلى نشأة ما يعرف بالمنشوبيات للعيش فيها في البرية، ثم ظهرت مباني الأديرة التي تتكون من عناصر عديدة منها: قلالي الرهبان، الطاقوس (المقابر)، المائدة، المضيفة، الحصن، الأسوار، المكتبة، مصدر مياه (بئر)، المشاغل والورش وأماكن العمل وبيت الخلوة.
وشرح أيضا المواد المستخدمة في البناء مثل الأحجار والطوب والأخشاب، ومواد مكملة للبناء مثل الرخام والجرانيت والحديد والبرونز. وتغطيات الأسقف والبنية التخطيطية الأساسية في الأديرة القبطية. وطرق الإنشاء التي اعتمدت الأديرة أساسا فيها على نظام الحوائط الحاملة في اغلب مبانيها حتى بداية النهضة الحديثة للأديرة في النصف الثاني من القرن العشرين. أما المغارات فكانت توجد في كهوف أو يتم نحتها في الصخر. ومن ناحية تغطيات أسقف المباني فكانت تستخدم القباب في تغطية معظم مباني الأديرة واستخدمت أحياناً الأقبية المستمرة والأقبية المتقاطعة في كنائس أديرة وادي النطرون، وكذلك استخدمت الأسقف المستوية في مداخل الكنائس أو الأجنحة الجانبية للكنيسة.
وكل تلك المباني تؤثر عليها عوامل مناخية فكان يجب التعامل مع مبانيها بشكل معين لكي تحافظ على ما يطلق عليه “الراحة الحرارية” للإنسان، وهي قدرة الإنسان على الاحتفاظ بدرجة حرارته الثابتة عن طريق سلسلة من التبادلات الحرارية من جسم الانسان والظروف البيئية المحيطة. وعندما يشعر الانسان بالرضى في البيئة الحرارية المحيطة به يكون قد وصل إلى ما يعرف بالإتزان الحراري.
من خلال برامج متخصصة تم عرض تحليل مناخي وتحليل بيئي لدير الأنبا أنطونيوس بالبحر الأحمر الذي يقع في منطقة جبلية بالصحراء الشرقية ذات مناخ حار رطب وأشعة الشمس متوسطة الأمر الذي يتطلب وجود حركة للهواء لتقليل نسبة الرطوبة. وكذلك تم عمل تحليل مناخي وبيئي لدير الأنبا باخوميوس بأسوان في أقصى جنوب مصر ذات مناخ حار جاف وأشعة الشمس عالية، الأمر الذي يتطلب ترطيب للهواء لتزيد نسبة الرطوبة فيه.
تلك الدراسات المناخية لها مدلولاتها في توظيف شكل واتجاه المبنى وتصميمه ليتعامل مع العوامل المناخية وهذا ما يعرف “بالمعالجات المعمارية” للمبنى.
ففي دير الأنبا أنطونيوس نجد معالجات في المباني تساعد على تحقيق الإتزان الحراري مثل تقليل الفتحات في الإتجاه البحري لمنع دخول الهواء الساخن المحمل بالأتربة إلى المبنى مع عمل فتحات من الناحية القبلية لشفط الهواء الساخن إلى الخارج. كذلك القباب في أسقف الكنائس حيث يتجمع الهواء الساخن فيها، فيتم عمل فتحات في القباب لكي يخرج منها الهواء الساخن.
أما دير الأنبا باخوميوس حيث يندر فيه تيار الهواء الشديد، وتسود الحرارة الشديدة فيتم تقليل مساحة الفتحات في المباني للحد من دخول اشعة الشمس إلى الداخل. وأيضا دراسة إتجاه المباني وعلاقتها ببعضها البعض لخلق مناطق الممرات المظللة بينها لتقليل الحرارة وحجب أشعة الشمس.