وحكايته
بمناسبة قرب الاحتفال بعيد السيدة العذراء نستعرض معكم أهم الأديرة والكنائس الاثرية التى سميت على اسم العذراء مريم والتى يأتى فى مقدمتها دير السيدة العذراء الشهير بالسريان
هو أصغر أديرة وادى النطرون العامرة حاليا وأكثرها شهرة بين رجال الدين والادب فى معظم بلاد العالم ويعرف فى المخطوطات القديمة بدير والدة الإله ويقال له أيضا دير الثيؤطوكوس، والحقيقة أنه لا يُعرف منشئ هذا الدير ولا السنة التى شُيد فيها، ولكن يُفهم مما جاء فى الجزء الثانى من دليل المتحف القبطى أنه وجد كغيره من أديرة برية شيهيت فى القرن الرابع وهدم وأعيد بناؤه وأدخلت عليه تعديلات فى أزمنة مختلفة وتسميته بدير والدة الإله يؤكد أنه بنى فى القرن الخامس رداً على ضلالة البدعة النسطورية ، كما أن هناك دليلاً أخر على أقدميته وهو الكتب التى مازالت تحتفظ بها متاحف اوروبا.
ويرى الدكتور منير شكرى فى كتابه ” أديرة وادى النطرون” نقلاً عن المؤرخ الانجليزى ايفيلن هوايت أن دير السريان كان جزءاً من مجموعة أديرة الأنبا بيشوى وإمتداداً للقلالى التى شيدها القديس بنفسه وسكن فى واحدة منها ، ويقول عن الدير مار اغناطيوس افرام الاول فى كتابه اللؤلؤ النثور ص 629 “دير السريان باسم السيدة العذراء فى برية الأسقيط بمصر يظن أن بناؤه فى القرن الخامس واوقف على رهبان السريان بواسطة ماروتا التكريتى التاجر السريانى وكان يحوى سبعين راهبا عام 0841م وظل أهلا بهم فترة كبيرة من الزمن حتى سكنه الرهبان الأقباط ولهذا عُرف إلى يومنا هذا بدير السريان كما يشهد على ذلك الأيقونات الزيتية والصور العاجية والنقوش الآرامية بالدير .
واختلفت الاراء حول اذا كان الدير ملكا للاقباط وتنازلوا عنه للسريان مقابل مبلغ معين إلى أن عاد لقبضتهم ثانية أم أن من أسسوه هم رهبان الكنيسة الأنطاكية فى مصر الذين تكاثروا بعد الإنشقاق الخلقيدونى ثم اخده الأقباط؟
تتضح اجابة السؤال من خلال مدة بقاء السريان فى الدير فقد لازموه حتى ضعف شأنهم فى مستهل القرن السادس عشر بسبب الكوارث التى لحقت برعايا الكرسي الأنطاكى فى سوريا والعراق فسكنت بينهم أغلبية من رهبان الأقباط، وفى عام 1516 م يفيد أحد الكتب السريانية أن عدد رهبان دير السريان فى ذلك الوقت كانوا 34 راهبا منهم 25 من الرهبان المصريين ومنهم من جلس على الكرسي البابوى بأسم غبريال السابع فى أول أكتوبر سنة 1525 م وعندما زادت المشاحنات بين الرهبان السريان والأقباط هاجره الرهبان السريان وذهبوا إلى دير مارمينا بفم الخليج حيث كانت توجد وقتها كنيسة ماربهنام السريانية والتى أشار اليها الأسقف ايسيذورس .
وعلى الرغم من صغر الرقعة التى يشغلها دير السريان الإ أنه يحوى مجموعة قيمة من الآثار النادرة التى ذاع صيتها وتوافد اليها الزوار من جميع أنحاء العالم فأول ما يقابل الزائر عند دخوله من الباب الرئيسى البرج القديم أو الحصن والذى كان يلجأ إليه الرهبان إتقاءاً لغارات البدو أو البربر وهو مكون من أربعة طوابق وفى سنة 1782 قام المعلم ابراهيم الجوهرى بترميمه وتجديده كما رمم بأعلام كنيسة الملاك ميخائيل ووضع لها حجاباً بسيطاً مطعماً بالعاج.
وفى الجنوب الشرقي من الحصن توجد كنيستان هما: كنيسة الأربعين شهيداً بسبسطية وكنيسة السريان باسم السيدة العذراء ، وكنيسة السريان لا يقل طولها عن 30 متراً وعرضها 10 أمتار وتزين جدران هيكلها الرئيس نقوش بارزة من الجبس تشبه وجوه كثيرة التى يراها الزائر لمسجد ابن طولون وهذه حسب ما ذكره القمص صموئيل تاوضروس السريانى فى كتابه بعنوان ” الأديرة المصرية العامرة”.
وللكنيسة حجاب جميل الصنع هو فى حقيقته باب يتكون من مصراعين يقوم على كل منهم ثلاثة الواح صنوبرية متماسكة بمفصلات حديدية وعلى قائمتى الباب كتابة سريانية تقول” أنشأ هذا الباب موسي رئيس الدير فى زمن البطريركين غبريال الأسكندرى ويوحنا الأنطاكى سنة 912م وخلف الحجاب الهيكل وبه ثلاثة مذابح يتوسطها الرئيسى لوالدة الاله والبحرى باسم الشهيد بقطر بن رومانوس والقبلي بأسم القديس يوحنا المعمدان
وتنتهى الكنيسة من الغرب بجدار تعلوه قبة رسم فيها صورة جميلة لصعود الرب والتلاميذ ينظرون اليه بابصارهم نحو السماء ويتوسط الجدار باب يؤدى إلى المائدة والتى يجتمع بها الرهبان ليحيون حياة الشركة
صورة نادرة ل مار أغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك أنطاكية عند زيارته لدير السريان فى يناير 1959