كثيرًا ما قرأت مقالات وكتيبات بل وكتب، تهدف لإثبات صحة ما ورد بالكتاب المقدس، لكن صدقًا، لم أجد من يخاطب عقلي إلا هذا الكتاب، “حقيقة المسيح ومصداقية الإنجيل” لباحثة الماجستير ميرفت عطية والأب بيتر مدروس.
الكتاب صادر عن المكتبة البولسية في لبنان ويوزع في لبنان ومصر والأردن، بالإضافة إلى ذلك فهناك طبعة أخرى توزع في فلسطين، الكتاب مهدى إلى أرواح الواحد والعشرين شهيدًا المذبحوين على يد داعش، والذين ارتبطوا على الوعي الجمعي المسيحي المصري بالثبات على الإيمان، لافتة إلى أهمية الكتاب في الإيمان المسيحي.
يختلف الكتاب عن سابقيه في أن المؤلفين هم ميرفت عطية إلى جانب دراستها للعلوم الدينية والتاريخ، درست القبطية بلهجتها الصعيدية ضمن دراستها في قسم الآثار بكلية الآداب، ففتح لها ذلك إمكانية قراءة مخطوطات الكتاب المقدس المكتوبة بالقبطية، والأب بيتر مدروس الحامل لدرجتي دكتوراه في الكتاب المقدس بالإضافة إلى اتقانه 16 لغة من بينهم لغات الكتاب المقدس الأصلية جميعها، الأمر الذي سمح لكلاهما دراسة مخطوطات الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد بكل اللغات الأصلية.
نجد أثر ذلك واضحًا فالمخطوطات والنصوص مذكورة بأرقامها وتواريخها بشكل يجعلك تثق إلى حرفية البحث الموجود بين يديك، والذي لن تجد صعوبة في فهمه بسبب الصياغة البسيطة في كتابته.
في الكتاب نجد الكثير من النصوص والمخطوطات تدل على صحة وجود المسيح كشخص وإنه كان يعبد كإله بعد صلبه، ففي الفصول الأولى نجد شهادات من من مؤرخين وكتّاب يهود ووثنيين عن شخص يدعى يسوع ملقّب بالمسيح وإنه كان إنسان “حكيم”، وأنه ملك اليهود الحكيم الذي أعدموه اليهود، كما تحدث البعض عن الميتة البشعة التي ماتها.
من بين من كتبوا عنه واستشهد بهم الكتاب هم مارا بار سيرابيون، حوالي 73 ميلادي، وفلافيوس يوسفيوس، القرن الأول الميلادي، والمؤرخ الروماني تاشيتوس، أواخر القرن الأول وبدايات القرن الثاني الميلاديين، والمؤرخ الروماني سويتونيوس، أوائل القرن الثاني الميلادي، وشلومو بيش من القرن العاشر الميلادي.
إلى جانب تفنيد الكتاب لما قاله فراس السواح،بهمنية واضحة يناقش ويفند الكتاب أفكار واتهامات أخرى مثل ما إدعاه جيمس تابور البروفيسور بالدراسات الدينية بجامعة نورث كارولينا. وأيضًا فند الكثير من ما اعتمد عليه دان براون في روايته.
ينتقل كل من ميرفت عطية والأب بيتر مدروس للمناقشة حول الأناجيل وزمن كتابتها، وهل كان كلام المسيح الذي يستشهد به الرسال والتلاميذ والقديسين أقوال سمعت أم أقوال مدونة في إنجيل الرب.
إلى جانب هذا يتناول الكتاب قضايا أخرى منها علاقة المسيح بالعذراء مريم، معرفة كتاب الأناجيل بأسرة السيد المسيح، وعلاقة المسيح بالنساء، وهل كان للمسيحية تعاليم باطنية في بداية انتشارها.
يمكن القول إنه وبالرغم من أن كتاب “حقيقة المسيح ومصداقية الإنجيل”، هو يناقش قضية دينية مسيحية، إلا إنه مناسب كل شخص بسبب الدراسة الأكاديمية التي نبع منها، وسهولة صياغته، فهو يناسب الملحد والمسلم إلى جانب المسيحي، ويناسب الأكاديمي وغير المتخصص والهاوي.