أصدر “مرصد مكافحة الإرهاب” التابع للفيدرالية العربية لحقوق الإنسان والمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، دراسة بعنوان (ضحايا العمليات الإرهابية.. وآليات الدعم القانوني) اليوم الخميس الموافق 17/8/2017، والتي تتناول بشكل جلي رصد وتحليل لإشكالية حقوق ضحايا العمليات الإرهابية وآليات تقديم الدعم القانوني.
وتنقسم الدراسة إلى مجموعة من المحاور الأساسية حيث يتناول المحور الأول مكافحة الإرهاب في التشريعات الدولية والإقليمية على حد سواء، في حين يتناول المحور الثاني تعويض ضحايا العمليات الإرهابية، ويعرض القسم الثالث لقضايا الجماعات الإرهابية في مصر بالرصد والتحليل.
وقد جاء القسم الأول من الدراسة ليركز على مكافحة الإرهاب في التشريعات الدولية والإقليمية، من خلال التأكيد على أنه منذ عام عام 1972 اهتمت منظومة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة بظاهرة الأعمال الإرهابية، وذلك عقب حادثة الألعاب الأوليمبية بميونيخ، حيث برزت مسألة الإرهاب بقوة على الساحة الدولية، كما اتضحت ملامح الخلاف بين مجموعة من الدول التي تدين الإرهاب بغض النظر عن دوافع مرتكبيه، وبين مجموعة أخرى ترى ضرورة التمييز بين الإرهاب والحق المشروع في تقرير المصير.
ثم ركزت الدراسة على المستوى الإقليمي من خلال التأكيد على أن العديد من المنظمات الإقليمية سعت إلى إصدار القرارات والإعلانات التي تدين من خلالها الإرهاب، بوصفه جريمة دولية لا تقتصر على إزهاق الأرواح البريئة وإلحاق الأضرار الفادحة بالممتلكات، بل تطال كيانات الدول واستقرارها وتقدمها. كما قامت المنظمات الإقليمية بوضع الخطط الإستراتيجية والاتفاقيات القانونية الإطارية (الإقليمية) لمكافحة الإرهاب، وذلك انطلاقا من إيمان هذه المنظمات والتحالفات الإقليمية وشبه الإقليمية بتعزيز التعاون الدولي والإقليمي لتح قيق مُكافحة فعالة للإرهاب وجرائمه. وتطبيقاً لذلك اعتمدت العديد من المعاهدات والمواثيق الإقليمية بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول الأمريكتين، وأخرى مُماثلة لها بين دول الإتحاد الأوروبي، كما توجد كذلك اتفاقيات ومواثيق نظيرة اعتُمدت تحت مِظلة العديد من المنظمات الأخرى كمنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأفريقى.
أما القسم الثاني من الدراسة فقد ركز على تعويض ضحايا العمليات الإرهابية، خاصة وأن الحكومات قد انصب اهتمامها على سن القوانين لملاحقة الجناة، دون أن يوضع اهتمام لموضوع تعويض المضرورين موضع الاعتبار الملائم، وهذا ما حدث بالفعل بالنسبة للمشرع المصري فقد تصدي المشروع لموضوع الإرهاب بعد ما شهدته مصر من أعمال إرهابية لم تعرفها من قبل هدفها تهديد أمن المجتمع وزعزعة استقراره وتقويض أسس الديمقراطية والحرية، فأصدر القانون رقم 97 لسنة 1992 بتعديل بعض مواد قانون العقوبات والإجراءات الجنائية وبعض القوانين الأخرى لمو اجهة الجريمة الإرهابية، تاركا المضرور من جراء هذه العمليات للقواعد العامة في المسؤولية وما تمنحه الدولة للضحايا على سبيل الشفقة والمساعدة.
في حين جاء الفصل الثالث من الدراسة ليقدم قراءة في قضايا الجماعات الإرهابية مع الرصد والتحليل، فخلال الفترة من 2013 حتى 2016، رصدت المنظمة المصرية (على سبيل المثال لا الحصر) نحو 53 قضية إرهابية، وقد جاء عام 2013 في المرتبة الأولي بواقع 28 قضية، وفي المرتبة الثانية عام 2015 بواقع 12 قضية، وجاء عام 2014 في المرتبة الثالثة بواقع 11 قضية، وفي المرتبة الأخيرة عام 2016 بواقع قضيتين فقط.
وأوضحت الدراسة أن استمرار الجرائم الإرهابية في المنطقة والعالم مرتبط باستمرار دعم الدول التي تحتضن التنظيمات الإرهابية وتوفر لها المأوى والدعم المالي والاستخباراتى، وفى مصر بشكل خاص هناك دعم سخى كشفت عنه القضايا التي تم ضبطها من قِبَل أجهزة الأمن المصرية وكشفت عن كميات من الأسلحة والمتفجرات التي تستخدم في إعداد السيارات المفخّخة والقنابل اليدوية وأسلحة رشاشة بكميات كبيرة، فضلاً عن العمليات التي تقوم بها قوات حرس الحدود على حدود مصر الغربية من ضبط قوافل سيارات تحمل أسلحة وصواريخ كلها تُهدد بعمليات ن وعية تستهدف أرواح الآلاف من المصريين.
وأكدت الدراسة على أن الحكومة المصرية لديها معلومات حول دعم بعض الدول لبعض التنظيمات المسلحة التي تقوم بعملياتها في مصر ومنها (دولة قطر) على سبيل المثال، ولهذا أخذت الحكومة المصرية بالتعاون مع بعض الدول العربية وهي المملكة السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة قرارا بقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر نتيجة ما تقوم به من دعم للإرهاب. وتقدمت الدول الأربع المشار إليها بمجموعة من المطالب للحكومة القطرية، مثل وقف الدعم المقدّم إلى هذه التنظيمات، وتسليم بعض الأشخاص المتورّطين في هذه العمليات، لكن خلت ا لمطالب من تقديم التعويض لضحايا العمليات الإرهابية في مصر، فلدى مصر مئات الأسر التي استشهد أبناؤها أو أصيبوا إصابات بالغة، فإذا ثبت للحكومة المصرية تورّط حكومات دول معينة بالمساهمة في ارتكاب الجرائم الإرهابية في مصر، فهناك مسؤولية على تلك الدول في تعويض ضحايا هذه الجرائم التي ارتكبتها تنظيمات مدعومة من هذه الدول.
واستشهدت الدراسة بقضية الطائرة “لوكيربي” التي تم إسقاطها بتفجير في العاصمة الإنجليزية، وكشفت التحقيقات عن تورّط ضابطين من جهاز المخابرات الليبية في إسقاطها، فقد أصرت الدول التي ينتمي إليها الضحايا على محاكمة المسئولين عن هذه الجريمة، وفى الوقت ذاته طالبت بالتعويض لأسر الضحايا، وبالفعل تم التعويض بواقع (10) ملايين دولار لكل ضحية من الركاب الذين قُتلوا بسبب التفجير.
وكذا تبنى الكونجرس الأمريكي قانوناً يسمح لأسر الضحايا الذين سقطوا قتلى في أحداث سبتمبر 2001 بتفجير برجى التجارة العالميين، وهى العملية التي أعلن تنظيم القاعدة مسؤوليته عنها، وسميت غزوة نيويورك، برفع دعاوى قضائية للمطالبة بالتعويض ضد الدول التي يثبت أن الإرهابيين تلقوا دعماً منهم. وهو ما عُرف بقانون “جاستا”، الذي أشار إلى إمكانية رفع دعاوى قضائية ضد المملكة العربية السعودية، وهو القانون الذي رفض الرئيس أوباما التوقيع عليه، لكنه أصبح قانوناً ساريًا الآن.
ولهذا خلصت الدراسة إلى أنه من المهم البدء في عمل قانوني بشأن أسر ضحايا العمليات الإرهابية للمطالبة بالتعويض من الدول التي يثبت لدى الدولة المصرية بالوثائق أنها أسهمت وشاركت في ارتكاب هذه الجرائم ونتج عنها أضرار للأسر المصرية من أهالي ضحايا أعمال الإرهاب.