تمرالدول العربية بآزمات شديدة لم يكن الفساد بريئ منها ..فهو له بصمة عريضة فيها، حيث تختلف أسباب الفساد من بلد إلى آخر ولكنّها غالباً ما تكون مرتبطة بطريقة أو بأخرى بتدخّل الدولة وهيكلية الاقتصادات والقطاعات العامّة،وويجزم أن الجزء الأكبر من الفساد هو غياب الشفافية وإجراءات ضمان المنافسة في الصفقات الحكومية وعدم وجود آليّة قويّة لتطبيق قوانين لمكافحة الفساد، وهوما يسمح لمسؤولين فاسدين بالإفلات من العقاب الحقيقي.
فكان التساؤل الأبرز هو هل الإصلاحات الاقتصادية والسياسية طريقة فعالة لمحاربة الفساد، أمّ أنّ إدخال تغييرات مثل مشاركة الحكومة للقطاع الخاص يزيد من فرص انتشاره ؟ عن هذه القضية وغيرها من القضايا كان “لوطنى” هذا الحوار مع مستشار جامعة الدول العربية الأستاذ الدكتور بسمان الفيصل فإلى الحوار
– ماطبيعة الفساد حاليا فى المنطقة العربية ؟
الفساد افه تمتلك خواص الفيروس دائما عندما يتم عمل تطعيم يكسبه مناعة، كذلك الفساد يتم بخصائص الفيروسات فيغير شكله لكى يستمر ويأخذ حصانة ضد اللقاحات التى هى الإجراءات والقوانين والقرارات والتوجهات، وشبه الفساد بفيروس يتمحورمع التطعيمات ويغير شكله وطبيعته كى يتفادى التطعيم وأعنى بالتطعيم هى الإجراءات التى تتخذها الحكومات لمكافحة الفساد.
لكن يبدو أن الفساد يتحدى الحكومات لأنه قد وصل الى جسد هذه الحكومات، وبالتالى بدء يطغى على خيارات وحتى قرارات الحكومات وأنه منذ زمن تفشى الفساد فى بعض من الدول العربية فى المؤسسات التشريعية وبالتالى يبدو أن الزمن لايعمل لصالح مكافحة الفساد .
– لماذا يوجد أختلاف فى المفاهيم تاره مكافحة الفساد وتاره أخرى الحرب على الفساد؟
عندما اصطلح عنوان الحرب على الفساد فكلمة الحرب على الفساد تعني أن هناك طرفين فالحرب هى أقوى أشكال العنف، فعندما قلنا الحرب على الفساد فاذا انتصرنا سنكسب الحياة، وأن خسرنا سنخسر الحياة فان هزمنا فاننا سنعاني ما يوجهه الخاسر فى الحروب فهو ليس مصطلح انشائى أو روائى لكنه واقعى .
– هل الواقع الحالى للمنطقة العربية هو نتاج لفساد دام سنوات ؟
نعم الحروب والصراعات فى المنطقة العربية حاليا هو نتاج للفساد فهو دورة، لااعتقد إن ان دولة تتخذ قرار الحرب وهى جزء من دولة الفساد .
– دائما نسمع أن “معدل النمو” مرتفع وتنمية ورخاء هذا على مستوى السياسيات الاقتصادية لكن على الجانب الأخر لايشعر المواطنين بهذا النمو، فكيف نجعل الأهداف المالية والنقدية تابعة للأهداف الاقتصادية والاجتماعية ومن ثم التنموية حتى نكفل النمو المنصف للفقراء؟
بالطبع أن الفساد له بصمة فى فشل مشروعات التنمية، بسبب أن الفساد طال تمويل هذه المشروعات و طال اليات تنفيذ تلك المشروعات، ولا اعتقد ان هناك علاجا ترقعيا ولكن هناك حزمة من القوانين والاجراءات والتشريعات ومن ثم الوعى المجتمعى فلااعتقد أن الفساد يعيش من غير حاضنة، أو مغذيات فالجهل من مغذيات الفساد وسؤ الادارة من مغذيات الفساد فالقوانين تمكن الجانى من الافلات من العقاب، وهذا عيب التشريعات ومظهر من مظاهر الفساد وهو الافلات من العقاب وعدم القدرة على الانفاذ الصحيح للقانون.
وأن البلدان العربية تحتاج لنماذج أقتصادية وأجتماعية وتنموية جديدة تناسب المتغيرات العالمية التى نشهدها وتكون متسقة مع الإعلان العالمي للأهداف الأساسية ، وأن الإحباطات المتلاحقة التي واجهت تحقيق أهداف التنمية للألفية فى الأجندة السابقة، سبب ضياع لفرص التنمية وأهدافها المعلنة ونتيجة لسياسات وأوضاع عالمية غير مستقرة وخيارات ضعيفة وخاطئة اثرت على تنمية الشعوب.
على الرغم من الأجراءات التى تتخذها الحكومات العربية فى محاربة الفساد , الأ أنه تفشى بشكل كبير …كم وصل حجم الفساد فى الدول العربية ؟
أرقام الفساد لسيت هى 50,أو 60مليارهى أرقام تتزايد بطريقة المتوالية الهندسية لاننا نتحمل أمام كل دولار يذهب الى الفساد ولو لم يذهب الى الفساد وذهب فى مساره الصحيح للاستثمار لجاء بدولار ودولارين وثلاثة، . اذن الفساد كلفته تشبه حساب المتوالية الهندسية.
فعندما نقول ما قدر من المنظمات الدولية فى 2010عن حجم الفساد 50مليار دولار فهذا فساد حكومى لو حسب على أساس المتوالية الهندسية، فنحن اليوم امام بليونات الدولارات من نتائج الفساد..اليس الفقر ووقف التعليم والصحة وانتشار الجريمة وحالة الانهيار فى كثير من معالم الاقتصاد التنموى، اليس ذلك من الأثار المتوالية الهندسية للفساد .
يوجد ارادة دولية لتوسيع دائرة مشاركة الحكومة للقطاع الخاص فى مشروعات البنية التحتية فهل ستكون الدولة مسؤلة عن ايجاد البيئة الملائمة لعمل القطاع الخاص أم عليها التدخل لتصحيح الانحرافات وتلبية الحاجات أم أن دورها رقابى أم أنها تتنصل من دورها أصلا..؟
الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص تعد قاعدة قوية لتحقيق أهداف خطة التنمية المستدامة 2030, ولايمكن أن ننتظر من الحكومات أن تقوم بادوارالخدمة له اشكال مختلفة، ليس فى الجانب المالى فى الفساد الادارى والقانونى والصحى والتعليمى فاسباب ومظاهر الفساد متداخلة واعتقد أن جزء كبير من الفساد مستورد من الخارج خاصة المؤسسات العابرة للحدود تجد فى الفساد فرص لتحقيق ارباح لكنها تجد فيما يلبى طلبها.
أما عن العراق بشكل خاص فالعراق مثلها مثل دول اخرى تعانى من الفساد ونامل أن لايكون الدول العربية ومنها العراق أن لاتكون فى قائم الدول الاكثر فسادا، فالحكومات بمفردها لاتحقق تنمية أقتصادية صحيحة انما يجب أن تشارك القطاع الخاص فدور الحكومة هى تضع مؤشرات وتضبط ايقاع النشاط الاقتصادى.
– بعد طرد العراق لداعش من اراضيها ..هل هناك توجه لإعمارالعراق والمنطقة العربية بشكل عام؟
لايمكن أن نتوقع بلد فيه إرهاب أن يكون فيه تنمية أو يكون هناك تقدم فى الاقتصاد أو التعليم وأجزم أن الاعلام الرسمي الحكومي العراقي فى القضاء عسكريا على عصابات الإرهاب هو يشكل مدخل طموح لإعادة اعمار الدول العربية وأهمها الموصل فهى مدينة عربية تكلفة إعادة إعمارها من خلال تاسيس البنية التحتية تصل التكلفة الى مليارات الدولارات، فهذه المدينة يسكنها ثلاثة مليون مواطن، اصبحت بنيتها التحتية تحت القصف وهجرها أهلها وذهبوا للمخيمات، فاليوم وضع ماساوى وكارثة أنسانية وأجتماعية وأقتصادية حلت بهذه المدينة، كما حلت بمدن أخرى بالمنطقة العربية، الا أن هذه المدينة لها خاصية فهى ثانى أكبر مدينة فى العراق من حيث عدد السكان والموقع الجغرافى والاستراتيجى.
ويبدو أن هناك من يحاول أن يلتقط فرصة الإعمار لكى يأتى بجيوش الفساد أو يمتطى الفساد مدخلا لإعمار هذا البلد، أقول أن تمكن الفساد بدعاوى الإعمار فعلى المجمتع الدولى ومنظمات الامم المتحدة تضع يدهه مع يد المعنين على تمويل هذا الاعمار، لكى تضبط ايقاعه وتمنع اى فرص للفساد ان تمتد الى إعمار هذه المدن المدمرة فإن تمكن الفساد من التنمية فى مشروعات إعادة أعمار هذه المدن لن يكون هناك أعمار وبالتالى تفشل تجربة بالغة الاهمية فى الحياة الدولية وهى إعادة أعمار المدن المدمرة.