منذ أيام قليلة خرج بيان الجميعة الخيرية الدولية طومسون رويترز بعد الاستفتاء السنوي لها بتصنيف 19 مدينة حول العالم على أنها الأخطر على النساء لعام 2017 م , وقد اعتمدت في هذا التصنيف على اختيار المدن التي يزيد عدد سكانها عن ملايين نسمة, وقد صنف هذا التقرير “القاهرة ” في المركز الأول كالمدينة الأخطر على النساء في العالم لعام 2017م , وبعد إعلان نتائج الاستفتاء تباينت ردود الأفعال داخل المجتمع المصري حول هذا التصنيف ,حيث رأى البعض أن هذا التصنيف ظالم وهناك من رأى أنه عين الحقيقة .. مهما كانت تلك الآراء لابد أن نعرف الأسباب التي أدت لوضع العاصمة المصرية في تلك الصورة.
وتقول نهلة محمود 26 سنة :- إذا رفضنا هذا الاستفتاء وأزعمنا أنه غير صحيح نكون بذلك ندفن رؤوسنا في الرمال مثل النعام , فنحن نعلم جيداً حجم الأخطار التي تتعرض لها النساء في مصر, فأنا لا أستطيع أن أعود من عملي في الساعة 12 مساءً بمفردي أبداً, خوفاً مما يمكن أن أتعرض إليه سواء التحرش أو الخطف أوالسرقة, ويجب أن نعتبر هذا التصنيف صفعة على وجه المجتمع حتى نستيقظ مما نحن فيه ونحاول الحفاظ على نساء المجتمع أولاً وما تبقى من كرامتنا أمام العالم ثانياً .
وتقول أميرة عبد الحى -24سنة : أنا لا أقبل تصنيف القاهرة كأخطر مدينة في العالم على النساء, ففى كل دول العالم تتعرض النساء للانتهاكات والأخطار أكثر بكثير مما قد تتعرض لها النساء في القاهرة أو في مصر عموماً, وهذا لا يعني أننا في أمان كامل لكن لسنا الأخطر, ويجب وضع حد لتلك التصنيفات غير المدروسة .
تقول –عزة عبد الحي – المتحدث الإعلامي للمجلس القومي للمرأة :
أن المجلس قد أصدر بياناً رداً على هذا التصنيف وقد رأى المجلس أن هذا التصنيف بشكل قطعي وحاسم غير مقبول و غير مبرر موضوعياً و منطقياً, وأكد المجلس على أنه لابد من دراسة هذا التصنيف وفقاً لاعتبارات ومعايير عقلانية ,حيث إن هذا الاستفتاء قد جاء نتيجة آراء انطباعية لمجموعة من المنشغلين بقضايا المرأة في كل من المدن المستفتى عليها حيث بلغ عددهم أقل من 20 مدينة ولم تعلن المؤسسة صاحبة الاستقتاءعن معيار اختيار تلك الشخصيات سوى أنهم قاموا بتصنيفهم إلى خمس فئات ووضعوها تحت مسميات ,أكاديميين, ناشطي مجتمع مدني,عاملين بالمجال الصحي ومعلقين أجتماعيين و صانعي قرار,كما أعلن هذا الاستفتاء أن الهدف منه هو توجيه السياسات الحاكمة للبيئة الحضرية بما يتضمن المساواة في التمتع بمنافع العيش في المدن وهو هدف مهم في ظاهرة , ولكن يجب أن نعلم جيداً أن سياسات الدول لا تبنى على آراء وانطباعات حفنة صغيرة من الخبراء وإنما الدول تبني سياستها الاجتماعية على أسس وقواعد معلوماتية ومعرفية موثقة , خاصة وأن هناك العديد من المؤشرات المتفق عليها دولياً المثقولة بإحصائيات موثقة وطنياً من قبل مختلف مننظمات الأمم المتحدة المعنية, وبدراسات جادة تعتمد على مناهج بحثية متعارف عليها والرجوع إلى كل هذا يوضح للقائمين على الاستفتاء ذاتهم مدى بعد انطباعاتهم عن الواقع الملموس .
كما أكد المجلس القومى للمرأة على وعيه الكامل بما تواجهه المرأة المصرية من تحديات في شتى مجالات الحياة الاجتماعية كما يؤكد على تعامله الجاد مع تلك التحديات من واقع الدراسات والإحصائيات الموثقة وليس الاستفتاءات الانطباعية غير المدروسة .
كما يؤكد المجلس على حرصه على عدم الانسياق وراء هذا الاستفتاء المخالف للواقع العلمي .
ويقول الدكتور رشاد عبد اللطيف – أستاذ تنظيم المجتمع :-
هذا التصنيف غير عادل وغير منطقي خاصة وأن المؤسسة التي أخرجت هذا التقرير دولية, والقائمين على هذا التصنيف إذا كانوا ممن زاروا نيويورك مثلاً سيجدون أن النساء هناك لا تسطيع أن تسير في الشوارع بعد الساعة العاشرة مساءً وإلا تعرضت لخطر العصابات والمجرمين, وهو الأمر ذاته يحدث في العديد من الدول مثل إنجلترا أيضاً, وفي مصر هناك العديد من السيدات تسطيع أن تسير في الشارع بعد الساعة الثانية صباحاً ولا تتعرض لأى خطر في المجمل, وليس معنى هذا أن لدينا أمان بنسبة 100% ولكن لدينا العديد من المشاكل التي تواجه النساء المصريات داخل المجتمع ولكن تلك المشاكل لا تضعنا أبداً في ترتيب أول العالم خطراً على النساء ففي القاهرة لا يوجد إجرام عنيف مثل الذي يحدث في العديد من دول العالم, على أية حال لابد أن نواجه تلك الظاهرة ولابد أن نصل لحلول لها ومن أهم الحلول التي تكافح ظاهرة العنف ضد السيدات في المجمتع
أولاً: تفعيل القانون ,حيث إنه لابد أن يكون هناك قانون قوي قادر على ردع المتحرشين وغيرهم ممن يمارسون العنف ضد سيدات مصر, ولابد أن يكون القانون سريع ومباشر, ثانياً: لابد من تزويد الجرعة الإيمانية في مختلف الأديان من خلال الندوات والمحاضرات والملتقيات الثقافية, ثالثاً: لابد أن نعلم جيداً أن الفقر من أهم مسببات الظواهر السلبية داخل المجتمع ومن أهمها العنف ضد النساء لذلك لابد من العناية ببرامج الرعاية المجتمعية للأسر الفقيرة, خامساً: البطالة والتي تعتبر من أهم مصادر إزعاج المجتمع عموماً لابد من إيجاد حلول سريعة لمشكلة البطالة .
ومن ناحية أخرى أيدت بعض الناشطات الحقوقيات تلك التصنيف فتقول ندى عبد الله – مؤسسة حملة خدي حقك بإيدك :-
إن هذا التصنيف وما أحدثه من بلبله شئ مفيد جداً حتى يصطدم المجتمع المصري بتلك الكارثة التي تعاني منها مصر منذ سنوات وإن كانت القاهرة ليست أخطر مدن العالم على النساء فهي من أوائل تلك المدن, كما أن مصر بمحافظاتها المختلفة تعتبر من أخطر دول العالم على النساء, وإذا كان تم اختيار مدينة القاهرة فهذا لأن هناك رصد لإحصائيات العنف التي تفصح عنها النساء في العاصمة, ولكن العديد من المحافظات وخاصة الأكثر فقراً تتعرض فيها النساء للعنف بشتى صوره سواء كان تحرش أو اعتداءات جنسية أو انتهاكات حقوقية ولكن لا يعلن هؤلاء السيدات عما يتعرضون له, فعلى الرغم من زيادة نسبة الوعي لدى سيدات مصر في الفترة الأخيرة إلا أن العديد من السيدات لازال يسطير الخوف عليهم مما يدفعهم لعدم الإفصاح عما يتعرضون له من عنف جسدي ومعنوي, كما نجد أن من يجرؤ على سرد مشاكلهم هو طبقة اجتماعية معينة, وهي تلك المستخدمة للإنترنت مثلاً ويظهر هذا من خلال أكثر من هاشتاج يتم استخدامه على مواقع التواصل الاجتماعي مثل: هاشتاج # أول_محاولة_تحرش_كان_عمرى … وغيره , كما أن العديد من البنات والسيدات يفضلن عدم الإفصاح عما ييتعرضون له من عنف أو تحرش خاصة إذا كان هذا في إطار العائلة .
وتوضح “ندى ” أن العنف ضد النساء له أشكال كثيرة منها عدم المساواة في الأسرة بين الأبناء والبنات, والسماح للبنت بلخروج لميدان العمل, وأهم وأشهر أشكال العنف هو التحرش الجنسي, وخاصة أن التحرش أصبح منتشر في كافة طبقات المجتمع وليس فقط الطبقات الفقيرة كما يقول البعض, وتتعرض له النساء في كافة مراحلة العمرية سواء الأطفال أو القاصرات أو حتى كبار السن .
كما تقول ندى: إن من يرفضون هذا التصنيف ويصفنه بغير العادل لا يرون الحقيقة كاملة, وقد يكون هذا بدافع حبهم لمصر ورغبة منهم في عدم تشويه مصر في العالم ولكننا لابد أن نعترف أن لدينا أزمة كارثية لابد من العمل عليها حتى نخرج من هذا المأزق .
وعن التعامل مع تلك الأزمة قالت: في البداية لابد من التعرف على الأسباب التي أدت إلى تلك الكارثة وأولها وأهمها نظرة المجتمع للبنت والثقافة العامة التي تكرس لفكرة العنف ضد السيدات لدرجة أنها أصبحت فكر راسخ في عقل المجتمع المصري منها مثلاً الأمثال الشعبية وعلى سبيل المثال ” إكسر للبنت ضلع ” وغيره من الأمثال والمعتقدات التي تكرس للعنف ,كما أن بعض المسلسلات والأفلام والإعلانات تساعد على هذا, ولكي نتغلب على تلك الأزمة الكارثية لابد أن نعمل على نوعين من الحلول:-
الأول: هى الحلول السريعة والتي تكمن في “صدمة “المجتمع المصري الذي لابد أن يعي جيداً المستوى الذي قد وصلنا إليه من انحراف الفكر ضد النساء فلابد من التوعية الاجتماعية في شتى وسائل الإعلام بصورة كبيرة
أما النوع الثاني من الحلول: هو الحلول الجذرية ,أولها الاهتمام بتربية الأطفال داخل الأسرة على أسس المساواة بين الولد والبنت ,وثانياً: الاهتمام بالمناهج التعليمية التي توجه الأطفال داخل المدرسة ومن ثم داخل المجتمع ,ثالثاً: لابد من محاربة الفكر الديني المتطرف الذي لا يعتمد إلا على قشيرات الدين, رابعاً: لابد من محاربة الفكر بالفكر فعلينا أن نبرز الأدوار التاريخية للسيدات المصريات على مدى التاريخ, كما لابد من مواجهة موجة الإسفاف المنتشرة في الأفلام والمسلسلات والإعلانات, خامساً: لابد من تعاون الدولة مع منظمات المجتمع المدني التي تدخل إلى البيوت حتى نتمكن فعلياً من محاربة العنف ضد النساء, خامساً: لابد أن يكون هناك مراكز متخصصة ومؤهلة داخل أقسام الشرطة لاستقبال حالات العنف حتى تتشجع السيدات من الإبلاغ عما يتعرضون له
سادساً: والأهم على وجه الإطلاق لابد من تفعيل القانون وتشديده, فالعقوبات الموجودة حالياً في القانون المصري والتي يعاقب بها المتحرش أو المعتدي غير كافية على الإطلاق, وخاصة في حالات الاغتصاب والاعتداء الجنسي فلابد أن تكون العقوبة من جنس العمل فتكون عقوبة الاغتصاب هى “الإخصاء” او “الإعدام