قام قداسة البابا تواضروس الثاني بإلقاء عظة الأربعاء بكنيسة التجلي بمركز لوجوس بدير الأنبا بيشوى بوادى النطرون، حيث تحدث قداسته عن “معاني وأركان الحياة الروحية في فترة الصوم”
جاء نص العظة كالتالي:
ليكن شعارنا في فترة الصوم “مغلق للتحسينات”، واليوم نتحدث عن معاني الحياة الروحية وأركانها.
الركن الأول: “التلمذة المستمرة”
الركن الثانى: “الاعتدالية” : “إن الله خلقك عاملاً” وعاملاً تعني أن تكون حراً ومبدع وتعمل، وليس المقصود عملنا الذي نتقاضى عليه أجر آخر الشهر، فأنت يا إنسان لازم يكون لديك حيوية العمل، ولازم إيدك تتعلم أن تعمل بإعتدالية، لأن اليد في الكتاب رمز العمل. لأن نفس اليد التي تطبطب بها هى نفس اليد التي ممكن أن تصفع به بالقلم. لذلك أنت تحتاج أن تكون معتدلاً، وكلنا نعرف المحاربات اليسارية واليمينة التي ممكن ان نتعرض لها فى طريقنا لذلك الإعتدالية هي أحد سمات الحياة الروحية، يعني ممكن يأتي شخص يقول “أنا سأصوم إنقطاعي كل الأيام ويبدأ ولكن لا يستطيع ان يكمل”.
الركن الثالث: “العبادة” : الذي يكمل معنى الحياة الروحية “ركن العبادة” فان الله “خلقك عابداً” وهي تعني أن فيك جزء خاص للعلاقة بينك وبين الله وهي القلب ويصير قلبك الذي لا يراه أحد. ممكن يعرفك من عينيك لكن قلبك ملكك أنت وإلهك، ويحتاج قلبك أن يكون روحانياً فلابد ان يكون في حالة استمرار باتصال مع الله، من هنا جاءت صلوات أجبية وصلوات مزامير وأصوام ومناسبات والخريطة الكنسية الكاملة لكي تخلق اتصال يومي ودائم بالله وهذه أول خطوة لاستعدادنا في هذة الحياة خلال الصوم لنفهم معنى الحياة الروحية.
ثانيا: “إحترس من الشكليات”
فترة الصوم الكبير هي فترة مكاشفة مع النفس فترة للجلوس بينك وبين نفسك وتكون صادقاً وهي فترة الصوم الكبير.
1 “احترس من الشكليات”: أي احترس أن يكون قلبك بلا حب، وليس في كمية الحب الإلهي كافية، احترس أن يكون قلبك لحمي أم حجري وبلا حب أو الحب به ضئيل.
2 “احترس أن تكون نفسك بلا مشاعر”: نلاحظ الشخص الذي يعمل في البناء قد يكون بلا حذاء لسهولة حركته ومن كثرة حركته على الحجارة والزلط والأسمنت فتتكون طبقة جلدية لا يشعر بها، فاحترس أن تكون نفسك بلا مشاعر وبلا إحساس وقد تغيب الابتسامة عنك فترة الصوم بترجع الإحساس لمشاعرنا .
3 “احترس أن يكون جسدك بلا تعب” : جسدك يكون مرتاح يأكل فى أى وقت ينام في أي وقت بفوضوية كبيرة ربما بعض العادات اللي تعود عليها الإنسان في فترة الصوم لا يقدر أن يفعلها، فاحترس أن يكون جسدك بلا تعب فالله يحسب لك قطرات العرق، وحتى قطرات الدموع وما أجمل أيقونة المسيح المرسومة في دمعة إنسان تائب التي تخرج من أعماقه ومن داخله مثل داود النبي عندما قال من الأعمال صرخت إليك يارب .
4- “احترس أن يكون عقلك بلا تركيز”: احترس ان يكون عقلك مشتت بين أحاديث الناس ولبس الناس والتليفزيون وهنا فترة الصوم نسميها مغلق للتحسينات، حياة الإنسان نسميها طول السنة بره نفسه وفي الصوم يكون داخل نفسه.
5 “احترس من الثعالب الصغيرة” : التي تسرق من الإنسان بدون أن يدري، مثل الثعلب الذي يدخل لمزارع العنب ويأكل الكرم وصاحب الكرم لا يدري بشيء وتتحول مزرعة الكرم إلى مزرعة ثعالب وتصبح حياة الإنسان مليئة بالسقوط والثعالب الصعيرة مثل الإنشغالات الزائدة، فداوم على الاعتراف ولا تقول لا يوجد وقت احترس من عواطفك المشتتة وعقلك يكون مثل الميدان.
6 “احترس من الأفكار المظلمة”: أفكار اليأس والشك والإحباط وأفكار التخويف من المستقبل، احترس من هذه الأفكار التي تجعلك بدون تركيز ، دى أشكال من الحروب الشيطانية واحترس أيضا من أفكار عدم الإيمان وأن الله هو الذي يقود هذه الحياة وهو الذي يدبر حياتنا اليومية حياة كنيستي ووطني. احترس من الأفكار التي تجعلك تنجرف للظلام كل هذه نسميها الثعالب الصغيرة، اجلس مع نفسك وابحث عن الثعالب الصغيرة في حياتك وفي قلبك وفي فكرك المفسدة للكروم حسب تعبير الكتاب.
ثالثا: “أقتني الحرارة الروحية”
الحرارة الروحية ممكن ان تتكون من ثلاث أفعال رئيسية
أول فعل هو التوبة المستمرة: وتوبتك تعني تنقية قلبك وتجاهد بالصوم لتصير التوبة سهلة وحقيقة، احذر من أن تخدعك نفسك، ودائماً أسأل الناس ما الوزنة التي أعطاها لك الله، أذكر لي وحدة أو اتنين؟ وعندما أسأل ما هذه الأشياء التي تجاهد من أجلها لكي تنقي قلبك؟ لا رداء ينفع ولا مكانة ولا لقب ولا أي شيء.
بكرة بنعمة ربنا سيتم سيامة مجموعة من الكهنة وسنبدأ حياة جديدة. ربنا يبارك في خدمتهم وفي تعبهم ولازم الإنسان يضع أمامه أن التوبة المستمرة هي طريق نجاة ونجاح لا تعتمد على أى شئ لا الفلوس ولا العمل ولا أي شيئ، فلابد أن نقتني حياة نقية من خلال التوبة المستمرة .
الفعل الثاني في الحياة الروحية التلمذة المستمرة: فكن خاضع لأب اعترافك وللمشورة الروحية “الذين بلا مرشد كأوراق الخريف الذين يسقطون سريعاً ” تلمذتك وتجديد فكرك في شخص يكون “كلامه قديم مثل الطعام البايت” وفي شخص متجدد. والإيمان الأرثوذكسي الذي نعيشه يضمن لنا حياة متجددة، القديس أثناسيوس الرسول في القرن الثالث الميلادي وكان سائد فى هذا العصر الفلسلفة وبدأ يشرح اللاهوتيات من خلال الفلسفة، وتلمذتك المستمرة مثال جيد جدا للآخرين.
الفعل الثالث تواضع مستمر: تواضعك المستمر يحفظ الوزنة التي بداخلك، حاجة وحدة يطلبها منك الله “تعلموا مني لأني وديع” المسيح مليئ بالفضائل وهذه ما جعل السيد المسيح يجسد درس التواضع ليكون آخر درس أمام التلاميذ يوم غسيل الأرجل قبل الصلب لتعرف أن كل نعمة في حياتك لا يحفظها سوى اتضاعك وتواضعك حياة نقتنيها بداخلنا ونشعر بها من داخلنا ،اقتنى الحياة حرارة الروح بالتوبة المستمرة والتلمذة المستمرة والتواضع المستمر، التواضع هو مفتاح البركات .
رابعا : “اشبع بمسيحك وكنيستك”
الصوم يقدم لنا وجبات متكاملة لا تأخذها من الخارج ولكن عيش فيها واشبع بها مثل قداسات طول السنة بتختلف عنها قداسات الأصوام لأن بها تعب
“أشبع بكنيتسنك”.
1- اشبع بالممارسات الكنسية: اشبع بالقداسات والتراتيل الممارسات الكنسية في القداسات والقراءات والألحان في حياة الهدوء والصمت في التاملات في جلسات الخاصة لفحص النفس والممارسات الكنسية بتحفظ للإنسان هذا الشبع تشعر أن يومك شبعان ومليئ وتبدأ يوم ورا يوم ترتقي فوق شهوات الجسد.
2- اشبع بالقراءات: حضر كتب روحية فقط وتابع مع أب اعترافك واقرأه يوم ورا يوم بصفاء ذهن بداية من الإنجيل والأسفار المقدسة، ودائما في الصوم الكبير نقرأ احد أسفار الآباء الكبار “إشعياء، إرميا، حزقيال والمراثي ويضاف لهم سفر أيوب” بالاضافة لكتب التفاسير وخواطرك وخد صاحب السفر رفيق لك خلال اليوم.
واختار من كتابات الآباء التي تعطينا الشبع والمعونة ممكن أن يرسل لك الله رسائل وأشبع بمسيحك بالقراءات الروحية والصدقات الروحية مثل سير القديسين حتى خدمتنا نجعلها بإسلوب روحي من خلال شفاعتهم، أشبع بمسيحك وأجعل كل يوم دسم وملئ، إن كان قداس عشية أيام سجود إن كان في فترات الصمت والهدوء، كل هذا يجعلك تفرح وتشعر بتجديدك من الداخل ونصلي في صلاة الساعة الثالثة “مبارك الرب إلهنا، مبارك الرب يوماً فيوماً يهيئ طريقنا لأنه إله خلاصنا” حتي الصوم دائماً يأتي في بداية الربيع يعطينا الله هذة الروح.