في خطوة جريئة، أصدر الباحث في التاريخ الكنسي شريف رمزي كتابه السادس الذي يحمل عنوان “أعجوبة نقل الجبل المُقطم – قراءة جديدة في مخطوط سيَر البيعة المقدسة”، والذي يُناقِش النصوص التاريخية التي دوِنَت من خلالها المعجزة، والتي تمثل حدثًا هامًا في تاريخ الكنيسة القبطية، كما يَنفَرِد الكتاب باحتواءه على وثائق ومخطوطات لم يسبق نشرها من قبل.
و استضافت جريدة “وطني” حفل التوقيع الذي شَهِد حضور عددا من الباحثين والدارسين ولفيف من الشخصيات العامة والمثقفين منهم المهندس يوسف سيدهم رئيس تحرير الجريدة وعدد من الصحفيين، الدكتور كمال فريد إسحق أستاذ القبطيات، صبحي عبد الملاك الباحث في التاريخ الكنسي، والقمص يسطس فانوس، والقمص مينا لبيب فانوس
افتتح الباحث كلماته بتقديم الشكر للمهندس يوسف سيدهم ولأسرة وطني مُعربًا عن امتنانه للاستضافة، ومُشيرًا لدور الجريدة في دعم الفِكر والإبداع وتشجيع شباب الباحثين، مستعرضا الصعوبات التي واجهته، فقال: لا يخفى على الحضور الكريم ما لاقاه الباحث من صعوباتٍ على مدى عامين في سبيل الإطلاع على ذلك الكَمّ من الوثائق النادرة المتمثلة في مخطوطاتٍ يعود زمن نسخها لعدة قرون، وهي برغم ذلك ماتزال حبيسة الأَرفُف والأدراج في بعض الأديرة والمتاحف والمكتبات المُنتشرة حول العالم، ولم يسبق أن سلط عليها الضوء من قبل، ناهيك عن الحصول على نسخ منها، وهو أمر لم يكن بالسهل أبدًا.
غلاف الكتاب
وناشد “رمزي” المسئولين بالكنيسة العمل على إتاحة الفرصة للباحثين والدارسين للإطلاع على المخطوطات القديمة الموجودة بالأديرة في صورتها الإلكترونية، مؤكدًا أن المادة الفكرية والتراث الأدبي الذي تَتَضَمَّنه تلك الوثائق حق لكل دارس وباحث ولكل أبناء الكنيسة، وأن الوقفية تتعلق بالأوراق ولا تنسحب إلى ما فيها من أفكار.
و تعقيبا على كلمات الحضور، لفت الباحث الانتباه إلى أنه لا يتناول الحدَث بالنفي أو بالتأكيد، ولا يطرح أية إشكالية حول حدوث المعجزة من عدمه، إنما يناقش الروايات التاريخية والنصوص الأدبية التي أرخت للمعجزة، والكيفية التي كتبت بها، لإزالة الالتباس والفهم الخاطئ الذي أحدثته بعض تلك الروايات، وفي الوقت نفسه هى محاولة لتوثيق كل ما كُتب قديمًا وحديثًا عن المعجزة و مجمل الآراء التى قيلت بشأنها.
الاستاذ شريف رمزى معد الكتاب
وأضاف: لقد لعب التواتر الشفهي دورًا لا يستهان به في تطور تلك الرواية التاريخية التي نعرفها اليوم عن معجزة نقل الجبل، ربما إلى الحد الذي جعل البعض في غنى عن الرجوع إلى المصادر الأصلية لتوثيق ما ينقل إليه أو عنه من معلومات، ولعل ذلك هو ما يفسر وجود تفاصيل -لم تتطرق لها الكتب والمخطوطات- يتناقلها الناس دون أى سند تاريخي، لكن وبرغم الالتباسات التاريخية التي تُحيط بالقصة، فإن التواتر القوي الذي وصلتنا من خلاله، ورسوخها في التراث الكنسي وفي الضمير القبطي على مدى عشرة قرون، يعد دليلًا يقطع بصحتها من الوِجهةِ التاريخية، إذ لا يمكن لهذا التواتر القوي وهذا اليقين الراسخ و”المتجذر” في نفوس المسيحيين، أن يأتي من فراغ.
وأشار “رمزي” إلى أن كتابه سيكون متاحا للقُراء من خلال أكثر من دار نشر ومكتبة مسيحية في معرض القاهرة الدولي للكتاب أواخر شهر يناير الحالي.
وعن الباحث وكتابه، قال نيافة الأنبا إبيفانيوس أسقف ورئيس دير القديس أنبا مقار، الذي تصدر تقديمه صفحات الكتاب: “الأخ شريف يمثل عينةً مباركةً من المؤرخين وقارئي النصوص، استطاع أن يلمَّ بالموضوع من كافة نواحيه، واستطاع أن يقرأ ويحلل دون تحيز، ذاكرًا لنا الكثير من كتب التاريخ، ومن المصادر القديمة، ومقدمًا لنا مثالًا عن كيفية قراءة النصوص القديمة والحكم عليها”.
أما الدكتور صموئيل القس قزمان معوض الباحث بقسم القبطيات بجامعة مونستر الألمانية، والذي تولى المراجعة التاريخية للكتاب، فيقول: “معجزة الجبل المقطم معروفة لكل الأقباط، صغيرهم قبل كبيرهم، تناقلتها الأفواه عبر الأجيال، بكل فخر واعتداد، إلا أن أغلب من يعرف هذه المعجزة يجهل مصادرها التاريخية المُدونة وكيف وصلتنا. في هذا الكتاب القيّم يُقدم المؤلف تأصيلًا تاريخيًّا لهذه المعجزة وأقدم المخطوطات التي دَوَنَتها، ثم يقوم بدراسة كل تفاصيل الحدث من شخوص وأماكن وتواريخ، وكيف تطورت بعض التفاصيل عبر الزمن؛ كل ذلك بمثابرة ودِقة وحيادية، مع الرجوع للكثير من المصادر والمراجع التاريخية. إنها دراسة مُتميزة تستحق الانتباه وتُنبئ بباحث نابه أثق أنه ما زال في جعبته الكثير ليقدمه لنا”.
الباحث في التاريخ الكنسي شريف رمزي مع رئيس تحرير جريدة وطني المهندس يوسف سيدهم
جانب من الحضور
جانب من الحضور
جانب من الحضور
حفل توقيع كتاب “أعجوبة نقل الجبل المقطم”
اُختتمت الاحتفالية بإهداء الباحث نُسخًا من كتابه للحضور، وقد حرص الكثير منهم على التقاط الصور التذكارية مع الباحث، مُعربين عن إعجابهم بالخطوة في إشارة للحاجة المُلحة إلى المزيد من تلك الأبحاث الجادة التي تُثري المكتبة القبطية وتحفظ للهوية القبطية المكانة التي تستحقها.
كتب لـ الباحث في التاريخ الكنسي شريف رمزي