هل عام 2017 ينتهى بلا شئ يميزه (لاحظ أننا يمكن أيضا أن نستخدم صيغة المؤنث إذا ما استبدلنا كلمة “عام” بكلمة “سنة”، وهكذا يمكن أن يكون السؤال هل سنة 2017 انتهت بلا شئ يميزها؟ أم أن هناك ما يميزه/ا عن الأعوام السابقة؟ فى الواقع أن هذا السؤال ليس بالأمر الجديد أو غير المألوف، لأننا مع نهاية كل عام ميلادي، نتوقف (أو نتوهم أننا نتوقف) من أجل مراجعة عام مضى أو سنة مضت، وتسعى وسائل الإعلام، وربما مراكز الأبحاث، لتقديم كشف حساب عن هذا العام الذى ولى أو السنة التى ولت. وفى هذا ليس هناك ما يميز 2017، فهو يخضع (أو هى تخضع) لتقاليد اتبعناها فى الأعوام أو السنوات السابقة بشكل مكثف وخاصة مع مع التطور الهائل في تكنولوجيا المعلومات والاتصال.
فعلى المستوى الشخصي، فإننا نعبر، مع نهاية كل سنة، عن أحزان أو أفراح عشناها، فلكل شخص سجل من الأحداث على مدار العام قد يكون ملونا بالسعادة أو ملوثا بالتعاسة، أو الإثنين معا، وفى حين أن معظم أيام السنة تمر وتسقط من الذاكرة، إلا أن أحداث معينة هي التي نتذكرها في نهاية العام كالفقدان أو النجاحات الكبرى، وأكثر ما يجعلنا نتذكر هو استمرارية الحدث بمعنى أننا سوف ننقل معنا إلى السنة القادمة إنكساراتنا أم إنتصاراتنا، فرحنا أو حزننا. هذه الاستمرارية هى المحدد الأساسى، بالمعنى الشخصي إذا كانت السنة التى مضت سبب تعاستنا أم فرحتنا. وهذا على المستوى الشخصي، أما على المستوى العام، فالحكم على العام يتطلب أيضا أحداثا كبرى كي نحكم عليه إذا ما كان سيئا أم جيدا. وهنا أيضا علينا أن نحاكم عام 2017 وفق هذا المنطق ما هي الأحداث الكبرى التى شهدها هذا العام.
رغم أهيمة الأحداث الشخصية فى الحكم على عام ما إذا ما كان جيدا أو سيئا، فكل شخص يقرر ويحدد موقفه أو حتى ينشر كشف الحساب الخاص بعامه المنصرم. ولكن ما أود الإشارة إليه هو أن 2017 سنة فيها اختلاف عن السنوات السابقة. فلو وصفنا الفترة من 2011 وحتى الآن، يمكن القول أن سنة 2011 كانت سنة صناعة الحلم، الحلم بالانتقال إلى زمن غير الزمن، وإلى عالم لن يكون مثل ما كان. ولكن السنوات التى أعقبت 2011 تحولت فيها الأحلام إلى أوهام إلى أن تلاشت فدخلنا عام عام 2017 ف بلا أحلام، فهل نخرج منه بلا أوهام؟ هذا هو السؤال. وأتصور أننا فى مصر دخلنا 2017 بلا أحلام سوى الحفاظ على القدر القليل مما نملك نفسيا وماديا، وكان هذا هو الرهان الهش الذى تهاوى مع الإجراءات الاقتصادية والمالية وتعويم الجنيه، فلم تعد ثمة قيمة حتى للقليل الذى نملكه. إن حلم الذهاب نحو المستقبل الذى كان سمة العام 2011، بات حلم نوستالجى بالعودة لماض قريب كنا نبغضه ونريد الخلاص منه. إن خصوصية مثل هذا السياق ليس فقط فى أنه محزن، ولكن المختلف يتمثل فى أنه كاشف، لقد انكشفنا، فنحن عراة بلا أحلام 2011، وبلا أوهام االسنوات القليلة التى أعقبتها. إن سنة 2017 لم تأت فقط بمجرد مجموعة من الأحداث الموجعة، ولكنها كانت كاشفة، فما كان لنا لم يعد كذلك (سد النهضة، وتيران وصنافير)، وما كان استثناء أصبح مستوطنا (الإرهاب).
ومن هذا المنطلق فقد يصح الافتراض أن سنة 2017 كانت مختلفة، فهي سنة بلا أحلام، ولكن يصعب أن نفترض أن يكون عام 2018 خال من الأوهام. إننا بصدد عام جديد لا يسعنا إلا أن نفكر فيه بمنطق التفاؤل والتشاؤم: أمل بأن يأتى إلينا بما لا نتوقعه، وتشاؤم بأن يأتى إلينا بما نخشى توقعه.