“اهتفي لله يا كل الأرض.. رنموا بحمد اسمه.. اجعلوا تسبيحه ممجداً..” هكذا يرنم المزمور وهكذا تتهلل قلوبنا فرحة وتسجد شاكرة على عطية الله التى أنعم بها على كنيسته المقدسة فوهبها راعياً يقود دفتها بالفكر المنفتح .. يراعى الزمن، يتحاور مع الجميع، مبدع، مبتكر بلا نهاية، يفكر فى المستقبل وكيف يكون، فيخطط له بطريقة جيدة.. إنه بالحق عطية الله.. البابا تواضروس الثانى.. هدية السماء لمصر والكنيسة.. تمر السنون يا قداسة البابا تملأها بالمحبة والبساطة والوداعة مع الخدمة الباذلة، فكما جلست على كرسى مارمرقس عطية الله دخلت واحتللت منزلة كبيرة فى قلوبنا.. و ها مرت الأيام سريعاً ويأتى لنا العيد الخامس لتجليس قداسة البابا، على كرسى القديس مرقس الرسول – 18 نوفمبر –
والحقيقة ليست الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وحدها التى تحتفل بمرور السنة الخامسة على حبرية قداسته بل سائر الكنائس الشقيقة ومعها شرائح عديدة من المصريين لامسين محبته و وطنيته تلك السمات التى كان يجول و يتشرها حوله فى كل مكان.. عام فى عمر الكنيسة يبدو أياماً قليلة معدودة لكن مع حصاد البابا يبدو دهراً فى عمر الزمن .. عام مضى و قاد الكنيسة بمعرفة و حكمة .. أعاد ترتيب كثير من أمورها .. و حافظ على تعاليم آبائها .. و على دورها الوطنى، على امتداد العام رأيته وهو يبذر بذور العمل و الخير فى حقل الكنيسة والمجتمع و يدعو الى التسامح ويصلى من أجل سلامة مصر وكل المصريين..
تعالوا معى نجمع حصاد الخدمة فى حقل البابا البطريرك “عطية الله” تواضروس الثانى منذ ان جلس على السدة المرقسية .. سنوات رأيت فيها براعم البذور وهى تزدهر وتفوح عطراً فى حقل الكنيسة .. فى قراراته.. فى مواقفه..فى تعاليمه.. فى سفرياته.. فى كرازته رأيته فى كل ما قدمه فكراً وروحاً وتراثاً ممتلئاً غيرة وحباًّ لكنيسة الله ولشعب مصر.. عام عام نسير معاً ونجمع أهم الثمار التى بذرها قداسته ..
مع بداية خدمة البابا بطريركا للكنيسة كان على الطريق الوحدة وهو الأمل الذي يملأ قلب قداسته، إذ أعلن مع سائر رؤساء الكنائس عن تأسيس مجلس كنائس مصر، و اختار بابا المحبة و الحوار ان تكون أول زيارة خارجية لقداسته بعد التجليس للقاء بابا الفاتيكان، و بالفعل كان لقاء خليفة مارمرقس مع خليفة القديس بطرس في ١٠ مايو من عام ٢٠١٣، و قد شهد هذا العام أيضا العديد من القرارات الكنسية المهمة اذ اعترف المجمع المقدس بقداسة مثلث الرحمات البابا كيرلس السادس و الارشيدياكون حبيب جرجس، و قد افتتح بابا العصر فى نوفمبر من ذات العام ٢٠١٣ لاول مرة في تاريخ الكنيسة مركزا اعلاميا، و في شهر ديسمبر كان للبابا الكاروز زيارة رعوية لسويسرا و النمسا.. ولأنه البابا المدبر ففى فبراير من عام ٢٠١٤ – بعد عام وثلاثة شهور من تجليسه – جاء باللائحة الجديدة لانتخاب البطريرك، ليعلن عن إنجاز غير مسبوق فى تاريخ الكنيسة القبطية بعد أن تم التصويت على اللائحة بنداً بنداً.. وقد شهد شهر مارس من ذات العام -٢٠١٤- ٣ أيام للبابا على أرض لبنان للمشاركة فى وداع قداسة البطريرك عيواص بطريرك السريان الأرثوذكس، فقد بدأت الزيارة يوم الثلاثاء ٢٥ مارس حتى يوم الخميس ٢٧ مارس قام خلالها بحضور صلاة جناز البطريرك عيواص والتقى بالرئيس اللبنانى، وعدد كبير من علماء السنة والشيعة..
ومع نهاية شهر مارس كانت لحظات الوداع للأم الفاضلة سامية نسيم والدة قداسته، و قد ترأس البابا صلاة الجناز فى الكنيسة المرقسية بالإسكندرية يوم السبت ٢٩ مارس ٢٠١٤ وفى يوم الاثنين 31 مارس كان استقبال التعازى في المقر البابوى بالعباسية.. وفى برية شهيت الأرض المقدسة وفى أحضان دير القديس العظيم الأنبا بيشوى قام البابا والآباء أعضاء المجمع أيام ٨ ، ٩ أبريل ٢٠١٤ بعمل الميرون للمرة ٣٨ فى تاريخ الكنيسة، ويسجل التاريخ للبابا تواضروس التطور فى طريقة إعداد الميرون؛ حيث استخدم التطور العلمى بنقاوة عالية وحافظ على تقديس الميرون كما هو بطقسه وصلواته..
وكان أهم ما يميز شهر مايو فى حصاد هذا العام – ٢٠١٤- هو زيارة البابا للإمارات والتى قام خلالها بزيارة ولى عهد أبو ظبى ونائب رئيس الدولة، ودشن البابا هناك مذبح كنيسة السيدة العذراء والشهيد أبو سيفين في إمارة الشارقة والتقى بأبناء الكنيسة..
وفى يونية ٢٠١٤ ترأس قداسة البابا المجمع المقدس وكانت أهم قراراته اعتماد ظهورات العذراء، وتعديل اختصاصات القائمقام والاعتراف بدير الأنبا مكاريوس السكندري، وفى العيد المئوى لنياحة القديس الأنبا إبرآم أسقف الفيوم والجيزة، حيث قام البابا بزيارة تاريخية لإيبارشية الفيوم ترأس خلالها الاحتفالات وافتتح المركز الثقافى القبطى ومشروعات دير العزب، ولا يمر على قداسته أن يمضى شهر يونية من هذا العام الا بمشاركته فى اليوبيل الذهبى لقاعة الإيغومانس ابراهيم لوقا بكنيسة مارمرقس بمصر الجديدة.. ولأنه البابا الراعي قام قداسته يوم السبت ١٢ يوليو ٢٠١٤ بزيارة لكنيسة القديس بولس الرسول بمدينة العبور حاملاً بركة التدشين والتقديس لمذابح الكنيسة، ولأنه مكتوب “كرمة من مصر” نقلت .. طردت أمما وغرستها هيأت قدامها فأصلت أصولها فملأت الأرض” (مز ٨٠ : ٩-٨)، قام البابا الكاروز فى ٢٨ أغسطس ٢٠١٤ حتى ١٠ نوفمبر -٧٥ يوماً- بزيارة خمس دول رافعاً اسم مصر وكنيستنا القبطية بكل الكرازة، حاملاً مكانة مصر العظيمة وشعبها الأصيل فى قلبه وأحاديثه وبشارة الإيمان تشع من عينيه، وهو يجول يكرز فى كل المسكونة وكانت زيارات البابا كالمحطات بدأت بزيارة “هولندا و سويسرا و كندا” ثم “روسيا” وبعد يوم واحد من عودته لمصر توجه للمحطة الثالثة والأخيرة “النمسا”.. وبين محطة ومحطة كان البابا يترك ثماراً بمصر، أسجل منها ترأس قداسته احتفالية كنيسة المعلقة يوم السبت ١١ أكتوبر بعد انتهاء أعمال الترميم والتى كانت قد بدأت منذ فبراير ١٩٩٨، وقد حضر الاحتفال المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء، وبعد أسبوع قام قداسته بتدشين مسار العائلة المقدسة، و بتكريم المستشار عدلى منصور تقديراً لدوره وتحمله المسئولية فى ظروف عصيبة مرت بها البلاد..
في ٢٠١٥ كانت أزمة “ليبيا”، ربما تكون هي أصعب ما واجهة قداسة البابا تواضروس خلال مسيرته، فاستوجبت الحادثة من البابا تواضروس التحرك سريعا سواء مع الدولة و الخارجية و الكنيسة بما تمليه عليه مسؤولياته الرعوية تجاه أبنائه.. في ٢٠١٥ كان ملف الأحوال الشخصية دائما هو ما يشغل الرأي العام، بينما هو الأمر الذي قابلته الكنيسة باهتمام و حرص البابا لحل المشاكل العالقة بعد إعادة هيكلته للمجلس الإكلريكي وتقسيمه إلى 6 مجالس فرعية حتى لا تأخذ وقتا طويلا، و ايضا تسعي الكنيسة إلى قانون الأحوال الشخصية الجديد لحل العديد من المشاكل..
و من الأمور الصعبة التي واجهة قداسة البابا خلال هذا العام، حين سببت الأمطار الغزيرة والسيول التي اجتاحت منطقة وادي النطرون بمحافظة البحيرة، في غرق بعض الأماكن في أديرة وادي النطرون بالمياه، والتي وصلت لبعض الكنائس الأثرية منها التي ترجع إلى القرن الرابع والخامس الميلادي وهو الأمر الذي استوجب مخاطبة الكنيسة لوزارة الاثار لإنقاذ الأماكن الأثرية هناك، وقد ذهب البابا تواضروس لإفتقاد الأديرة، كما ترتب على ذلك إلغاء سيمينار المجمع المقدس و الذي كان من المقرر عقده بدير الأنبا بيشوي هناك..
و مع نهاية عام ٢٠١٥ و تحديدا في يوم ٢٥ نوفمبر أعلن عن نياحة الأنبا ابراهام مطران القدس عن عمر يناهز ٧٢ عاما، ليفقد البابا تواضروس صديق وأستاذ منذ الرهبنة، ويجد نفسه في حيرة في الشخص المناسب الذي يصلح لمليء الفراغ الذي تركه الأنبا إبراهام، ويستطيع أن يعمل في ظل الظروف المضطربة في القدس.. ولم تتوقف الأزمة عند ذلك، فقد وجد البابا تواضروس نفسه مضطرا للسفر للقدس، بعد أن علم بوصية المطران الذي طلب أن يدفن هناك، ليواجه البابا سيل من الهجوم والنقد من بعض الذين أتهموه بمخالفة موقف الكنيسة الرافض للسفر للقدس ! و الان علمت لماذا كتبت من البداية ليعينك الله …
أما عام 2016 مر على الكنيسة والمسيحيين حاملًا عديدا من الأحداث الحلوة والمرة، في هذا العام نتوقف امام لقاء تاريخي و هو مقابلة البابا تواضروس الثانى للملك سلمان بن عبد العزيز، ملك المملكة العربية السعودية لأول مرة فى التاريخ خلال جلسة استمرت لمدة 35 دقيقة.. و على المستوي الكنسي نجد انه فى هذا العام و بسبب عملية رسم أيقونات الكاتدرائية الكبرى بالعباسية قام البابا تواضروس ولأول مرة بجولات لإلقاء عظته الأسبوعية فى كنائس مختلفة منها كنيسة العذراء بالزيتون، والكنيسة المعلقة بمصر القديمة، وكنيسة العذراء فى برج العرب، وكنيسة العذراء بمرسى مطروح، ودير مارمينا بمريوط، كنيسة مارمرقس بشبرا، وغيرها، الأمر الذى أتاح لعدد كبير من المسيحيين حضور عظة البابا، كما قدم البابا مشروع تدريب “تراث كنيستنا روح وحياة” للخدام والخادمات المختصين بالتعليم الكنسى، وفصول التربية الكنسية”، وإذا انتقلنا إلى الإنجازات التى شهدتها الكنيسة مؤخرًا، فسنجد على الناحية الإدارية، قيام البابا تواضروس الثانى، بإعداد مجموعة من اللوائح المنظمة للخدمة، والعمل الكنسى مثل “الرسامات الكهنوتية، والتكريس، والتربية الكنسية، ولجان الكنائس.
ومن جهة التعليم، سنجد أن البابا أولى اهتماما خاصا بالتعليم فأعاد هيكلة الكلية الإكليريكية، ومعهدى الدراسات القبطية والرعاية وفى نفس السياق أقام مشروعى “الألف معلم قبطى”، و”قائد أرثوذكسى مؤثر وفعال”.. وإذا انتقلنا إلى العمل المسكونى “العالمى”، فسنجد أن البابا تواضروس بذل جهدا ملحوظا فى تفعيل العلاقة بين الكنيسة الأرثوذكسية وبقية الكنائس الأخرى، كما أجرى كثيرا من اللقاءات والزيارات مع رؤساء تلك الكنائس فى مصر وخارجها..
وفى ناحية النشء، والشباب، التقى البابا “عطية الله” مع مجموعات كثيرة من الأطفال والشباب من إيبارشيات متعددة فى الداخل والخارج، وتحاور معهم ورد على أسئلتهم.. و نظرا لنمو الخدمة المتزايد، قام البابا في هذا العام ٢٠١٦ برسامات عشرات الأساقفة لتغطية احتياجات الإيبارشيات، كما أسس إيبارشيات جديدة فى كندا، وأمريكا، وألمانيا، والوادى الجديد.
كما قام أيضًا بترقية ٦ من الآباء الأساقفة مطارنة، ورسامة عدد كبير من الآباء الكهنة والرهبان والراهبات، كما تمت رسامة مطران للقدس، وهو الأنبا أنطونيوس، خلفا للمتنيح الأنبا إبراهام.. هذا و حدد البابا تواضروس الثانى خلال 2016، ملامح العمل الكنسى، تحت رئاسته للكنيسة من خلال الترابط الروحى أى الروح الجماعية، حيث قال البابا: “ما أحسن وما أحلى أن يكون الأخوة معًا”، فلا توجد انفرادية فى الحياة الكنسية، فالراعى فى كل كنيسة وإيبارشية ودير وفى كل قطاعات الكنيسة يعيش الروح الجماعية وهذا الترابط هو الذى يرضى الله..
وتشمل ملامح العمل الكنسى دور الشعب، فلا يمكن أن تكون هناك خدمة دون الشعب، وقد تأمل أحدهم فى معجزة شفاء المفلوج المدلى من السقف، قائلًا: “إن الأربعة هم الأسقف والكاهن والشماس والشعب.. هؤلاء الأربعة يعملون معا ليقدموا كل إنسان للمسيح”، فالكنيسة الأرثوذكسية كنيسة شعبية ومسؤوليات الخدمة فيها تشمل كل القطاعات “الأطفال، والفتيان، والفتيات، والشباب”، وكل هذه القطاعات لها دور وعمل.. وحدد ايضا قداسته البابا حياة التلمذة، حيث إن لها جانبين، الأول التلمذة الدائمة حيث قال البابا: “يجب أن يكون الإنسان منا تلميذًا على الدوام وأن يتعمق فى المعرفة فمهما كانت المسؤولية يجب أن تتلمذ والتلمذة فى داخلها روح اتضاع، فيجب أن يكون الخادم تلميذًا للمعلمين، ولذوى المعرفة، ولذوى التخصص، فلا يمكن أن يعرف الإنسان كل شىء”.، أما النوع الثانى من حياة التلمذة، فتشمل “تلمذة آخرين”، حيث قال البابا، إنها تعمل على إعداد الصف الثانى و الثالث.. إلخ .. و”فى الكنيسة نحن نصلى ونقول من جيل إلى جيل …، وهذه هى التلمذة إعداد تلاميذ واكتشاف مواهبهم، والأمانة تقضى أن تتلمذ، وأول شىء يجب أن يهتم به الخادم هو إعداد تلاميذ ومثلنا الأعلى المسيح له المجد أنه اختار تلاميذ وأعدَّهم”.
أما الملمح الرابع فيشمل التقدس عند المذبح، حيث قال البابا تواضروس: “كل أعمالنا وخدمتنا نضعها عند المذبح فكل المشكلات التى تواجهنا وكذلك أعمالنا، وخدمتنا عند المذبح. الإنسان بمفرده لا يستطيع أن يفعل شيئًا، ولكن الله يعمل بنا فكل عمل هو منسوب للمسيح، ونحن أدوات طيعة وفاعلة له لذلك قوة المذبح والصلاة والوقوف أمام الله هى القوة الحقيقة التى تحركنا”..
وأضاف البابا: “المذبح هو الدعامة الأولى للخادم، وليست أفكاره وإمكانياته وحجم خدمته ومواهبه.. الأهم من ذلك أن الخدمة كلها نضعها عند المذبح عنده نجتمع جميعًا فننال القوة والنعمة”.. وإذا انتقلنا إلى الملمح الخامس الذى وضعه البابا تواضروس فسنجد أنه يتمثل فى ربط الحياة السمائية بالواقع الزمنى، حيث قال البابا: “نربط السماء بالواقع الذى نعيشه، ونعيش على الأرض وفكرنا فى السماء.. يجب أن نشتم رائحة السماء الذكية فى كل عمل.. نحن نريد نصيبنا فى السماء.. والأرض ما هى إلا مجرد وسيلة”.
أما الملمح السادس فيتمثل فى أن الخادم الحقيقى يجب أن تكون له الرؤية التى أكد البابا على أنها تتمثل فى وجود فكرة منظمة واضحة يستمدها من وقفته أمام الله، كما يجب أن يكون له برنامج عمل واضح ومحدد وكيفية تطبيقه..
وشدد البابا تواضروس فى هذا الشان على أن “نصلى من أجل بعضنا ونفتقد بعضنا فالكنيسة باتساع كرازتها تحتاج السؤال.. وأن تحفظ روحانية الكنيسة، فهذه مسؤولية علينا جميعًا”.
على أعتاب ٢٠١٧ قام البابا بزيارة رعوية تاريخية لليونان و هي الاولي لبطريرك قبطي، و هناك فتح قداسته حوارا مع الكنيسة اليونانية الارثوذكسية و دشن أول كنيسة بعد ٣٢ عاما من الخدمة هناك، و اعتراف البرلمان اليوناني مؤخرا بالكنيسة القبطية ضمن ٦ كنائس اخرى، و برغم انها الزيارة المفرحة التي شهد فيها قداسته كم تعب بولس الرسول لتوصيل الايمان من فوق تل أريوس باغوس الا ان احداث البطرسية الحزينة و المؤلمة جعلت البابا يقطع رحلته و يعود لابناءه.. و قد شهد عام ٢٠١٧ ايضا العديد من الحوادث الطائفية التي واجهة البابا و تألم كثيرا من أجلها ففي يوم الاحد ١٩ ابريل يوم سيسجله لنا التاريخ الكنسي، يوم رأينا فيه الايمان بعيوننا الذي كنا نسمع عنه بأذاننا في صفحات السنكسار، يوم ودعت فيه الكنيسة المنتصرة كنيسة الشهداء ابناءها الذين استشهدوا بطنطا و الاسكندرية اثناء اقامة صلوات قداس أحد الشعانين و هم يحملون سعف النخيل ليتحقق القول الالهي ” متسربلين بثياب بيض و في ايديهم سعف النخل و هم يصرخون بصوت عظيم قائلين الخلاص لالهنا الجالس على العرش “، و جاء صوت البابا في قداس القيامة بنبرات الحزن ليقول ” نستقبل هذا العام القيامة بطعم الالم ” ، و في صباح يوم العيد كان قداسته وسط ابناءه بطنطا و الاسكندرية ..
و قد جاء بعد ذلك الحادث الاليم حادث دير الانبا صموئيل و حرص البابا ان يستقبل في مقره بالعباسية جميع الاسر ليسد احتياجتهم و يتحدث معهم بكلمات روحية و معزية.. أما على المستوي الكنسي فقد ترأس قداسته هذا العام – ٢٠١٧- للمرة ال ٣٩ فى تاريخ الكنيسة صلوات تقديس الميرون، و ترأس الاحتفال بمرور ٢٥ عام على مؤتمر اصدقاء التراث العربي المسيحي، و قام بسيامة ١٢ راهبة بدير القديس فيلوباتير مرقوريوس بمصر القديمة، و شهد تخريج دفعة من المعهد القبطي للقيادة، و بعد ٣٠ سنة من الترميم دشن قداسته كنيسة ابي سيفين الاثرية بمصر القديمة بمشاركة ١٦ اسقفا..
و عن سفر قداسة البابا للخارج هذا العام نجد ان قداسته لا يكل من اقامة جسور المحبة و الصداقة و التعاون مع ملوك و رؤساء العالم و يعمل دائما من أجل التقارب بين مختلف الكنائس و الاديان و على هذه الخطى جاءت زيارة قداسته هذا العام للكويت بدعوة رسمية من أميرها الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح، و خلالها قام البابا بافتتاح و تدشين أول كاتدرائية هناك، و كان للبابا الكاروز ايضا زيارة للمملكة المتحدة حيث التقي بالملكة اليزابيث، و الامير تشارلز، و عقد لقاء مسكوني مع رئيس اساقفة كانتربري، و لان بابا المحبة يتعامل مع كل الكنائس بقلب التعاون المستمر و المثمر و التشاور و الحوار حاملا في قلبه الوحدة و الفكر المتحمس للشركة الحقيقية رغبة في تحقيق وصية السيد المسيح ليكون الجميع واحدا، منح قداسته في روسيا جائزة المؤسسة الدولية لوحدة الامم المسيحية الارثوذكسية ..
و في زيارته التاريخية لليابان و التي تعد هي الاولي من نوعها لبطريرك الكنيسة القبطية منذ نشأتها على يد القديس مرقس الرسول، قام قداسته خلال الزيارة بتدشين كاتدرائية السيدة العذراء والقديس مارمرقس الرسول بكيوتو كأول كاتدرائية للكنيسة الارثوذكسية باليابان،وذلك بحضور السفير المصري بطوكيو إسماعيل خيرت، و عقب صلاة الصلح قام البابا برسامة 3 شمامسة – من أصل يباني – للخدمة بالكنيسة الجديدة .. وغادر قداسته مطار اليابان متوجهًا إلى أستراليا، حيث زار قداسته سيدني و ميلبرون في أطول رحلة رعوية لقداسته هذا العام حيث افتتح و دشن العديد من الكنائس و الاديرة و تفقد كل أحوال الخدمة هناك و التقي مع الالاف من الشباب، و قد شهد قداسة البابا تواضروس الثاني، خلال زيارته لالمانيا ايضا هذا العام العديد من اللقاء الرسمية و الكنيسة و الرعوية، حيث استقبل الرئيس الألماني فرانك فلاتر شتاينماير قداسته وعددًا من بطاركة وأساقفة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية.
كما قام البابا بزيارة لسفارة مصر بألمانيا بدعوة السفير بدر عبد العاطي، و من الناحية الرعوية حرص قداسة البابا ان يتفقد أحوال الخدمة هناك بزيارة الكنائس، و قام قداسته بتدشين عددا منها، فكانت رحلة قداسة البابا لالمانيا جاءت بدعوة من الكنيسة الألمانية للمشاركة في لقاء بطاركة وأساقفة كنائس الشرق الأوسط، تحت عنوان : “المسيحية في الشرق الأوسط : التحديات والمستقبل” ، لتقديم صورة حية للتحديات والاضطهادات التي تواجهها المسيحية في منطقة الشرق حاليًا وإيصال صوت معاناة مسيحيي المشرق من خلال منبر غربي، و قد يشارك في اللقاء إلى جانب قداسة البابا تواضروس الثاني، بطاركة الكنائس الأرثوذكسية السريانية والأرمينية والإثيوبية والهندية.. وقد خضع قداسة البابا على هامش زيارته الي فترة علاجية، و إجراء بعض الفحوصات الطبية على ظهره الذي يعاني من آلام به منذ عدة سنوات..
لا يفوتني ان يمضي حصاد عام ٢٠١٧ دون ان اذكر فيه اللقاء الثاني بين الكاروز و ضخرة الايمان .. البابا تواضروس و البابا فرنسيس، فبرغم الهجمات الارهابية التي تبناتها داعش الان بابا الفاتيكان كان متمسكا بزيارة مصر و التي جاءت تحت شعار ” بابا السلام في مصر السلام ” و من امام المقر البابوي بالعباسية كان في انتظاره قداسة البابا تواضروس في استقبالا كنسيا رسميا و خلال هذا اللقاء وقع الطرفان اتفاق بين الكنيستين خاص بالسعي بعدم اعادة المعمودية و عقد بعد ذلك صلاة مسكونية بمشاركة رؤساء الكنائس المصرية بالكنيسة البطرسية .. كنيسة الشهداء.
ونحن نحتفل بعام جديد فى حبريته أرى بعين الرجاء أن الحصاد بقدر ما كان كثيراً سيكون أكثر وأكثر فى الأعوام القادمة.. يد الله التى عملت مع قداسته ستكون معه اليوم وغداً و إلى منتهى الأعوام…