لقد ولد السيد المسيح فى وسط الاغنام لانه هو حمل الله وقال عنه يوحنا المعمدان ( يو 1 : 29 ) ” هوذا حمل الله الذى يرفع خطيه العالم . ”
فكان من الطبيعى أن الخروف الذى سيحمل خطيه العالم ، والذى سيذبح من أجل خلاصنا أن يولد فى وسط الأغنام وبالأخص فى مدينه بيت لحم حيث المراعى الكثيره وقربها من هيكل سليمان بأورشليم الذى كانت تقدم فيه ذبائح لغفران خطايا الشعب فى العهد القديم .
لقد كان هذا رمزاً للغفران الحقيقى الذى تم بذبيحه الصليب وذلك عندما سفك المسيح دمه على الصليب ومات من أجل خطايانا ثم قام من الأموات وصعد الى السموات فى العهد الجديد .. فكان من الطبيعى أن يولد الحمل فى وسط الحملان .
أن السيد المسيح هو الراعى ، كما أنه هو الحمل أيضاً . لأنه إن لم يولد فى وسط الغنم فمن الذى سوف يرعاهم ؟!! إن وجوده فى وسط الحملان أو الغنم ، يعلن أنه هو الراعى الحقيقى وكما يقول المزمور ” 23 : 1 – 3 ” ” الرب راعىّ فلا يعوزنى شئ فى مراع خضر يربضنى إلى مياه الراحه يوردنى ، يرد نفسى يهدينى إلى سبل البر من أجل أسمه ” .
بشاره الملاك للرعاه :
أولئك الذين بُشروا بميلاد السيد المسيح ، ونظروا هذه المناظره السماويه العظيمه ، وسمعوا البشاره المفرحه بميلاد المخلص ، هم الرعاه الذين يرعون الغنم ، لأن هؤلاء هم زملاء السيد المسيح راعى الخراف العظيم وراعى الرعاه ، ومن الطبيعى أن يحتفل السيد المسيح بميلاده فى وسط زملأئه كما جاء فى انجيل لوقا البشير ” لو 2 : 8 – 14 ” ( وكان فى تلك الكوره رعاه متبدين يحرسون حراسات الليل على رعيتهم . وإذا ملاك الرب وقف بهم ومجد الرب أضاء حولهم ، فخافوا خوفاً عظيماً فقال لهم الملاك : لا تخافوا فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب ، إنه ولد لكم اليوم فى مدينه داود مخلص هو المسيح الرب . وهذه لكم العلامه تجدون طفلاً مقمطاً مضجعاً فى مذود . وظهر بغته مع الملاك – جمهور من الجند السماوى مسبحين الله وقائلين : المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسره ” ..
مواصفات الراعى الصالح :
لقد قال السيد المسيح عن نفسه أنه : ” أنا هو الراعى الصالح . والراعى الصالح يبذل نفسه عن الخراف ( يو 10 : 11 ) – وأكد أنه قد أتى لكى يقدم الرعايه الحقيقيه ، كما قال داود النبى ” الرب راعىّ فلا يعوزنى شئ ” ( مز 23 : 1 ) . وقال عن نفسه أنه هو الراعى لأن رعاه إسرائيل هم الذين كنوا كهنه إسرائيل وكانوا قد أهملوا الرعايه ، فكان لابد أن يأتى رئيس كهنه جديد يكون هو الراعى .
وللأسف الشديد فأن رعاه إسرائيل هم الذين صلبوا السيد المسيح ، لذلك تغير الكهنوت من كهنوت العهد القديم الهارونى إلى كهنوت العهد الجديد على رتبه ملكى صادق . أى كهنوت السيد المسيح الذى فيه يقدم جسد و دم السيد المسيح بعد أتمام الفداء ونتناول الجسد والدم تحت عروض الخبز والخمر من أجل غفران خطايانا ونيل الحياه الأبديه.أن السيد المسيح هو بنفسه الذى أسس سر العشاء الربانى فى ليله صلبه ، و أعطاه لتلاميذه الاطهار قائلاً ” أصنعوا هذا لذكرى ” ( لو 22 : 19 ) –
س. والسؤال … لماذا أختار الملاك الرعاه بالذات ؟!
أن الرعاه كانو يبحثون عن الخلاص والدليل على ذلك أنه عند ذهاب السيده العذراء مريم إلى الهيكل لكى تقدم السيد المسيح بعد أربعين يوماً من ميلاده ، وقفت ( حنه النبيه بنت فنوئيل ) وتكلمت عن المسيح مع جميع المنتظرين فداء فى اورشليم فأن روح الله أعلن لهما أن هذا هو المخلص بمجرد دخول السيد المسيح الهيكل ، تكلم روح الله على فم حنَّه النبيه وبدأت تتحدث عن أنه هو خلاص إسرائيل بل وخلاص العالم كله ، وكانت حنّه هذه من سبط أشير …
كما أيضا الملاك بعدما بشرالسيدة العذراء مريم والروح القدس حل عليها ، كذلك أمتلأت أليصابات من الروح القدس وقالت للعذراء ” مباركه أنت فى النساء ومباركه هى ثمره بطنك ، فمن أين لى هذا أن تأتى أم ربى إلىَّ . ” ( لو 1 : 42 – 43 ) .
وأيضاً فقد أمتلأ زكريا من الروح القدس عند ميلاد يوحنا المعمدان ….
فالروح القدس كان يعمل فى أشخاص كثيرين وقت أحداث الميلاد وقبله وخلاله وبعده ..
والرعاه أيضاً كانوا ينقادون بالروح القدس ، ومنتظرين الخلاص ، وأنهم كانوا ينتظرون مجئ المخلّص والمزامير كانت تسليتهم عند السهر على الرعيه وكانت المسره فى قلوبهم لأنهم صالحين ، فالملائكه فرحوا بما حدث فى قلب الرعاه عندما سمعوا بشرى الخلاص ، والمسيح هو رئيس السلام ، وهو صانع السلام لأنه هو الذى سيصالح الله مع البشر ، ويصالح الانسان مع أخيه الانسان ، ويصالح الانسان مع نفسه .
أن الرعاه كانوا يسبحون ويتأملون ويصلون ، لذلك ظهر لهم الملائكه . فمن يريد أن يحيا مع الملائكه حياه الصداقه والعشره الحقيقيه . يجب أن تمتلئ حياته بالصلاه . والتسبيح . والتأمل فى الاسفار المقدسه و أن الله لم يرسل ملائكته إلى الاشخاص المترفهين أو المتنعمين . بل أرسل إلى أناس يجلسون فى العراء وهم ساهرين على رعايه أغنامهم . وهذه هى أهميه السهر فى الحياه الروحيه والكنيسه والصلاه .
• سفر اشعياء ( 53 : 7 )
” ظلم أما هو فتذلل ولم يفتح فاه كشاه تساق إلى الذبح وكنعجه صامته أمام جازيها فلم يفتح فاه ” .
• سفر اشعياء ( 53 : 10 )
” أما الرب فُسر بأن يسحقه بالحزن ان جعل نفسه ذبيحه إثم يرى نسلاً تطول أيامه ومسره الرب بيده تنجح ” .
• أيضاً اشعياء ( 53 : 12 )
” وأيضاً حمل خطيه كثيرين وشفع فى المذنبين ”
• أيضاً اشعياء ( 53 : 5 )
” وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل أثامنا تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا ” .
والرعاه كانوا قد قرأوا هذا الكلام ويرددونه . وكانوا يسألون الرب متى سيرسل الحمل الحقيقى الذى يحمل خطايا العالم كله ؟ .
أذن .. الرب هو الراعى الحقيقى .. وقال السيد المسيح ” أنا هو الراعى الصالح ، والراعى الصالح يبذل نفسه عن الخراف ” ( يو 10 : 11 )
فقد جاء السيد المسيح لكى يشفى الجراح ، ويقيم البشريه من سقطتها . ويعيد أدم إلى الفردوس مره أخرى ، ولكن ذلك لمن يقبل محبته ، ويقبل خلاصه .. كما هو مكتوب ” وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أى المؤمنون بأسمه ” ( يو 1 : 12 ) .
وهنا يظهر الفرق واضحاً عند أعلان الرب عن نفسه أنا هو الراعى ، سواء فى العهد القديم عندما قال ” أنا أرعى غنمى وأربضها يقول السيد الرب ” ( حز 34 : 15 ) أو كلام السيد المسيح عندما بدأ خدمته الخلاصيه وعندما بدأ يتكلم عن نفسه بأعتباره أنه هو الراعى الصالح وقال ” وأنا أضع نفسى عن الخراف ” ( يو 10 : 15 ) .
أن الله لم يجد مكاناً فى قلوب البشر ، فولد فى وسط الأغنام لكى يقول للبشر أنتم الذين رفضتمونى من حياتكم من الممكن أن الحيوانات تكون اكثر قبولاً لى اذا جلست فى وسطهم . لكن أيها الناس أنا قد جُئت لتحويل حياتكم من حيوانات إلى بشر لأن الأنسان قد خُلق على صوره الله فأننى أريد أن أحول هذه الحظيره إلى كنيسه فى العهد الجديد ، وبالفعل فأن كنيسه بيت لحم قد بنيت على مكان المذود الذى ولد فيه السيد المسيح فلم تعد حظيره .