– موت أبويه وراء نضجه وبلورة موهبته
-حَمَّله أصدقاؤه مسؤولية كبيرة حين لقبوه بـ”جاهين” الجيل
-اهتم بالقراءة إلى أن طرح ديوان روحه ثائرة
-تاريخ الوجود الإنساني أبرز ملامح ديوانه الأول
-المسابقات تمثل له إشارة ربانية لاستكمال الطريق
“معانٍ ثائرة، روح متجلية، مفردات جرئية، جمل عميقة، إيقاع متوازن، ديوان محكم”، بهذه التركيبة وضع الشاعر نظير حسني أولى ترنيمات قلمه على لوحة الإبداع الخاص بشعر العامية في مصر، من خلال ديوان “قيامة الخضر”.
لم ينكر ابن حي البساتين تأثره بأساتذته “فؤاد حداد، أمل دنقل، صلاح جاهين”، فقد كان لهؤلاء الفضل في تعزيزوإثقال موهبته، كما كان لدراسته الأدب العربي بجامعة عين شمس الفضل في تقوية معرفته ومداركه بتاريخ الشعر العربي وتطوره، وبالتالي معرفته بعلم العَروض الذي يمثل الوعاء التقني للشعراء.
سرد الشاعر نظير حسني لـ”وطني” في أول حوار له بعد نشر مولوده الأدبي الأول، تفاصيل رحلته مع عالم الشعر بدءًا من حصوله على الجوائز ونهاية بالصعوبات التي واجهته لنشر ديوانه.
حدثني عن أول مرة شعرت فيها بتحرك نور الإبداع داخلك؟
كتبت الخواطر منذ الطفولة، وعلى الرغم من أنها كانت أشياء بسيطة إلا أنها كانت تسعدني، لمجرد فكرة القدرة على صياغة ما بداخلي بصورة أدبية. ولكن الشعور بنور الإبداع الحقيقي تولد مع الحب الأنثوي، فأنا أعتبر الأنثى المحرك الرئيسي للمشاعر والإبداع.
متى بدأت رحلتك مع الكتابة الشعرية؟
منذ عام 2004، كنت في الصف الثالث الثانوي وأعجبت بفتاة وأطلقت أول قصيدة لي، ونالت إعجاب الأصدقاء والأهل، ولفتوا انتباهي إلى أن بداخلي بذرة شاعر.
دخولك عالم الشعراء جاء صدفة أم بقرار؟
قرار وهدف، منذ أن شجعني مَنْ حولي، قررت دراسة الأدب وبالفعل درست الأدب العربي، ولم أكتفِ بذلك، بل قرأت في الأوزان والبحور، وقرأت في مناحٍ كثيرة من العلوم إلى أن وجدت نفسي شغوفًا بالتاريخ والأديان وبداية الخلق.
استهلال بعض قصائدك بمفردات جريئة، لم يخفك أن يشكك البعض في إيمانك؟
لم أشعر بالخوف، ربما أكون طبقت المثل القائل “أول القصيدة كفر”، ولكن قارئ الشعر الحقيقي يُكمل القصيدة حتى نهايتها، ويتوغل في عمقها حتى يصل إلى ما تبطنه من معانٍ خفية.. هذه قوانين وقواعد الأدب، فأنا لا أقدم تقارير، ولكن أقدم إبداعًا يثير عقل ووجدان وخيال القارئ ويمتعه.
في حفل التوقيع وصفك بعض الحضور بـ”جاهين” الجيل.. كيف أثر فيك ذلك اللقب؟
وصفي بـ”جاهين” العصر حدث منذ عشر سنوات، ثم جاء الوصف متتاليًا، ما جعلني أشعر بمسؤولية كبيرة جدًّا وبانتقاء شديد فيما أقرر نشره وطرحه أمام الجمهور.. وزاد من التحدي بالنسبة إليِّ؛ إذ قررت أن أكون نفسي. فالشاعر صلاح جاهين أيقونة مصرية يصعب تكرارها، ولكنه يبقى معلمي وأستاذي الذي شرفت بالقراءة عنه.
سهل حددت لونًا معينًا ستتحدث عنه في الديوان أم كان الأمر صدفة؟
في الواقع جاء صدفة، لم أحدد قبل أن أكتب، ولكنني اخترت ما سيتم نشره في الديوان، وأعتقد أن مخزوني الثقافي هو الذي قادني إلى هذا الاتجاه.
إهداء الديوان جاء لوالديك – رحمة الله عليهما – .. كيف كان لوفاتهما تأثير على كتابتك الشعرية؟
النضج والشجن والحرية، شعرت أنني أريد أن أتحدث عن الحياة بأكملها في “أربع مشاهد لاحتواء الموت” ولكن بالطبع هذا مستحيل، ومن ناحية الحرية، أنا أكتب لونًا كان من الصعب أن يستوعباه، فكانا يتدخلان في استخدام المفردات، أما عن الشجن فقد جعل الحزن في داخلي رؤية أخرى للحياة، فالفقد بلورني وجعلني أبحث عن القيم الوجودية في الحياة، وليس مجرد تفريغ للمشاعر أو محاولة للتعبير عن الحب لأنثى.
“الشعر ما يساويش شلن” مفتتح جريء وعجيب لشاعر حاز على أربع جوائز قبل أن يدخل سوق الشعر؟
أنا عبرت من خلال المفتتح عن المعاناة التي يعيشها الشاعر، الشعر طبعًا حاجة كبيرة بالنسبة لي، ولكن بالنسبة للكثيرين فعلًا “ميسواش” أي شيء أو بمعنى أصح “مبيأكلش عيش”، ولا يعد مهنة لمن أراد الاكتفاء به.
على الرغم من أن الديوان لم يتطرق إلى ثورة يناير، إلا أن المفردات في حد ذاتها ثائرة على كثير من المفاهيم؟
الثورة لم تكن فقط على النظام، ولكنها كانت على الأرواح، وما فعلته بدواخلنا منذ 2011 حتى الآن ليس بالقليل، أنا أعتبر الثورة ووفاة أمي عام 2012 ووفاة أبي عام 2014 هم السبب الرئيسي أن أصبحت أكتب من أعماقي وليس من طرف قلمي.
ماذا يعني لك “قيامة الخضر” كقصيدة وكديوان؟
أول قصيدة أكتبها وأكون راضيًا عن نفسي، وهي القصيدة الوحيدة في الديوان التي كتبتها قبل الثورة، وهي تناقش فكرة النزوح إلى المثالية والإيمان بالشيء، حتى وإن كان يراني الآخرون على خطأ. أما عنه كديوان فهو يمثل إليَّمولودي الأول، وهو يعبر عني أنا ونرجسيتي الشعرية.
طرحت الديوان قبل النشر على شعراء آخرين؟
في الواقع لا، ولكنني طرحته على روائيين وكتاب أصدقاء لي وساعدوني في ترتيب القصائد.
عناوين الديوان مميزة ومختصرة.. ما هو سر اختيارك لها؟
في الحقيقة أنا لا أجيد اختيار أسماء القصائد، أنا ألتقي بأصدقائي ونقوم بعمل عصف ذهني جميعًا إلى أن خرجت لنا هذه العناوين.
ماذا تمثل لك المسابقات والجوائز؟
الجوائز تمثل لي دفعة إلى الأمام فكلما شعرت باليأس يضيء الله لي نور الطريق بالفوز في مسابقة، فأنا أعتبرها رسائل من الله تخبرني بأن أكمل طريقي دون يأس.
هل هناك مسابقة محددة تسعى لها؟
جائزة نجيب ساويرس في مجال الشعر العامي؛لأنها تعتبر أكبر جائزة في مصر حاليًّا،صحيح أن الساحة مليئة بالشعراء المبدعين، ولكني أعتبر المنافسة شرف.
كل مبدع يواجه فترة عصيبة من الإحباط.. كيف واجهتها؟ وما دوافعك نحو استكمال مشروعك الأدبي؟
أمي وأبي رحمة الله عليهما، وكذلك أخي الوحيد وأقاربي وأصدقائي، ساعدوني كثيرًا، ولكن الدافع الرئيسي كانت أمي التي عرضت أن تبيع مصوغاتها كي تنشر لي الديوان.
ما الصعوبات التي واجهتها كشاعر يريد نشر ديوانه الأول؟
دور نشر السبوبة، التي تبحث عن عدد الفانز واللايكات، فقد عانيت الكثير إلى أن كرمني الله بحصولي على المركز الأول في مسابقة دار المعارف بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة، وتواصلت بعد ذلك مع دار فهرس للنشر، وتكفلت بكافة مصاريف الطباعة والنشر.
جدير بالذكر أن الشاعر نظير حسني حصل على أربع جوائز في مجال الشعر العامي، وهي: المركز الثالث مسابقة الرسم بالكلمات التابعة لمكتبة الإسكندرية 2012 المركز الأول،ومسابقة مركز طلعت حرب الثقافي الأدبية 2013 المركز الأول،ومسابقة ربيع مفتاح الأدبية 2016 المركز الأول،ومسابقة دار المعارف بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة 2017.