في
خلال عام 1852 م – توفى البابا بطرس البطريرك ( بعد 42 سنة على الكرسي
البابوي ) وتولى من بعده البابا كيرلس الرابع الذى قام بالكثير بالاصلاحات رغم قصر
مدته ( 7 سنوات ) .
ولد
هذا البطرك الجليل في قرية صغيره بمديريه جرجا ( تبع محافظه سوهاج ) تسمى الصوامعه
الشرقيه – وكان اسمه العلمانى ( داود ) ووالده كان يعمل بالزراعة .
أختلط
داود في مقتبل شبابه بالعربان المجاورين لقريته وتعلم منهم ركوب الخيل حتى صار
يسابقهم .. والعنايه حفظته لخدمة أعظم .
وعندما
بلغ من العمر الثانيه والعشرون ترك والديه وأصحابه وقصد دير القديس أنطونيوس في
الجبل الشرقي.
أشتهر
( داود ) بين رفاقه الرهبان بالعقل والتدبير و أصابه الرأى والهمه والنشاط
والمواظبه وحب الاضطلاع في الكتب المفيدة …
لما
توفى رئيس الدير – أجمع الرهبان كافه على أختياره رئيساً عليهم . خصص مكاناً في
القرية ناحية ( بوش ) مركز ناصر حالياً – بمحافظه بنى سويف والتي كانت ولا تزال
مقر لدير القديس الانبا أنطونيوس ، كموضع للقراءه الدينيه والادبيه والتاريخيه ،
وأنشأ مدرسه لتعليم الشبان بمركز بوش ( ناصر حالياً ) لتعليمهم اللغه العربيه .
وعندما علم
البطريرك في مصر – أن هناك خلاف بين مطران الحبشه والاكليروس واستغل الخلاف بتدخل
رجال الحكومه هناك – فكلف ( القس داود ) والتى رأى أنه أفضل من يقوم بمهمه الصلح
هناك في الحبشه لما عهدونه من الدرايه والحكمه والعزيمه .. فأزعن( القس داود )
للامر واستعد للسفر .. وعندما كان البطريرك يقوم بوداعه قبل سفره قال له على مسمع
من جميع الحاضرين : ” أنك إذا أديت هذة المهمة على وجه مرضى تنال نصيباً
صالحاً عند عودتك مكافأة لك ..” ..
وبعد
مرور سنه على تاريخ قيام ( القس داود ) بالرحله الى بلاد الحبشه ، توفي البطريرك
بطرس وكان ذلك في يوم 28 برمهات 1568 ( ش) والموافق ( 1852م ) …
وبعد
وفاه البطريرك بقليل – جاء الاساقفة الى العاصمه لكى يختاروا بالانتخاب من يقدم
مقامه كما جرت العاده …
وفي
أجتماعهم الاول – في دار البطريركيه – ذكر اسم ( القس داود ) من ضمن جمله المرشحين
لهذا المنصب – وأعترض بعض المجتمعين على انتخابه بحجه أنهم لا يعرفون من أمر حياته
شيئاً وأنه خرج من الحبشه وللأن لم يصل !!
ولكن
… وعند بدء الجلسه الثانيه – وقبلها بقليل وصل خطاب يفيد وصوله للحدود المصريه ،
ففرح مريدوه بهذا الخبر واشاعوه ، وعندما انعقدت الجلسه وطلبوا أنتخابه …
لقد
كان ( القس داود ) ذا علم وأخلاق وأضطلاع . مما كان
يناسب روح الوقت … مما حدا بالانتهاء بالتعيين وموافقه ( الخديوي عباس باشا ) خديوي
مصر في ذلك الوقت وكان ذلك ( في 10 برموده 1569 قبطيه 1853 م )
عين
( القس داود ) بطريركاً بأسم ( البابا كيرلس الرابع ) وكان أول عمل له هو بناء
مدرسه لتعليم الاقباط وأحضر لها الاساتذه الماهرين – وكان يقبل الطلاب فيها على
أختلاف جنسياتهم ومذاهبهم ويصرف لهم الكتب والادوات مجاناً وكان يباشر العمليه
التعليميه بنفسه …
أنشا
البابا كيرلس الرابع – مدرسه الازبكيه وكنيسه الازبكيه أيضا – وكلف أحد الكهنه (
وهو القس تكلا ) والمشهود له بأتقان فن الموسيقى والالحان الكنسيه – وكلفه أن
ينتخب من بين تلاميذه الشمامسه والمرتلين من ذوى الاصوات الحسنه .
لم
يمضي زمن – حتى تخرج من هاتين المدرستين عده تلاميذ ووافق انشاء مصلحه السكه
الحديد بمصر – فأنتظموا في خدمتها وانتشروا في محطاتها وكانوا يؤدون أعمالهم
باللغه الانجليزيه وبعضهم التحق بالعمل في البنوك وعند التجار لمعرفتهم اللغه الايطاليه
…
علم
( اسماعيل باشا ) خديوي مصر مقدار هذه الخدمة الوطنية، وعبر عن ارتياحه بأهميه
أقامه هذه المدارس ، كما أنه أنعم عليه بمساحه من الارض كوقف للصرف منها على هذه
المدارس ( مساحتها 1500 فدان ) .
انشا
( البابا كيرلس الرابع ) مطبعه استحضر ادواتها من اوربا على يد الخواجا رفله عبيد
الرومى الارثوذكسى ووضعت في بولاق – وأختار اربع شبان تصرف لهم مرتبات ليتعلموا
صناعه الطباعه .
أوصى
البطريرك كيرلس الرابع – بأنه عند وصول المطبعه البطرخانه – أن يستقبلونها
بالتراتيل والتهليل . وملابس الشمامسه … ولكن عندما علم البابا كيرلس الرابع
بمقدار النقد الذى لاقاه هذا الاحتفال من أناس لا يعرفون قيمه هذه المطبعه .. وكان
وقتها البابا في زياره رعويه لدير الانبا أنطونيوس قال لهم : ” أنى أتعجب
لاستغرابكم بهذا الاستقبال مع أنى لو كنت حاضراً لرقصت كما رقص داود النبى أمام تابوت
العهد …”
في
سنه 1856 م – أرسله سعيد باشا خديوي مصر بمهمه سياسيه الى الحبشه … فعندما علم
ملك الحبشه بقدومه خرج لمقابلته في موكب حافل على مسيره ثلاثه أيام من عاصمه
مملكته وكانت زياره ناجحه حققت الهدف منها …
كما
رتب البابا موعداً للقسوس يجتمعون فيه كل يوم سبت في مدرسه الازبكيه للمطالعه
والبحث في الامور الدينيه … كما أمر البطريرك بأمساك سجل بطريقه منتظمه لحصر
جميع الاوقاف من واقع الحجج …
في
سنه 1861 م – توفي البابا كيرلس الرابع … ويروى من كانوا حوله .. حسب ما ورد في
كتاب السنسكار عن كيفيه وفاته حيث جاء أنه حضر اليه كل من صديقيه ربيب الارمن
والخواجا حنا مسره وأحضروا له طبيب قالوا عنه أنه أمين ، ولكنه ( دسًّ ل السم في
الدواء ، ولما شعر البطريرك أنه يمزق احشاءه من الالم سلم أمره لله وجعل يردد :
” لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد بل خافوا من يقتل النفس ” …
كانت هذه خطة مرسومة بمعرفه الانجليز لقاء ما أوعز به للنجاشى بطردهم وطرد تابعيهم من الحبشه … وأيضاً بعلم الانجليز أن البطرك ينوى توحيد كل الطوائف
الأرثوذكسيه وكانوا الانجليز أيضاً قد اوغلوا صدر الخديوي ضد البطريرك للسبب ذاته
فكان يعامله بطريقه غير لائقه في تلك الأونه . بركة صلاتة تكون معنا امين