لا يمكن اعتبار اعتصام رابعة مجرد احتجاج لفصيل يريد التعبير عن اختلافه السياسي وتوصيفه كذلك هو وصف لا يخلو من الهوى السياسي بل مكايدة سياسية على حساب الدولة والوطن.
أفهم أن جماعة الأخوان وأنصارهم من دعاة الدولة الدينية يقاتلون في سبيل الدفاع عنه وتخليده في وعى جماعتهم، لكن ان تتورط شخصيات مدنية وحقوقية في تبنى وجهة نظر دعاة دولة الخلافة فهذا ما يبعث على الدهشة حتى وان البسوا وجهة نظرهم ثوب الانسانية، وحتى وجهة نظرى في هذا المقال لا تنتصر لفكرة الدفاع الاعمى عن الدولة المصرية وان كان هذا شرف لا أدعيه، من منظورى المتواضع الذى استند فيها خبرتى المتواضعة في عالم السياسة وحقوق الانسان كان اعتصام مسلح يستهدف الخروج عن سلطة الدولة؛ بداية لقد رفع المعتصمون مطلبا مستحيلا وهو عودة رئيسهم المعزول محمد مرسي الذى أسقطه الشعب بثورة عارمة في 30 يونية ومن شأن هذا المطلب المستحيل أن يحدث انقساما في المجتمع لأن هذا المطلب بالقطع سترفضه الجماهير الثورية وسيكون الصدام حتميا ونتائجه في علم الغيب، وهذا يعنى ان هدف الاعتصام غير مشروع والوسيلة التى استخدمتها جماعة الاخوان أيضا غير مشروعة.
لماذا كانت الوسيلة غير مشروعة لأن المعتصمين اقتطعوا جزء من أرض الدولة المصرية ومنعوا الدولة وأجهزتها من فرض سيادتها عليها فقد منع المعتصمين سيارات الاسعاف والأجهزة البلدية ورجال الشرطة من التواجد وممارسة أجهزة الدولة لعملها وهو ما يتنافى مع نظرية امتداد سيادة الدولة لكامل أراضيها وكذلك مبدأ خضوع الكافة للقانون فقد انشأ المعتصمون مجلسهم النيابى وحكومتهم وشرطتهم داخل الاعتصام!! ليس هذا فحسب بل قاموا ببناء الاسوغر الخرسانية لفصل ميدان رابعة وأحراشه عن باقى الأحياء !
هل هكذا تدار الأمور ؟ وهل التصرفات العمدية في الخروج على الدولة وسلطتها أمر تقبله أى دولة في العالم ؟ لقد واصل المعتصمون تعنتهم بحق سكان المنطقة وحرموهم من أبسط حقوقهم بل مارسوا اعمال النهب واستباحوا مرافق سكان المنطقة من سرقة البنزين من سيارتهم وسرقة الكهرباء والمياه من منازلهم لتشغيل منصتهم على مدار 24 ساعة ، وهل يمكن تجاهل خطابات الكراهية في اذاعة المعتصمين من اعلى المنصة بحق الاقباط وكافة رموز وأجهزة الدولة ،لقد ادرك المعتصمون انها المحطة الأخيرة للوصول الى دولة الأخوان وأعدوا العده وخزنوا السلاح وأقاموا المتاريس ،وكانوا على يقين ان الدولة وأجهزتها لن تصمت طويلا وان قرار الفض قادم لا محالة ، لقد قتلت جماعة الاخوان انصارها في رابعة يوم الفض بتزييف وعيهم واخراجهم لمواجهة الدولة ثم هروب قادتها كالعادة.
سيظل اعتصام رابعة وجع على ضفة الدولة وذكرى أليمة تضاف الى سجل الألم الذى تسببه جماعة شمولية تتاجر بالدين من أجل دولتهم المنشودة.