بدعوة كريمة من الصديقة المفكرة المستنيرة الاستاذة فاطمة ناعوت، حضرت يوم السبت الماضى صالونها الثقافى الكبير فى مكتبة مصر الجديدة العامرة، وأنا من محبى حضور الصالونات الادبية والثقافية والفنية والعلمية، واشعر أنها تضيف للانسان الكثير، فأنت قبل حضور الصالون غيرك بعد حضوره.
يضيف الصالون لك ثقافة ومعرفة ويفرفش مخك ويزيد من أصدقائك ومعارفك، وينعم عليك بالنشاط والحيوية وحب الحياة وتجدد الامال، وهل ننسى أن سعد زغلول زعيم الشعب، الفلاح البسيط، الذى قدمه للحياة العامة السياسية هو صالون ثقافى؟ لذلك كان يقول دائما: أنا واحد من الرعاع.. بأبتسامتها الجميلة التى لم تفارق وجهها الجميل أيضا كانت المهندسة فاطمة ناعوت تستقبل الجميع وترحب بهم، المكان رحب مبهج صرح حضارى مشرف لمصر، كان أساسا تحت أسم مكتبة سوزان مبارك، وأصبح اسمه الان مكتبة مصر الجديدة، وأنا هنا احى السيدة سوزان لانها كانت تهتم بالثقافة واقامت هذا الصرح الثقافى العظيم لمصر، فهى أسسته ومضت بتاريخها، لكنه ظل وسيظل مكانا ثقافيا رائعا مشرفا لمصر.
بدأ الصالون بدخول صاحبة الصالون مع ضيفها الفنان الكبير الصديق سمير الاسكندرانى، وقدمت الشكر لضيوفها وللجميع.
من ملامح نجاح الصالون البدء والنهاية بالسلام الوطنى ورائعة فنان الشعب السيد درويش بلادى بلادى، هذه لمسة وطنية واجبة تعبر عن اعتزازنا بمصريتنا احى عليها صاحبة الصالون.
تحدثت فاطمة ناعوت عن الفيلسوف الانجليزى فرنسيس بيكونFrancisBacon
١٥٦١-١٦٢٦ م واصنامه الاربعة التى تحدث من حرية تفكير الانسان وهى:
اولا: ضم أو وهم القبيلة وتعود إلى طبيعة الجنس الانسانى وهى التى غرست فى طبائع البشر بصفة عامة بسبب ضعف العقل ونقصه، وتوهم أشياء ليس لها أساس من الواقع ثم التمسك بها، هنا يطلب منا بيكون الشك فى كل الاشياء القديمة المتعلقة بالعقل حتى نصل للحقيقة.
ثانيا: الصنم الثانى هو أوهام الكهف وهى تمثل الاراء السابقة الشخصية التى تميز كل فرد، فلكل فرد كهفه الخاص به وهو شخصيته بكل تكوينها بما فيها قراءاته ومهنته، ويجب على الانسان من وقت إلى وقت النظر فى معتقداته وآرائه السابقة والتخلى عن المعوق منها.
ثالثا: الصنم الثالث هو أوهام السوق وهى الا.خطاء التى تنتج من سوء استخدام الا.لفاظ أثناء وجود الناس فى السوق واختلا.طهم ببعضهم، وينصح(بيكون) الانسان بالتخلى عن هذه الالفاظ الغير دقيقة والتمسك بدقة الالفاظ.
رابعا: الصنم الرابع هو أوهام المسرح، وهى الاوهام التى وصلت إلينا ولعقولنا من مذاهب واراء السابقين نظرا لاحترامنا لا.رائهم والمينى بصحتها، فلكل عصر مذهبه وارائه، ويضرب لنا فيلسوفا فرانسيس بيكون مثلا، هو نظرية المثل عند افلاطون وكيف أنها صورة من خياله هو وليست واقعية.
هكذا شرحت فاطمة ناعوت الاصنام الاربعة التى تعطل حرية الفكر والوصول إلى الحقيقة. كانت كلماتها واضحة وشرحها بسيط وبخاصة أنها تتحدث فى موضوع صعب، وبعض الناس تشعر بالخوف من كلمة فلسفة، لكنها نجحت فعلا فى توصيل الفكرة التى إرادتها إلى كل الحضور المختلف الثقافات والعمر والجنس، وكان عددهم حوالى المائتين. يحق لها إن تتحدث عن موضوع صعب وتجد من يفهمونها بل ويريدون المزيد، كانت ايضا فى فترة الاجابة على أسئلة الجمهور مبتسمة دائما، تتقبل حتى الا.سئلة الحرجة هادئة غير عصبية كما يحب لها فى إدارة الصالون، أجابت على كل الاسئلة فى حب واحترام لجمهورها.
قدمت بجانب الفنان الكبير سمير الا.سكندرانى فنانة شابة من الاوبرا هى مونيكا صوت واعد فعلا، كما قدمت الفنانة الصغيرة سنا الكبيرة فنا زينب بركات الصوت الجميل والاداء الرائع الذى لقى إعجاب الجمهور الذى طلب منها المزيد.
أما سمير الاسكندرانى فتالق كعادته وقدم لنا جزءا من تاريخه الوطنى وغنى بالعربية والانجليزية، واشترك معه الجمهور فى غناء النشيد الوطنى فى الختام.
الصالون أكثر من رائع ومفيد منوع يدرس قضايا ساخنة ثم الجمهور، وكان الحضور على قدر المسئولية والاحترام، فلا تخريج ولامعاكسات، بل اهتمام بكل ما يقال وأسئلة فى نفس الموضوع مما يمثل رقى أخلاقيات الصالونات.
تحية الوجه المشرق للمرأة المصرية، المهندسة الاستاذة الكبيرة فاطمة ناعوت بنت مصر إلاصيلة العاشقة لبلدها والثقافة.