– التقـويم الأثيوبي يتأخر عن التقويم الميلادي بـ7 سنوات كاملة
– إثيوبيا شكلت تقاليد رهبانية لاتوجد في غيرها “كرهبنة الأطفال”
تنفرد وطني بحوار خاص مع المفكر الدكتور أنطون يعقوب ميخائيل، بعد انقطاعه عن اللقاءات الصحفية والتليفزيونية، منذ أكثر من ثمان سنوات.
يُعد المفكر الدكتور أنطون يعقوب ميخائيل، أحد أهم المفكرين البارزين في الشئون الإفريقية ومتخصص في الجغرافيا الحضرية.
أقام الدكتور أنطون يعقوب عدة سنوات في أثيوبيا وتقلد منصب عميد “كلية سلاسي” اللاهوتية، وقام بالتدريس للعديد من بطاركة وأساقفة أثيوبيا.
فتح “ميخائيل” خزائن أفكاره وأسراره في الكثير من القضايا، لـ”وطني” بدءاً من كتاباته عن أثيوبيا، والذات وقضاياها، وفلسطين لمن؟ مرورا بذكرياته مع بطاركة أثيوبيا كما تحدث عن “حقيقة أرض الموعد وشعب الله المختار ورأي المسيحية فيها”
حدثنا عن ذكرياتك في أثيوبيا؟
انشئت مدرسة اللاهوت الأثيوبية بمقتضى قرار إمبرطوري في عهد الأمبرطور هيلاسلاسى الأول عام 1944م على أن تكون تحت إدارة قبطية، وتم اختيار الأستاذ حافظ دواد سكرتير عام جمعية أصدقاء الكتاب المقدس في مصر ليكون رئيساً لهذه المدرسة (وصار فيما بعد هو القمص مرقس داود) وذهب معه سعـد عـزيز (الذي صار فيما بعد الأنبا صموئيل أسقف الخدمات العامة) وانضم اليهم سليم سعـد الصليبي من السودان، وفي منتصف عام 1945م كتب حافظ دواد رسالة يدعـوني فيها للانضمام لهيئة التدريس في مدرسة اللاهوت الأثيوبية.. وبعدها توجهت إلى أثيوبيا ووصلت أديس أبابا في يوليو 1945وبدأت في دراسة اللغة الأمهرية وفي السنوات الثلاث الأولى التي قضيتها هناك أسند إلى تدريس فصل الرهبان والقساوسة، حيث أستطيع التواصل معهم باللغتين الآمهرية والإنجليزية، ووقتها غادرت إلى مصر لأسباب خاصة، وعدت بعدها بعام، وفي 1950م أسندت إلى وزارة المعارف الأثيوبية مدرسة في الأقاليم أستمريت فيها لمدة عامين، وعدت بعدها إلى مدرسة اللاهوت فى 1954م، حيث أنهت وزارة المعارف خدمات أبونا مرقس داود (حافظ داود سابقا).
وأسندت الإدارة إلى “الدكتورسايمون الهندي” من الكنيسة الأرثوذكسية الهندية وطلبت وقتها من إدارة المدرسة العمل على تحويلها إلى كلية لكي تنضم إلى جامعة هيلاسلاسي في أديس أبابا وتتكون الكلية من قسمين قسم للشمامسة وقسم الأباء، فالشماسة يدرسوا لمدة خمس سنوات، والآباء يدرسوا لمدة ثلاث سنوات، وتحول قسم الشمامسة إلى فصول إعدادية في عام 1955ونجحوا، وبدأ القسم الثانوى بالمدرسة واستمر حتى سنة 1959ونجحوا.
– متى بدأت الدراسة في كلية اللاهوت التابعة لجامعة هيلاسلاسي؟
في عام 1961- 1962 بدأت الكلية بالطلبة الناجحين بعد انتهاء المرحلة الثانوية وصارت بعدها كلية اللاهوت والتى تعرف باسم “سلاسي” وتعني “الثالوث” باللغة الأمهرية.. حين انتهت مدة عمل المتنيح القس مرقس داود فقد تناوب على إدارتها هنود وأرمني، واستمرت الكلية في عملها حتى الانقلاب الشيوعي في عام 1974م الذي قاده منجستو وأغلق الكلية وحولها إلى كلية علوم للبنات، وبدد مكتبتها.
كما فعل نفس الشيء مع مدرسة باولوس الأكليريكية، وقضى على النظام الإمبرطوري وأقام الجمهورية الشعبية الديمقراطية.. وقتل الأمبرطور هيلاسلاسي ودفنه تحت مكتبه، وكان منجستو يجلس فوقه بالكرسي وهذا دليل على الإذلال حتى بعـد الموت.
– ماذاعن موقف الكنيسة الأثيوبية إزاء هذا؟
بعدما اعتقل النظام الأنبا ثاؤفليس اتجه منجستو إلى الكنيسة القبطية يحاول الحصول على موافقتها وتواجدها في الاحتفال بتنصيب بطريرك جديد، و ذلك لإضفاء الشرعية على مايقوم به خلافا للتقاليد الكنسية.. ووقتها أدان المجمع المقدس القبطي في انعقاده في 14/8/1976عملية القبض على البطريرك ثاؤفليس.
كما أدان أنتخاب بديل له باعتباره غير قانوني إذ لا يتفق والقانون الكنسي والذي بمقتضاه لايعزل بطريرك الا بقرار من المجمع المقدس، وتمسكت الكنيسة القبطية بالتقاليد الكنسية التي لاتسمح برسامة بطريرك جديد إلا بعد نياحة سلفه.. ولهذا أصرت الكنيسة القبطية على معرفة مصير الأنبا ثاوفليس أولا وقرر النظام الماركسي أن يتحرك غير عابئ بموقف الكنيسة القبطية واسند مهمة شغل الكرسي البطريركي إلى “الأنبا يوهنس” القائم مقام وتم تشكيل لجنة مؤقته لتشرف على انتخاب البطريرك وفي اقتراع سري وقع الاختيار على الأب ملاكو ولد ميكايل ورسم بأسم تكلاهيمانوت (1976- 1988م) وخلفه أبونا (انبا) مرقوريوس البطريرك الرابع لأثيوبيا (1988 – 1991م).
وعندما حدث انقلاب على منجستو سنة 1991م هرب البطريرك الرابع مرقوريوس إلى أمريكا، أما منجستو فهرب إلى زيمبابوي. وبعدها تم استدعاء أبونا (الأنبا) “باولوس” وتمت رسامته بطريركاً 1991م … لكن للأسف حدثت بعض التعـقيدات في العلاقات بين الكنيستين بسبب علاقة الكنيسة القبطية بإرتيريا, حيث أن الأثيوبيين كانوا يعتبرونها أرضهم التي احتلتها إيطاليا واقطتعـتها من أثيوبيا. وأبونا باولوس يعتبر واحداً من الأساقفة الذين كان قد رسمهم البطريرك ثاؤفيلس في سبتمبر 1975م، وبعـد سنة من رسامته اعتقله النظام الماركسي، وبعد أن أتم دراساته الكنسية واللاهوتية رسم راهبا باسم أبونا جبرا والتحق بكلية سلاسى اللاهوتية باديس أبابا عام 1957م ووقتها كنت نائبا لمدير الكلية وكان واحدا من تلامذتي لمدة عامين وكان طالبا نجيبا ملتزما ومتحمسا للخدمة لهذا أرسله الأنبا ثاؤفليس إلى الولايات المتحدة الأمريكية للدراسة.. والأنبا ثاؤفليس البطريرك الثاني لاثيوبيا (1971 – 1976م) كان أيضا من تلاميذي، حيث التحق بمدرسة اللاهوت بقسم الآباء ودخل إلى الفصل وكان متأخراً وعاقبته وقرصته في أحد أذنيه ومن وقتها نشأت علاقة محبة بيننا .
– ماذاعن موقف الكنيسة القبطية من رسامة بطريرك على الرغم من أن سلفه مازال على قيد الحياة؟
كانت الكنيسة القبطية مهتمة جداً بمصير الأنبا ثاؤفليس البطريرك الثاني لأثيوبيا الذي عرف فيما بعد أنه قتل إثر الانقلاب الشيوعي الذي قاده منجستو، حيث رسمت أثيوبيا بطريرك آخر وكان هناك اعتقاد سائد أن الانبا ثاؤفليس مازال على قيد الحياة.
ومن أعجب التعليقات التي سمعتها حول موقف الكنيسة القبطية تجاه الانقلاب الشيوعي.. ما قاله أحد الأساقفة الاثيوبين في اجتماع مجمعهم المقدس الذي دعاني قداسة البطريرك أبونا باولوس لحضوره في 27/1/1993 قال: “لقد ركزت الكنيسة القبطية على أمر واحد وهو التأكد من وفاة أبونا ثاؤفليس، لكنها لم تهتم قط بمساعدة الكنيسة الأثيوبية في محنتها والوقوف بجانبها في الظروف القاسية التي كانت تمر فيها, فكان بإمكان الكنيسة القبطية إرسال الخدام والمعلمين لمساندة القائمين على الكنيسة يحملون معهم المساعدات ولو بعض الكتب النافعة وأوني الخدمة الكنسية”، وكان ردي عليه “ماذا كنتم تقولون لو أنها فعلت ذلك في حينه؟ أكنتم تتهمونها بالتعاون مع خصوم الكنيسة الأثيوبية ؟!”
– حدثنا عن العلاقات بين الكنيستين في ذلك الوقت؟
بعد انتهاء نظام منجستو 1991م أتيحت لي الفرصة لزيارة أثيوبيا عام 1993م وتقابلت هناك مع بطريرك أثيوبيا أبونا باولوس وأكتشفت أنه من تلاميذي الذي درست لهم في المدرسة اللاهوتية وتقدم نحوي في مكتبه واحتضني وقال: “لي أستاذي أستاذي” على حد قوله، ودار حديث محبة بيننا عن العلاقة بين الكنيستن القبطية والأثيوبية، لأن فترة منجستو عكرت العلاقات بين الكنيستين.
– وماذا عن خدمتك التعليمية بأثيوبيا بعد انتهاء حكم منجستو؟
ظللت أتردد على أثيوبيا من آن إلى آخر للمساعدة في التدريس والإدارة حتى عام 1997م وحينها أصر البطريرك باولوس على أن أتسلم إدارة كلية سلاسي باعتباري العميد الرئيسي “ونا دين” وقد بعثت بفاكس لنيافة الأنبا موسى بأمر هذا التعيين الذي اغتبط له قداسة البابا شنودة حين علم به من نيافته، وقد كرست جهدي لخدمة الكلية الوحيدة من نوعها في البلاد فتطورت مناهجها وتضاعفت مساحة مكتبتها وإعداد الكتب والدوريات فيها وتنوعت أنشطتها وتأسس فيها مسرح للدراما المسيحية وفتحت أبوابها لمختلف الانشطة الكنسية والروحية بما في ذلك مؤسسة مدارس الأحد واستعادت جزءا من أرضها المتاخمة لها تهيئة لاقامة عيادة متكاملة ومكتبة حديثة, وتم تعيين مطران مسئول عن الكلية وأديت ثلاث سنوات في هذه المسؤلية وكانت أول مرة يتسلم قبطى هذه المسؤلية منذ عام 1954م, واستمريت حتى أوائل عام 2000م ولأسباب خاصة تركت الكلية.
– حدثنا عن الدور الاقتصادي للكنيسة القبطية في أثيوبيا؟
منذ أيام الإمبراطور هيلاسلاسي كنت أحث رجال الأعمال للاستثمار في أثيوبيا وكانوا يقصدونني باعتباري همزة الوصل بين الجانب القبطي والأثيوبي، وحيث أننى أعرف اللغة، ولدي علاقات هناك، حتى أن أحد رجال الأعمال ترك لدي آلة كاتبة، كما تقابلت مع وزير التجارة والصناعة الأثيوبي لتسهيل الإجراءات لرجال الأعمال.
– ماحدث في الكنيسة الأثيوبية بعد ذلك؟
اهتمت الكنيسة الأثيوبية بمراكز التدريس الإكليريكي فجددت مدرستها المعروفة باسم قدوس باولوس وأعادت افتتاحها عام 1993.
كما استطاعت الكنيسة استرداد كلية سلاسي اللاهوتية باديس أبابا بعد تحولها إلى كلية للعلوم طوال ثماني عشرة عاما، وتم افتتاحها للدراسة في أكتوبر 1994، وتم تخريج أول دفعة بكالوريوس في يوليو 1999، وكان عدد الخريجين 49، وقد تم تعيينهم في كنائس أديس أبابا كوعاظ ومدرسين للتربية المسيحية.. والكنيسة الأثيوبية قداسها والتعاليم كلها من الكنيسة القبطية، والكتب القبطية كلها ترجمت على مراحل, وأن العيد الوطني رأس السنة في أثيوبيا هو رأس السنة القبطية الذي يسمى عيد النيروز 11 توت – سبتمبر، وهو عيد كبير وخروج ضخم للشعب. واعتمدت عليها المسيحية الأثيوبية الأولى في تشكيل تقاليدها الاحتفالية والتعبدية وتنظيم بيعتها إدارتها.
وعن الطقوس يوجد المظلة / الشمسية الحمراء تخصص للعروسين في الإكليل، وهي عادة مزينة بصلبان فضية وصور القديسين، أما المظلة البرتقالية فهي للجنازاتز
كما يعرف الدير بكلمة “جدام” وهيي تعني منطقة خصصت لحياة النسك والتعبد فهناك كنائس مسجلة على جدام مثل كاتدرائية سلاسي وكنيسة القديسة مريم في أديس أبابا.
ويشار إلى الكنيسة وفناءها وما حوله بجدام إما لأنها دير فعلا أو كانت كذلك قبلا أو أن الذي بناها ملك أو أمير، والمألوف أن يخدم الرهبان في كنائس الجدام أما الكهنة المتزوجون فيخدمون في الكنائس المعروفة باسم “دابر” والإمبرطور هو الذي يعين رؤساء الأديرة وتختص الاديرة ببناء كنائس صغيرة في مناطقها.
كما اُنشئت وظيفة “الاتشيجي” في القرن الثالث عشر وهو المسئول عن الرهبنة والأديرة.
– هل كانت هناك إرهاصات لتحول موقف الكنيسة الأثيوبية تجاه القبطية.. أم حدث هذا فجاة وفرض نفسه بين يوم وليلة؟
يخطئ من يظن أن ما يصيب المجتمعات يحدث دون مقدمات قد تطول أو تقصر وما نتصور حدوثه فجأة قد سبقته تطورات فالخريطة الاثيوبية كانت في حالة تغيير متواصل، وبالتالي نالت الكنيسة الاثيوبية ومسالة تطويرها وقضية علاقتها بالكنيسة الأم نصيبها من هذا التحرك لمنزلتها ودورها المؤثر في البلاد.
– ماذا عن علاقات الكنيسة القبطية بالأثيوبية في الوقت الراهن؟
عادت العلاقات الكنسية القبطية والأثيوبية بوساطة من الكنيسة الأرمنية.. وقال لي البطريرك أبونا باولوس من فضلك أرسل لي دعوة من قداسة البابا وأنا سآتي لزيارة معلمي قداسة البابا شنودة لتسوية أي أمور.
كما تم منح الكنيسة القبطية خورس في كنيسة سلاسي الكبيرة للصلاة فيها بناء على طلبها.. وبالفعل زار الأنبا باولوس في 2007م الكنيسة القبطية، ووقتها استقبلت الوفـد الأثيوبي وقمت بالقاء التحية باللغة الأمهرية ودار الحديث بين البطاركة (البابا شنوده – ابونا باولوس) حولي وحول خدماتي وحياتي في أثيوبيا وتحدث أبونا باولوس عني بإسهاب شديد ومن ضمن حديثه لقداسة البابا شنوده ” قال :”إن أنطون كان بيضربنى” لأنه كان تلميذي في مدرسة سلاسي ورد البابا شنوده بقوله “كان بيضربك بسبب” على حد قـوله, وبعـد هذه الزيارة قام البابا شنوده بزيارة أثيوبيا سنة 2008م ، وحدث لقاء آخر بين البطريركين 2011م بالقاهرة، وبعـد رحليهما قام بطريرك أثيوبيا أبونا ماتياس بزيارة لقداسة البابا تواضروس بالقاهرة، وقام قداسة البابا تواضروس الثاني بزيارة هامة للكنيسة الأثيوبية.
كما توجد بعثات تعليمية حالية من الأثيوبيين للدراسة بمعهد الدراسات القبطية بأقسام علم اللاهوت والاجتماع والدراسات الأفريقية.
– هل فعلا هناك فرق بين التقويم الأثيوبي والميلادي سبع سنوات؟
نعم.. تعـديل حساب التقـويم بين الغريغـوري واليولياني لم يأخذ به وهذا الذي عمل الفروق بأن السنة 365 يوم.. إثيوبيا تعترف بتقويم الكنيسة القبطية، المعروف بالتقويم الإثيوبي، والذي يتأخر عن التقويم الميلادي بـ7 سنوات كاملة، أن السنة الإثيوبية تتكون من 13 شهرًا، ويبلغ عدد أيام الشهور الـ12 الأولى من العام 30 يومًا، أما الشهر الـ13 فتبلغ عدد أيامه 5 أو6 في العام الكبيس، ويطلق عليه شهر “نسيء” فالتقويم بالنسبة لإثيوبيا جزء من الهوية هم في عام 2010م ، فالسنة تجدد من أول توت.
أشرت في كتاب “نحن وأثيوبيا.. مشوار طويل من الزمن”.. إلى بداية الحياة الدرية بأثيوبيا في القرن الرابع مع الأنبا سلامة.. متى بدأ نظام تكلاهيمانوت ؟
(صورة كتاب نحن واثيوبيا)
الحياة الديرية بلغت قمتها في القرن الثالث عشر والذي قام به كل من تكلا هيمانوت ويوستاتيوس اللذين أسسا نظامين رهبانيين عرفا باسميهما وصار تكلاهيمانوت أول إتشيجي في الكنيسة الإثيوبية, كرئيس لدير دابر البانوس.
وقد زار الراهب القديس تكلاهيمانوت كاول إتشيجي في الكنيسة الإثيوبية برية شهيت وعاش بها مدة ليست بالقصيرة مع عدد من الرهبان الاثيوبيين حيث كان الحج إلى الأراضي المقدسة وأديرة مصر وكنائسها مشيا على الأقدام جزءًا من عبادة الرهبان ونسكهم يحتملون في سبيله مصاعب ومخاطر جمه, وتنيح تكلاهيمانوت عام 1312..
وباتت الرهبنة منتشرة في كافة الأنحاء مع وجود الأديرة وبيوت الخلوة, فهناك جماعات رهبانية ثابتة في أديرة قائمة وهناك نساك متجولون مازالوا حتى اليوم رغم اختفاء هذه الظاهرة في الوقت الراهن وتصنف الاديرة في أثيوبيا إلى ثلاثة أنواع هي: أندنت(مع بعض) ويكوريت وبهتاويان (النساك المعتزلون).
وأدى اهتمام الأثيوبيين بالحياة الديرية إلى ترجمة قوانين القديس باخوميوس في القرن السادس فصارت مع تراث الأنبا أنطونيوس أساس الرهبنة الإثيوبية إلى جانب ما تراكم على مر الزمن من قوانين وأنظمة وتقاليد بتاثير البيئة المحلية.
فأثيوبيا شكلت بعض التقاليد الرهبانية التي لاتوجد في غيرها من البلاد المسيحية مثل “رهبنة الأطفال” واعتبار حياة المرء اعزبا كان أو متزوجا مقسمة إلى مراحل تكرس المرحلة الأخيرة منها لحياة التقشف والزهد في نطاق ديري ووجود الناسك الذي وضعت عليه اليد ويعرف “بالنظام الهتاوي”.
تمركز نظام تكلاهيمانوت في دير البانوس بإقليم شوا والذي بناه الأمبرطور زارياكوب مكان دير إسبو بإرتيريا وكان مشهورا بنسكه وزهده الشديد حتى أنه كان يربط نفسه بسلاسل من حديد محمي.
وماذا عن نظام “إيوستاتيوس”الذي يعرف بأنه يقاوم تحريم “حفظ السبت”؟
أما نظام “إيوستاتيوس” فهو من انصار “حفظ السبت” وقاوم تحريمه وغيره من العوائد اليهودية الأصل, كما قررته الكنيسة القبطية واتجه إلى مصر ليحصل على تأييد البطريرك بنيامين (1327-1339) لموقفه ولكنه لم يوفق وذهب الى أرمينيا, حيث تنيح.. وخرج أتباعه من الكنيسة وأسسوا جماعة رهبانية مستقلة وحاول الأمبرطور زازاياكوب حل المشكلة ومع أنه لم يكن يقدس السبت ألا أنه لم يجد خطأ في أن يقدس الإثيوبيون السبت إن صان ذلك وحدة البلاد, وعقد مجمع “متماك (دير المغطاس)” عام 1450 وسأل المطرانين ميخائيل وغبريال عن الأسس التي بنى عليها منع تقديس السبت وبالدراسة لم يتضح أي نص صريح في الأنجيل أو كتابات الرسل وانتهى المجمع بأن ألغى المطرنان القرار الذي أصدره سلفاهما “المطران سلامة” الثاني(1348- 1388) والحفاظ على السبت الأثيوبي يبدأ من مساء الجمعة حتى مساء الأحد.
– ماذا عما تردد بأن المسيحية دخلت أثيوبيا في القرن الأول الميلادى عن طريق الخصي الحبشي؟ أوعن طريق الأثيوبيين الذين سمعوا عظة بطرس الرسول في عيد حلول الروح القدس يوم الخميسين؟ وأن القديس متى الإنجيلي هو فى طريقه إلى الهند زار أكسوم وبشر فيها ثلاث سنوات؟
لقد ظهرت جماعات في أثيوبيا تدعى أن اثيوبيا عرفت المسيحية في القرن الأول الميلادي عن طريق الخصي الحبشي وزير الملكة كنداكة الذي قابل فيلبس ودعاه للإيمان وعمده وعاد يبشر بالمسيحية في الحبشة (أثيوبيا حاليا)، وعن طريق الأثيوبيين الموجودين في عيد الخمسين عيد حلول الروح القدس وأنهم وصلوا المسيحية إلى هناك، فقصة الخصي الحبشي حقيقة ثابتة في التاريخ الأثيوبي، وهم متمسكين أن خصي كنداكة هو الذي بشر بالمسيحية هناك.
أما الحقيقة المعتمدة تاريخيا والمؤكدة من جانب الكنيستين القبطية والأثيوبية: هي أن المسيحية دخلت أكسوم (عاصمة الحبشة) وصارت الديانة الرسمية للبلاد خلال النصف الأول من القرن الرابع الميلادي (330 /332م) على يد القديس “فرومنتيوس” الذي رسمه البابا أثناسيوس الرسولي باسم “أنبا سلامة” في عهد الملك إيزانا وتشهد على ذلك العملات التي اكتشفت في أكسوم والتي تعود إلى عهده فهذه العملات تحمل رسوم مرتبطة بعقيدة “البانثييزم” التي كان يدين بها إيزانا قبل تحوله للمسيحية.
كما أن الخصي الحبشي هو وزيركنداكة، و”كنداكة” هو لقب ملكات مملكة مروي النوبية، وكلمة أثيوبى هي الترجمة للاسم العبري “كوش” وتعنى البشرة السمراء وتشير إلى أثيوبيا جغـرافيا الأراضى الواقعة جنوبي مصر من النيل وحتى البحر الأحمر.
وإذا كان هناك مسيحية قائمة منذ القرن الأول الميلادي ما الذي يجعل الملك ايزانا يطلب من الكنيسة القبطية إرسال مطران لتعليمهم الديانة المسيحية.
وتظهر بعد ذلك العملات تحمل صور باسم الثالوث القدوس، كما أن أين آثار الكنيسة في القرن الأول الميلادس؟ كما لا توجد وثائق تؤكد دخول المسيحية هناك منذ القرن الأول الميلادى.
– ما هي علاقة الشعب الأثيوبي بالشعب اليهودي؟
الشعب الأثيوبي لديه خلفية يهودية عميقة نشأت مع قصة ملكة سبأ (ماكيدا), وتعود العلاقة بين ملكة سبأ وسليمان.. حينما أرسل سليمان رسالة إلى دول الجوار يطلب منهم تزويده باحتياجات لبناء الهيكل فذهبت ملكة سبأ إليه في قافلة من 797 جملا وأعجبت به وتهودت (تحولت عن عبادة الشمس والقمر إلى عبادة إله غسرائيل) وتزوجت وأنجبت منليك الأول وباتت أكسوم العاصمة القديمة هي أورشليم الثانية.. وما ترتب على ذلك بانتقال تابوت العهد، و”تابوت العهد” الذي صنعه موسى النبي من خشب السنط وأحجار ثمينة ويضم لوحي الشريعة والذي استقر في الهيكل الذي بناه سليمان.
كما أن الشعب الأثيوبي يدعى أن تاريخ حضارته المسيحية تبدأ من ثلاثة آلاف سنة منذ الملك سليمان.
– ما مدى صحة الإدعاءات أن تابوت العهد انتقل إلى أثيوبيا؟
قصة انتقال تابوت العهد لأكسوم مأخوذة من “كتاب كبرانجست”.. وأن منليك أبن سليمان جاء من أكسوم إلى أورشليم لزيارة أبيه الملك سليمان الذي حاول إغراءه على البقاء معه ولم يفلح, عندئذ جمع سليمان ضباطه وقادة جيشه وطلب منهم أن يرسلوا أبناءهم الأبكار ليرافقوا منليك إلى بلاده ويكونوا له ضباطا وقادة وامتثل الأبناء للأمر لكنهم كانوا حزانى لأنهم سيبتعدون عن تابوت العهد فاحتالوا على أخذه معهم بأن صنعوا صندوقا محله وعملوا نسخة أخرى وأخذوا التابوت الحقيقي لأكسوم ووضع في مكان بقي سرا حتى الآن وأصبح منليك أول ملك لإثيوبيا ونشأت الأسرة السليمانية (من منليك الأول حتى الأمبرطور هيلاسلاسي).. لكن أحد المطارنة الأثيوبيين وهو أيضا أحد علمائهم نفى قصة وجود التابوت في أثيوبيا وكان ذلك أثناء وجودي في حفل عشاء أقامته البطريركية في يناير 1998م على شرف رئيس أساقفة كانتربري وجلست أثناءه إلى مائدة ضمت المطران وأثنين من الأكليروس الإنجليز , حيث قمت بالترجمة فأنا لا أجزم أن تابوت العهد في أثيوبيا أو غير ذلك لكن طالما أن مطران وأستاذ علامة قال إنه غير حقيقي سأخذ بهذا الرأي وهذا يعني بأن تابوت العهد خرب مع الهيكل سنة 70ميلاديا.
لمتابعة باقي الحوار قراءة الرابط التالي :
الدكتورأنطون يعقوب ميخائيل يناقش مع “وطني” أكذوبة “شعب الله المختار