أخيرا وضع مجمع البحوث الإسلامية حلا نهائيا وشاملا لفوضى الفتاوى في مصر بإنشاء كشك للفتوى داخل محطة مترو الأنفاق !! وقد كنت أتخيل أن ما يشهده المجتمع المصري من فتاوى صباحية ومسائية من المختصين وغيرهم يحتاج إلى سوبر ماركت كبير وليس مجرد كشك ؛ هل هكذا تورد الإبل ؟ هل هذه هي الطريقة المناسبة لدولة تعدديه قوامها 100 مليون شاء قدرها أن تحتضن ديانتين مختلفتين ؟ هل هذا الكشك يعكس مظاهر الدولة الوطنية في المجتمع وهل كشك الفتاوى يجسد الحقوق الدستورية في دستور مصر الذي ينص على أن رابطة المواطنة هي مناط الحقوق والواجبات ؟ وفى محاولة لشرح أسباب إنشاء هذا الكشك قالوا أن المبادرة جاءت لتلبية احتياجات المواطنين للمعرفة ومواجهة الفتاوى المضللة التي تحاول بعض التيارات المتطرفة ترويجها.
وأن “المبادرة تصب في مصلحة المسلم وغير المسلم، فمواجهة الفكر المغلوط بالتوعية والمواجهة الفكرية المضادة أمر مهم جدا للمجتمع بجميع فئاته”.وفى الحقيقة لا اعلم كيف سيستفيد غير المسلم من هذا الكشك وما هي هذه الاحتياجات التي سيلبيها مجرد كشك صغير وهل شعر مجمع البحوث الإسلامية أن هناك فقر في قنوات الحصول على الفتاوى اعتقد أن العكس هو الصحيح ؛ كما لم يبين أصحاب المبادرة كيف سيواجه الكشك أساليب الجماعات الإرهابية التي تعتمد على وسائل الاتصال الحديثة ؛ ولصالح من المزايدة باسم الدين وما هي الأزمة التي تواجهها الدولة لتزايد على الجميع بمثل هذه الخطوة الكلاسيكية التي لا تعرفها الدول الأكثر تشددا من حولنا ؟ الم يفكر أصحاب المبادرة أن كلمة كشك في حد ذاتها هي اهانة للفتوى وللفقه الاسلامى ؟ في ظني أن تلك المبادرة هي التفاف على دعوة رئيس الجمهورية وكل التنويريين في مصر بضرورة تجديد الخطاب الديني وتحديثه ونزع ما يسيء للدين الاسلامى منه ومراجعة كتب التراث هل هي خطوة على طريق التجديد أم خطوة نحو غلق الطريق إمام أية دعاوى فى المستقبل لتجديد الخطاب الديني ؟ ومن أكثر احتياجا لضبط آرائه حتى تستقيم وقيم التسامح والقبول بالآخر هل هو المواطن أم القائمين على أمور الدين في مصر هل المعلمون مثلا في المعاهد والمدارس الدينية ومناهجهم تحارب الإرهاب أم تحض عليه وتباركه ؟ هذا هو جوهر المسألة المواطن المشغول بلقمة عيشه واللاهث خلف تلبية احتياجات أسرته لا وقت لديه ليضيعه في رفاهية الإرهاب فمصر تعانى من شيوع فكر ارهابى وقيادات إرهابية لكن بلا ظهير شعبي لأن عموم المواطنين وأغلبيتهم وبفطرتهم السليمة يرفضوا التشدد والتطرف والإساءة إلى الآخر إن هذا المواطن البسيط خرج في 30 يونيه لا ليسقط مرسى ولكن ليسقط نظام سياسي أظهر التشدد والتطرف في معاملاته اليومية وانتهك حقوق الأقباط بطريقة ممنهجه بل واقتحمت في عهده ولأول مرة الكاتدرائية المرقصية كل هذا دليل على أن الشعب ليس متطرفا ولكن القائمين على أمور الدين تكلسوا لدرجة رفض كل ما هو جديد وعصري لصالح أشياء يبدو لى إننا لا ولم نعلمها على المدى القريب