حظى اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس بترحيب كبير فى الأوساط الأقليمية والدولية، لما له من ارتباط بوضع حد للخلافات الداخلية الفلسطينية، وتأثيرها السلبي على عملية السلام، وهو ما يساعد فى إنهاء عقدا من الانقسام السياسي بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
واتفقت الحركتان على إجراءات تمكين حكومة الوفاق الوطني من ممارسة مهامها والقيام بمسؤولياتها الكاملة في إدارة شؤون قطاع غزة، كما في الضفة الغربية بحد أقصى الأول من ديسمبر المقبل مع العمل على إزالة كافة المشاكل الناجمة عن الانقسام”.
ووقع الاتفاق عن فتح القيادي عزام الأحمد وعن حماس القيادي صالح العاروري بحضور رئيس الاستخبارات المصرية خالد فوزي.
ورحب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالتوصل إلى اتفاق بين الحركتين، رأى فيه “اتفاقا نهائيا” لإنهاء الانقسام الفلسطيني. “إنه “أعطى أوامره لوفد حركة فتح للتوقيع فورا على الاتفاق”.
كان القيادي في حركة فتح زكريا الأغا في وقت سابق أن عباس سيزور غزة “خلال أقل من شهر في سياق المصالحة الجارية”.
وتسلمت الحكومة الوزارات في غزة خلال زيارة رئيس الوزراء رامي الحمد الله إلى القطاع الأسبوع الماضي برفقة الوزراء، وجاءت الزيارة بعدما أعلنت حركة حماس في 17 سبتمبر حل “اللجنة الإدارية” التي كانت تقوم بمهام الحكومة في قطاع غزة، وشكل حل اللجنة الإدارية أكبر خطوة من جانب حركة حماس في سبيل تحقيق المصالحة منذ تشكيل حكومة الوفاق عام 2014.
وتأتى هذه الخطوة بعد أسابيع قليلة من التنسيق الأمني بين القاهرة وحماس، والموافقة على على افتتاح مكتب لحركة حماس في القاهرة مع تعيين مندوب دائم عن الحركة بالمكتب.
ونص الاتفاق بين الجانبين على تعيين مكتب تمثيل دائم للحركة في القاهرة من أجل متابعة قضايا الحركة والغزيين في مصر، ويكون عضو حماس في القاهرة برتبة عضو مكتب سياسي، يتوافق على تسميته الطرفان، وهو ما اعتبره مراقبون بانه من أجل متابعة التفاهمات الجارية، خاصة بعدما وصلت إلى مرحلة من تنسيق أمني وسياسي عال.
كما تم الاتفاق مع وفد المكتب السياسي التابع لحركة حماس على بقاء منسق من الحركة بصورة دائمة لديهم في مكتب خاص بالحركة، ليكون بمثابة الضابط الخاص بالتنسيق خصوصا في الملفات والقضايا الأمنية التي تطلبها مصر من قطاع غزة.
ورحبت جامعة الدول العربية بإعلان المصالحة الوطنية الفلسطينية، معتبرة أن هذا الاتفاق يعتبر ضمانة أساسية لتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضي دولة فلسطين وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على خط الرابع من حزيران 1967 .
وعبرت الجامعة فى بيان لها عن شكرها لمصر والرئيس عبدالفتاح السيسي لرعايتها جهود إنهاء الانقسام ونجاحها في إنجاز المصالحة التي اتخذت أولى خطواتها بحل اللجنة الإدارية في قطاع غزة وبدء حكومة الوفاق الوطني تولي مهامها بالقطاع .
في حين ذكرت مصادر إسرائيلية، المواقف السابقة المعلنة التي تعتبر فيها أنه “يتوجب على أي مصالحة بين السلطة الفلسطينية وحماس أن تشمل “الاعتراف بإسرائيل ونزع سلاح حماس”.
وقال المتحدث باسم رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أن “الاعتراف بإسرائيل ونزع الأسلحة الموجودة بحوزة حماس، هي على رأس الشروط التي يتوجب على أي مصالحة فلسطينية أن تشملها”.
من جانبها قالت الدكتورة منى مكرم عبيد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية والبرلمانية السابقة أن التغييرات الأخيرة التى طرات على الساحة الفلسطينية ربما تكون مخرجا مناسبا لانهاء سنوات من الأزمات بين فتح وحماس، وهو ما كان له ظلال قاتمة على العلاقات الفلسطينية.
أكدت انه بعد الإعلان عن التوصل إلى اتفاق لتقاسم السلطة مع حركة حماس للمرة الأولى، فى خطوة نحو خلخلة الأزمة الفلسطينية داخليا، ثم مكتب أمنى لحماس بالقاهرة يعد حلا مناسبا لإنهاء الانقسام الفلسطينى، خاصة وانه سبق أن دعا محمد دحلان القيادى السابق بحركة فتح سائر الفصائل الفلسطينية إلى تجاوز كل الخلافات الداخلية لاتخاذ اللازم من أجل الاستعداد لمباراة خارجية مع الاحتلال الإسرائيلى، مع تأكيده على أهمية الدور الذى تقوم به مصر لحل الانقسام كوسيط بين فتح وحماس، ومن ثم الفرصة مواتية الآن لغلق صفحة الماضى والانفتاح على المستقبل بآمال عريضة لاحتواء كثير مما يرون أن القضية الفلسطينية تاهت بين خلافات فتح وحماس.
دعت عبيد إلى منح مساحة أكبر للقيادى البارز محمد دحلان لما له من جهد ملحوظ داخل قطاع غزة، ومحاولة تجاوز الخلافات بينه وبين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، والدور الحيوي الذى تقوم به مصر والامارات لانجاح ملف المصالحة الفلسطينية التى تكللت بالاتفاق اليوم بين فتح وحماس، فى ظل تسيد الموقف من ظهور سلطتين سياسيتين وتنفيذيتين، إحداهما تحت سيطرة حركة فتح فى الضفة الغربية، والأخرى تحت سيطرة حركة حماس فى قطاع غزة، وذلك بعد فوز حركة حماس فى الانتخابات التشريعية فى مطلع عام 2006، وهو ما عقد من المشهد الفلسطينى وأغلق نوافذ كانت محل آمال عديدة لأهل فلسطين خاصة، والعرب عامة.