فقدت الأمة المصرية واحدا من اكبر القادة التاريخيين فى السياسة المصرية عبر عقود طويلة د.رفعت السعيد الرئيس السابق لحزب التجمع الوطنى لعقود طويلة ورئيس اللجنه الاستشاريه للحزب والرجل كان صانعا رئيسيا للاحداث عبر عقود طويله ربما من قبل ثورة يوليو احتل موقعه البارز فى حركة التحرر الوطنى مفكرا عاملا عالما مشاركا رئيسيا بقرب الاحداث الرئيسية التى خاضها الوطن من مواقع اليسار الوطنى العريق حتى اتت ثورة يوليو باحداثها التاريخيه وكان الصراع الرئيسى بعدها بين الرجعيه والاستعمار وانحازت الحركه السياسيه التى انتمى لها وكان احد قادتها الرئيسيين الى دولة يوليو واحلامها وطموحاتها كان صراعا حيا دراميا طويلا لازال ممتدا عبر اشكال مختلفة ومنذ اللحظة الاولى ادرك الرجل وحركتة تحالف الاستعمار والرجعة بحركة الاسلام السياسى القوية فانحاز إلى السياق الوطنى لدولة يوليو بمرحلتها الناصريه حتى جاءت مرحلة السادات الانفتاح الطفيلى وخاض الحزب تحت قيادته مرحل معارضه سياسية للتوجه الساداتى فى الاقتصاد وفى السياسة والاخطر منه فى اعادة صياغة تحالفات داخلية عمادها الاسلام السياسى انتهت الى الصعود الكبير للاسلام السياسى من جديد حتى استولى فعليا على السلطة بعد مفصل يناير 2011 التاريخى الكبير كان الرجل رائيا عظيما منذ مرحلة مبكرة قبل ان تنهار سلطة الدوله الوطنية والقوميه فى دول الجوار من الخارج ومن الداخل فانحاز وحزبه وتياره مبكرا الى الدوله الوطنيه على علاتها تجنبا للسقوط العظيم المعد سلفا نحو دولة الاسلام السياسى وهذا ماكان الرجل يدركه بعمق وكان مؤرخا ومنظرا ومفكرا وفاعلا سياسيا كبيرا فى توجيه الاحداث نحو الحلقه الرئيسيه فى المواجهه بين الدوله الوطنيه ودول الاسلام السياسى فاخترع نظريه لمعارضه وطنيه لازال معمولا بها هى نظرية الاسقف المنخفضه للصراع مع الدوله الوطنيه تلك الاسقف التى تسمح بالنقد الداخلى على ارضيه سياسيه اجتماعيه يسارية الهوى بدون التورط فى صراع جذرى لاسقاط تلك الدوله لحساب خصومها المتطرفين الدينيين وظل الرجل وحزبه وحركته مخلصين بوضوح لهذا التوجه نظريا وعمليا على الارض وسط جو محموم لايدع للناس كثيرا ولاقليلا من التبصر والتبين ..
لايمكن ان ندرك موقع الرجل ولاافكاره ولااعماله التى كانت لتبدو احيانا حاده الا فى ظل فهمنا لسياق كامل للسياسه المصريه تاريخا وجغرافيا ممكن ساعتها نضعه وحزبه بشكل صحيح عادل فى موازين التاريخ كان يظن ان هذا هو التوجه الامثل الاكثر اخلاصا والافضل تمكينا لمبادئه كان سياسيا مشتغلا عاملا وليس مجرد منظرا يحلق فى سماء الافكار ادرك بحس تاريخى فائق درجة ونوع تطور المجتمع وقدر ان يمارس فعاليته وسط تلك الظروف اصاب واخطأ انتصر وانهزم تصرف بقسوه ساعه وتصرف بنبل ساعه هكذا حال الممارسه السياسيه الواقعيه بطبيعة الحال كان الامر صعبا وانت تخوض الصراع مع خصوم شرسين وفى موقع بطبيعته ثورى وسط جوقة ثوار لكى تمتلك موقعا وسطهم تحتاج طاقه جباره لكى يتوازن العقل مع العاطفه ولكى يتوافق الواقع مع الحلم والممكن مع المستحيل لكن السياسى فيه انتصر له ولحزبه نستطيع القول ان الرجل انتصر لقيم الوطن المصرى الاساسيه وحدته الوطنيه جيناته الثقافيه وهويته الاصليه قيم العداله التوازن السياسى بلا شطط يوقع فى المهالك لم يفارق الرجل قيمه واحده مصريه وطنيه اصيله انسانيه عامه لا لشخصه ولالحزبه بينما كان محاربا شرسا ضد عكس تلك القيم الرجل فى الاخير انتصر لقيم التقدم والحداثه والتنوير التى آمن بها ولم يخنها حسب تقديره ولم يفارقه حدسه السياسى والمعيته حتى اللحظات الاخيره من عمره التى تحسب كلحظات حقيقيه من عمر الوطن نفسه فى حقيقة الامر فقد صاغ من موقعه المحدود فى قلب القاهره فى مقابل ميدان طلعت حرب الشهير اهم موقع سياسى مصرى يصيغ قيم الوطن الاساسيه ومعارك تقدمه الهامه بأقل الامكانيات ووسط ظروف تاريخيه محمومه عاصفه وبموت رفعت السعيد يموت صانع رئيسى للاحداث لليسار وللوطن كله الرجل الان افضى الى رحاب ربه بعد حياه حافله طويله وهو فى ميزان التاريخ مثل كل الشخصيات التاريخيه المؤثره التى تختلف الاراء حول انجازاتهم واخفاقاتهم حسب موقعك من الاحداث تستطيع ان ترى موقع الرجل فالرجل كان منحازا ومحاربا فى كل حلقات الصراع سواء ضد تيار الاسلام السياسى او ضد القوى الثوريه الراديكاليه داخل حزبه وتياره وبالتالى الاكيد ان يكون شخصيه خلافيه تتعدد وجهات النظر بشأنها حسب مواقع الناس فى الصراع ولكنه لاشك لم يكن حسابا مهملا ولاشخصا قليل التأثير رحمه الله بقدر ماخدم وطنه وشعبه فى رحلتهما المريره نحو التقدم والاستناره والحداثه وداعا د.رفعت السعيد وخالص العزاء لبلاده مصر ولشعبه العظيم ولحزبه الكبير الذى قدم للوطن قيما اصيله ونضالا اكيدا للعداله والتقدم